|
الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صارم) /3
محمد علي الشبيبي
الحوار المتمدن-العدد: 8298 - 2025 / 3 / 31 - 19:56
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
بمناسبة الذكرى الـ 91 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي أزف أسمى التهاني للشيوعيين العراقيين وجماهيرهم
سجن الكوت 1948. الشهيد يوسف سلمان يوسف "فهد" سجن الكوت 1948. الشهيد يوسف سلمان يوسف "فهد" مكبلا بالسلاسل وعلى يساره الشهيد حسين الشبيبي "صارم" مكبلا بالسلاسل وعلى يمينه الشهيد زكي محمد بسيم "حازم"
هذه مادة أولية في حلقات عن حياة الشهيد حسين الشبيبي (صارم) ستخضع لبعض التعديلات والتدقيقات والمراجعات لتنظيمها وإخراجها للطبع. سأكون شاكرا لكل من يقدم ملاحظاته الموثقة ومصدرها بهدف التنقيح والإغناء، ويمكنكم مراسلتي على العنوان الالكتروني [email protected] . تأسيس حزب التحرر الوطني: تنفيذا لقرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في اجتماع ايلول 1945 [21]، لتأسيس حزب علني باسم حزب التحرر الوطني ليستوعب العناصر الوطنية التي لم يعد الحزب قادرا على استيعابها بسبب نقص الكادر، كما أن هذا الحزب سيصبح واجهة قانونية لجميع النشاطات الوطنية والجماهيرية والإعلامية التي يرغب الحزب الشيوعي للقيام بها، وسيضم جماهير واسعة من عناصر لم تصبح بعد صالحة أو مستعدة للانتماء الى الحزب الشيوعي السري، والعمل على تهيئتها فكرياً ومعنويا وعمليا للانتماء للحزب الشيوعي، وزجها في النشاط الوطني الجماهيري. بادر الحزب على تأسيس حزب "التحرر الوطني"، وتم تكليف عضو المكتب السياسي حسين الشبيبي بتشكيل هيئة تأسيسية لحزب التحرر الوطني. وتشكلت هيئة تأسيسية برئاسته وضمت كل من سالم عبيد النعمان، محمد حسين ابو العيس، محمود صالح السعيد، محمد علي الزرقة، وعبد الجبار حسون جار الله وآخرين. تألفت معظم هيأة حزب التحرر من رفاق شيوعيين موثوقين لا يخرجون عن توجيهات الحزب. قدمت الهيأة المؤسسة طلب إجازة تأسيس حزب سياسي في 22 أيلول 1945 ، وأرفقت الهيئة التأسيسية برنامج الحزب ونظامه الداخلي. وكان ذلك في أواخر وزارة حمدي الباجه جي الثانية. كان برنامج الحزب متطورا وشاملا مقارنة لبرامج الأحزاب الأخرى التي تقدمت بطلب الإجازة. فتناول بالتفصيل جميع المهام والأهداف الوطنية، فشرح موقفه وفهمه لقضية "الاستقلال والسيادة الوطنية" ، كذلك تناول فهمه لمبدأ "الديمقراطية" ، وتناول مسألة "الوحدة الوطنية" ، ولم يهمل تناوله للقضية الفلسطينية ، وحتى الموقف من الجيش ووطنيته تطرق إليها وشرح نظرته للجيش الوطني. للأسف لا يتوفر بين يدي أي مصدر يتناول برنامج حزب التحرر الوطني، ولكني وجدت أن الراحل عزيز سباهي تناول بعض مواد البرنامج في كتابه "عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي" / الجزء الأول، فاقتبست منه بعض الفقرات حصرتها بين قوسين. كنت آمل أن يبادر رفاق الشهيد بإعادة طبع كتابات رفاقهم الأوائل (فهد، حسين الشبيبي، زكي بسيم، عبد الجبار وهبي، ابو العيس ....) للأسباب التالية: أولا: إحياء لذكراهم وتثمينا لتضحياتهم. ثانيا: لتصبح بتناول اليد كمادة للتثقيف والإطلاع على تاريخ الحزب الشيوعي ومواقفه من المسائل الوطنية في تلك السنوات. ثالثا: لتعرف الأجيال الجديدة طبيعة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كان يعاني منها الشعب في تلك العهود، والحلول التي كان يقدمها الحزب. رابعا: أن في تلك الكتابات دروس وتجارب مازالت لها قيمة في العمل النضالي. خامسا: أرى في كتابات قادة الحزب الأوائل تراث تاريخي يحق لكل شيوعي ووطني غيور ومثقف وطني أن يطلع عليه. ولكن للأسف لم أجد من يهتم بهذا الإرث التاريخي ليعيد نشره !؟ لولا كتابات البعض البسيطة التي تفتقد أحيانا للمصادر. لذلك سأعتمد على ما موجود في مؤلف الراحل عزيز سباهي. أهتم حزب التحرر الوطني في برنامجه على أهمية "الاستقلال والسيادة الوطنية" فخصها في باب منفردة جاء فيها: (يثمن حزبنا، ويضع في مقدمة كل شيء وفوق كل شيء استقلال الوطن العراقي والسيادة الوطنية، ويدعو ويعمل حزبنا من أجل تعديل جميع المعاهدات والاتفاقيات المعقودة بيننا وبين بريطانبا ... بحيث تلغى جميع الاتفاقيات والبروتوكولات التي تفرض علينا بقاء قواعد عسكرية أجنبية أو جيوش أجنبية في بلادنا وتفرض امتيازات عسكرية وسياسة اقتصادية وغيرها. إن حزبنا يؤمن بحق كل شعب بتقرير مصيره، وعلى هذا الأساس، يعترف لجميع الشعوب المجاورة والبعيدة بحقها الكامل في الحرية والاستقلال وبحقها في الدفاع عن هذا الحق) [22]. كذلك أولى برنامج حزب التحرر الوطني أهمية كبيرة للديمقراطية، لأن توفرها شرط أساسي من شروط الاستقلال والتطور الاقتصادي والسياسي في حياة المجتمع، فخصها في المادة الثانية في برنامجه، وجاء فيها: ( المبدأ الديمقراطي: يدعو حزبنا ويعمل في سبيل نظام الحكم الديمقراطي الذي يتناسب ومرحلة قطرنا التاريخية ضمن التطور العالمي الراهن باعتباره الوسيلة الوحيدة لتطمين رغبات وطموح شعبنا للتقدم الاجتماعي والعمراني. إننا ندعو ونعمل من أجل رفع مخلفات الحكم البائد والقوانين والنظم العشائرية المكتوبة والمحفوظة، وإلغاء القوانين العثمانية والهتلرية التي لا تلائم وضعنا ولرفع القوانين الاستثنائية وجميع القوانين التي تمنع أو تحد من ممارسة الشعب للحريات الشائعة في الاقطار الديمقراطية الكبرى. يدعو حزبنا ويعمل من أجل حقوق الشعب الانتخابية وتوسيعها وجعلها حرة، وعلى درجة واحدة، وشاملة لجميع البالغين، من أجل برلمان تتمثل فيه سلطة الشعب الحقة، من أجل حكومة تستند الى أكثرية هذا البرلمان وتعمل لمصلحة الشعب، من أجل جهاز حكومي ديمقراطي نظيف. يدعو حزبنا ويعمل من أجل اهتمام الشعب بانتخاب مجالس إدارية لها حق الأشراف والمراقبة، ويناضل ويدعو الشعب للاهتمام بالمجالس البلدية بحيث ينتخب أعضاؤها جميعهم والرئيس انتخابا حراً غير مقيد باعتبارات اجتماعية أو تملكيه). من الفقرات أعلاه نلاحظ الاهتمام الكبير للحزب بالديمقراطية ووضع أسسها الصحيحة بما يتناسب وحالة تطور القطر والظروف التاريخية التي رافقت التحولات بعد الحرب العالمية