أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - حول الإسلام والحداثة في التجربة التركية ( 1 - 3)















المزيد.....

حول الإسلام والحداثة في التجربة التركية ( 1 - 3)


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 8297 - 2025 / 3 / 30 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حول الإسلام والحداثة في التجربة التركية (1 - 3)
إعادة صياغة لورقة قُدمت في ندوة " الإسلام والديمقراطية: أسئلة العلاقة وآفاقها " التي عقدت في تونس خلال يومي 15 و16 ديسمبر/كانون الأول 2004 بدعوة من " المعهد العربي لحقوق الإنسان " و " مركز دراسة الإسلام والديمقراطية " و " منتدى الجاحظ ".
تستحق التجربة التركية المعاصرة الدراسة والتأمل، خاصة في سورية الجديدة التي يتطلع شعبها ونخبه إلى أنموذج يجمع بين الإسلام والحداثة. ويتزامن ذلك مع احتياج الكثيرين لتفهم طبيعة الإسلام السياسي في تركيا وحدود حضور الإسلام في الحياة الخاصة والعامة للأتراك، والمبادئ والتأثيرات الحقيقية للأتاتوركية ومستقبل الإسلام السياسي والعلمانية في تركيا، خاصة على ضوء التحولات التي عرفتها تباعاً منذ سنة 2002.
وفي الواقع يستفز المشهد التركي مفهوم الجدل التاريخي بين الإسلام والحداثة، حيث برزت تركيا العثمانية في القرن التاسع عشر باعتبارها ساحة هامة لمحاولات التحديث الرئيسية في العالم الإسلامي، ثم مرورها بالتجربة الأكثر راديكالية للعلمنة خلال الحقبة الأتاتوركية في القرن العشرين. كما امتازت بكونها أول دولة شرق أوسطية تعاطت بإيجابية مع رياح التغيّرات الجوهرية التي أصابت بنية النظام السياسي العالمي في مطلع التسعينات من القرن العشرين.
ومنذ بضعة سنوات تقدم تركيا إسلاماً سياسياً آخر غير إسلام الجمود والانغلاق، إنه إسلام متعايش مع العصر، منفتح على العالم، معترف بالحداثة، حريص على الهوية الإسلامية بلا تعصب وبلا إكراه وفرض، وبلا اغتيال للعقل، وبلا تكفير للمجتمع وللعالم، وإدخال الظروف والمتغيّرات المحلية والدولية في حساباته ورؤاه السياسية. بتعبير آخر، هو واقعي وعملي، يرى العالم كما هو، ويتعامل مع ظلمه وعدله بلا حساسية وبلا يأس غاضب، وبلا غريزة الانتقام والإلحاح الجنوني على إرهابه وتدميره، انطلاقا من الشعور بالدونية وبالعجز عن مجاراته في قوته وعلمه وحضارته، مما جعل تركيا ميدان اختبار لفكرة جدل الإسلام والديموقراطية.
فهل ثمة سمة راسخة في الإسلام تعوّق التفاهم والتسوية بين الإسلام والحداثة؟ ما هي تلك السمة التي لا يمكن تغييرها أو التصالح معها في الإسلام؟ وإذا افترضنا أنّ ذلك صحيح، ما الذي يجعل الإسلام غير متناسب مع ثقافة الحداثة؟ أإسلام متصالح مع الديموقراطية تحت عباءة العلمانية أم علمانية متصالحة مع الدين مثل العلمانية الأمريكية، وليست معادية له كما علمانية أتاتورك؟ وهل تحوّل تجربة حزب " العدالة والتنمية " تركيا إلى أنموذج لسورية بعد التغيير؟
ومهما يكن من أمر فإنّ الحالة التركية أعادت إلى الأذهان من جديد مسألة المصالحة بين الإسلام والحداثة، باعتبارها مسألة مطروحة على سورية.
مظاهر تجربة الحداثة التركية المعاصرة ومآلاتها
تعتبر تركيا دائرة التقاء أساسية للحضارتين الغربية والشرقية، مما أتاح لها وفرض عليها في الوقت نفسه، الكثير من المزايا والالتزامات. وقد جمعت تاريخيا بين الحضارتين الهيلينية والإسلامية، وفي حال تحوّلها نحو تحسين وتطوير ديموقراطيتها، قد تستطيع تقديم أنموذج لزيادة فرص التحديث والدمقرطة في العالم الإسلامي، لأنها دولة كبيرة وتشغل حيّزاً استراتيجياً مهماً يطل على رقعٍ استراتيجية هامة، مثل: أوروبا والبلقان واليونان والبحر الأبيض المتوسط والعالم العربي من جهة، وروسيا وآسيا الوسطى ومنطقة القوقاز من جهة ثانية.
