حناظل فلسطين في يومهم العالمي: أطفال فلسطين تحت القصف والاستهداف

حسام كناعنة

الحوار المتمدن-العدد: 8299 - 2025 / 4 / 1 - 11:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

إنّ واقعَ الأطفال في فلسطين اليوم، في ظلّ حرب الإبادة المستمرّة، أقلّ ما يُقال عنه إنّه واقعٌ مأساوي وكارثي، فالأطفال يتحمّلون وطأة الحرب بشكل مباشر، وذلك لاستهدافهم المتعمّد، كما تُشير إلى ذلك التقارير الدولية المختلفة ؛ والاحتلال، باستهدافهم، فإنّه يحاول، سُدىً، القضاء على مستقبلِهم، وبالتالي على مستقبل الشعب الفلسطيني وعلى آماله في التحرير والحرّيّة.
إنّ حصيلة الشهداء من الأطفال، وِفقًا لوزارة الصّحة الفلسطينية، قد تجاوزت 18 ألف شهيد، وهؤلاء ليسوا مجرد أرقام، فكلّ طفل منهم له اسمٌ وعائلة وقصة وحكاية، وله أحلامه وطموحاته، وقد كتبت الطفلة يافا حيدر أبو بركة قبل استشهادها: "أكثر ما يخيفني هو ذكر موتي في استهداف الاحتلال كرقم"، وكتب لاعب كرة القدم، الطفل عمر حسن حلاسة، قبل استشهاده، "سأكون يومًا أهمّ نجم كرة قدم في العالم".
فالأطفال، كبقية الفئات الضعيفة من المجتمع، هم أوّل وأكثر من يُعاني من الآثار المدمّرة لحرب الإبادة الجارية، وويلات الحرب الشرسة تترك آثارًا جسدية ونفسية مدمّرة وطويلة الأمد عليهم، حيث "تشير الدراسات إلى أنّ 96% من أطفال غزّة يشعرون بأنّ موتَهم وشيك" ، مع معاناة العديد منهم من كوابيس ومشاكل سلوكية وعاطفية. وواقع الأطفال اليوم في غزة واقع مرير جدا، في ظلّ تعرّضهم للحرمان من أبسط مقوّمات الحياة، وحرمانهم من حقّهم في اللّعب والترفيه وحرمانهم من التعليم ومن العيش بأمان، مثلهم مثل باقي أطفال العالم، وحرمانهم من العلاج، وهذه الأمور تتفاقم مع عدم الاستقرار وعدم توفّر الأمن والأمان وتجدّد العدوان والمَقتلة؛ حيث ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف": "نحو 100 طفل في غزة يُقتلون أو يتعرضون للتشويه يومياً، خلال الأيام العشرة الماضية" ، وأضافت المنظمة: "إنّ معظم الضحايا أطفال من النازحين الذين لجأوا إلى خيام مؤقتة أو منازل مدمرة". في هذا السّياق، يشير تقرير سابق لمنظمة اليونيسف على أنّ "مليون طفل في غزة يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة وسط انعدام الضروريات الأساسية ويفتقرون إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي" ، وحذرت المنظمة "من أنّ الأطفال في فلسطين يواجهون أوضاعًا مقلقة للغاية، حيث يعيشون في خوف وقلق شديدين، ويعانون من تداعيات حرمانهم من المساعدة الإنسانية والحماية".
الأطفال في فلسطين مُستهدفون بشكل مباشر ومتعمّد من قوّات الاحتلال، ويشكّلون نسبة كبيرة من ضحايا حرب الإبادة المستمرّة، سواءً من الإصابات والتشوّهات الجسدية، ومن التأثيرات النفسية العميقة التي تظهر عليهم بشكل اضطرابات وأعراض نفسية ونفسجسدية، ومشاكل سلوكية، من أعراض اضطرابات الصدمة، حتى فقدان القدرة على الكلام، والانزواء، ومن اضطرابات النوم والكوابيس والتبوّل اللاإرادي وقضم الأظافر والقلق المستمر والتوتّر اليومي والخوف من الابتعاد عن الأهل والخوف من الأصوات العالية ومن الأماكن المفتوحة، عدا عن العصبيّة الزائدة والانفعال لأقلّ الأسباب، وحالات العنف والعدوانية، وظواهر اجتماعية مختلفة، مثل التسوّل والتشرّد، وفقدان الأهل والمُعيل والمأوى، حيث تشير بعض التقديرات إلى وجود أكثر من 17 ألف طفل "غير مصحوب"، كما جاء في تقرير لصحيفة الغارديان ، ورفض العديد من الأطفال العودة لأي شكل من أشكال الدراسة وتفضيل العمل من أجل توفير قوت يومهم ومساعدة العائلة في توفير الاحتياجات الضرورة لبقائها.
من المهم في مثل هذه الظروف أن نقف إلى جانبهم، وعلى الأهل التواجد بالقرب منهم وقضاء الوقت معهم، قدر الإمكان وبما تسمح به الظروف. من المهم أيضًا إعطاء شرعية لمشاعر الأطفال، وإعطائهم مساحة آمنة للتعبير عن هذه المشاعر. لقد أصبح العمل على تعزيز الحصانة النفسية لهم ضرورة ملحّة، عبر جلسات الدعم النفسي الفردي والجماعي، ونستطيع أن نساعدهم في التعبير عن مشاعرهم من خلال الرسم واللعب، ومجموعات الدعم النفسي والمهارات الحياتية، ودمجهم في أنشطة ترفيهية وحلقات تفريغ نفسي، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ذواتهم المتشظية وسط بحر من الأشلاء ومن التوحّش.
رغم هذه الصورة القاتمة فإنّ صور أطفال غزة وهم يدرسون فوق الركام، ويرقصون ويغنّون في مخيّمات النزوح، ويحوّلون العمارات المدمّرة إلى ملاهي للّعب وللمرح، يؤكّد لنا قوّة هؤلاء الأطفال وقدرتهم على الصمود وعلى تحويل الألم إلى أمل.
إنّ أطفال غزة، وأطفال فلسطين، يستحقّون الحياة الكريمة والعدالة.
حسام كناعنة، معالج نفسي.
شكر خاص للزملاء من المركز الفلسطيني للإرشاد، المرشدين والمرشدات العاملين في الميدان في قطاع غزة، وأخصّ بالذكر الزميلة وفاء البع والزميلة نداء الشنطي والزميل أحمد بكير والزميلة براءة ريّان.

The CONVERSITION 2025
موقع عربي 2024
شبكة أجيال 2025
شبكة أجيال 2025
موقع الجزيرة 2024

#حسام_كناعنة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات