|
البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الثَّانِي-
حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8299 - 2025 / 4 / 1 - 20:25
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
_ البْيُّوإِثِيقَا وَقَضِيَّةُ الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْحَقُّ فِي الْحَيَاةِ وَ الْمَوْتِ
البْيُّوإِثِيقَا هِيَ مَجَالُ فَلْسَفِيّ حَدِيث نَشَأَ فِي أَوَاخِرِ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ لِيَتَصدي لِلتَّسَاؤُلَات الْأَخْلَاقِيَّةُ وَالِإجْتِمَاعِيَّةُ وَ الْقَانُونِيَّة النَّاجِمَةِ عَنِ التَّطَوُّرَاتِ الْعِلْمِيَّةِ وَالتِّقْنِيَة فِي مَجَالِي الْبَيُولُوجْيَا وَالطِّبِّ. وَ تُعَدّ قَضِيَّة الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَ الْحَقُّ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ مِنْ أَبْرَزِ الْقَضَايَا الَّتِي تَنَاوَلَتْهَا البْيُّوإِثِيقَا مُنْذُ نَشْأَتِهَا. يُعَدّ مَفْهُوم الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ مِنْ الْمَفَاهِيمِ الْمِحْوَرُيَّة فِي البْيُّوإِثِيقَا، حَيْثُ يُشْكِل أَسَاسًا لِلْمَبَادِئ الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تُنَظِّمُ الْمُمَارَسَات الْعِلْمِيَّة وَالطِّبِّيَّة. وَمَعَ ذَلِكَ، ثَمَّةَ جَدَل وَاسِع حَوْل تَحْدِيد مَفْهُوم الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ بِشَكْل دَقِيق، إذْ يَتِمُّ إسْتِخْدَامُهُ فِي سِيَاقَات مُتَبَايِنَة وَلَأغْرَاض مُتَنَافِسِة. بَعْضُ الْبَيُّوإِثِّيقِيِّينْ يَرَوْنَ أَنَّ الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ تَتَمَثَّلُ فِي قُدْرَة الْإِنْسَانِ عَلَى إتِّخَاذِ الْقَرَارَات بِحُرِّيَّة وَ إسْتَقَلَّالِيَّة، وَإِنْ إحْتِرَام هَذِه الِإسْتِقْلَالِيَّة هُوَ الْأَسَاسُ لِإحْتِرَام كَرَامَةُ الْإِنْسَانِ. فِي الْمُقَابِلِ، يَرَى آخَرُونَ أَنْ لِلْكَرَامَة الْإِنْسَانِيَّة أَبْعَادًا أَوْسَعُ مِنْ مُجَرَّدِ الِإسْتِقْلَالِيَّة، وَتَشْمَل الْقَيِّم الْأَسَاسِيَّة لِلْوُجُود الْإِنْسَانِيّ كَالْحَيَاة وَالصِّحَّة وَالرِّفَاه. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ إحْتِرَامَ كَرَامَةِ الإِنْسَانِ يَتَطَلَّب لَيْسَ فَقَطْ إحْتِرَام حُرِّيَّتِهِ فِي إتِّخَاذِ الْقَرَارَات، وَلَكِنْ أَيْضًا الْحُفَّاظُ عَلَى شُرُوطِ الْحَيَاة الْكَرِيمَةِ. إنَّ تَنَاوُلَ قَضِيَّة الْحَقِّ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ هُوَ أَحَدُ الْمَحَاوِر الْأَسَاسِيَّةِ فِي البْيُّوإِثِيقَا. وَ يُثِيرُ هَذَا الْمَوْضُوعِ جَدَلًا وَاسِعًا، خَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِقَضَايَا مِثْل الْإِجْهَاضِ وَ الْمَوْتِ الرَّحِيم وَ إِنْهَاء الْحَيَاة بِالْمُسَاعَدَة. مِنْ نَاحِيَةِ، يَرَى الْبَعْضُ أَنَّ لِلْإِنْسَانِ الْحَقّ الْمُطْلَقِ فِي الْحَيَاةِ، وَإِنْ أَيْ إنْتِهَاك لِهَذَا الْحَقِّ يُعَدُّ إنْتِهَاكًا لِكَرَامَةِ الْإِنْسَانِ. وَ بِالتَّالِي، فَإِنَّهُمْ يَرْفُضُون مُمَارَسَات مِثْلُ الْإِجْهَاضِ وَ الْمَوْتِ الرَّحِيم بِإعْتِبَارِهَا مَسَاسًا بِالْحَقّ الْأَسَاسِيُّ فِي الْحَيَاةِ. مِنْ نَاحِيَةِ أُخْرَى، يَرَى آخَرُونَ أَنْ أَلْحَقَ فِي الْحَيَاةِ لَيْسَ مُطْلَقًا وَ أَنَّهُ يَجِبُ التَّوَازُن بَيْنَهُ وَ بَيْنَ حَقِّ الْإِنْسَانِ فِي تَقْرِيرِ مَصِيرُه وَالتَّحَكُّمُ فِي حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ. فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُعَدّ الْمَوْت الرَّحِيمِ فِي حَالَاتِ الْمُعَانَاة الشَّدِيدَةُ مِنْ دُونِ أَمَلٌ فِي الشِّفَاءِ أَمْرًا مَقْبُولًا مِنْ وَجْهَة نَظَرِهِمْ، طَالَمَا أَنَّهُ يُتِمُّ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الشَّخْصِ الْمَعْنِيِّ وَ بِمُوَافَقَة أَسَرَتْه. وَ يَسْتَنِدُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَبْدَأِ إحْتِرَام إسْتِقْلَالِيَّة الْفَرْد وَحَقُّهُ فِي تَقْرِيرِ مَصِيرُه. تُحَاوِل البْيُّوإِثِيقَا إيجَادِ تَوَازِنُ بَيْنَ مَبْدَأِ إحْتِرَامَ كَرَامَةِ الإِنْسَانِ وَمَبْدَأ إحْتِرَامِ الحَقِّ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ. فَمِنْ نَاحِيَةِ، تُؤَكِّدُ عَلَى قِيمَةِ الْحَيَاةِ الْبَشَرِيَّةِ وَإعْتِبَارُهَا أَمْرًا لَهُ قَدَّسَيته وَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ المَسَاسَ بِهِ بِشَكْل تَعَسُّفِي. وَمَنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، تُقِرُّ بِحَقٍّ الْإِنْسَانِ فِي السَّيْطَرَةِ عَلَى مَصِيرِهِ وَالتَّحَكُّمُ فِي حَيَاتِهِ وَ مَوْتِهِ بِمَا يَتَوَافَقُ مَعَ إرَادَتِهِ الْحُرَّة وَ قَنَّاعَاتِه الْأَخْلَاقِيَّة. وَ فِي هَذَا السِّيَاقِ، تَسْعَى البْيُّوإِثِيقَا إلَى إيجَادِ ضَوَابِط أَخْلَاقِيَّة وَ قَانُونٍيَّة تَكَفَّلَ إحْتِرَامَ كَرَامَةِ الْإِنْسَانُ وَالْحِفَاظِ عَلَى حَقِّهِ فِي الْحَيَاةِ وَ الْمَوْتِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِقَضِيَّة الْإِجْهَاضَ، قَدْ تَقْبَلُ البْيُّوإِثِيقَا إجْرَاءَهُ فِي حَالَاتِ مُعَيَّنَة كَالْحَمْل نَتِيجَة إغْتِصَابٍ أَوْ تَشَوُّهات جَنِينِيِّة خَطِيرَةٌ، وَلَكِنْ مَعَ وَضْعِ ضَوَابِطَ صَارِمَةً لِحِمَايَة كَرَامَةَ الْمَرْأَةِ وَالْجَنِين. وَ فِي قَضِيَّةِ الْمَوْت الرَّحِيم، قَدْ تَقْبَلُه البْيُّوإِثِيقَا فِي حَالَاتِ الْمُعَانَاة الشَّدِيدَة دُون أَمَلٌ فِي الشِّفَاءِ، وَلَكِنْ مَعَ ضَرُورَةِ الْحُصُولِ عَلَى مُوَافَقَةِ الشَّخْصِ الْمَعْنِيِّ وَأَسَرَّتْه. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ البْيُّوإِثِيقَا تَسْعَى إِلَى التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْحَقُّ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ مِنْ خِلَالَ وَضْعَ ضَوَابِطَ أَخْلَاقِيَّة وَ قَانُونٍيَّة تُكَفَّلُ إحْتِرَامِ الْإِنْسَانِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، مَعَ الْأَخْذِ بِعَيْنِ الِإعْتِبَارِ إرَادَتِه وَظُرُوفِه الْخَاصَّة. تُعَدّ قَضِيَّة الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْحَقُّ فِي الْحَيَاةِ وَ الْمَوْتِ مِنْ أَبْرَزِ الْمَحَاوِر الَّتِي تَنَاوَلَتْهَا البْيُّوإِثِيقَا مُنْذُ نَشْأَتِهَا. وَ قَدْ سَعَتْ البْيُّوإِثِيقَا إلَى إيجَادِ تَوَازُن بَيْنَ هَذِهِ الْقَضَايَا الْمُتَشَابِكَة مِنْ خِلَالِ وَضْعَ ضَوَابِطَ أَخْلَاقِيَّة وَقَانُونٍيَّة تَكَفَّلَ إحْتِرَام إِنْسَانِيَّةِ الْإِنْسَانِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ. وَتَظَلّ هَذِهِ الْقَضَايَا مَحَلَّ جَدَلٍ وَاسِعٌ فِي ظِلِّ التَّطَوُّرَات المُتَسَارِعَةِ فِي الْمَجَالِين الْبَيُولُوجِيِّ وَالطَّبِي.
