أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - رحلة العودة من سوريا إلى بلاد - قسد














المزيد.....

رحلة العودة من سوريا إلى بلاد - قسد


أزاد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8299 - 2025 / 4 / 1 - 00:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن قرار العودة إلى سوريا بعد سنوات من المنفى السياسي في السويد مجرد رغبة في رؤية ما يجري عن قرب، بل كان استجابة طبيعية لنداء الوطن الذي يعيش مخاضًا جديدًا بعد أربعة عشر عامًا من الحرب والصراعات الدموية. كان المشهد الدولي والإقليمي متغيرًا، فبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة والهدنة الهشة بين حزب الله وإسرائيل، فاجأت عملية عسكرية باغتة العالم. قادها أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، تحت مسمى “عملية ردع العدوان”، مستغلًا انهيار بنية النظام السوري العسكرية المنهكة.

طريق العودة… محطة في إقليم كردستان

انطلقت رحلتي من السويد، حيث اجتمعت مع مجموعة من الشباب السوريين في مالمو، وكلنا يحمل حلم العودة إلى الوطن لنشهد التحولات المتسارعة عن كثب. عبرنا إلى أربيل في إقليم كردستان العراق، وكانت المفاجأة الأولى: ذلك الإحساس الدافئ الذي يشبه مدن الجزيرة السورية، وكأننا عبرنا الزمن وعدنا إلى مدننا التي تركناها خلفنا.

خلال أيامنا القليلة هناك، التقينا مستشارًا مقربًا من الرئيس مسعود البارزاني، الذي أثنى على تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، معتبرًا أنها نموذج يمكن البناء عليه لمستقبل سوريا. كان حديثًا يحمل في طياته إشارات سياسية واضحة إلى أهمية الإدارة الذاتية في أي ترتيبات قادمة.

عبور الحدود نحو سوريا الجديدة

مع بزوغ شمس يوم جديد، توجهنا إلى معبر سيمالكا، حيث اصطف المئات من السوريين العائدين، بعضهم يحمل الحنين، وبعضهم يهرب من يأس اللجوء، والبعض الآخر يبحث عن فرصة للمشاركة في إعادة بناء ما دمرته الحرب. الإجراءات الحدودية كانت مرهقة بسبب الأعداد الكبيرة، لكن ما إن عبرنا الجسر المتحرك الذي يفصل إقليم كردستان العراق عن روجافا، حتى تبدل الإحساس، وكأننا عبرنا إلى عالم آخر.

في المعبر، استقبلنا مسؤولون من دائرة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية، بينهم شاب يدعى شيندار، من مدينة القامشلي. شاب في مقتبل العمر، لكنه يحمل مسؤولية تفوق سنوات عمره. بعد استقبال حافل في غرفة رئيس المعبر، تم إنهاء الإجراءات، وانطلقنا إلى بيت الضيافة في عامودا، حيث سنبدأ جولتنا السياسية على مؤسسات الإدارة الذاتية.

بين فرحة العودة وألم الواقع

في عامودا، شعرت أنني بين أهلي وناسي، لكن مشهد الحياة اليومية لم يكن خاليًا من الألم. رغم الحصار الاقتصادي والقصف التركي المتكرر، كان الناس يبتسمون. أطفال يلعبون، وشباب يناقشون المستقبل، وكبار السن يروون قصص الصمود. كان هناك جنود بعمر الورد يحملون الكلاشينكوف، ليس فقط لحمايتنا، بل لحماية أنفسهم من أي خطر، فقدوم عهد جديد في سوريا لا يعني أن الإرهاب انتهى.

الرقة: من عاصمة لداعش إلى مركز للحياة

في الصباح الباكر، توجهنا إلى الرقة، المدينة التي كانت حتى وقت قريب عاصمة للإرهاب في سوريا، لكنها اليوم تحولت إلى قلب سياسي واقتصادي للإدارة الذاتية. في الطريق، كنت أنظر من النافذة إلى الناس، أرى فيهم إرادة الحياة رغم الفقر والصعوبات. في كل وجه كنت أراه، لمحت جنديًا غير مسلح يحارب من أجل البقاء.

في مقر الرئاسة التنفيذية للإدارة الذاتية في الرقة، كان لنا اجتماع مع الرئيس المشترك، حيث ناقشنا سبل إعادة الإعمار، وتحسين الخدمات، وبناء نموذج ديمقراطي يليق بالسوريين. لم تكن النقاشات خالية من الاختلافات في وجهات النظر، لكن المشترك بيننا كان أكبر: سوريا التي نحلم بها جميعًا.

بعد ذلك، التقينا قيادة مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، حيث استقبلنا حسن محمد علي وبيريفان خالد. قدم لنا حسن محمد علي تحليلًا دقيقًا للوضع السياسي الراهن، محذرًا من التحديات المقبلة، لكن بروح متفائلة بأن المشروع السياسي للإدارة الذاتية يمكن أن يكون ركيزة في مستقبل سوريا.