الثانية، وما حققته من انتصارات كثير من الشعوب. وأكد البرنامج على ضرورة معالجة القوانين المتخلفة التي تعيق التطور الديمقراطي وتكبله، كقوانين النظم العشائرية وبقايا القوانين العثمانية وغيرها. واهتم البرنامج بالدفاع عن حقوق الشعب الانتخابية من خلال انتخابات حرة تسودها المساواة والتكافؤ، أي إلغاء تقسيم المواطنين الى ناخب أولي وناخب ثانوي [23] كما هو ساري حينها في قانون الانتخابات. كما تناول برنامج الحزب مسألة الدفاع الوطني ، وتطوير الجيش وجعله جيشا عصريا. وتثقيف الجنود وتربيتهم تربية وطنية ديمقراطية، والاعتناء بحياته المهنية في كل النواحي. ومنع الممارسات المهينة والغير لائقة بحق الجنود كالضرب والسجن وغيرها، وخص كل هذا في فقرة ببرنامجه جاء فيها: (3- الدفاع الوطني: يدعو ويعمل الحزب لتقوية جيشنا الوطني وجعله جيشا عصريا وعلى استعداد أبدا للدفاع عن حياض الوطن وكرامة الشعب وسيادته الوطنية، بتزويده بأحدث الآليات والمعدات وبالعلوم والفنون الحربية الحديثة، لتثقيف الجندي وتربيته التربية الوطنية الديمقراطية، للاعتناء بمرتبه وملبسه وغذائه ووسائل تسليته، ويدعو حزبنا ويعمل على رفع الأساليب غير اللائقة التي يعامل بها الجندي كالضرب والسجن والعقاب وما أشبه ذلك). كذلك ركز حزب التحرر في برنامجه على أهمية الوحدة الوطنية والعمل من أجل تحقيقها بين جميع طبقات الشعب وأقسامه التي يهمها استقلال العراق وتقدمه. وبهذا الشأن جاء: (4- الوحدة الوطنية: ويعمل حزبنا من أجل تثبيت الوحدة الوطنية بين جميع طبقات الشعب وأقسامه التي يهمها استقلال العراق وتقدمه وانتصار النظام الديمقراطي فيه، ويرى حزبنا أن حجر الزاوية لبناء هذه الوحدة هو الصداقة والأخوة بين القوميتين الرئيسيتين اللتين يتألف منهما الشعب العراقي، بين العرب والأكراد. صداقة مبنية على أساس الاحترام المتبادل والمساواة التامة في جميع الحقوق السياسية والثقافية والاقتصادية دون تمييز أو تحديد. وكذلك يدعو حزبنا الى الصداقة والأخوة بين العرب والأكراد من جهة وبين الجماعات القومية والجنسية الصغيرة التي تسكن العراق كالتركمان والأرمن وغيرهم والدفاع عن حقوق هذه الجماعات في اللغة والثقافة القومية والمساواة التامة في الحقوق دون أي تمييز أو تحديد). ولم يهمل الحزب الموقف الوطني من النشاط الصهيوني، فخصه في المادة السادسة من البرنامج وجاء فيه: (يرى حزبنا في النشاط الصهيوني الاستعماري خطرا لا يهدد فلسطين فحسب، بل البلاد العربية بأسرها، لأنها عدا كونها حركة استعمارية عنصرية فاشية، فهي في الوقت ذاته أداة رجعية بأيدي الدول الاستعمارية الكبرى وسلاحا تشهره ضد الحركة التحررية العربية، لذلك يدعو حزبنا ويعمل على مقاومة الصهيونية عندنا ويساعد شعبنا العربي في فلسطين ماديا ومعنويا في كفاحه ضد الخطر الصهيوني). أن هذا التشخيص الدقيق للحركة الصهيونية أكدت الأحداث التاريخية على صوابه ودقته، وها نحن اليوم نشاهد ونسمع ما يجري في فلسطين من إبادة جماعية -في غزة- وتهجير وتدمير لكل وسائل الحياة، وكذلك ما يجري في لبنان وسوريا