_ كَيْفَ تَرَى البْيُّوإِثِيقَا حُدُودِ الْحُرِّيَّةَ الْفَرْدِيَّةَ و مَدَى الْمَسْؤُولِيَّة الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى إسْتِخْدَامِ التِّكْنُولُوجْيَا
فِي إِطَارِ مُنَاقَشَة قَضَايَا البْيُّوإِثِيقَا وَعَلَاقَتُهَا بِالْحُرِّيَّةِ الْفَرْدِيَّةِ وَ مَسْؤُولِيَّة إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا، نَجِدُ أَنَّ هَذَا الْمَوْضُوعِ يُثِير جَدَلًا فَكَرِيا وَأَخْلَاقِيًّا وَاسِعًا. وَاحِدَةٍ مِنْ أَهَمِّ الْمَحَاوِر الَّتِي تُنَاقِشُهُا البْيُّوإِثِيقَا هِيَ مَدَى حُرِّيَّةُ الْفَرْدِ فِي إسْتِخْدَامِ التِّقْنِيَّات الْبَيُولُوجِيَّة الْحَدِيثَة وَالتَّدَخُّل فِي الْجِينُومِ الْبَشَرِيِّ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ. هُنَاكَ مِنْ يُؤَيِّد مِنَح الْفَرْد حُرِّيَّةً مُطْلَقَةً فِي هَذَا الْمَجَالِ بِحُجَّة إحْتِرَامُ حُقُوقِ الْفَرْد وَ سِيَادَتُه عَلَى جَسَدِهِ، بَيْنَمَا يَرَى آخَرُون ضَرُورَةِ وَضْعِ ضَوَابِط وَقُيُود عَلَى هَذِهِ الْمُمَارَسَات بِمَا يَحْفَظُ كَرَامَةُ الْإِنْسَانِ وَحُقُوقِهِ الْأَسَاسِيَّة. فَمِنْ جِهَةِ، يَرَى أَنْصَارُ الْحُرِّيَّةِ الْمُطْلَقَةِ أَنْ لِلْفَرْد الْحَقِّ فِي التَّصَرُّفِ بِجَسَدِه كَمَا يَشَاءُ، بِمَا فِي ذَلِكَ إجْرَاءُ تَعْدِيلَات جِينِيَّةَ أَوْ إسْتِخْدَامِ تِقْنِيَات التَّطْوِير الْبَشَرِيّ. وَيَرْتكز هَذَا الْمَوْقِفِ عَلَى مَبَادِئِ الْحُرِّيَّةَ الْفَرْدِيَّةَ وَحَقُّ الْإِنْسَانِ فِي تَقْرِيرِ مَصِيرُه. وَ مِنْ جِهَةِ أُخْرَى، يَرَى الْمُعَارَضون إنْ هَذِهِ الْمُمَارَسَات قَدْ تُؤَدِّي إلَى إنْتِهَاكِ كَرَامَةُ الْإِنْسَانِ وَإِحْدَاث خَلَلَ فِي التَّوَازُن الطَّبِيعِيّ لِلْبَشَرِيَّة، لِذَا يَجِبُ وَضْعُ ضَوَابِط أَخْلَاقِيَّة وَقَانُونٍيَّة لِتَنْظِيمِهَا. إلَى جَانِبِ قَضِيَّة الْحُرِّيَّةَ الْفَرْدِيَّةَ، تَبْرُز أَيْضًا مَسْأَلَةُ الْمَسْؤُولِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة وَالْقَانُونِيَّة الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى إسْتِخْدَامِ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة. فَالتَّطَوُّرَات السَّرِيعَةِ فِي هَذَا الْمَجَالِ أُفْرَزَتْ مَخَاوِفَ مِنْ إِمْكَانِيَّة سُوءِ إسْتِخْدَامِ هَذِهِ التِّقْنِيَّات وَ إنْعِكَاسَاتِهَا السَّلْبِيَّةِ عَلَى الْفَرْدِ وَ الْمُجْتَمَع. وَ يُطْرَحُ هَذَا التَّسَاؤُل حَوْل، مَنِ الْمَسْؤُولُ عَنِ التَّبِعَات النَّاجِمَةِ عَنِ إسْتِخْدَامِ هَذِهِ التِّقْنِيَّات؟ هَلْ الْفَرْدِ الَّذِي يَخْضَعُ لَهَا أُمُّ الْمُؤَسَّسَات وَالشَّرِكَات الَّتِي تُطَوِّرُهَا أَمْ الْمُجْتَمَع بِشَكْلٍ عَامٍّ؟ وَ مَا هِيَ الضَّوَابِطُ الْقَانُونِيَّة وَالْأَخْلَاقِيَّة اللَّازِمَة لِتَنْظِيم هَذِه الْمُمَارَسَات؟ وَ فِي هَذَا السِّيَاقِ، تُؤَكِّد البْيُّوإِثِيقَا عَلَى ضَرُورَةِ وَضْعِ إِطَار تَنْظُيمي وَأَخْلَاقِيّ يَحْكُمُ إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة بِمَا يَضْمَنُ الْحُفَّاظُ عَلَى كَرَامَةٍ الْإِنْسَانِ وَ حُقُوقِهِ الْأَسَاسِيَّة. وَ يَتَطَلَّب ذَلِكَ تَعَاوُنُ جُهُود الْمُؤَسَّسَاتِ الْحُكُومِيَّةِ وَ الْأَكَادِيمِيَّة وَالْمُجْتَمَعُ الْمَدَنِيّ لِوَضْع ضَوَابِط وَ أَنْظِمَة رَقَّابِيَّة فَعَّالَة. يَتَّضِحُ أَنَّ قَضَايَا البْيُّوإِثِيقَا تُثِيرُ جَدَلًا عَمِيقًا حَوْل حُدُود الْحُرِّيَّةَ الْفَرْدِيَّةَ وَمَدَى الْمَسْؤُولِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة وَالْقَانُونِيَّة الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى إسْتِخْدَامِ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة. وَتَتَطَلَّب هَذِهِ الْقَضَايَا نَقَّاشًا مُسْتَفِيضًا وَتَعَاوُنًا بَيْنَ مُخْتَلِفِ الْجِهَات الْمُعْنِيَة لِوَضْع أُطُرٍ تَنْظُيمِيَّة تُحَقَّقَ التَّوَازُنِ بَيْنَ الحُرِّيَّات الْفَرْدِيَّةِ وَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ.
_ الْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة مِنْ مَنْظُورٍ البْيُّوإِثِيقَا
البْيُّوإِثِيقَا هِيَ الدِّرَاسَة الْفَلْسَفِيَّة لِلْجَدَل الْأَخْلَاقِيّ النَّاتِجَ عَنِ التَّقَدُّمِ الْعِلْمِيِّ فِي الْعُلُومِ الْبَيُولُوجِيَّة وَالطِّبِّيَّة وَمَا يُنْتِج عَنْهُ مِنْ مُشْكِلَاتِ أَخْلَاقِيَّة. وَ فِي إِطَارِ هَذِهِ الدِّرَاسَةِ، تَنْظُر البْيُّوإِثِيقَا إلَى الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة بِشَكْل شُمُولِيّ وَ عَمِيق. إحْدَى النَّظَرِيَّات البِيئِيَّة الْمُرْتَبِطَة بِهَذَا الْمَوْضُوع هِي نَظَرِيَّة الْحَتْمِيَّة البِيئِيَّة، وَاَلَّتِي يَرَى أَصْحَابِهَا أَنْ الْبِيئَة هِيَ الْقُوَّةُ الْمُسَيْطِرَةُ عَلَى سُلُوكِ الْإِنْسَانِ وَعَلَاقَاتِه. فَالْبِيئَة بِعَنَاصِرِهَا الْمُخْتَلِفَةِ كَالْمَنَاخ وَالتُّرْبَةُ وَالمَصَادِر الطَّبِيعِيَّةِ هِيَ الَّتِي تُحَدِّدُ وَتُشَكِّل طُرُق عَيْش الْإِنْسَان وَأَسَالِيب حَيَاتِه. وَمِنْ مَنْظُور البْيُّوإِثِيقَا، هُنَاكَ دَعْوَةُ إلَى تَوْسِيعِ مَفْهُوم الْمُجْتَمَعِ الْإِنْسَانِيِّ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ وَالنَّظْم الطَّبِيعِيَّةِ، وَ لَيْسَ فَقَطْ الْبَشَر. فَالْبِيئَة بِكُلِّ مُكَوِّنَاتِهَا هِيَ جُزْءُ لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ هَذَا الْمُجْتَمَعِ الْأَوْسَع. وَعَلَيْهِ، فَإِنْ البْيُّوإِثِيقَا تَرَى أَنَّ لِلْإِنْسَانِ مَسْؤُولِيَّة أَخْلَاقِيَّة تُجَاه الْبِيئَةِ وَالنُّظَم الطَّبِيعِيَّةِ، وَلَيْسَ فَقَطْ تُجَاه أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ الْبَشَرِيِّ. فَالْإِنْسَان جُزْءٍ مِنْ هَذِهِ الْبِيئَة وَ عَلَيْهِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَيْهَا وَيُنَمِّيَهَا بِمَا يَضْمَنُ التَّوَازُن وَالِإسْتِدَامَة. وَلِلْنُّهُوض بِهَذِهِ الْعَلَاقَةِ، تَدْعُو البْيُّوإِثِيقَا إلَى تَعْزِيز الْقِيَمِ وَ الْمَبَادِئِ الَّتِي تُحَدِّدُ هَذِهِ الْعَلَاقَةِ عَلَى أَسَاسِ مِنْ الْحَبِّ وَالْوُدّ وَ الْإحْتِرَامِ الْمُتَبَادَلِ. فَالْإِنْسَانُ مَسْؤُولٌ عَنْ الْحُفَّاظِ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيِّ وَحِمَايَة الطَّبِيعَة وَالْكَائِنَاتُ الْأُخْرَى. وَيَرَى أَصْحَاب البْيُّوإِثِيقَا إنْ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتَبَنَّى مُقَارَبَة أَخْلَاقِيَّة فِي إدَارَةِ وَتَنْمِيَة الْبِيئَة، بِمَا يَضْمَنُ إسْتِدَامَتُهَا وَحِمَايَة مَصَالِح الأَجْيَال الْحَالِيَّة وَالْمُقَبِّلَة. فَالْإِنْسَان لَيْسَ مَالِكًا لِلْبِيئَة بَلْ مَسْؤُولٌ عَنْهَا كَأمِين عَلَيْهَا. وَعَلَيْهِ، فَإِنْ الْبَيواثِيقًا تَطْرَحُ جَدَلًا أَخْلَاقِيًّا عَمِيقًا حَوْل قَضَايَا الْبِيئَة وَالتَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة، وَ التَّعَامُلُ مَعَ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ غَيْر الْبَشَرِيَّة، وَالْحِفَاظِ عَلَى التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ، وَغَيْرِهَا مِنْ المَوَاضِيع ذَات الصِّلَة. بِهَذَا الْمَنْظُور الشُّمُولِيّ وَالْأَخْلَاقِيّ، تَنْظُر البْيُّوإِثِيقَا إلَى الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة، بِمَا يَتَجَاوَزُ النَّظْرَةِ الضَّيِّقَةِ لِلتَّأْثِيرَات المُتَبَادِلَةِ إِلَى تَأْسِيسِ أُسِّس أَخْلَاقِيَّة لِهَذِهِ الْعَلَاقَةِ وَتَعْزِيز دَوْرُ الإِنْسَانِ كَأمِين عَلَى الْبِيئَةِ وَلَيْس كَمَالِكٍ أَوْ مُسْتَغَلٌّ لَهَا.
_ تَأْثِيرِ البْيُّوإِثِيقَا عَلَى حُقُوقِ الْإِنْسَانِ
البْيُّوإِثِيقَا، أَوْ أَخْلَاقِيَّات عِلْمَ الْإِحْيَاء، هِيَ مَجَالُ حَيَوِيّ يَهْدِفُ إِلَى تَنْظِيمِ الْمُمَارَسَات الْعِلْمِيَّة لِضَمَان إحْتِرَامَ كَرَامَةِ الإِنْسَانِ وَ حِمَايَة حُقُوق الْمُشَارِكِينَ فِي الْأَبْحَاث، بِالْإِضَافَةِ إلَى الْحُفَّاظُ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيّ. وَيَتَبَيَّن تَأْثِير البْيُّوإِثِيقَا عَلَى حُقُوقِ الْإِنْسَانِ مِنْ خِلَالِ عِدَّةِ جَوَانِب. تُؤَكِّدُ البْيُّوإِثِيقَا عَلَى ضَرُورَةِ إحْتِرَام الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ كَمَبْدَأ أَسَاسِيٍّ فِي مُمَارَسَةِ الْأَبْحَاث الطِّبِّيَّة وَالْبُيُولُوجِيَّة. فَالْكَرَامَة الْإِنْسَانِيَّةِ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى عَدَمِ الْمِسَاس بِالْجَسَدِ أَوْ عَدَمِ إذْلَال الْإِنْسَانِ، بَلْ تَتَعَدَّى ذَلِكَ لِتَشْمَل إحْتِرَام خُصُوصِيَّتِه وَحُرِّيَّة إخْتِيَارِه وَحِمَايَتِه مِنْ التَّمْيِيز. وَمِنْ هُنَا جَاءَ رَفَض البْيُّوإِثِيقَا لِمُمَارَسَات مِثْلُ التَّجَارِب غَيْر الْإِنْسَانِيَّةُ عَلَى الْبَشَرِ أَوْ الْمِسَاس بِالْجَنِينِ فِي مَرْحَلَةٍ مَا قَبْلَ الْوِلَادَةِ. فَهَذِه الْمُمَارَسَات تَنْتَهَك الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَتُعَدّ إنْتِهَاكًا لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ الْأَسَاسِيَّةُ. كَمَا تَسْعَى البْيُّوإِثِيقَا إلَى حِمَايَةِ حُقُوق الْأَشْخَاص الْمُشَارِكِينَ فِي الْأَبْحَاث الطِّبِّيَّة وَ الْبُيُولُوجِيَّة. فَهِيَ تُؤَكِّدُ عَلَى ضَرُورَةِ الْحُصُولِ عَلَى مُوَافَقَةِ مُسْتَنِيرَة مِنْ الْمُشَارِكِينَ، وَإحْتِرَام خُصُوصِيَّتِهِمْ وَ سِرِّيَّة مَعْلُومًاتُهُمْ. كَمَا تَحْذَرُ مِنْ إسْتِغْلَالِ الْفِئَات الضَّعِيفَة كَالْأَطْفَال وَالْمَرْضَى الْعَقْلِيِّينَ فِي هَذِهِ الْأَبْحَاث. وَهَذَا يَتَمَاشَى مَعَ مَبَادِئ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ الَّتِي تَنُصُّ عَلَى حَقِّ الْفَرْدِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالِإسْتِقْلَالِيَّة وَالْمُسَاوَاة وَعَدَمِ التَّمْيِيزِ. فَالبْيُّوإِثِيقَا تَعْمَلُ عَلَى تَرْجَمَةِ هَذِهِ الْمَبَادِئِ إلَى مُمَارَسَات مَلْمُوسَة فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ وَالْبُيُولُوجِيّ. كَمَا تُؤَكِّدُ البْيُّوإِثِيقَا عَلَى ضَرُورَةِ مُرَاعَاة التَّأْثِير البِيئِيّ لِلتِّطَوُّرَات الْعِلْمِيَّةِ وَالتِّكْنُولُوجِيَّة فِي مَجَالِ الْأَحْيَاءِ. فَهِيَ تُحَذِّرُ مِنْ الْمُمَارَسَات الَّتِي قَدْ تُؤَدِّي إلَى إخْتِلَالِ التَّوَازُنِ البِيئِيِّ، كَالتِّجَارِب عَلَى الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ أَوْ إسْتِخْدَامِ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة بِطَرِيقَة مُضَرَّة بِالبِيئَة. وَهَذَا يَرْتَبِط بِحَقِّ الْإِنْسَانِ فِي بِيئَة صِحِّيَّة وَمُسْتَدَامَة، كَأَحَد الْحُقُوقِ الْإِنْسَانِيَّةِ الْأَسَاسِيَّة. فَالبْيُّوإِثِيقَا تَعْمَلُ عَلَى حِمَايَةِ هَذَا الْحَقِّ مِنْ خِلَالِ تَنْظِيم الْمُمَارَسَات الْعِلْمِيَّة الْمُؤَثِّرَة عَلَى الْبِيئَةِ. وَتُسَاهِم البْيُّوإِثِيقَا فِي تَعْزِيزِ مَبْدَأي الْمُسَاوَاةُ وَالْعَدَالَةِ فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ وَ الْبُيُولُوجِيّ. فَهِيَ تُؤَكِّدُ عَلَى ضَرُورَةِ ضَمَان حُصُول الْجَمِيعِ عَلَى الْخِدْمَات الصِّحِّيَّة وَالْعَلَاجِيَّة دُونَ تَمْيِيزٍ، وَعَدَم إقْتِصَارِهَا عَلَى فِئَة مُعَيَّنَةً. كَمَا تَحْذَرُ مِنْ إسْتِغْلَالِ الْفِئَات الضَّعِيفَةِ أَوْ الْفَقِيرَةُ فِي الْأَبْحَاث الْعِلْمِيَّة. وَهَذَا يَنْسَجِمُ مَعَ مَبَادِئ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ الْمُتَعَلِّقَة بِالْمُسَاوَاة وَعَدَمِ التَّمْيِيزِ. فَالبْيُّوإِثِيقَا تُتَرْجَمَ هَذِهِ الْمَبَادِئِ إلَى مُمَارَسَات مَلْمُوسَة فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ وَالْبُيُولُوجِيّ. إذَنْ تُؤَثِّرُ البْيُّوإِثِيقَا عَلَى حُقُوقِ الْإِنْسَانِ مِنْ خِلَالِ تَأْكِيدِهَا عَلَى إحْتِرَامِ الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَ حِمَايَة حُقُوق الْمُشَارِكِينَ فِي الْأَبْحَاث، وَالْحِفَاظِ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيِّ، وَتَعْزِيز الْمُسَاوَاة وَالْعَدَالَة. فَهِيَ تَعْمَلُ عَلَى تَرْجَمَةِ مَبَادِئ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ إلَى مُمَارَسَات مَلْمُوسَة فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ وَالْبُيُولُوجِيّ، مِمَّا يُسْهمُ فِي تَعْزِيزِ وَحِمَايَة هَذِهِ الْحُقُوقِ.
_ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُتَعَلِّقَة بِالْهَنْدَسَة الْوِرَاثِيَّة
تَطْرَحُ الْهَنْدَسَة الْوِرَاثِيَّة الْعَدِيدِ مِنَ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْهَامَّةِ الَّتِي يَجِبُ مُعَالَجَتُهَا بِعِنَايَة. . مَسْأَلَةُ الْمُوَافَقَةِ الْمُسْتَنِيرَة : مَعَ قُدْرَةٍ الْعُلَمَاءُ عَلَى التَّلاَعُبِ الْمُبَاشِرُ فِي الْحَمْضِ النَّوَوِيّ وَ تَغْيِير الْخَصَائِص الْوِرَاثِيَّة لِلْكَائِنَات الْحَيَّة، تَبْرُز قَضِيَّة مَدَى فَهْمِ الْأَفْرَاد وَالْمَرْضَى لِلْأثَار الْمُحْتَمَلَة لِهَذِه التَّدَخُّلِات. يَجِبُ ضَمَانُ حُصُول الْمُشَارِكِين عَلَى مَعْلُومَاتِ كَامِلَة وَمَتَوَازِنَة، وَإِنْ إعْطَاءً مُوَافَقَتِهِمْ يَكُونُ عَلَى أَسَاسِ إِرَادِيّ وَحُرّ. وَيُثِير ذَلِكَ مَسَائِلُ مُعَقَّدَة حَوْلَ مَدَى قُدْرَة الْأَفْرَادِ عَلَى فَهْمِ جَمِيع الْعَوَاقِب الْمُحْتَمَلَة. . مَسْأَلَةِ الْعَدَالَةِ وَالْإِنْصَاف : هُنَاك مَخَاوِفَ مِنْ أَنَّ تُؤَدَّي التَّطَوُّرَات فِي الْهَنْدَسَةِ الْوِرَاثِيَّة إلَى تَفَاوُتِ فِي الْوُصُولِ إلَيْهَا وَتُرَكِّز فَوَائِدِهَا عَلَى فِئَّات مُعَيَّنَةٍ دُونَ غَيْرِهَا. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، قَدْ تَكُونُ العِلَاجَات الْجِينِيَّة وَ تَحْسِين السِّمَات الْوِرَاثِيَّة مُتَاحَة فَقَطْ لِلْأَغْنِيَاء أَوْ لِبَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ دُونَ أُخْرَى. يَجِبُ ضَمَانُ تَوْزِيع عَادِل لِلْفَوَائِد وَ الْمَخَاطِر. . مَخَاوِفَ مِنْ التَّمْيِيزِ وَالتُّهْمَيش : قَدْ يُؤَدِّي إكْتِشَاف السِّمَات الْوِرَاثِيَّة إلَى تَمْيِيزِ الْأَفْرَادِ أَوْ الْمَجْمُوعَات السُّكَّانِيَّة عَلَى أَسَاسِ خَصَائِصِهِمْ الْجِينِيَّة. وَهَذَا يَطْرَحُ أَسْئِلَةً حَوْلَ الْخُصُوصِيَّة وَالسَّرِيَّة، وَالْحَقُّ فِي عَدَمِ الْكَشْفِ عَنْ الْمَعْلُومَاتِ الْجِينِيَّة الْحَسَّاسَة. كَمَا قَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَهْمَيش الْمَجْمُوعَات الَّتِي تُعَانِي مِنْ أَمْرَاضِ وِرَاثِيَّة . الْأثَارِ عَلَى الْجِنْسِ الْبَشَرِيِّ وَالْعَالِمِ الطَّبِيعِيِّ : تَفْتَح الْهَنْدَسَة الْوِرَاثِيَّة إِمْكَانِيَّة إجْرَاء تَعْدِيلَات وِرَاثِيَّة لَيْسَ فَقَطْ عَلَى الْأَفْرَادِ، بَلْ عَلَى الأَجْيَالِ الْقَادِمَة. وَهَذَا يَطْرَحُ أَسْئِلَةً حَوْلَ مَدَى شَرْعِيَّة التَّدَخُّلِ فِي الْجِينُومِ الْبَشَرِيِّ وَمَا قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أثَارِ غَيْر مُتَوَقَّعَة عَلَى مُسْتَقْبَلٍ الْإِنْسَانِيَّة وَالْبِيئَة. . الْحَاجَةِ إلَى مُنَاقَشَات أَوْسَع نِطَاقًا : مَعَ إسْتِمْرَارِ الْعُلَمَاءُ فِي تَوْسِيعِ حُدُودِ الْمُمْكِنِ فِي الْهَنْدَسَةِ الْوِرَاثِيَّة، مِنْ الضَّرُورِيِّ إشْرَاك الْمُجْتَمَع بِأَكْمَلِه فِي مُنَاقَشَات مُعَمَّقَة حَوْلَ الْأثَار الْأَخْلَاقِيَّة لِهَذِه التِّقْنِيَّات. وَيَجِبُ أَنْ تَشْمَلَ هَذِهِ الْمُنَاقَشَاتِ الْفَلَاسِفَة وَالْعُلَمَاء وَصُنَّاع السِّيَاسَات وَعَامَّةَ النَّاسِ، لِلتَّوَصُّلِ إلَى تَوَافُقِ فِي الْآرَاءِ حَوْل الضَّوَابِطِ وَالْحُدُودِ الْأَخْلَاقِيَّة الْمُنَاسَبَة. تُثِير الْهَنْدَسَة الْوِرَاثِيَّة مَجْمُوعَة مُعَقَّدَة مِنْ التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تَتَطَلَّبُ مُعَالَجَة دَقِيقَة وَشَامِلَة. فَهِي تَطْرَحُ قَضَايَا حَسَّاسَة حَوْل الْمُوَافَقَة الْمُسْتَنِيرَة وَالْعَدَالَة وَالتَّمْيِيز وَ الْأثَار طَوِيلَة الْأَمَدِ عَلَى الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْعَالِمِ الطَّبِيعِيِّ. وَ يَتَطَلَّب التَّعَامُلِ مَعَ هَذِهِ التَّحَدِّيَات مُشَارَكَة مُوَسَّعَة لِلْمُجْتَمَع بِأَكْمَلِه فِي الْحِوَارِ وَالتَّوَصُّلُ إلَى تَوَازُنْ بَيْنَ الِإسْتِفَادَةِ مِنَ هَذِهِ التِّقْنِيَّات وَضَمَان الْحُفَّاظُ عَلَى الْقَيِّمِ وَالْمَبَادِئ الْأَخْلَاقِيَّة الْأَسَاسِيَّة.
_ كَيْفَ تُؤَثِّرُ البْيُّوإِثِيقَا عَلَى الْمُمَارَسَات الطِّبِّيَّة ؟
البْيُّوإِثِيقَا قَدْ أَحْدَثْتَ تَغْيِيرَات مُهِمَّة عَلَى الْمُمَارَسَات الطِّبِّيَّة وَ الْبُيُولُوجِيَّة فِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ. مُنْذُ فَجْرِ الطِّبّ، كَانَتْ هُنَاكَ آدَاب وَأَخْلَاقِيَّات تَلْزَمُ مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى عِلَاجِ الْمَرْضَى. هَذِه الْأَخْلَاقَيَّات ظَلَّتْ مُرْتَبِطَة بِالْمُمَارَسَة الطِّبِّيَّة حَتَّى يَوْمِنَا هَذَا. وَ لَكِنْ مَعَ تَطَوُّرِ الطِّبّ وَأَسَالِيب الْعِلَاج، وَتَغَيَّر الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الطَّبِيبِ وَالْمَرِيضِ، تَغَيَّرَتْ مَضَامِينُ هَذِهِ الْآدَابَ. فَلَمْ تَعُدْ خَاضِعَة لِلْعَفَوِيَّة، بَلْ أَصْبَحَتْ مُدَوَّنَةٌ فِي قَوَاعِدِ وَقَوَانِينِ مُلْزِمَة لِلطَّبِيب. مِنْ نَاحِيَةِ أُخْرَى، فَإِنْ التَّطَوُّرَات التِّقْنِيَّة فِي مَجَالِ الطِّبِّ وَالْبُيُولُوجِيَا، كَالْتِقْنِيَات الْحَدِيثَةِ لِلتَّعَامُلِ مَعَ الْمَرَضِ، أَدَّتْ إلَى ظُهُورِ مَفَاهِيم جَدِيدَة كَمَفْهُوم البْيُّوإِثِيقَا. فَهَذِهِ التَّطَوُّرَات أَنْتَجَتْ رُدُود فَعَل مُنَظَّمَة لِتَنْظِيم هَذِه الْمُمَارَسَات مِنَ النَّاحِيَةِ الْأَخْلَاقِيَّة. تَسْتَنِد البْيُّوإِثِيقَا عَلَى مَبَادِئِ أَسَاسِيَّة كَمَبْدَإ الِإسْتِقْلَالِيَّة، الَّذِي يُؤَكِّدُ عَلَى ضَرُورَةِ مُوَافَقَة الْأفْرَادِ عَنْ وَعْيٍ عَلَى الْإِجْرَاءَات الطِّبِّيَّة، وَمَبْدَأ الْإِحْسَانُ الَّذِي يَلْزَمُ الْمُمَارِسِين الطَّبِيِّين بِتَقْدِيم الرِّعَايَة الطِّبِّيَّة لِلْمَرْضَى بِشَكْل أَخْلَاقِيّ. كَمَا تَشْمَلُ الْقَضَايَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَقِّ فِي الْوُلُوج إِلَى التَّقَدُّمِ الْعِلْمِيُّ وَالتِّقْنِيّ. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ البْيُّوإِثِيقَا قَدْ أَحْدَثْتَ تَأْثِيرًا كَبِيرًا عَلَى الْمُمَارَسَات الطِّبِّيَّة وَ الْبُيُولُوجِيَّة. فَهِيَ تَلْزَم الْأَطِبَّاء وَالْبَاحِثِين بِإحْتِرَام كَرَامَةُ الْإِنْسَانِ وَحُقُوقِهِ، وَضَمَان حِمَايَة الْمُشَارِكِينَ فِي الْأَبْحَاث. كَمَا أَنَّهَا تَسْعَى إِلَى الْحُفَّاظُ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيِّ وَأَخْلَاقِيَّات التَّعَامُلِ مَعَ الْكَائِنَات الْحَيَّة. وَبِشَكْل عَامٌّ، فَقَدْ غَيَّرَتْ البْيُّوإِثِيقَا مِنْ طَبِيعَةِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الطَّبِيبِ وَ الْمَرِيضِ، وَأَصْبَحَتْ تَفْرِضُ قَوَاعِد وَآدَاب مِهْنِيَّة أَكْثَر صَرَامَة عَلَى الْمُمَارَسَات الطِّبِّيَّةُ وَ الْبُيُولُوجِيَّة. وَهَذَا التَّغْيِيرُ جَاء كَرَدِّ فِعْلٍ عَلَى التَّطَوُّرَات التِّقْنِيَّة وَ الْعِلْمِيَّة الَّتِي طَرَأَتْ عَلَى هَذِهِ الْمَجَالَات. إذْن، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ البْيُّوإِثِيقَا أَحْدَثْت تَحَوُّلَات كَبِيرَةٌ فِي الْمُمَارَسَات الطِّبِّيَّة، مِنْ حَيْثُ تَنْظِيمِهَا وَفْقَ مَبَادِئَ أَخْلَاقِيَّةٍ مُحَدَّدَة، وَ فَرْض قَوَاعِد وَآدَاب مِهْنِيَّة أَكْثَر صَرَامَة عَلَى الْأَطِبَّاءِ وَ الْبَاحِثِين، بِهَدَف ضَمَان إحْتِرَامَ كَرَامَةِ الإِنْسَانِ وَحُقُوقِهِ، وَ حِمَايَة الْبِيئَة وَالْكَائِنَات الْحَيَّة كَكُلّ.
_ كَيْفَ يُمْكِنُ تَطْبِيقُ مَبَادِئ البْيُّوإِثِيقَا فِي الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّة ؟
تَطْبِيق مَبَادِئ البْيُّوإِثِيقَا فِي الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ يَلْعَبُ دَوْرًا حَيَوِيًّا فِي ضَمَانِ إحْتِرَامَ كَرَامَةِ الإِنْسَانِ وَالْحِفَاظِ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيِّ. يُمْكِنُ تَطْبِيقُ مَبَادِئ البْيُّوإِثِيقَا فِي الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ مِنْ خِلَالِ مَبْدَأ الِإسْتِقْلَالِيَّة الَّذِي يُؤَكِّدُ هَذَا الْمَبْدَأِ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْمُوَافَقَة الْمَدْرُوسَة وَ الْمُسْتَنِيرَة مِنْ قِبَلِ الْمَرْضَى أَوْ الْمُشَارِكِينَ فِي الْأَبْحَاث الطِّبِّيَّة. وَيَتَطَلَّب ذَلِك إعْلَامُهُمْ بِكَافَّة الْمَخَاطِر وَالْمَنَافِع الْمُحْتَمَلَة وَضَمَان قُدْرَتِهِمْ عَلَى إتِّخَاذِ قَرَارِ حُرٍّ وَمُسْتَقِلٍّ. كَمَا يَجِبُ إحْتِرَام حَقّ الْمَرْضَى فِي رَفْضُ أَيْ تَدْخُلُ طِبِّي. كَمَا أَنَّ مَبْدَأَ الْإِحْسَان يَلْزَم الْأَطِبَّاء وَالْبَاحِثِين الطِبِّيِّين بِتَقْدِيم الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ بِشَكْل يُعَظِمُ الْمَنَافِع وَيُقَلِّل الْمَخَاطِر قَدْرِ الْإِمْكَانِ. وَ يَتَطَلَّب ذَلِكَ إجْرَاءُ تَقْيِيم دَقِيق لِلْمَخَاطِر وَالْفَوَائِد الْمُحْتَمَلَة قَبْلَ إتِّخَاذِ أَيْ قَرَارٍ طُبْي أَوْ إجْرَاءِ أَيْ بَحْثَ. وَ كَذَلِكَ مَبْدَأ الْعَدَالَة الَّذِي بِمُوجِبِه يَجِبُ ضَمَانُ تَوْزِيع عَادِل لِلْمَوَارِد الصِّحِّيَّة الْمَحْدُودَة، بِمَا فِي ذَلِكَ التَّأَكُّدُ مِنْ عَدَمِ تَمْيِيزٌ أَيْ فَرْدٍ أَوْ مَجْمُوعَةً مِنْ الْمَرْضَى فِي الْحُصُولِ عَلَى الرِّعَايَةِ الطِّبِّيَّة. كَمَا يَتَطَلَّبُ هَذَا الْمَبْدَأِ تَوْفِير تَكَافُؤ الْفُرَص فِي الْمُشَارَكَةِ فِي التَّجَارِبِ وَالْأَبْحَاث الطِّبِّيَّة. أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَبْدَأ عَدَمِ الْإِضْرَارِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ بِمُوجِبِهِ عَلَى الْأَطِبَّاءِ وَ الْبَاحِثِين تَجَنُّب إلْحَاق أَيُّ ضَرَرٍ بِالْمَرْضَى أَوْ الْمُشَارِكِينَ فِي الْأَبْحَاث. وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الْحِرْصُ عَلَى سَلَامَتِهِمْ الْبَدَنِيَّةِ وَ النَّفْسِيَّةِ وَحِمَايَتِهِمْ مِنْ الْمَخَاطِرِ الْمُحْتَمَلَة. ثُمّ مَبْدَأ إحْتِرَام الْحَيَاة وَ الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ الَّذِي يُؤَكِّدُ عَلَى قُدْسِيَّة الْحَيَاةِ الْبَشَرِيَّةِ وَكَرَامَةِ الْإِنْسَانِ مِنْ أَهَمِّ الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ فِي مَجَالِ الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ. وَهَذَا يَتَطَلَّبُ عَدَمَ التَّعَامُلِ مَعَ الْمَرْضَى كَمُجَرَّد مَوْضُوعَات لِلتَّجَارِب، بَلْ مُعَامَلَتُهُمْ بِاحْتِرَام وَتَقْدِير. وَ لِلتَّأَكُّد مِنْ تَطْبِيقِ هَذِهِ الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ فِي الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ، يَجِبُ إنْشَاءٌ لِجَان أَخْلَاقِيَّة مُتَّخَصِصَّة تَتَوَلَّى مُرَاجَعَة جَمِيع الْمُمَارَسَات وَالْأَبْحَاث الطِّبِّيَّة وَإِصْدَار التَّوْجِيهَات وَالضَّوَابِط اللَّازِمَةِ. كَمَا يَنْبَغِي تَضْمِين هَذِهِ الْمَبَادِئِ فِي المَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّة لِلطَّوَاقِمْ الطِّبِّيَّةُ وَتَطْوِير بَرَامِج تَدْرِيبِيٍّة مُسْتَمِرَّةً لِتَعْزِيز الْوَعْي بِهَا. بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ، يَجِبُ عَلَى الْمُؤَسَّسَات الصِّحِّيَّة وَالْجِهَات التَّنْظِيمِيَّة سَنّ التَّشْرِيعَات وَالسِّيَاسَات اللَّازِمَة لِحِمَايَةِ حُقُوقِ الْمَرْضَى وَضَمَانُ الِإمْتِثَال لِلْمَعَايَير الْأَخْلَاقِيَّة فِي جَمِيعِ أَنْشِطَة الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ. وَعَلَى الْمُجْتَمَعِ كَكُلٍّ الْمُسَاهَمَةِ فِي نَشْرِ الْوَعْيِ بِأَهَمِّيَّةِ هَذِهِ الْمَبَادِئِ وَتَعْزِيز ثَقَافَة الْأَخْلَاقَيَّات الْحَيَوِيَّة. بِإلْتِزَام جَمِيعِ الْأَطْرَافِ الْمُعْنِيَة بِتَطْبِيق هَذِهِ الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ، سَيَتَمَكَّن قطَّاع الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ مِنْ تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ التَّقَدُّمِ الْعِلْمِيِّ وَالتِّكْنُولُوجِيّ وَحِمَايَةِ كَرَامَةُ الْإِنْسَانِ وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ. وَهَذَا سَيَضْمَن تَقْدِيمُ خِدْمَات صِحِّيَّة عَادِلَة وَ أَمِنَّة تُرَاعَى الِإعْتِبَارَات الْأَخْلَاقِيَّة.