ولا يمكن فهم التجربة التركية المعاصرة بدون استحضار ذاكرة التاريخ السياسي لمائة واثنتي سنة قبل اليوم، عندما قامت في تركيا ثورة الجنرال مصطفى كمال أتاتورك، التي شكلت قطيعة مع ماضيها الإسلامي. لذلك لم تكن ثورته على الدين إلا تمرداً سطحياً، لأنها كانت فوقية، أي انقلاباً من أعلى. فلقد اقتصر مصطفى كمال على تغيير الأشكال عندما استعصى عليه تغيير العمق، هكذا قامت الحكومة بسلسلة من الإصلاحات بهدف ترسيخ العلمانية. ولم تقتصر الإصلاحات على التغيير في النظام السياسي، بل أنها أعادت كذلك صوغ المجتمع واجتاحت العالم الخاص للافراد. إذ لم يتطابق النظام العلماني في تركيا مع تيار الحداثة الذي شهده الغرب، الذي كانت العلمانية، باعتبارها أحد مكوّنات الحداثة، مدخله إلى إقامة تجارب ديمقراطية متحررة ضمنت للإنسان حرية الاعتقاد ومعها حرية الاختيار في تحديد التوجهات السياسية والاقتصادية. وبذلك فإنّ العلمانية التركية لم تفترق كثيرا عن الأنظمة الديكتاتورية التي ظهرت في ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا بين الحربين العالميتين، حيث يدخل ضمن تقاليدها إسناد مهمة استثنائية للجيش كحارس للنظام، وتمتد لتشمل التحكم بالنظام السياسي.
وخلال أكثر من مائة عام نشأت أجيال تربت على تلك الثقافة‏،‏ والتقت على قيمها مؤسسات ضخمة ومصالح هائلة وارتباطات يتعذر الإحاطة بحدودها أو تشعباتها‏،‏ وتحوّل هؤلاء جمعياً إلى مراكز قوى سياسية واقتصادية وعسكرية‏،‏ تقمع بشدة أية بادرة تشتم فيها رائحة الخروج على النص الكمالي. ليس ذلك فحسب‏،‏ وإنما تولى هؤلاء تحديد ضوابط اللعبة السياسية وقواعدها‏،‏ وأصبح " مجلس الأمن القومي " الذي يشارك فيه رئيس الأركان وقادة أسلحة الجيش مع عدد من كبار المسؤولين المدنيين‏،‏ في مقدمتهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء‏،‏ هو المرجعية الحقيقية التي تحدد شروط اللعبة السياسية وسقفها‏،‏ كما تحدد رؤيتهم للعلمانية.‏
لقد قام الجيش بانقلاب في عام 1960 ضد الرئيس عدنان مندريس وأعدمه لأنه ساهم في الإحياء الإسلامي في الخمسينيات، وقام بانقلاب آخر في عام 1971 لقمع تصاعد الحضور الإسلامى في العملية السياسية، وفي عام 1980 قام الجيش بالانقلاب الثالث بسبب المهرجان الذي أقامه حزب الأمة الوطنى في مدينة " قونية " تحت شعار تحرير القدس.
وكما هي عادة الديكتاتوريات، لم تشأ الكمالية أن تظهر في مظهر حكم توتاليتاري مستبد، فارتدت صنوفاً من الأزياء التي تشد أنظار الناس: رطانة شعبوية، وخطاب عام عن الحرية والتعددية والتسامح والنهضة والديموقراطية. ومع هذه الصفات أمكن الانتقال بسهولة إلى زعم صفات أخرى من قبيل دولة القانون وحقوق الإنسان والحريات والتعددية السياسية والحداثة واقتصاد السوق.
لكن، هل نجحت الجمهورية الأتاتوركية في تحقيق مآربها؟ وما الذي راكمته؟ لقد أنتجت الفقر والتضخم وانتشار البطالة والرشوة والفساد، وانعدام الحريات الفردية، وتفاقم المشكلة الكردية، وصعود الإسلاميين إلى سدة الحكم، وتعاظم مشكلة قبرص، والتحوّل إلى نموذج في العالم من حيث هيمنة العنف الرسمي والتعذيب ومصادرة الحريات وممارسة التمييز العنصري ضد الأكراد.
والروائي التركي ـ الكردي ياشار كمال، ضمير فقراء تركيا وأحرارها على حد سواء، يقول بالحرف: منذ 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1923، أي منذ اليوم الأول لتأسيسها وحتى الآن، تحولت الجمهورية التركية إلى نظام لا يطاق من القمع والقسوة، وتمكنت من تمويه هذه الصورة عن طريق شتى أشكال الخداع....
وهكذا، فإنّ نقطتي ضعف أساسيتين رافقتا التجربة التركية: الأولى، الدور الرئيسي والحاسم الذي لعبته مؤسسة الجيش في المفاصل الأساسية من الحياة السياسية، مما منع تركيا من الاعتماد على عقولها السياسية البراغماتية في حل مشكلاتها. والثانية، أولوية المصالح الأمنية التركية على مصالحها السياسية والاقتصادية في علاقاتها ومواقفها الداخلية والإقليمية والدولية.
فعند إعلان الجمهورية التركية في العام 1923، كان 80 % من الشعب التركي يعيشون حياة تقليدية في الريف، وكان فهم الإنسان والمجتمع والدولة والطبيعة والتاريخ مشبعاً بالمفاهيم الإسلامية. وبرز الإسلام السياسي، منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، في إطار اجتماعي محدد، إذ جاء ليستثمر مشاعر الإحباط لدى جزء من الشعب كان يشكل " تركيا الثانية " المهملة في المقاطعات الأقل نمواً في الأناضول والمناطق المحيطة بالمدن. فما هي تداعيات تجربة الإسلام السياسي التركي على المستويات الداخلية والإقليمية والعالمية؟