الرقة تنهض من تحت الركام

بعد الاجتماعات، جلت في شوارع الرقة. هنا، حيث كان دوار النعيم شاهدًا على جرائم داعش، عادت الحياة إليه. الأسواق تعج بالناس، المحلات التجارية تنبض بالحركة، والمطاعم والمقاهي ممتلئة بالزوار. إنه مشهد سوري بامتياز: إرادة لا تموت، رغم الحروب والحصار.

أدركت حينها أن السوريين لا ينتظرون أحدًا لينقذهم، إنهم يصنعون مستقبلهم بأيديهم، حجارة فوق حجارة، وفكرة تلو الأخرى. الإدارات المحلية، رغم كل التحديات، تحاول خلق نموذج حكم مختلف، والسكان يواصلون حياتهم، رغم القصف التركي، رغم العقوبات، ورغم شبح عودة الفوضى الأمنية.

ما بين الغربة والوطن… أيهما المنفى؟

في تلك الليلة، جلست أفكر: هل كانت الغربة في السويد منفى؟ أم أن المنفى الحقيقي هو أن تعيش بعيدًا عن وطنك بينما يتشكل مستقبله دونك؟ في أوروبا، كنت محاطًا بالبيروقراطية والروتين القاتل، بينما في سوريا، رغم كل المصاعب، كانت الحياة نابضة بالحركة.

الفرق كان واضحًا: في الغربة، كنت مجرد رقم في نظام إداري بارد، بينما هنا، كنت إنسانًا وسط أناس يصنعون تاريخهم بأيديهم.

ختام الرحلة… وبداية الحكاية

لم تكن هذه الرحلة مجرد زيارة سياسية، بل كانت إعادة اكتشاف لمعنى الوطن. سوريا التي رأيتها لم تكن مثالية، لكنها كانت حقيقية. شعبها يتحدى كل شيء ليعيش بكرامة. رأيت إرادة لا تهزم، ورأيت أيضًا حجم التحديات.

لكن الشيء الوحيد الذي بقي معي بعد الرحلة هو هذا الشعور العميق بأن السوريين، مهما اختلفت مشاربهم، يريدون بلدًا يتسع للجميع. والتاريخ لن ينتظر المترددين.



#أزاد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “لن نُقصى من وطننا… أنا كوردي ودستوركم لا يمثلني!-
- - ليلة إبادة العلويين: عندما صار القتل طقسًا مقدسًا -
- اتفاق دمشق – القامشلي: واقعية سياسية أم بداية مرحلة جديدة؟
- - مجزرة الساحل: حين ذُبح العلويون على مذبح الكراهية -
- إبادة العلويون 6 و7 آذار… يوم العار والذبح على الهوية
- سوريا للجميع: لا مكان للتهميش أو الإنكار في وطن متعدد الهوية
- “زانيار وتيمور: حكاية الأرض المسلوبة والمقاومة التي لا تموت-
- كوباني: هوية لا تُمحى وتاريخ لا يُزوّر – في مواجهة محاولات ا ...
- لماذا اجتماع جنيف الموسع: نحو رؤى وطنية لسوريا المستقبل
- اجتماع جنيف الموسع للقوى والشخصيات الوطنية نحو سوريا ديمقراط ...
- - حمار بدرجة بروفيسور : عندما يصبح الجهل ذكاءً اصطناعيًا!
- المثقف الاصطناعي: عندما يكتب الذكاء الاصطناعي بدلاً عن الكات ...
- - الطبقية: قيدٌ آخر للاستبداد، متى نحطّمه؟
- “حيث صار الأملُ جريمةً، بَكَتِ المدينةُ حتى تلاشى صوتُها”
- العبودية الحديثة: قصة الدمشقي وفنون التقديم والطاعة
- الكورد : صرخةٌ في وجه التاريخ وهوية متمردة في وجه التهميش
- ماذا بعد انتصار الثورة السورية؟ تحديات المرحلة الانتقالية وغ ...
- “من يحكم سوريا غدًا؟ جدل الشرعية والواقع العسكري”
- هل يفقد الشرق الأوسط أخر مسيحي!
- أكراد سوريا: بين هوية مهددة ومستقبل مجهول


المزيد.....




- فيديو ما قاله ترامب لولي عهد البحرين عن الـ700 مليار.. إعادة ...
- الصين تطلق مناورات عسكرية واسعة النطاق في مضيق تايوان
- الخوف والأمل يجتمعان في قلب الخرطوم المدمّرة
- -إدفع يورو واحدا واشتر منزلا-... إقبال عالمي على عرض مغر لبل ...
- مصر تتجه للاستحواذ على سلاح استراتيجي وسط توتر متزايد مع إسر ...
- الدفاعات الروسية تسقط 93 مسيرة أوكرانية غربي البلاد
- سيناتور ديمقراطي يلقي أطول خطاب في تاريخ مجلس الشيوخ الأمريك ...
- -2 أبريل 2025 يوم التحرر الأميركي-.. ماذا يقصد ترامب؟
- مصر.. فيديو صادم لشخصين يجلسان فوق شاحنة يثير تفاعلا
- مصر.. سيارة تلاحق دراجة والنهاية طلقة بالرأس.. تفاصيل جريمة ...


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - رحلة العودة من سوريا إلى بلاد - قسد