_ التَّحَدِّيَات الَّتِي تُوَاجِهُ البْيُّوإِثِيقَا فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ ؟
البْيُّوإِثِيقَا تُوَاجِهُ الْعَدِيدِ مِنَ التَّحَدِّيَات فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ. أَبْرَزَ هَذِهِ التَّحَدِّيَات هِي إحْتِرَام اسْتِقْلَالِيَّة الْمَرِيضُ. أَنْ مَبْدَأ إحْتِرَام إسْتِقْلَالِيَّة الْمَرِيضِ يُعْتَبَرُ أَحَدٌ الْأَرْكَان الْأَسَاسِيَّة لِأَخْلَاقِيَّات الطِّبّ. فَمَنْ الْمُهِمُّ أَنْ يُتِمَّ تَمْكِين الْمَرْضَى مِنْ إتِّخَاذِ الْقَرَارَات الْخَاصَّة بِهِمْ بِشَأْن التَّدَخُّلِات الطِّبِّيَّةُ الَّتِي قَدْ يَخْضَعُون لَهَا. وَ يَقُوم الْأَطِبَّاء بِتِجَسيد هَذَا الِإلْتِزَامِ مِنْ خِلَالِ مُسَاعَدَة الْمَرْضَى عَلَى إتِّخَاذِ قَرَارَات مُسْتَنِيرَة، وَهَذَا مَا يُعْرَفُ بِـ "الْمُوَافَقَة الْمُسْتَنِيرَة". وَلَكِنْ مَعَ إزْدِيَاد إسْتِخْدَام تِقْنِيَات الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ، قَدْ يُصْبِحُ مِنْ الصَّعْبِ عَلَى الْمَرْضَى فَهُمْ وَ تَقَييم عَمَلِيَّاتُ صُنْعِ القَرَارِ بِشَكْل كَامِل، مِمَّا يَطْرَحُ تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة تَتَعَلَّق بِإحْتِرَام إسْتِقْلَالِيَّة الْمَرْضَى وَقُدْرَتَهُمْ عَلَى إتِّخَاذِ قَرَارَات مُسْتَنِيرَة. يُعَدّ مَبْدَأ الْإِحْسَانِ، أَيْ تَحْقِيقُ أَقْصَى قَدْرٍ مِنْ الْفَائِدَةِ لِلْمَرْضَى، أَحَد أَهَمّ الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ فِي الطِّبِّ. وَ لَكِنْ مَعَ إسْتِخْدَامِ تِقْنِيَات الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ (artificial intelligence) فِي التَّشْخِيص وَ الْعِلَاج، قَدْ تَنْشَأ مَخَاوِف بِشَأْن قُدْرَة هَذِه التِّقْنِيَّات عَلَى تَحْقِيقِ أَقْصَى فَائِدَة لِلْمَرْضَى فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، قَدْ تَكُونُ نَمَاذِج الَّتَنَبُّؤ الْقَائِمَةُ عَلَى الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ دَقِيقَةٌ إلَى حَدِّ كَبِيرٌ فِي الَّتَنَبُّؤ بِالنَّتَائِجِ الطِّبِّيَّة، وَ لَكِنْ قَدْ تَفْتَقِرُ إلَى الْقُدْرَةِ عَلَى فَهْمِ السِّيَاق الْفَرْدِيّ لِلْمَرِيض وَ ظُرُوفِه الْخَاصَّةِ. وَهَذَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى قَرَارَات طِبِّيَّةٌ لَا تَحَقُّقَ أَقْصَى قَدْرٍ مِنْ الْفَائِدَةِ لِلْمَرِيض. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، قَدْ يَنْطَوِي إسْتِخْدَام الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ عَلَى مَخَاطِر عَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالْمَرْضَى. فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، قَدْ تُنْتِجُ بَرَامِج الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ تَوْصِيَّات عِلَاجِيَّة خَاطِئَة بِسَبَب أَخْطَاء فِي الْبَيَانَات التَّدْرِيبيَّة أَوْ آلِيَّاتْ التَّعَلُّمِ. وَهَذَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْمَرْضَى. لِذَلِكَ، هُنَاكَ حَاجَةٌ إلَى ضَمَانَاتٍ أَخْلَاقِيَّة قَوِيَّة لِمَنْعِ هَذِهِ الْمَخَاطِرِ. كَمَا يُعَدّ مَبْدَأ الْعَدَالَةِ فِي تَوْزِيعِ الْمَوَارِد الطِّبِّيَّة أَمْرًا حَاسِمًا فِي أَخْلَاقِيَّات الطِّبُّ. وَلَكِنْ مَعَ إزْدِيَاد قُدُرَات الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ، قَدْ يَنْشَأُ خَطَر عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ فِي إِمْكَانِيَّة الْوُصُولِ إلَى هَذِهِ التِّقْنِيَّات. فَقَدْ تَكُونُ التِّقْنِيَّات الْمُتَطَوِّرَة مُكَلَّفَة لِلْغَايَة، مِمَّا يَحْرُمُ الْفِئَاتِ الْإجْتِمَاعِيَّةِ الْأَقَلّ حَظًّا مِنْ الِإسْتِفَادَةِ مِنْهَا. كَمَا أَنَّ إِمْكَانِيَّة إسْتِخْدَام الْبَيَانَات الضَّخْمَة وَالذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ فِي تَخْصِيصِ الْمَوَارِد الطِّبِّيَّةِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَفَاقُمِ أَوْجُهٌ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ الْقَائِمَة بِالْفِعْلِ فِي النِّظَامِ الصِّحِّيّ. لِذَلِكَ، هُنَاكَ حَاجَةٌ إلَى سِيَاسَات وَ آلِيَّاتْ تَنْظُيمِيَّة قَوِيَّةً لِضَمَان تَوْزِيع عَادِل لِلْمَوَارِد الطِّبِّيَّة الْمُتَطَوِّرَة الْقَائِمَةِ عَلَى الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ. أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَجَال الْخُصُوصِيَّة وَالْأَمْن فَإِنْ إسْتِخْدَامَ الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ يَنْطَوِي عَلَى مَخَاطِر كَبِيرَة بِشَأْن حِمَايَة الْخُصُوصِيَّة وَأَمِن الْبَيَانَات الطِّبِّيَّة لِلْمَرْضَى. فَهَذِه الْبَيَانَات الْحَسَّاسَة قَدْ تَكُونُ عُرْضَة لِلِإخْتِرَاق أَوْ الِإسْتِخْدَامِ غَيْرُ الْمُصَرَّحِ بِهِ إذَا لَمْ يَتِمَّ تَنْفِيذ إجْرَاءَات أُمْنِيَة صَارِمَة. وَهَذَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى إنْتِهَاكِات خَطِيرَةٌ لِحُقُوق الْمَرْضَى وَكَرَامَتِهِمْ. وَلِذَلِكَ، يَجِبُ وَضْعُ إِطَار تَنْظُيمي قَوِيٍّ لِحِمَايَة الْخُصُوصِيَّة وَالْأَمْنُ فِي ظِلِّ إسْتِخْدَام الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ. بِالْإِضَافَةِ إلَى هَذِهِ التَّحَدِّيَات الرَّئِيسِيَّة، فَإِنْ البْيُّوإِثِيقَا تَوَاجَه أَيْضًا تَحَدِّيَات أُخْرَى فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ، مِثْلَ ضَمَانِ الشَّفَّافِيَّة وَالمُسَاءَلَة فِي عَمَلِيَّاتِ صُنْعِ القَرَارِ الْقَائِمَةِ عَلَى الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ، وَمُعَالَجَة مَسَائِلِ الْإِنْصَافِ وَالتَّحَيُّز فِي هَذِهِ التِّقْنِيَّات. كَمَا أَنَّ هُنَاكَ حَاجَةٌ إلَى تَطْوِيرٍ الْمَهَارَات الْأَخْلَاقِيَّة وَالثَّقَافِيَّة لِلعَامِلِينَ فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ لِضَمَان التَّعَامُل الْمَسْؤُول مَع التَّطَوُّرَات التِّقْنِيَّة الْحَدِيثَة. بِشَكْلٍ عَامٍّ، فَإِنَّ الْمَجَال الطِّبِّيّ يُوَاجِه تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة كَبِيرَةَ مَعَ تَطَوُّرِ تِقْنِيَات الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة. وَ يَتَطَلَّب التَّعَامُلِ مَعَ هَذِهِ التَّحَدِّيَات جُهُودًا مُتَضَافِرَة مِنْ قِبَلِ الْأَطِبَّاء، وَ الْبَاحِثِين، وَالْمَنْظُمين، وَالْمُجْتَمَعُ كَكُلّ لِوَضْع إِطَار أَخْلَاقِيّ قَوِيّ يَضْمَن تَحْقِيق الْمَنَافِع الْقُصْوَى لِهَذِه التَّطَوُّرَات مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى كَرَامَةٍ الْإِنْسَان وَحُقُوقِه.
