أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد الكفائي - تعرفات ترامب تثري الأثرياء وتفقر الفقراء














المزيد.....

تعرفات ترامب تثري الأثرياء وتفقر الفقراء


حميد الكفائي

الحوار المتمدن-العدد: 8298 - 2025 / 3 / 31 - 10:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



السياسات الانعزالية التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليست جديدة، فقد كانت سائدة في العالم في القرون الماضية، لكنها تقلصت واختفت في النصف الأول من القرن العشرين، بعدما أدركت دول العالم ضررها بالاقتصاد العالمي، لأنها ترفع الأسعار وتكاليف الإنتاج، وتجعل حياة الناس صعبة، خصوصاً ذوي الدخل المحدود.

لكن هذه السياسة، التي تجاوزها الزمن، وتؤدي إلى إفقار الناس في الدول المصدرة والمستوردة على حد سواء، تعود في القرن الحادي والعشرين، ليس لأنها مفيدة، بل لأنها تخدم الأغنياء عبر حماية منتجاتهم من المنافسة، ولأن تفكير الذين أعادوها لا ينتمي إلى العصر الحديث، بل إلى قرون خلت.

في عام 1930، تقدم السناتور الجمهوري ريد سموت، والنائب الجمهوري ويليس هولي، بمشروع قانون لفرض التعرفات على المنتجات الزراعية. وبعدما أجازه الكونغرس، وقَّعَه الرئيس هيربرت هوفر، رغم مطالبة أكثر من ألف عالم اقتصادي أميركي الرئيس بإيقاف القانون، إذ توقعوا أنه سيُحدث أضراراً فادحة بالاقتصاد الأميركي.

وكانت النتيجة اندلاع حرب تجارية بين أميركا وكندا وأوروبا، تسببت في تفاقم الكساد العظيم، الذي عانى منه العالم وترك آثاراً مدمرة على الاقتصاد العالمي.

رئيس الوزراء الكندي آنذاك مَكنزي كينغ، رد بفرض تعرفات مماثلة على الواردات الأميركية، بينما خفَّض التعرفات على دول الإمبراطورية البريطانية. ورغم ذلك، صوَّت الناخبون الكنديون المستاؤون من فرض التعرفات، لحزب المحافظين، وأخرجوا كينغ وحزبه الليبرالي من السلطة.

المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية عام 1932 فرانكلين روزفلت، وصف تعرفات الرئيس هوفر بأنها "أسلاك شائكة منيعة تفرِّق بين أميركا وحلفائها". لقد ألحقت تلك التعرفات أضراراً فادحة بالاقتصاد الأميركي، ما أدى إلى خسارة هوفر في الانتخابات لصالح روزفلت، الذي سارع في اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيفها، وبقي رئيساً لأربع دورات، حتى مماته عام 1945.

تعرفات ترامب الحالية ستكون أخطر على الاقتصاد الأميركي والعالمي من تعرفات هوفر، وخصوصاً أن ترامب سيبقى رئيساً حتى عام 2029، لكن المؤمل أن يفوز الديموقراطيون في الانتخابات النصفية في تشرين الثاني / نوفمبر 2026، وقد يتمكنون من إعاقة إجراءاته أو تخفيفها، رغم أنه يعمل عبر الأوامر التنفيذية، وليس القوانين التي يشرعها الكونغرس.

الهدف المعلن من التعرفات، حسب ادعاء ترامب، بأن العالم يستغل أميركا، وقد آن الأوان لأن يتوقف هذا الاستغلال وتعود الأموال إلى أميركا، بدلاً من أن تتمتع بها شعوب العالم الأخرى، وأن أميركا يمكنها أن تنتج ما تحتاجه بنفسها وتوفر الوظائف لشعبها، وتبعد الأجانب عن أرضها لأنهم حلّوا محل سكانها وأفقروهم.

كل هذه التبريرات تبدو منطقية للناخب العادي، لذلك صوَّت ملايين الفقراء لدونالد ترامب، لأنه "يقدِّم مصالح أميركا على مصالح الدول الأخرى"، ولأنه "يريد إبعاد 13 مليون عامل أجنبي، كي يوفر الوظائف للأميركيين العاطلين عن العمل"، ولأنه أيضاً "رجل سلام يسعى لتجنيب العالم حرباً عالمية ثالثة"!

لقد صدّق الناخبون بهذه التبريرات، دون الالتفات إلى سجل ترامب السابق وادعاءاته الكثيرة التي اتضح بأنها أكاذيب، وأهملوا إدانات المحاكم الأميركية له، البالغة 34إدانة بتهم جنائية، ما جعله أول رئيس أميركي يدخل البيت الأبيض وهو مدان قضائياً!

