|
مقتطفات أدبية
هدى توفيق
الحوار المتمدن-العدد: 8297 - 2025 / 3 / 30 - 12:01
المحور:
الادب والفن
مسابقة أكتوبر 1998 م " اليوبيل الفضي للإنتصار " فازت الكاتبة هدى توفيق بإحدى جوائز أدب الحرب ( فى ذكرى مرور ( 25 ) سنة على انتصارات أكتوبر ) (مجلة النصر/ أغسطس/ 1998م)
درع التفوق والامتياز من أخبار اليوم [1 ] أغسطس 1999 م للقاصة / هدى حسن توفيق كتب: عبد المنعم عبد التواب جريدة أنباء بني سويف فازت القاصة هدى حسن توفيق عضو نادي الأدب بقصر الثقافة ، ومدرسة اللغة الإنجليزية بالجائزة الثانية في مسابقة القصة القصيرة التي نظمتها جريدة أخبار الأدب بدار أخبار اليوم ،وكانت القصة تحت عنوان " أنَّى تصير رجلًا " يشرف على المسابقة الأديب الكبير جمال الغيطاني رئيس التحرير ، ويقوم رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم إبراهيم سعده ، والكاتب الكبير جمال الغيطاني بتسليم درع التفوق والامتياز للقصاصة هدى حسن توفيق في احتفال كبير، والجائزة المالية ؛ وقدرها ( 3000) آلاف من الجنيهات.
جريدة / أخبار الأدب ( ساحة الإبداع )، 18 يوليو / 1999 م ) المركز الثاني أنَّى تصيرُ رجلاً إهداء إلى الاكتشاف المتجدد في الحضور والغياب .. حبيبي هدى توفيق بني سويف جاء حاملاً في يدة كوباً من النسكافيه ، وفي يده الأخرى أقراص الحموضة التي يدمنها. وضعها جميعها فوق مكتبه، وأخذ يتأملها بإعزاز ، ثم زاغ بصره وبدا سراً عظيماً يشغله. تسمر في نظراته، وأطل برقبته الزرافية النحيلة، وقال : - هل كان الله يعلم أن روحي ستتلف هكذا ؟ بينما القرن الذى خُيرت أن أعيش فيه قد حملني بالمزيد. وأن قرناً قادماً آخر كنت أتصوره يحتضنني ويدعوني أن أجلس فى وسط مائدته العامرة ؛ وإن كان يعلم فهل ضلت ملائكته الطريق إليّ ؟ - بماذا يُفيد أن أغرق في العبوس والتذمر – لقد ظننت أن تقية مسممة لعينة لن تلتفت لناحيتى – أنا – الآن ؛ وماذا بعد؟! وكأن قرن بأكمله يمضي ، وقد تدحرج بسلام ؛ وكاد أن يُلامس سريري العتيق. لم أكن أعبأ كثيراً بتفسيرك الدرامي لذاتك ؛ لكن ما شغلني هو أن أفقد رؤية ابتسامة نادرة فوق عيون تشع حناناً غير محدود ، وقد تبدلت دهشتها البريئة فيما مضى إلى حزن شديد ،لم أعد أرى غيره في وجهك ، وقد تضاعفت تجاعيد الجزء الأسفل. كانت ابتسامتك الحاضرة تزيدها بؤسًا ؛ حتى لتشعر أنك أمام امرئ أنهكته عقيدة روحية ، وغاب عنه نور الشمس ؛ فانمحى الضوء قبل أن يذهب القرن ... كما تتصور ... أنت. تريد أن تخاصم الحياه ، تعانق أجواء الموت ترقد فوق فراشه الأسير. نظراتك الشقية القديمة غير محددة الاتجاه. صورتك أشبه بضمادة ملت البلل على جبين مشتعل السخونة هائج من الحمى اللاسعة ، تتألم ألم الشكوى البائسة ، لا تطلب الحب أو الشفقة أو التعاطف ، تريد أن تغوص في حقن المخدر المنومة ؛ تحاول أن تلتقط أنفاس الطيور ، هسهسات أوراق الشجر ، وهمهمات الحزانى والجوعى والمجذوبين والمرضى. تقول وتفرط في صوتك المكسور المبحوح من ثقل الكلمات عليك ، تلمع الأفكار ، والتفاصيل ترعى داخل رأسك كأغنيات بلهاء تصم تجاويف أذنك جيدة الإنصات ، يشملك عمى يفتك بنور عينيك السوداوين اللذين تنعتق منهما رموشك كتعريشة تسدل ستائر مظلمة ينطفأ بها عقلك ، وبريق عينيك الوهاج بكلمات امتزحت بأفعال وأسماء وظروف وصفات وأصوات تشدو بداخلك كأمواج