_ أَبْرَزِ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُتَعَلِّقَة بِالتِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة؟
لَقَدْ أَظْهَرَتْ الْبُحُوث أَنَّ أَبْرَزَ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُتَعَلِّقَة بِالتِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة تَشْمَلُ مَا يَلِي: 1. الْمُوَافَقَة الْمُسْتَنِيرَة وَالتَّلَاعُب الْجِينِيّ : يُثِير التَّعَامُلِ مَعَ الْجِينَات وَتَحْرِير الْجِينُوم وَهَنْدَسَة الْحَيَاةِ نَفْسِهَا تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة كَبِيرَة. السُّؤَال الرَّئِيسِيّ هُوَ كَيْفَ نَضْمَن أَنَّ الْأفْرَادَ يَفْهَمُون تَمَامًا الْأثَارُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى التَّدَخُّلِات الْجِينِيَّة؟ وَكَيْف نُحَقِّق التَّوَازُنِ بَيْنَ الِإسْتِقْلَالِيَّة وَالْحِمَايَة مِنْ الْعَوَاقِبِ غَيْرُ الْمَقْصُودَةِ ؟ فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، تَطْرَح تَجَارِب الْعِلَاج الْجِينِيّ قَضَايَا أَخْلَاقِيَّة حَوْل الْمُوَافَقَة الْمُسْتَنِيرَة. إذْ يَجِبُ التَّأَكُّدِ مِنْ أَنَّ الْمُشَارِكِينَ فِي هَذِهِ التَّجَارِب يُدْرِكُون بِشَكْل كَامِل الْمَخَاطِر وَالنَّتَائِج الْمُحْتَمَلَة. 2. الْعَدَالَةِ وَالْمُسَاوَاةِ فِي إسْتِخْدَامِ التَّحْسِين الْجِينِيّ : التَّحْسِين الْجِينِيّ، أَيْ تَعْدِيلُ الصِّفَاتِ الْوِرَاثِيَّةِ لِلْكَائِنَات الْحَيَّة لِتَحْسِين الصِّحَّةِ أَوْ الذَّكَاء عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُثِير تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة بِشَأْن الْعَدَالَةِ وَالْمُسَاوَاةِ. فَهُنَاك مَخَاوِفَ مِنْ أَنَّ هَذِهِ التِّقْنِيَّات قَدْ تُؤَدِّي إلَى تَفَاوُتَات إجْتِمَاعِيَّةٍ وَإقْتِصَادِيَّةٍ إذَا لَمْ يَتِمَّ تَوْزِيع فَوَائِدِهَا بِشَكْل عَادِل. كَمَا يَثُور سُؤَال حَوْل حُقُوقَ الْأَفْرَادِ فِي التَّحَكُّمِ بِهَؤُيَتَّهُمْ الْوِرَاثِيَّة وَمَا إذَا كَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْجَمِيعِ الْحَقِّ فِي الْحُصُولِ عَلَى هَذِهِ التِّقْنِيَّات. 3. الْأثَار البِيئِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة : تُثِير التِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة أَيْضًا تَسَاؤُلَات أَخْلَاقِيَّة عَنْ تَأْثِيرِهَا عَلَى الْبِيئَةِ وَالْمُجْتَمَعِ. فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، قَدْ يُؤَدِّي إنْتَاج الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ بِوَسَائِل تِكْنُوْلُوْجِيَّة إلَى إخْتِلَالَات فِي التَّوَازُنِ البِيئِيِّ وَتَهْدِيد التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ. كَمَا قَدْ تُؤَثِّرُ هَذِهِ التِّقْنِيَّات عَلَى الْعَلَاقَاتِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالْقَيِّم الْإِنْسَانِيَّة. 4. الْحَقِّ فِي الْوُلُوج إِلَى التَّقَدُّمِ الْعِلْمِيِّ وَالتِّكْنُولُوجِيّ : تَتَنَاوَلُ أَخْلَاقِيَّات عِلْمَ الْإِحْيَاءِ أَيْضًا قَضَايَا الْحَقِّ فِي الْوُلُوج إلَى الْمَعْرِفَةِ الْعِلْمِيَّة وَالتِّكْنُولُوجِيَّة الْمُتَقَدِّمَة. فَهُنَاك تَسَاؤُلَات حَوْلَ كَيْفِيَّةِ ضَمَانِ وُصُول الْجَمِيعِ إلَى الْفَوَائِدِ الْمُحْتَمَلَة لِلتِّطَوُّرَات الْحَيَوِيَّة، وَتَجَنُّب تَفَاقُم الْفَوَارِق الْقَائِمَة بِسَبَب إِتَاحَة هَذِه التِّقْنِيَّات. 5. إحْتِرَامَ كَرَامَةِ الإِنْسَانِ وَحُقُوق الْمُشَارِكِينَ فِي الْأَبْحَاث : تَسْعَى أَخْلَاقِيَّات عِلْمَ الْإِحْيَاءِ إلَى ضَمَانِ إحْتِرَامَ كَرَامَةِ الإِنْسَانِ وَحِمَايَة حُقُوق الْمُشَارِكِينَ فِي الْأَبْحَاث الطِّبِّيَّة وَ الْبُيُولُوجِيَّة. وَهَذَا يَشْمَلُ قَضَايَا مِثْل التَّأَكُّدِ مِنْ الْمُوَافَقَةِ الْمُسْتَنِيرَة لِلْمُشَارِكِين وَحِمَايَتِهِمْ مِنْ الْأَذَى، إلَى جَانِبِ إحْتِرَام خُصُوصِيَّتِهِمْ وَ سِرِّيَّة مَعْلُومًاتُهُمْ. 6. الْحُفَّاظُ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيِّ : تَتَنَاوَل أَخْلَاقِيَّات عِلْمَ الْإِحْيَاءِ أَيْضًا ضَرُورَةَ الْحُفَّاظُ عَلَى التَّوَازُنِ البِيئِيِّ عِنْدَ إسْتِخْدَامِ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة. فَالْتَدْخُل فِي الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ النَّبَاتِيَّة وَالْحَيَوَانِيَّة، وَالتَّجَارِب الَّتِي تَجْرِي عَلَيْهَا، قَدْ تُؤَدِّي إلَى إخْتِلَالَات فِي النَّظْمِ البِيئِيَّة وَتَهْدِيد التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ. لِذَلِكَ يَجِبُ مُرَاعَاةُ الْأثَار البِيئِيَّة عِنْد تَطْوِير وَتَطْبِيق هَذِه التِّقْنِيَّات. بِشَكْلٍ عَامٍّ، تَوَاجَه أَخْلَاقِيَّات عِلْمَ الْإِحْيَاء تَحَدِيّاً كَبِيرًا لِتَكُون نَهْجًا مُتَعَدِّد الْجَوَانِب وَمُدَّروسا فِي عَمَلِيَّةِ صُنْعِ القَرَارِ، لِيَكُون وَثِيق الصِّلَة بِجَمِيعِ جَوَانِبِ الْحَيَاةِ الْبَشَرِيَّةِ وَالْكَائِنَات الْحَيَّة الْأُخْرَى. وَتَتَطَلَّب هَذِهِ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة مُشَارَكَة مُتَعَدِّدَة التَّخَصُّصَات مِنْ الْعُلُومِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ لِصِيَاغَة رُؤْيَة شَامِلَة وَمَتَوَازِنَة.
