ترامبيزم-: كيف تحول ترامب لأكثر من مجرد لحظة سياسية عابرة؟

ياسر مكوار

الحوار المتمدن-العدد: 8298 - 2025 / 3 / 31 - 19:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تهديدات مباشرة اتجاه المكسيك وكندا، ووعود بحروب تجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي، وقرارات تنفيذية مثيرة للجدل، وندوة صحفية مشحونة مع الرئيس الأوكراني، هكذا دشن ترامب عهدته الجديدة على رأس البيت الأبيض بمزيد من إثارة الجدل.
ظلت ظاهرة ترامب محط جدل دائم، إذ صنف من طرف البعض مجرد ظاهرة صوتية شعبوية، تشكل امتدادا لليمين الأوربي بصيغة أمريكية، بينما يرى البعض الأخر خاصة الأكاديميين والمتخصصين، أن ترامب يجب أن يؤخذ على محمل الجد واعتبروه ظاهرة تستحق الدراسة إذ صيغ مفهوم "الترامبية" أو الترامبيزم" كمفهوم جديد داخل العلوم السياسية.

الترامبيزم : هل نحن أمام إيديولوجيا متكاملة؟

حاولت مجموعة من الدراسات البحث عن جذور الفكر الترامبي"، فحسب دراسة للصحفي والكاتب Olivier Postel ، يعتبر الفكر "الترامبي" بمثابة تجمع من الأفكار التي تشمل الشعبوية، والعداء تجاه النخب، والقومية المتطرفة، والسمات الاستبدادية، خلال معارضة المركزية في السلطة والنخبة الفكرية.
وبحسب الدراسة، فإن الجذور التاريخية لشعار "أمريكا أولاً" مثلا ، الذي استخدمه ترامب تعود إلى عقد العشرينيات من القرن الماضي، إذ ارتبط بحركات محلية مناهضة للمهاجرين، كما تم إحياء هذا الشعار في التسعينيات عبر تقاليد المحافظين القدماء
وبالإضافة إلى التعريف السابق، حاولت مجموعة من الدراسات استنباط مجموعة من ال في مقاله نشره على مجلة السياسة الخارجية" يحاول أستاذ العلوم السياسية Martin’’ Quencez’’، الإجابة على السؤال التالي، هل أمام ظاهرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تظهر حدود العلوم السياسية.
ويضيف مارتن، أن الطريقة الفوضية التي يدير بها ترامب إدارته تجعل من التحليل السياسي تحدي بالنسبة لصاحبه، لكن استراتيجية ترامب تنتمي في المجمل إلى استراتيجيات ومتعددة طويلة المدى، من بين هذه الاستراتيجيات:
"الشخصية الكاريزمتازية": وهي شخصية تثير الانتباه بخطابها وشخصيتها، والتي تستثمر في التراجع الذي تعرفه النخب السياسية التقليدية.
المحافظة متعددة الأبعاد: إذ أن شعبوية ترامب تختلف عن الشعبويات اليمينية المعروفة بأوروبا، حيث تجمع ما بين الشعوبية المتأثرة بالأفكار اليمينية واليسارية على حد سواء.
التقاطبية: إذ يخلق ترامب تقاطبية شديدة على مستوى الرأي العام، وهو ما يتضح من خلال القرارات التي اتخذها دونالد ترامب خلال ولايته الأولى أبرزها إلغاء السياسات الصحية خلال فترة أوباما والقوانين المتعلقة بالهجرة، مما يخلق تقاطبية كبيرة على مستوى الرأي العام.
صعوبة تصنيف الفكر الترامبي على المستوى الإيديولوجي والاقتصادي، لا تعني الغياب الشبه الكلي لنسق فكري منظم لدى ترامب، فترامب لن يخرج عن الحمائية على المستوى الاقتصادي، ولن يكيف خطابه بشكل أكثر دبلوماسية ما يمكن اعتبارها أفكار ترامب الثابتة، لكن فكره يظل فكر متفاعل أكثر من كونه فكر منظم.
في حين يحاول البعض تحليل الخصائص التي يمتاز بها فعل ترامب وخطابه السياسي، يرى البعض أن الترامبيزم ليس سوى رد فعل على فشل المنظومات "الديمقراطية الليبرالية" سواء في أوروبا أو في الولايات المتحدة، إذ يحاجج أصحاب هذا الاتجاه بأن دونالد ترامب قد عكس مجمل ما تقوم به عليه هذه المنظومات، من قبيل انتقاد المنظمات الدولية واتخاد قرارات بالخروج منها، أو نقض اتفاقات التبادل الحر التجارية، بالإضافة إلى قضايا الهجرة والتي تعاملت معها الأحزاب ذات الاتجاهات الليبرالية واليسارية بشكل أكثر مرونة، أدى بحسب البعض إلى تصاعد المشكلات المرتبطة بها.

الفيودالية التقنية

ومن الخصائص المستجدة في حقبة ترامب الجديدة، والتي يمكن إضافتها إلى ما سبق، ما اصطلح عليه "بالفيودالية التقنية"، وذلك بعد ما ضم ترامب لإدارته مجموعة من أصحاب شركات التكنولوجيا العالمية، على رأسهم إيلون ماسك.
ويشير مصطلح الفيودالية التقنية، إلى السياسي والمفكر اليوناني يانيس فاروفاكيس ، ويمكن اختزاله في التحالف الموجود بين نخبة تقنية وأخرى سياسية، لأجل هيمنة تحول مستخدمي التكنولوجيا إلى شبه عمال "فيوداليين" بالمنطق القديم، الفرق مع الإقطاع هو أن العمل فيه منظم على نطاق فردي اليوم يتم التنشئة الاجتماعية للعمل من خلال المنصات على نطاق عالمي.
وفقًا ليانيس فاروفاكيس صاحب المصطلح، فإنه على الرغم من أن رأس المال مرئي في كل مكان، إلا أن الرأسمالية كنظام اقتصادي لم تعد تحكم مجتمعاتنا، فالأسواق والأرباح، ركائز النظام القديم، تهيمن عليها الآن منصات مثل أمازون. لم تعد هذه الشركات تسعى إلى تعظيم الأرباح من خلال السوق، ولكنها تستحوذ على الإيجارات، لا سيما من خلال البنية التحتية الرقمية.

يقودونا التحليل الذي قدمناه في هذا المقال إلى استنتاج رئيسي، مفاده ضرورة إعادة قراءة "الترامبيزم" كنسق فكري ينبغي التعامل معه بجدية، وتجاوز حالة الاستخفاف التي تعامل معها البعض مع ترامب، كحالة شعبوية" وظاهرة صوتية عابرة، إذ بات "ترامب" تهديدا حقيقيا للنظم والأشكال الديمقراطية.

#ياسر_مكوار (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات