أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الفتلاوي - الفاشنيست الدينية: حين يتحول الخطاب المقدس إلى سلعة رقمية..














المزيد.....

الفاشنيست الدينية: حين يتحول الخطاب المقدس إلى سلعة رقمية..


عقيل الفتلاوي
صحفي وباحث

(Aqeel Al Fatlawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8298 - 2025 / 3 / 31 - 11:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في زمن تحولت فيه الشاشات الصغيرة إلى منابر جديدة، لم يسلم الخطاب الديني من تحولات العصر الرقمي الغريبة. فبين حسابات تقدم المحتوى الديني بعمق ومسؤولية، تطل علينا وجوه جديدة تحولت فجأة إلى "خبراء" في الشؤون الدينية، ليس بدافع الوعظ أو الإرشاد، بل بحثًا عن الشهرة الضائعة أو التفاعل المفقود. هؤلاء ليسوا سوى وجوه جديدة لظاهرة مثيرة للقلق: "الفاشنيست الدينيون"، الذين يستخدمون الدين كأداة لتجديد شعبيتهم بدلًا من اعتباره رسالة أخلاقية ودينية.
ما يلفت النظر في هذه الظاهرة هو ذلك التحول المفاجئ الذي يطرأ على شخصيات كانت تعتمد في السابق على المحتوى الترفيهي أو الإثاري، ثم تلبس فجأة عباءة الدين، وكأنها اكتشفت طريقًا مختصرًا لاستعادة المتابعين. فهم لا يقدمون خطابًا دينيًا متزنًا، بل يختارون بعناية ما يثير الجدل أو يلمس العواطف، تمامًا كما يفعل أي مسوق محترف. الدين هنا لم يعد رسالة سامية، بل أصبح "ترندًا" يُتبع، ووسيلة لتحقيق الشهرة، تمامًا كما تُستخدم الأزياء أو الموسيقى في حملات التسويق.
لكن الخطر الحقيقي يكمن في الطريقة التي يتم بها تسطيح المفاهيم الدينية وتشويهها لتتلاءم مع رغبات الجمهور. فبدلًا من تقديم الفكر الديني في سياقه الصحيح، نجد بعضهم يختزل الدين في عبارات جذابة أو مقاطع مؤثرة مصحوبة بموسيقى درامية، وكأن الإيمان مجرد مشاعر عابرة يمكن اختزالها في دقيقة أو دقيقتين. والنتيجة؟ تحول الدين إلى مجرد "بضاعة" تُعرض في سوق الميديا، حيث تُقاس قيمته بعدد المشاهدات وليس بأثره على النفوس.
ولا يقتصر الأمر على الابتذال العاطفي، بل يتعداه إلى صناعة الفتاوى المثيرة للجدل، أو تبني مواقف متطرفة فقط لاجتذاب الانتباه. فبعض هؤلاء "الفاشنيست" لا يترددون في خوض معارك وهمية، أو اختلاق صراعات دينية لا وجود لها، كل ذلك من أجل البقاء تحت الأضواء. وفي خضم هذا الصراع الرقمي، يضيع جوهر الدين، ويتحول إلى أداة للصراع بدلًا من أن يكون عاملًا للوحدة والصلاح.
ولكن، هل يمكن إلقاء اللوم كله على هؤلاء؟ الحقيقة أن الجمهور يتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية. فلو لم يكن هناك إقبال كبير على هذا النوع من المحتوى، لما استمرت هذه الظاهرة. لقد ساهمت ثقافة "الدين السريع" – ذلك الشغف بالحصول على جرعة دينية عابرة دون بذل جهد في الفهم أو التأمل – في انتشار هذه الظاهرة. فالناس اليوم تفضل مشاهدة مقطع مدته ستون ثانية مليء بالعبارات الجذابة على قراءة كتاب أو الاستماع إلى محاضرة متعمقة.
والسؤال الآن: كيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة؟ الجواب يبدأ بالوعي. وعي الجمهور بأن الدين ليس سلعة، وأن الخطاب الديني الحقيقي لا يعتمد على الإثارة أو العواطف السطحية. كما أن دعم المحتوى الديني الجاد، الذي يقدمه علماء ودعاة مخلصون، هو خطوة ضرورية لموازنة هذا التيار. والأهم من ذلك، تعليم الأجيال الجديدة كيفية التمييز بين الخطاب الديني الأصيل وبين ذلك الخطاب المزيف الذي لا يهدف إلا إلى جمع "اللايكات".
في النهاية، الدين ليس "براندًا" يمكن تغييره حسب الموضة، وليس أداة لتحقيق الشهرة. إنه رسالة تحتاج إلى صدق وإخلاص، وإلا تحول إلى مجرد أقنعة فارغة تتبدل حسب الرغبة. فهل نعي الفرق قبل فوات الأوان؟