_ أَمْثِلَةٌ عَلَى قَرَارَات صَعْبَةً تَتَعَلَّق بِالبْيُّوإِثِيقَا فِي الْمُسْتَشْفِيَّات؟
قَرَارَات البْيُّوإِثِيقَا فِي الْمُسْتَشْفِيَّات يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ صَعْبَةً وَ تُثِير جَدَلًا بِسَبَب الطَّبِيعَة الْحَسَّاسَة وَالْأَخْلَاقِيَّة الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا. فَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِقَضَايَا حَيَاةُ الْإِنْسَانِ وَمَوْتِه وَالْمُعَانَاة وَالمَرَضَ، مِمَّا يَجْعَلُ إتِّخَاذ الْقَرَارَات فِيهَا أَمْرًا صَعْبًا وَذَا أبْعَاد أَخْلَاقِيَّة وَ قَانُونٍيَّة. مِنْ الْأَمْثِلَةِ عَلَى الْقَرَارَات الصَّعْبَةَ فِي البْيُّوإِثِيقَا بِالْمُسْتَشْفَيَات إنْهَاءٌ الْحَيَاةِ عِنْدَ الْمَرَضِ الْمُسْتَعِصي. . قَرَارَ إنْهَاء الْحَيَاة لِلْمَرْضَى : قَرَارَ إنْهَاء الْحَيَاة لِلْمَرْضَى الْمُصَابِين بِأَمْرَاض مُسْتَعْصِيَة وَ عَدِّيمَة الشِّفَاءُ هُوَ مِنْ أَكْثَرَ الْقَرَارَات الشَّائِكَة وَالصَّعْبَة. فَمِنْ نَاحِيَةِ، هُنَاك إحْتِرَام لِرَغْبَة الْمَرِيضِ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ المُعَانَاةِ وَالْأَلَم، وَ خَاصَّةً إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ فِي مَرَاحِلَ مُتَأَخِّرَةٌ مِنْ الْمَرَضِ. وَ مِنْ نَاحِيَةِ أُخْرَى، هُنَاكَ القِيَمِ الأَخْلَاقِيَّةِ وَالدِّينِيَّة الَّتِي تَحْرُمُ الْإِنْسَانِ مِنْ إنْهَاء حَيَاتِه بِنَفْسِهِ أَوْ بِمُسَاعَدَة الْإخَرِينَ. كَمَا أَنَّ هُنَاكَ قَوَانِين فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ تَحْظَرُ الْمُسَاعَدَةَ عَلَى الِإنْتِحَار أَوْ إنْهَاءَ الْحَيَاةُ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ. لِذَا فَإِنَّ إتِّخَاذَ قَرَارٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَتَطَلَّب التَّوَازُنِ بَيْنَ إحْتِرَام إرَادَة الْمَرِيض وَالْقَيِّم الْأَخْلَاقِيَّة وَالْقَانُونِيَّة. . تَخْصِيص الْمَوَارِد الْمَحْدُودَةِ : فِي الْمُسْتَشْفِيَّات، هُنَاكَ مَوَارِد طِبِّيَّة مَحْدُودَة مِثْل أَجْهِزَة التَّنَفُّس الصِّنَاعِيّ وَأَسَرَة الْعِنَايَةَ الْمُرَكَّزَةَ. فِي حَالَاتِ الَّأَوْبِئَة أَوْ الكَوَارِث الطَّبِيعِيَّة عِنْدَمَا تَزْدَادُ الحَاجَةُ إِلَى هَذِهِ المَوَارِدِ، يُوَاجِه الْأَطِبَّاء وَالمَسْؤُولُون تَحَدِّيًا فِي تَخْصِيصِ هَذِهِ المَوَارِدِ بِطَرِيقَة عَادِلَة. يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَضْعُ مَعَايِير أَخْلَاقِيَّة لِتَحْدِيد مِنْ سَيَحْصُل عَلَى هَذِهِ المَوَارِدِ الْمَحْدُودَةِ، مِمَّا قَدْ يُؤَدِّي إلَى قَرَارَات صَعْبَةً بِحِرْمَانِ بَعْضِ الْمَرْضَى مِنْ الْعِلَاجِ الْحَيَوِيّ. . الْمُوَافَقَةِ عَلَى إجْرَاءِ طُبْي : فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، يُوَاجِه الْأَطِبَّاء صُعُوبَةً فِي الْحُصُولِ عَلَى مُوَافَقَةِ الْمَرِيضُ أَوْ ذَوِيّه عَلَى إجْرَاءِ طُبْي ضَرُورِيّ. قَدْ يَكُونُ الْمَرِيضُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى إعْطَاءِ مُوَافَقَة بِسَبَبِ فِقْدَانِ الْوَعْي أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ الْعَقْلِيَّةِ. أَوْ قَدْ يَرْفُض الْمَرِيضُ أَوْ ذَوِيه الْأُجَرَاء لِأَسْبَاب دِينِيَّةً أَوْ ثَقَافِيَّة. فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ، يَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَطِبَّاءِ التَّوْفِيقُ بَيْنَ وَاجِبُهُمْ الْمُهَنّي فِي إنْقَاذِ حَيَاةِ الْمَرِيضِ وَ بَيْن إحْتِرَامُ حُقُوقِ الْمَرِيض وَقَرَارًاتُه. هَذَا الصِّرَاعِ بَيْنَ الْوَاجِبُ الطِّبِّيّ وَالْحُقُوق الشَّخْصِيَّة لِلْمَرِيض يَخْلُق قَرَارَات صَعْبَةً لِلْأَطِبَّاء. . التَّعَامُلِ مَعَ حَالَات الْأَطْفَال : قَرَارَات البْيُّوإِثِيقَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَطْفَال تُعْتَبَرُ مِنْ أَكْثَرَ الْقَرَارَات صُعُوبَة. فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، قَدْ يُوَاجِه الْأَطِبَّاء صُعُوبَةً فِي تَقْرِيرِ مَا إذَا كَانَ يَنْبَغِي إجْرَاءُ عَمَلِيَّةً جِرَاحِيَّةً لِطِفْل مُصَاب بِتَشْوهَات خِلْقِيَّةٌ، خَاصَّةً إذَا كَانَتْ الْعَمَلِيَّة سَتُّؤَثِر عَلَى جَوْدَةِ حَيَاة الطِّفْلِ. كَمَا قَدْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ إتِّخَاذ قَرَارَات صَعْبَةً بِشَأْن تَوَقَّف عِلَاج الْأَطْفَال الْمُصَابِين بِأَمْرَاض مُسْتَعْصِيَةً. فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ يَجِبُ عَلَى الْأَطِبَّاءِ التَّوَازُنِ بَيْنَ مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ وَ حُقُوقِه وَالْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة، وَهُوَ أَمْرٌ صَعْبٌ لِلْغَايَة. قَرَارَات الْبَيواثِيقًا فِي الْمُسْتَشْفِيَّات تَتَطَلَّبُ التَّوَازُنِ بَيْنَ الْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة وَالْقَانُونِيَّة وَالطِّبِّيَّة وَالِإحْتِيَاجَات الْإِنْسَانِيَّةِ. وَتَتَضَمَّنُ هَذِهِ القَرَارَاتُ مَوَاضِيع حَسَّاسَة مِثْل إنْهَاء الْحَيَاة وَالْمُوَافَقَة الطِّبِّيَّة وَتَخْصِيص الْمَوَارِد الْمَحْدُودَة وَ التَّعَامُلُ مَعَ حَالَات الْأَطْفَال. وَتُعْتَبَرُ هَذِهِ القَرَارَاتُ صَعْبَة وَ شَائِكَة بِسَبَبِ تَدَاخُل الْعَوَامِل الْأَخْلَاقِيَّة وَالْقَانُونِيَّة وَالْإِنْسَانِيَّة فِيهَا. وَ يَتَطَلَّب إتِّخَاذِهَا خِبْرَة وَ حِكْمَة وَتَوَازُن دَقِيق بَيْنَ مُخْتَلِفِ الِإعْتِبَارَات الْمُتَنَافِسَة.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي فَلْسَفَةِ الِإخْتِلَاف
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : رِهَان الدِّرَاسَات المُسْتَقْبَلِ
...
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَحَدِّيَات الْعَوْلَمَة
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : أَسَاسِيًّات التَّقَدُّمُ
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : إنْتِقَادَات مَا بَعْدَ الْحَدَاثَة
...
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَسَاؤُلَات الْحَدَاثَةِ
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَشْكِيلَات الْحَضَارَةُ
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْمَنْظُور الْفَلْسَفِيّ التَّارِي
...
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق: رَمَزَيات الْمَيثولُوجْيَا
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق: جُذُور الْمُعْتَقَدَات السِّحْرِيَّة
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : تَجَاوُزَات الْأَيْدُيُولُوجِيَّا
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي الْحِكْمَةِ الْغَنُوصِيَّة
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق فِي الْحِكْمَةِ الْهَرْمُسِيَّة
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق؛ مَبَاحِث الْآكْسِيُّولُوجْيَا
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق؛ إشْكَالَيْات الْكُوسْمُّولُوجْيَا
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق فِي سِيَاقِ الثَّيُولُوجْيَا
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق؛ تَصَوُّرَات الِأنْطولُوجْيَا
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق؛ مُقَارَبَات الإِبِسْتِمُولُوجْيَّا
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق فِي الْفَلْسَفَةِ الْمَادِّيَّةِ
المزيد.....
-
-محتوى بعيد عن الإسفاف والبلطجة-.. ياسمين عبدالعزيز سعيدة بـ
...
-
متحدث باسم المفوضية الأوروبية عن رسوم ترامب الجمركية: ردنا س
...
-
متحدث حكومي يعلق لـCNN على ما قاله ترامب لولي عهد البحرين عن
...
-
-للسيطرة على مساحات واسعة-.. إسرائيل تعلن توسيع عمليتها العس
...
-
قاذفة أمريكية ثانية تصل الشرق الأوسط، وقاعدة دييغو غارسيا في
...
-
ما وراء الهجوم الإسرائيلي على رفح قرب الحدود المصرية؟
-
فيتسو: أسعار الغاز في أوروبا لن تشهد انخفاضا إلا في حال استئ
...
-
موسكو: التهديد بقصف البنية التحتية للطاقة النووية في إيران م
...
-
من الفصول الدراسية إلى قفص الاتهام.. فضيحة جنسية لمعلمة في م
...
-
تنسيق لضمان انسيابية العبور.. أول اتصال بين الدبيبة وسعيد ب
...
المزيد.....
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
المزيد.....
|