من اعتداءات صهيونية سوف لن تتوقف عند هذه الحدود إذا لم تقف حكومات وشعوب الدول العربية من ذلك موقفا حاسما وواضحا يدين أولا التطبيع المذل، وثانيا الوقوف والمساندة الفعالة والعملية، للقضية الفلسطينية في كل المجالات، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا في ظل حكومات ديمقراطية مستقلة تستند لشعوبها. كذلك تناول برنامج حزب التحرر دعوة الشعوب العربية الى النضال المشترك ضد الاستعمار ومن أجل تحررها. وحثها على النضال لرفع الامتيازات العسكرية والسياسية والاقتصادية التي تتمتع بها الدول الاستعمارية. واهتم حزب التحرر بالوضع الاقتصادي، وأكد على أهمية استثمار ثروات القطر الطبيعية (النفط والرواسب المعدنية والغابات والمياه) لغرض تصنيع القطر، ودعا الى اقامة صناعة وطنية تشمل جميع مرافق الحياة الحيوية واعتبر تطوير الصناعة مهمة وضرورة وطنية. ولم يهمل الحديث عن حقوق العمال في تنظيم نقاباتهم المهنية للدفاع عن مصالحهم. وطالب بالعمل لتحرير العملة العراقية من الارتباط بمصارف لندن وتأسيس مصرف وطني مركزي تحصر فيه العملة العراقية والأموال والودائع العائدة للدولة، ودعا الى تصنيع البلاد من جانب الافراد والجماعات والحكومة ... ودعا إلى النضال ضد الشركات الاحتكارية التي تتحكم بتجارة البلاد وبالنقل البحري. كما عالج المسألة الزراعية ودعا الى حل منصف وموضوعي للأراضي الأميرية، وأهمية معالجة مشكلة الفلاحين التي يجب ان تعالج بإجراءات قانونية من خلال إصلاح زراعي يوفر للفلاحين الأرض كما طالب الحزب بتوزيع الاراضي الأميرية على الفلاحين وتقديم القروض لمساعدتهم. وتحدث عن حقوق الفلاحين في حيازة أرض خاصة بهم وإنقاذهم من استغلال الملاكين والسراكيل، ولكنه لم يتحدث بشيء عن الاستيلاء على الملكيات الكبيرة، لأنه ترك هذا الموضوع للمستقبل، لأنه يرى أن البداية في المطالبة بحيازة الفلاح على أرض وتحريره من استغلال الاقطاع. كان من الضروري أن يعتمد حزب التحرر الوطني على نشر الوعي الوطني بين الشباب وتنظيمهم، لذلك نشطت الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني الى تأليف لجنة طلابية ضمت طلبة من كليات مختلفة منهم عبد الوهاب القيسي وعبد اللطيف السعدي وآخرون وكان يشرف عليها محمد علي الزرقة عضو الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني والمرشح للجنة المركزية. وتوسع نشاط حزب التحرر الوطني في بغداد بحيث شملت تشكيلاته 55 محلة في بغداد ، وكانت هذه اللجنة تنشط الى جانب لجنة طلابية يشرف عليها الحزب الشيوعي ضمت حمزة سلمان عن كلية الحقوق وجاسم حمودي الزيدي عن دار المعلمين العالية وجورج تلو عن كلية الهندسة، وكان يشرف عليها يهودا ابراهيم صديق (عضو لجنة مركزية) [24]. كانت ردة فعل حكومة الباجه جي على تحركات ونشاطات حزب التحرر الوطني وعصبة مكافحة الصهيونية -التنظيمين بإشراف الحزب الشيوعي- بإجراءات قمعية، وبأعذار مفتعلة، فتعرض رئيس هيئة حزب التحرر الوطني حسين الشبيبي للاعتقال بذريعة أن شقيقه الأصغر "محمد علي" له علاقة بنشرات شيوعية [25]! ويروي