صبيانية ؛ تعترف بأنه لم يعد هناك حدود تنصاع لها بصبر وشجاعة ، يقول عقلك أن ما حدث إثم مستحيل لا يتم تخطيه إلا بدماء كثيرة تغوص فيها غرقاً. يقول نبضك أن شراراته تدور دوراناً عنيفاً يحمل تكهنات باتجاه آخر تضبط به إيقاع خطواتك عن مدى حاجتك فى أن تفجر السلاسل الحديدية داخل شجن عقلك الذي لا يتكيف أبداً. ربما أصوات العشق تتسرب إلى مسامعك فتتحول إلى فراشات مبهجة على جناحيها شقاوة. يبتسم قلبك الدامي كرحيق زهرة جائعة لالتهام فراشه أمسكت بالأمل كاملاً ، تسقط صريعاً كالفراشه وتبقى الزهرة القناصة حينئذ يتملكك خوف مرعب . أنتَ سلة مليئة بالرغبات والأحلام المزعجة ، والهواجس المخيفة ، وعرق الرغبات المشتهى ودموع كثيفة ، يؤرقك يقظة أحشائك التى بها رجل وامرأة يتعانقان ، يتحابان ، يتباغضان يكافحان تستراً لإتمام قبلة العام الجديد. تجلس بتؤدة وتحاول أن تكون قادر على هز رأسك البليد ، تنظر بحيرة و ترسل بالتحيات غير الودودة لكل الأشياء ، تتقيا توتراً ، أنفاساً خائنة . المعاناه تشتد داخلك لا تحمل سوى نار مستعرة ؛ وأنت تكافح لينتصب الحيوان الذي بداخلك في رأسك الرخو ككرة مطاطية. حبيبى : حدق في ، إحزن من أجلي ؛ من أجل النساء التي لم تترك أبوب مخالبهن الفاتنة ؛ من أجل الخراب الذي يبدو كسور تجلله وريقات سلام هزيلة ، واصل العدو لتنقذنا جميعاً ، أوقد المصباح الذى يضىء وجوهنا ، فإذا انطفأ زحمت الشوارع بأضرحة تنعق من فوقها الغربان ، والبوم . - حدق أيضاً في عرض وطول السرير الساكن ، لكن تأتيك زوبعة همجية تبعثر بها الوسادات ، والملاءة " بكل خجل " تلقي بالمرتبة لأقرب ناحية ؛ لتكتمل حالة صرعك وتشق ألواح السرير كليهما نصفين. الدهشه الحزينة في عينيك تجعلك تدرك أنهما كانا محض امرأة ورجل لم يعودا يلتحما كما كانا من قبل. هل هذا يكفي أن تتصور الحدث ؛ وتكون عاجزاً عن نفيه ؟ كل ما يهمك أن حبيبتك لم تعد تقبع فى قلبك الترابي ، إنما صارت مجرد شبح أسود يؤذيك وجوده. أفكار وأحاسيس ملتبسة أصبحت تحدد مشيئتك وسلوكك الجديد. الصراخ لا يصدر عن حاستك الثرثارة ، إنما من أشلائك التي تحاول أن تفلح في أن تحيا ( الظاهر والمسكوت عنه ). من رجولتك المفتوك بها من وجهة نظرك. ظلك على الأرض تحت وهج الشمس يفصح عن رجل آخر كان مفعم بالشباب والحيوية ، وابتسامة هفهافة كالنسيم تخدش حياء الشمس ، أنت بدون الظل المتبعثر كتلال من القش الهش عليل ومهمل . أنتَ لست حراً .... جموع من التفاصيل تقبض على قدميك وتتحرك بها كالربوت ... مدوناً فيه ماضيك ، وحاضرك ، ومستقبلك ؛ لأنها من نفت حسابات الأزمان الثلاثة. تقول أنت : - إن جسدي رخيص ، جسدك ثمين لا يمنح إلا لي . تقول هي : - أنا دون جوان مثلك . أقول لك : - انظر بصمت ستجد أن أمامك امرأة شرهة مشربة بحنكة مستترة ، وأنت مروضها النمري ؛ ترغب بشراهة في مخالبك أن تنهش فى لحمها الوافر لا غير . أنت سجين فى منفى بلا عودة أشبه بجزيرة القردة ، تسير فيها كرجل بدائي عاري الجسد ساتراً عضوك بورقة شجر. وتتسلق الأشجار لتأكل الثمار العفنة ، ترافق أبناء سلالتك ، تركض مثلهم ، وتحت كهوف الظلمة ينفتح قبرين داخلهما امرأتك ورجلها المرغوب ، يتلعثم الغضب يرغى ويزيد عبر فمك بدماءٍ تسكبها كؤوساً. تنهض داعيًا رفقائك أن يشربوا نخبك ، يصيحوا فرحين بأصوات ، وتزعق ساخراً عليهم . - لا تتركوا عظمي وحيداً . وها أنت تدعي أنك لم تتقن فقط بل ربما تستطيع أن تضاجع الكثيرات ؛ فقد أحببتهن جميعاً فى واحدة. الأحادي حطم حياتك. بل تقسم أنك لم تتمكن من مضاجعة النساء اللاتي رغبنك ، ودون قسم أقول: يكفى أن تشعر بهن يتدافعن أمام عتبة قلبك فيكتمل أنتصابك المفقود ، أنهن جميعاً يريدن أن ينسجن خيوط قلبك مرة أخرى. لكنك لم تحزن من أجلهن لأنك لا تحبهن . إجلس ساهراً على مائدة العضلة الأخيرة لقلبك ، ثم اختار وكن متواضعاً ، متجهماً ، ربما يعود وميض وجهك المعتم بابتسامة جديدة لحيوان كاسر ، كشر عن أنيابك ، وكن ضاحك بإيقاع رغبة وفكرة وحزن جديد يأتي من عمق جذور القبور. نهر الأحداث يجري ، وينفذ إليك كسهم عرف طريق قلبك . حين تسمع صدى خوفك ، وأنت جالس على مكتبك فجأة أنصت جيداً ، وإعلم أنها قدرة يتمتع بها الأسوياء. ألا يعنيك الأمر برمته ، لا يحط من قيمتك ؛ حينئذ قم بعمل شجاع وهب روحك من جديد للحياه ؛ أصرخ بقوة وتوتر لتقاوم به دوائر الخوف المتناثرة على جدران حجرتك ، وقل زاعقاً : - أنا لست حبيباً – أنا لست عاشقاً – أنا لست جسداً ضعيفاً بائساً – وأن عواطفى وأفكارى مازالت تقيم خلف قناعى المتحرك منذ آلاف السنين . - أنت جرو صغير ملئ وفرغ ثم ملئ ولم يفرغ بعد – أنت جرذ صغير باهت اللون يقرض بأسنانه. ومن صورتك أطلق اسم عليك وأنتعش ضحكاً ... أنت ( ... ) حبيبى أنظر ، اسمعنى ، التفت إليّ . - هيا قبلنى قبلة دخانية نملأ بها جوفنا باختلاف أنواع السجائر أمام حديثنا الممتد . لقد تحولت إلى حصان طائش ، ترتجل فى خطواتك تتسلق للصعود على جسد آخر ، ساقيك عاجزة عن اللحاق بانهيارات ذاتك. هناك قوة أعلى منك تمر لتبتر يديك ، تسقط على الأرض – تتطقطق فقرات ظهرك من الألم المبرح ، ثم يناديك الخطر والعبث من كل الاتجاهات . هل تعرفني– أنا إلهك – تتجاوزني لكي تخرج ! لكي تنفصل عن جسدك ! لكي تتبخر مني ! لا تسل ....، لا تحاول حتى ، عليك فقط أن تنتظر عفوي عنك أنت قدرتي ومعجزتي . كلانا يبحث عن الحقيقة دوماً : من الخائن ؟ من المخون ؟ ساعتك الحاضرة غير التي مضت في عمر كل البشر ، ساعة ملتبسة يحدث فيها كل الدوافع من : الطهر ، والعهر ، والموت ، والحياة ، كلهم ينتهوا فى مساءٍ واحد ثم يتلاقوا فى صباح واحد أين الحقيقة ؟ فحينما أحببت الزيتونة السوداء ثم نظرت للخضراء عشقتها أكثر ، وانتميت إليها باخلاص مكلف لم تكن لتتصوره . زوجتك تنظر إليك باستعطاف ورجاء ، تنظر أنت إلى ابنتكما رفيق الخطيئة الأولى ، قررت بثبات أن تسير إلى الأمام ، تشعر بارتباك ؛ فرفيق الخطيئة يلتصق بك بشدة ، ويأمرك أن تدخل مدفوعاً إلى الاغتسال فى مياه المشقة الجاثمة بقوة هائلة ومفزعة . - ماهو مرادك؟ - أن تجتث الجذر أم الفرع ؟! سواء فعلت أو لم تفعل ؛ هل ستتحرك ؟ هل ستتجدد ؟ هل ستتنفس الصعداء، وأنت تحفر للبذرة الجديدة ؟ ولكن لحظة كيف ستمهد الأرض و السماء وروحك مرة ثانية ، هل ستكون ثمرة أخرى شريرة أم طيبة ؟ عقيمة أم خصبة مثل السابقة ؟ - لا عليك ، لا تعتد بكلام بلهاء مثلي. - ماهي السعادة ياسيدي ؟ - هو أن تعيش ما تجترة الآن كنازحي الوحل باسترخاء حكيم ، وأنت تحتسي مشروبك المفضل فى كل مساءاتك المريرة . - مامعنى الرجولة ياسيدي الفاضل ؟ - أنت نصف المجتمع ، والنصف الآخر امرأة تبحث عنك في دهاليزها ؛ لتدخل أتون مغامرتك ، استحوزها ، اقفز على الدقائق لتلتهمها بعنف يبهجها لذروة لا تطاق ، حقق التحام تفتق به ذاكرتك المشحونة وتعاساتك الضئيلة حالات عشقك المفرد الذى أرضعه عقلك. اطحنه كحبوب القمح والذرة. استمتع بقشعريرة فكي الماكينة الثقيلتين. حبيبى ... ما رأيك فى حل آخر؟ - مرن عينيك على مشاهدة العنف ، والدمار ، والجنس ، والقتل . افترض نفسك شخصاً يابانياً عائداً إلى منزله يستقبل شمس القنبلة الذرية ، والابتسامة ما زالت تبسط شظاياها المتفجرة ، أو كن أكثر غروراً ، قائداً دفعها بقبضة قوية ؛ وهو يبتهج ابتهاج إبليس شيطاني. ألا يروقك مشاهدة فيلماً جنسياً . حبيبي: فى كل الحالات ستجد أن كل شىء يباع ويوهب ويخرب دون معادل موضوعي. إذا فلنتصارع فى العطاء والابتذال حتى نحصل على الراحة . استغرق فى المشاهدة بصبر وحب دون أدنى أشمئزاز. اشحن قلبك بكل أنواع الرعب. أعد تراكيب التفاصيل ، فعليك أن تقفل الدائرة المفتوحة فى عقلك. دائرة لا تشبه دائرتي الغير القابلة للإغلاق؛ حتى تتنفس العالم بأسره بداخلك شيئاً فشيئاً. انجز خلودًا لوجودك الغامض بأن تمجد ضروراتك اليومية البسيطة. اختطف لحظات نشوتك كصياد ماهر. التقط البق من خلف رقبتك وإمضغه بشراسة. اسعد بمذاق لنوم جديد وملمس جديد . افتح حصون عقلك الصغير الملىء بالتساؤلات والحيرة. سر كالطاووس ، وكن محارباً على الدوام .
نخب الدائرة المستديرة كم هو قاس عشقنا من نحبهم ويدعوا حبنا ، ونحن نجلس حول المائدة هى نفس الجلسة نعاقر ترياق الجنون ، والخبل ، والهبل ، ونقسم الأدوار بالتساوي ؛ كأنها أرغفة خبز لملحمة الجوعى. نستنشق مشاعر الشفقة ، وأحاسيس الجراح الآثمة ، نتجاذب أطراف الحديث شاحبين ، مبهوتين ، عنيدين ، متلصصين بمآقي صقرية. تزدحم أنفسنا بحسابات دنيئة مصرين على الافصاح البشع ، معبئين كبراميل القطران والزفت مرصوفة بحالات عالية من الكراهية ، والعشق ، ورغبة الانتقام . أهمس فى أذنك المتآكلة : فى زمن مضى ياحبيبي مارست روح الإله. أحببت كل المخاطر ، وراهنت بحياة بشر آخرين معاقين من وجهة نظرك. لهوت بمشاعر من أحببنك. تآمرت على هذه وتلك. اقتسمت اللذة مع أصدقائك ، صاحبت وحوش الدخان الأسود. كان يطلق عليك الرجل الذى لا يتألم. فى نهاية الأكلشيه المزيف ( عاشقة وحيدة ) زاعقًا: أنا أسطورة الاستهتار - أنا ، أنا - من لا يعلم من أنا ؟ ولا تدري تماماً كيف تنظر إليك العيون الأخرى . نرصد صاحب الدور الأتي سريعاً إلى جوفنا المتحمس ، على مضض نمرره كدواء مر لابد منه ، نرتب الأحكام ، ننمق الكلام باستعارات وكنايات تشاركها حركات أيادينا العاجزة ، قسمات وجوهنا المثخنة بنتوءات الهلاك تسعى إلى البغض ، ويلتف كورق سلوفان ذي ألوان براقة تسحقك مثل لمعان عيون قطة أفزعتك ظهورها بغتة فى عتمة الليل. تظل تنجذب إليها بانبهار مأخوذ ؛ ولا تدرك أنك على شفا الهاوية. مسام أجسادنا وعقولنا الخبيثة يطرح فقط من يخرج بأقل خسارة . كفاك زهواً ... كفاك تباهياً ... لا تنكر فسقك . لا تنكر مثاليتك ؛ ليست كائنات الحياه مفردات لعادات تمارسها وتحطمها هكذا برعونة . ليست ألعاب سحرية ، لست حاوياً يتعفف كما يشاء. انظر إلى المرآة ؛ وقل أنا لست المثالي الكامل. أنا مدان إذا الكل برىء .... من الأفضل ياحبيبي أن تلوذ بصمت حقيقي دون زيف ، دون البحث عن أن تحظى باحترام أحد . مقلتي عيناك المتقاعسة تهذي قائلة : - أنا اليأس ، وأنت كمن تنادين فى الجبال على العدم . أنظر إليك بحب دفين ، وأقول : - عليك أن تعيش هذه الهوة بعمق . - لم يبق الكثير من دمي بدون أن يصله سم زعاف . - حبيبي نحن لا نرى ، لا نسمع ، لا نلمس ، لا نشم ، لانفكر ، لا نحب ، ولا نكره كما كنا. هكذا تتعدد لغة الرحمة ، فكرة التسامح ، ومع كل هذا العبث في عالمنا، نحصد مذاقاً جديداً لمغامرات جديدة عذراء . عسكرت التفاصيل عند تلافيف عقلك ثم امتزجت ؛ وتحولت لنسيج هلامي متفرع بأياد وأرجل كالأخطبوط . أنتَ محتاج لقارب نجاة فضائي ، تتلآلآ فيه عيناك المنطفئة بوهج البرق وترقص ؛ لتطرد دوامة عشقك لوصلك الباخوسي ؛ حينئذ يغدو تعبيرك المآسوي أكثر سكوناً . .......... أنت عابر ......... عابر ...........عابر . انتظر ......... هل فاتتك رؤية المسيح بالأمس ، وهو معلق كروح واهنة مساقة للصلب ، ومن جوارة اللصان الشهيران !!! كان المشهد غريباً وإن شئت صاعقاً ، لكنه ما عاد ليدهشنا أكثر من لحظة ؛ وبعدها يمضي .. ويعبر ؛ ويعبر إلى مدى الحياة
مجلة العصور الجديدة ( ديسمبر 1999 م ) تحت نفس الشمس
" لقد اختفت حشيشة القنطريون المقدسة من التلال ، ولم يبق لى ســــــوى الشــــمس الحــــارقــــة " و . ب . ييتس
جلست على كنبة الأستوديو رافعة ساقها اليمنى كطفل تُحفضه أمه ، شابكة به ساقها اليسرى ، فأبان ذلك عن بياض تائه ملبد بعرق أفرزه خروجها غير المعتاد نهارًا ، أدى إلى نوم مُضمخ بألم الحر اللافح ؛ الذي عانته طوال الساعات التي قضتها بتأفف مع صديقتها غير المحببة – الشمس فى هذا الوقت من الصيف. لم تشعر بأصدقائها وسط إغماءة النوم البائسة ، تجربة رعديدة ماكرة ، تقتلع زهور فتنتها ، وتقطع أنبل تعبيراتها بشكل أخرق. كيف لها هذا ؟ كل شئ فى شقة صديقها : الجدران ، الوسائد ، الماء ، وملمس الأثاث المتواضع ، كأصابع شموع ملتهبة ، كأن الشمس قابعة وسط الشقة ، كغراب فاتح فاهه للانقضاض عليها ونهش ملامحها الصغيرة بتوحش بالغ ، أكلت سمك القرش الذى رغبته من فترة ، زادته البيره نصف المثلجة طعمًا ماسخًا . تتناول لحم السمكة الهائلة ، المفروشة على السرفيس متلألئة مستحوذة بشكل مخروطي على كل الطبق الصيني ، مستسلمة ، كبنت جديدة فى العشق تُخترق من كل الجهات . تنافر يعانقه تنافرات أخرى تجعل اللقمة تثبت فى حلقها . تناولا الغداء بسرعة غير مقصودة لمأدبة حافلة باجتماع الأصدقاء الأربعة ، شعرت بوعكة فى جسدها جعلتها تسير بترنح بليد دون أى تعبير أو إيماءات محددة عما تسعى إليه بالضبط ، عقلها يتدرج في الاشتعال ؛ كورقة تحترق من العرق الذي يتفصد من أعضائها كتغلغل نباتات طفيلية ؛ يجب بترها لكي لا تعوق نمو النبات الآخر الخير الطيب . رأت أنها قد وضعت حدّا باتّا قاطعًا لأي علاقة بنفسها ، وأي ثقة بجسدها ، وفجأة فقدت شعورها بالألفة تجاه العالم. دلفت للاستكانة فى نفس المكان بنفس الجلسة الغريبة الموحية بلقطة جنسية واضحة ، قفزت بخفة ، ضاحكة ساخرة من زوج صديقتها الوحيدة ، فهو يمارس حياته الآن بآلية مفرطة ، أخذت تتكلم بهذيان محللة سلوكه قائلة: - لابد أن ترسًا من تروس عقلك قد خرب أمام إصلاح بقية الصواميل ، تخريب ما أدى إلى إصلاح ما ، دفعك إلى الاعتناء بعملك ، فتبدو كإرستقراطي القسمات ، منتشيًا ، لكنك أيضًا حاد الاستجابات تجاه الأفعال ، والأحاديث ، التي كانت تُضحك وتُجلجل في أوقات سابقة ، مع إدمان الخمر ، وكل أنواع المخدرات المتاحة اليوم ، والمنتشرة بين عامة الناس . رماها بنظرة باردة ملؤها الامتعاض ، ضحكت أكثر، واستأنفت بقوة أكبر سخريتها ، غلفته هذه النظرة تأكيدًا ، كان صديقها لا يسقط نظره عنها ضاحكًا باستمتاع ، ومأخوذًا إليها تمامًا ، كأنه يتفحص تحفة نادرة على شفا شرائها ، واقتنائها كاملة فى داخله الأجوف . عرض عليها الزواج أكثر من مرة ، رفضت ، ونظرت بتعالٍ مبالغ فيه مقتحمة عرضه ؛ كمن يشق بطن الذبيحة لاستئصال الضار منها . - أنا أريد أن أكون صديقتك . لا أكثر. أريد نصيبى الكامل من المتعة ، لا إذن من الأوراق دون قرار غير قراري ، أريد أن أمسك زمام الأمور بيداىّ هاتين . لم يعط جوابًا ، ووجه نحوها عينين صقريتين ، ثم نظر إلى قبضة يدها المرفوعة فى الهواء كعلم طليق ، تلبس وجهها برهة تعبير عميق الجدية به شعيرات دقيقة جدّا ، ينتظر من ينقرها نقرة صغيرة ، فينساب هدير الدم الحي ؛ ليتوهج حب لا مثيل له ، يفتح الشهية لامتصاص ينزف حتى النخاع . جاء حبيبها متسلّلا ، وهى لاتزال منهمكة فى قراءة " الغريب " لألبير كامو، ترقد نفس رقدتها الأولى كمولود رضيع . رحل أصدقاؤها دون أن تبالي ، أو تشعر حرارة الفراق ، منعها كسل الحرارة الساكن فى جسدها ، كخفاش يقظ لا يهمد أبدًا ، جبينها متورم ومنتفخ من جراء وطأة الشمس ، فكل هذه الحرارة تنوخ فوقها وتقف فى وجه إقدامها على أي فعل ، أو ربما من الأفضل لها أن تنظم المكان الذى فقد اتزانه فى تعاملها معه بفوضى . جلس قُبالتها، لمس جلد ساقها المشوه رغم بياضه الناصع ، المرفوع بإثارة ما داخلتة ، فجأة همس ، وقد وصلت يده إلى آخر ساقها عند سروالها البنى غامق اللون ذى المقابض البلاستيكية على هيئة فراشة ، يكسوه عند منطقة الفرج وردة ستانية ، يلمحه غير مكترث ، ممتنع عن أي حوار معه. هتف بحبور: - يبدو أنك متعبة . أعقب كلامه يقول : - العرق مازال ينز منك ، كأنه غزو لا يقهر . بادرته بتململ : - للاستحمام . نظر للحظة صامتًا وصرخ مبتهجًا : - لقد أخذت بيد صديقنا لقاع مدينة موحلة بأقوالك الساخرة . ضحكت مجاملة : - لم أقصد غير الضحك وملء الوقت ، لقد صبَّت الشمس في عقلي شواظًا من نارها ، كأنه طعام يُطهى على نار متأججة منهورًا منهوكًا . لا أستطيع أن أفرق أهو حي أم ميت . عقلت بذهنها كلمة ميت فارتجفت .. أردف بود : - تعبيراتك مخيفة ، هيا انهضي للاستحمام ، فصباح اليوم آت علينا أيتها المزعجة . وإن كانت قد اقتنعت أن الحل هو الاستحمام ، لكن دلفت إلى حجرة النوم ، ودون مقاومة ألقت بجسدها على السرير بخفة ودلع . يقابل نظرها دولاب بني صغير على شكل مستطيل . لا شك أن هذا ما يُطلق عليه دولاب العزاب . ذي ضلفتين بإنغلاقهما يتجسد ما هو أشبه بلوحة كبيرة ، لجمع من الصور مصنوعة من الورق المقوى ( لفان جوخ ) ، قد ألصقها حبيبها ، كم فتنتها هذه الفعلة العالية الذوق بالفن الأبدي ، والإحساس الكامل بالتواجد الحياتي المميز وسط الآخرين اللاهين . تطلعت إلى الرسومات ، غاصت داخلها تفكر، وتحلم أحلامًا متفائلة، تنظر إليها بالساعات تتملى كل صورة بألوانها القوية اللامعة كذهب خالص ، كأنها رسمت أمس أو قبل أمس فقط .. يا له من عبقري !! أخرجت قميصًا من ملابسها الداخلية التى تحتفظ بها بجانب