#عقيل_الفتلاوي (هاشتاغ)       Aqeel_Al_Fatlawy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأفكار النمطية: قيود نصنعها بأيدينا
- التكتلات الإعلامية والتحكم في تدفق المعلومات
- من الملعب إلى البرلمان.. هتافات غير لائقة تعيد النفط إلى واج ...
- ثقافة الاستقالة معدومة في العراق: اتحاد اكرة القدم نموذجًا..
- من سيملأ الفراغ السياسي في العراق؟ السيد مقتدى الصدر ينسحب م ...
- بين الإنقاذ والتراجع
- الرقابة الأبوية على المراهقين بين حرية المقاهي وسلطة الأهل
- التحديات الأمنية والاقتصادية لتهريب النفط في الخليج العراق و ...
- كيف يتحكم الإعلام في عقولنا؟ صناعة الموافقة الخفية
- هل دخلت أميركا وكر الأفعى بضربها اليمن وصدامها مع أتباع الحو ...
- صناعة الأصنام والطواغيت: مجتمع بين عبادة الماضي واستغلال الح ...
- برمجة الأطفال والإعلان: كيف نصنع جيلًا واعيًا رقميًا؟
- العنف التلفزيوني: متعة بصرية أم خطر يهدد المجتمع؟
- النزاهة والشفافية: ركيزتان لإعادة بناء الثقة في الحكومة العر ...
- صناعة الوهم في عصر السوشيال ميديا
- فتوى الدفاع الكفائي.. هل كانت الحل الأمثل لدرء فتنة انهيار ا ...
- وداعًا يا أبا حمزة صوت العزة الذي لن يصمت
- هل العالم على أعتاب حرب عالمية ثالثة الشرق الأوسط ساحة الصرا ...
- هل تصبح إسرائيل جارة للعراق
- التحركات العسكرية الأمريكية بين التمويه والإستراتيجية الخفية


المزيد.....




- واشنطن ترسل حاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط لـ-ردع أي عد ...
- النيجر.. إطلاق سراح وزراء سابقين في الحكومة التي أطيح بها عا ...
- روسيا تشهد انخفاضا قياسيا في عدد المدخنين الشرهين
- واشنطن تدرس قانونا بشأن مقاضاة السلطات الفلسطينية بسبب هجمات ...
- هل يمكن للسلطة الجديدة في سوريا إعادة ترتيب العلاقات مع بكين ...
- الرفيق جمال كريمي بنشقرون يناقش غلاء الأسعار وتسييس القفة ال ...
- إسرائيل تعدل إجراءات الإنذار استعدادا لهجمات صاروخية كبيرة و ...
- القضاء الأمريكي يرفض نقل قضية ترحيل الطالب محمود خليل المؤيد ...
- باراغواي تستدعي السفير البرازيلي لديها وتطالبه بتوضيحات حول ...
- موسكو: سنطور الحوار مع دول -بريكس- ومنظمات أخرى لبناء الأمن ...


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الفتلاوي - الفاشنيست الدينية: حين يتحول الخطاب المقدس إلى سلعة رقمية..