شقيق الشهيد "علي الشبيبي" الرواية التالية التي تؤكد هذا الاعتقال: [ ... وزجت السلطة العميلة بأخي حسين في التوقيف، حين عثرت شرطتها في غرفة أخينا الأصغر "محمد علي" على حقيبة فيها دفتر نفوس وشهادة جنسية أخي حسين! كان أخي الأصغر إذ ذاك يعمل في نقابة السكك، وكان يقيم في غرفة من بيت للإيجار. وارتأى لأسباب أن ينتقل إلى بيت آخر فاستأجر غرفة في بيت يسكنه عدد من أناس مختلفين. وحدث أثناء نقل حاجاته أن تبعه شرطي سري، ولكن ألقي القبض على الحمال بعد أن أفرغ حمله في داخل البيت لا في الغرفة المخصصة، فدله الحمال على البيت وأجريت التحريات فعثروا على حقيبته دون العثور على ما أدعاه الشرطي، من أن من جملتها كيس فيه نشرات. فوجدوا في الحقيبة دفتر نفوس أخي حسين وشهادة جنسيته بينما اختفى أخي محمد علي فالقوا القبض على حسين]. وكان هذا الاعتقال بتاريخ 11/11/1945 [26] أي بعد أقل من شهرين من تقديم طلب إجازة حزب التحرر -كما يؤكد ذلك شقيق الشهيد في مخطوطاته- ، وأطلق سراحه في زمن رئاسة وزارة توفيق السويدي الثانية (23 شباط - 3 أيار 1946)، حيث أستلم وزارة الداخلية الشخصية الوطنية سعد صالح جريو. وكتب علي الشبيبي "شقيق الشهيد" في ذكرياته ما يلي: [صباح اليوم الثاني. ذهبت إلى الموقف العام لمواجهة أخي، وجدته على علم بالأمر وسلمني مجموعة أوراق في ظرف، لأقدمها إلى وزير الداخلية. وسارعت، وتمكنت أن أحصل الأذن بالدخول. كانت هذه أول مرة أدنو فيها من "سعد صالح" وأكلمه. هنأته وقلت، إنا أرجو أن تتحقق لنا بك الآمال. أخذ المظروف وهو يبتسم. وعلق، لاشك إن حسين قد شرح ظروف القضية الوطنية كلها براسي!. قل له، فيما يخص توقيفه، مكثت في التوقيف ثلاثة شهور، تحمل من أجلي عشرة أيام. حين ودعته توجهت للفندق لأستريح. دق جرس التلفون، أنه أخي! قلت من أين تتكلم؟ - من البيت. إني أنتظرك. يا للفرحة، إن العشرة أيام اختصرت فكانت ساعات!] [27] خلال فترة اعتقال الشهيد في الموقف العام انكب على تأليف كتابه "الاستقلال والسيادة الوطنية" ، وكتب وهو يهدي كتابه: ( الى كل شعب مناضل حر يعضه حر الاستعمار بناره، الى كل شعب يدرك أن لا خلاص من شقائه وجهله وبؤسه وأمراضه إلا بالتحرر من نير الاستعمار، بالكفاح بتفكيك أغلاله وفصم عراه، الى كل شعب حر يدرك أن لا خلاص من الاستعمار، إلا بنشر الوعي الصحيح وبالكفاح وفق نظرية علمية توأم مرحلة تطوره الاجتماعي، أرفع هذه الرسالة) ووقعها بـ: حسين محمد الشبيبي عضو الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني، بغداد، الموقف العام 5/2/1946 [28]، ووضع مقدمته الخالد فهد. وكان هذا الانجاز في المعتقل في الأشهر الاخيرة لوزارة الباجه جي وأنجزه قبل أن يطلق سراحه في زمن وزارة السويدي. عالج الشهيد في كتابه مسألة الاستقلال والسيادة الوطنية من زاوية جديدة على الفكر السياسي في العراق. كما كانت معالجة الشهيد مبنية على التطورات الأخيرة في الحرب العالمية الثانية، حيث انتصارات الجيش السوفيتي وتقدمه وتحرر شعوب الدول الأوربية الشرقية. فلم ينظر الى الاستقلال