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقوّمات السلم الأهلي والعيش المشترك بين المكوّنات السورية
- نحو عدالة انتقالية ليست انتقامية
- الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (3 - 3)
- الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (2 - 3)
- الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (1 - 3)
- أهمية الحياة السياسية لضمان الحريات في سورية
- هل بدأ الانفتاح المصري على القيادة السورية الجديدة؟
- مرتكزات انتقال الدولة السورية الجديدة إلى دولة تنموية (2 - 2 ...
- الأبعاد الاستراتيجية لزيارة الرئيس الشرع إلى السعودية
- هل يمهد بيان النصر لدولة الحق والقانون؟
- مرتكزات انتقال الدولة السورية الجديدة إلى دولة تنموية (1 - 2 ...
- مرتكزات انتخابات حرة ونزيهة في سورية الجديدة
- تداعيات التغيير السوري على التوازنات الإقليمية
- رؤية سياسية وإدارية لسورية بعد التغيير (3 - 3)
- ضمانات نجاح الانتقال إلى دولة الحق والقانون في سورية
- رؤية سياسية وإدارية لسورية بعد التغيير (2 - 3)
- رؤية سياسية وإدارية لسورية بعد التغيير (1 - 3)
- محددات العدالة الانتقالية بعد سقوط سلطة آل الأسد (4 - 4)
- محددات العدالة الانتقالية بعد سقوط سلطة آل الأسد (3 - 4)
- محددات العدالة الانتقالية بعد سقوط سلطة آل الأسد (2 - 4)


المزيد.....




- -مستقبل أمريكا هو المجر-.. كاتبة تبين ما فعله فيكتور أوربان ...
- ماكرون وتبون يعيدان إطلاق العلاقات الثنائية بعد أشهر من التو ...
- مصر ترحب باعتماد البرلمان الأوروبي شريحة الدعم المالى الثاني ...
- تعليقا على الحكم بحق مارين لوبان، لا سياسي فوق القانون - الغ ...
- -برفقة سليماني-... صورة أرشيفية للقيادي في -حزب الله- المسته ...
- ميزات شاومي 15 الفاخر
- ما الذي يجري بينهما.. خريطة تفاعلية تظهر مناورات بكين قرب تا ...
- -صغننة قلبي-.. دنيا سمير غانم تحتفل بعيد ميلاد شقيقتها إيمي ...
- بوتين يستقبل وزير الخارجية الصيني في الكرملين
- قطر والإمارات تشاركان مع إسرائيل وأمريكا في تمرين -إنيوخوس 2 ...


المزيد.....

- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - حول الإسلام والحداثة في التجربة التركية ( 1 - 3)