لم ينتبه الفقراء إلى أنهم سيكونون أول المتضررين من هذه الإجراءات، فالتعرِفات الجمركية ترفع أسعار المنتجات المستوردة، خصوصا الصينية، التي يلجأ إليها المستهلكون محدودو الدخل لانخفاض أسعارها.

الشركات الأميركية المهاجرة، التي يقول ترامب وطاقمه إنها ستعود إلى أميركا وتنشئ مصانع توظف فيها الأميركيين، لن تهرع عائدة إلى الولايات المتحدة، لعدة أسباب، الأول أن عودة الشركات لن تكون سهلة، فبناء المصانع يستغرق سنوات عدة، والثاني أن تكاليف الإنتاج في أميركا عالية، والعمال الأميركيون لا يقبلون بالأجور المنخفضة التي يقبل بها المكسيكيون أو الصينيون، بينما هناك مناطق أخرى أقل تكلفة في العالم يمكن أن تهاجر إليها الشركات، والثالث أن هناك أسواقاً أخرى يمكن أن تكون أكثر ربحاً من الأسواق الأميركية.

إضافة إلى ذلك فإن الصادرات الأميركية سوف تتأثر أيضاً، لأن الدول المتضررة سوف تفرض تعرفات معاكسة، وقد ترد الولايات المتحدة بمزيد من التعرفات. المشكلة المعقدة التي تخلفها تعرفات ترامب هي الغموض وعدم اليقين في الأسواق المالية والتي يبدو أنها لا تُقلِق الرئيس كثيراً، بينما لا يجرؤ مساعدوه ووزراؤه على الاعتراض، حتى الذين عُرفوا بخبرتهم المالية، كوزير الخزانة سكوت بيسنت، بل صاروا يصرّحون بما يرضي ترامب، وعكس ما كانوا يقولونه سابقاً. كان بيسنت مديراً لصندوق تحوّط، وكان المستثمرون يثقون بمعلوماته، لكنه الآن انسجم مع سياسة الرئيس، ويقول إن تدني أسعار الأسهم ليس سيئاً بل هو "تصحيح ضروري"!

هل سيمضي ترامب في هذه السياسة حتى النهاية؟ ظني أنه سيتراجع بعدما يرى فداحة الأضرار التي تخلفها، كارتفاع معدل التضخم والبطالة، وردود الأفعال السلبية للأسواق، وتدني شعبية الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية.



#حميد_الكفائي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسات ترامب مدمّرة لأميركا قبل أوروبا!
- أوروبا الحائرة بين ضغوط أميركا وتهديدات روسيا ومنافسة الصين
- مجموعة بريكس: تحالف استراتيجي أم منتدى للحوار؟
- أين موقع العراق في صراع الشرق الأوسط؟
- إبراهيم الحيدري عاش بسموّ ورحل بهدوء
- لا عطلة في الإسلام... والعُطَل الرسمية ظاهرة عصرية
- كي لا تتحول الديموقراطية الكويتية إلى عبء على الدولة
- السّلم العالمي مهدّد بينما الحلول غائبة
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
- دورة السياسة البريطانية تتجه يسارا
- جو بايدن.. الحالم الذي لم تُبدد حلمَه النوائب
- التعاون لا يلغي التنافس بين الدول العصرية
- هل تصمد اقتصادات الشرق الأوسط أمام تحديات الحروب؟
- هل تغير مفهوم السيادة؟ أم النظام الدولي يتداعى؟
- العراق يسير نحو الهاوية والحكومة تتفرج!
- أيُّ مستقبل ينتظر العالم في عام 2024؟
- ما الذي يجمع الأرجنتين والعراق وفنزويلا؟
- في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان...
- الحرب على التضخم بين الإقلاع والهبوط!
- لماذا استعان غوتَيرَش بالمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة؟


المزيد.....




- رسوم ترامب الجمركية ستُعلن قريبًا في -يوم التحرير-.. إليكم م ...
- أمريكا تعاقب شبكة متهمة بإرسال أسلحة وحبوب أوكرانية مسروقة ل ...
- روته: دول -الناتو- زوّدت كييف بأسلحة بقيمة تجاوزت الـ20 مليا ...
- الجزائر ـ الكاتب بوعلام صنصال يستأنف الحكم بسجنه خمس سنوات
- مصادر طبية فلسطينية: 63 شهيدا في غارات إسرائيلية على قطاع غز ...
- مباحثات مصرية أردنية حول جهود القاهرة والدوحة للتهدئة في غزة ...
- الكويت تبدأ أولى جولات قطع الكهرباء في 2025
- إعلام: 50 ألف يمني محرومون من الماء بسبب الغارات الأمريكية
- هوس العناية بالبشرة بين المراهقات.. مخاطر خفية وراء المنتجات ...
- روته: لم نناقش الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد ...


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد الكفائي - تعرفات ترامب تثري الأثرياء وتفقر الفقراء