والسيادة من منظور تقليدي باعتباره مجرد مفهوم سياسي للاستقلال وإنما أكد ارتباط هذا الاستقلال بالديمقراطية الاجتماعية التي تضمن لجميع أبناء الشعب من مختلف فئاتهم وطوائفهم وطبقاتهم الحياة الكريمة والعدالة. كما يرى حسين الشبيبي ان الاستقلال السياسي لا يكتمل من دون تحقيق التطور الجاد في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وهذا لا يتم دون أن يقبض الشعب على زمام السلطة السياسية، وهنا يبرز دور وأهمية الديمقراطية الاجتماعية. ويربط الشهيد موضوعه بنتائج الحرب العالمية الثانية واندحار الفاشية وتحقيق معظم شعوب أوربا استقلالها والتحرر من التدخلات الاجنبية وتطهير بلدانها من الفئات الرجعية التي تعرقل تقدمها وازدهارها. ويؤكد على أهمية السلام بين الشعوب لضمان الاستقلال الوطني. كما أكد على أهمية الوحدة الوطنية والعلاقة الجدلية بينها وبين الاستقلال الوطني. ويتحدث عن العلاقة ما بين الديمقراطية والتحرر من القيود الاستعمارية، فلا ديمقراطية بوجود الاستعمار وقيوده. ويربط الشهيد في مؤلفه "الاستقلال والسيادة الوطنية" بين اندحار الفاشية عسكريا وسياسيا وفكريا وعلاقة ذلك بمفهوم حق الشعوب في تقرير مصيرها، فيكتب: ( أن تقرير المصير يبدأ حيث ينتهي حل القضية الوطنية حلا حاسما يقضي على جميع الجذور المادية والفكرية، الاقتصادية والسياسية، التي تعرقل تقدم الشعوب وازدهارها في جميع نواحي حياتها. أن الشعوب خاضت الحرب في كل البلدان على أساس حماية استقلالها والقضاء على كل تدخل أجنبي في شأنها، وتطهير بلادها من العناصر والفئات الرجعية التي لا تفكر بالمصالح الشعبية ولا تعمل للكرامة القومية، للتخلص من الانظمة البالية التي تعرقل تقدمها ورفع مستواها، وتغير اسلوب حياتها تغيرا جوهريا الى حيث رفاهها وسعادتها، والتخلص من كل ما يعيق نشاطها السياسي ويحد من حرياتها الديمقراطية وازدهارها الاقتصادي، التخلص من اضطهادها القومي والفروق العنصرية وكل ما يعرقل وحدتها الوطنية، والتخلص من النفوذ الاستعماري والاستثمار الامبرياليستي ونهب ثرواتها الوطنية) [29]. كما يرى الشهيد أن الاستقلال الوطني يتطلب العمل بلا كلل لتحقيق الوحدة الوطنية بين جميع شرائح الشعب وفئاته، ويؤكد على أهمية الوحدة والأخوة بين القوميتين العربية والكردية على أن تكون هذه الوحدة مبنية على اساس الاحترام المتبادل والمساواة في جميع الحقوق. يـــــتــــــــــــــــــــــــــــــــبــع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [21]- عزيز سباهي. عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي. الجزء الأول، الطبعة الأولى، صفحة 282. [22]- كما سبق و ذكرت ، جميع الفقرات المحصورة بين قوسين حول برنامج حزب التحرر مصدرها كتاب الراحل عزيز سباهي "عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي" الجزء الأول، الطبعة الأولى 2002. صفحة 285-288، إلا إذا أشرت الى خلاف ذلك. [23]- من فقرات القانون الانتخابي في ذلك العهد تقسيم الناخبين الى درجتين، ناخب أولي وآخر ثانوي! الناخب الثانوي لا ينتخب مباشرة اعضاء مجلس النواب، وإنما ينتخب ممثلين له (ناخب أولي) والناخب الاولي هو من ينتخب أعضاء مجلس النواب. [24]- عزيز سباهي. عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي. الجزء الأول، الطبعة الأولى، صفحة 275- 276. [25]- عزيز سباهي. عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي. الجزء الأول، الطبعة الأولى، صفحة 289. [26]- الرائد علي محمد الشبيبي/ ذكريات التنوير والمكابدة / تأليف وتحقيق ومراجعة محمد علي الشبيبي. دار المدى، الطبعة الثانية سنة 2021، موضوعة "بداية الطريق" صفحة 353، كما ثبت شقيق الراحل علي الشبيبي تاريخ الاعتقال في مخطوطات أخرى. [27]- الرائد علي محمد الشبيبي/ ذكريات التنوير والمكابدة / تأليف وتحقيق ومراجعة محمد علي الشبيبي. دار المدى، الطبعة الثانية سنة 2021، موضوعة "بداية الطريق" صفحة 360. [28]- عزيز سباهي. عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي. الجزء الأول، الطبعة الأولى، صفحة 295 . [29]- عزيز سباهي. عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، الجزء الأول، الطبعة الأولى. صفحة 296 .
#محمد_علي_الشبيبي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صارم)*/2
-
الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صارم)*/1
-
خطاب الشهيد حسين الشبيبي في قاعة الفارابي يوم 10/12/1946
-
الاعتقال الأخير ومحاكمات الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صار
...
-
الاعتقال الأخير ومحاكمات الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صار
...
-
انقلاب 8 شباط 1963 الدامي! الحلقة الثالثة
-
انقلاب 8 شباط 1963 الدامي! (الحلقة الثانية)
-
انقلاب 8 شباط 1963 الدامي! (الحلقة الأولى)
-
رحيل الروائي والقاص عبد الرحمن مجيد الربيعي
-
يوم المعلم
-
مقدمة (كشكول سجين)
-
المخبر السري!؟
-
على القبر في يوم الشهيد الشيوعي
-
انقلاب 8 شباط 1963 الدموي/ قلوب تحترق!
-
انقلاب 8 شباط 1963 الدموي/ الحلقة الثالثة
-
انقلاب 8 شباط 1963 الدموي/ الحلقة الثانية
-
انقلاب 8 شباط 1963 الدموي
-
الصدر وحكومة الأغلبية!؟
-
تساميت أيار
-
الشهيد الخالد حسين الشيخ محمد الشبيبي ثائراً وشاعراً
المزيد.....
-
رسالة جديدة من أوجلان إلى -شعبنا الذي استجاب للنداء-
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 31 مارس 2025
-
حزب التقدم والاشتراكية ينعي الرفيق علي كرزازي
-
في ذكرى المنسيِّ من 23 مارس: المنظمة الثورية
-
محكمة فرنسية تدين زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في قضية ا
...
-
القضاء الفرنسي يدين زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان باختلاس
...
-
م.م.ن.ص// في ذكرى يوم الأرض: المقاومة وجرح الكون النابض
-
محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ضي
...
-
في ذكرى يوم الأرض: شعب يستشهد محتضنا أرضه لن يُهزم
-
مسيرات بإسبانيا تضامنا مع فلسطين بذكرى يوم الأرض
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|