ملابسه القليلة المهندمة ، وإن كانت تتسم بنكهة خاصة ، فهو يهوى البنطال القماش ، والقميص المقلم والسادة ، يشاركهما عادة رابطة عنق لونها بعيد تمامًا عما يرتديه ، فيحدث فى نظرك لفتة مدهشة ؛ كأنها فرقعة سقطت عليك من حيث لا تعلم . تلكأت فى سيرها قاصدة باب الحمَّام ، نزعت جلبابها بإزاحة الحمالتين عن كتفيها النحيلتين كجسدها ، رغم أنه أخبرها ، وهو يقبلها خلسة عند حافة الحوض فى المطبخ ، أنها سمنت قليلا عندما لامس بكلتا يديه مؤخرتها ، ترنحت سائرة فى الحمَّام غير أنها لم تتمكن من فك مغاليقه البدائية ، فهي تخشى الماء ، وبالتالي لا تستعمل " الدش " مطلقًا . اعتقادًا أن مياهه تسحبها للغرق . سألها متوقعًا إجابتها : - إذن أنتِ لا تحبين البحر ؟! أجابت صارخة بالرفض عكس ما توقعه : - كيف .. إنني أتمنى لو سافرت لأي مدينة في سفينة بعدة أدوار ، أرى البحر ، أعاشره ، ألمس وجهه الضخم ، وأقف على أعلى حافة في السفينة ، وأجمع هواء العالم فى فمي .. ليتني أفعل هذا ! نسي سؤاله وانساب مع حلمها واعدًا : - سيحدث يا حبيبتي قريبًا . حاولت ذات مرة بنصيحة منه أن تخوض تجربة " الدش "، ارتعبت وكاد أن يُغمى عليها ، يجذبها برفق مرة وبعنف مرة ، إلى حد ما تناست ، والقبلات ، الرفيق المتوحد مع قطرات المياه المنسدلة بهديل الرغبة ، تهزم الخوف الكبير، لكن فى النهاية لم تتكرر بمفردها الجرأة لتفعلها مرة ثانية ، وعندما يئس لم يعد يسألها . بدأت طقوس استحمامها ، اقتعدت على كرسي الحمام الخشبي ، انساب شعرها. بدأت تغتسل باللوفة فاتحة الصنبور المتجه إلى الدلو ، انزعجت لخريره القريب إلى أذنيها ، فاجأتها مياه شديدة اللهب ، فأصابت أصابعها لسعة حارقة ، صرخت وتأوهت ؛ فالسخونة كغمة جثمت على قلبها النازف من ألم الحر المفجع ، أحست أن هناك ناموس يحيطها من كل جانب ، ويهاجمها ، باشرتها الدموع .. اتكأت بذراعيها على ساقها العارية ، منكسة رأسها كمريض نفسي ، يلوذ بجلسته المفضلة . أخذت تغمر جسدها البض بمياه فاترة ، ناعسة الجريان على الجسد الساخن ، حكَّت جسدها بعناد حتى تذهب قطرات العرق ، صادفها شعر خشن في ساقيها، فابتعدت عنه بتقزز كمن يطأ قدمه سهوًا خراء فى الطريق لحيوان ضال ، تضايقت من انتشاره، أربكت الصدفة قلبها الشاحب . هتفت بإجفال تشنجي : - لا .. لا ، بل سيقوم بعمله على أكمل وجه .. حتى لو عج الشعر أعضائي ذاتها .. فأنا مشتهاة له فى أقذر حالاتي . تضاربت الأفكار ، والكلمات ، والأحاسيس ، وكل تلك المشاعر داخلها ، ملأت عقلها كأصوات " حلة " نحاسية .. قرَّرت الفرار من هذا الحمَّام المتآمر بعد أن سمعت " خرخشة " فى مقعد الحمَّام فأحست بأنه فأر يستعد للظهور ، بهتت للحظات متذكرة يوم كانت تغط فى النوم ببراءة طفولية ، وإذا بها تُفاجأ بفأر نائم بجوارها ، هرعت مذعورة إلى خارج المنزل بقميصها الأصفر ذي الأكمام الشفافة ، حينئذ كانت أمها أمام البيت ، تشتري من بائع البرسيم الذي يمر كل صباح ، لتسليمها وجبة الطيور المعتادة . ما أجمل هؤلاء الناس الذين يستيقظون مبكرًا فى الشوارع والبيوت ، مهللين بالشمس الجديدة ، والنهار العاجي المرمري ، استعدادًا لتقصي بواكير النهارات الغائبة عن أذهان النائمين العابثين . صرخت أمها بشكل غير معهود عليها : - ماذا تفعلين أيتها السافلة ؟! بينما تسمر بائع البرسيم مكانه ، الذى لم تلمح غير عينيه الحولاء الضيقة ، تلعثمت ، والخجل يملأها ، ولا يمنعها من الهرب ، والاحتماء بأمها بعيدًا عن الفأر ، حتى لو كانت عارية. هتفت تبكي : - فأر يا أمي .. الحقيني كان نائمًا بجانبي .... يالهوي .. يالهوي . جذبتها أمها بغضب ، واشمئزاز أهدر معه كل هدوء الصباح المرتسم على وجهها المعبق برضا عالٍ بعد صلاة الفجر الطاهرة ، طار الخبر كحمام زاجل بين أهل الحي بمداعبة ساخرة ذات مغزى : - ألم ترَ " إغما لا دوس " صباحًا ها ها .... ها ها ؟!! هرعت من الحمام مرتدية قميصها وروب كشميري اللون ، دون أن ترتدي سروالها ، فكل ما في الحمَّام يهدف إلى مناورة متقنة التدبير . انطلقت بأقصى سرعة إلى الشرفة ، نظرت إلى السماء نظرة ثاقبة تريد بها أن تمخر عباب السماء بجرأة أفعوانية إلى أقصى حد ، فرغم عريها الداخلي لا تستطيع أن تتنفس الصعداء ، الغيوم الملبدة تملأ سماءها ، نسمات الهواء مخنوقة ؛ كأن هناك من يحجزها عن المرور ، من خلف المساكن كانت تلمح نور النهار الحاد القادم بقوة ليفترش صباحًا ثقيلًا على النفوس ، ينزلق العالم مبتعدًا ، تبتئس كل الكائنات عاجزة عن إقامة أية علاقة ، فهو وقت لا تنفع في مكافحته إرادة أو اشتياق ، واللهب الشهير المنبعث من عيون الشمس ، ينتشر بوحشية ، والجو صامت صمت العجائز . أرسلت تنهيدتها العميقة إلى الشمس التي ضيقت على النفوس ، وتشبثت بسياج الشرفة ، شدت أعصابها كلها كي تحاول أن تنتصر على الشمس بخمارها الثقيل الذي تصبه فوقها ، رافعة وجهها محدقة إلى السماء ، وقد تلبس وجهها تعبير مشئوم الانفعال ، تاقت نفسها إلى الفرار من الشمس ، ومن الجهد ، وصبت إلى الحظوة بالظل ، إلى الراحة. لم تعد تشعر إلا بدقات صنج الشمس الهائلة على جبينها ، هذا الحسام المحرق سينهش أهدابها ويفقأ عينيها المتوجعتين ، إنها نفس الشمس ، نفس الضوء يتفقان لحرق خديها وجبينها ، وقطرات العرق سوف تتراكم فى جبينها، إنها بعينها تلك الشمس التى أصلتها نارها اليوم ، وعروقها تنبض تحت جلدها بابتئاس أمام تلك الحرارة المحرقة ، وقد غشتها بغلالة سميكة على جفونها ؛ ذلك النقاب الحارس الأمين . بدا التنفس شاقّا عليها ، جمعت شتات جأشها وضحكت تهذي : - لن أسأل نفسي أبدًا ... ذلك السؤال الساذج ، من يبعث الشر ناحيتي ؟! ، الوجوه الماكرة المرتعشة ذات التصرفات المتعجرفة ، تضرب بأعينها الميتة ، فتغمر السماء بالبريق الأسود ، فيرتفع عاليًا فى السماء عبر السحابات ، وعبر الهواء الساكن الترابي الملامح ، فللشمس اللافحة زبائنها ، ينسلخون مكممين بفوهات الداء اللعين ، ينظرون إلى اللاشئ ، بأجساد ملتصقة وإحساس وحيد : الانتظار، الانتظار .. الممل.
مجلة سطور ( مارس 1999 م ) الراقص علي البحر هدى توفيق لا أعرف جيداً أن أكتب إلا على ورق مُسطر ، أميلُ عن السطور كطفل بدأ يتعلم أن يكتب ، وبجانبه معلمته تدفعه إلى الأمام كلما نزل بخطه إلى أسفل ، كأنه يشرع للاستحمام في الترعة . تُجن الأستاذة وهي ترفع يدي إلى السطور الواضحة كغبائي .. علاوة على ذلك أهزأ من بعض الحروف فلا أعطها الاهتمام الكافي ، أتقن حفظ أية أغنية من المرة الأولى ، أظنك تدركين هذا يا حبيبتي ، فكثيرًا ما طلبت مني أن أغني ما يحلو لك في أي وقت ... عندما شرعت في الذهاب إليك حتى لا يفوتني ميعاد القطار المسافر إلى الإسكندرية ، منحتني الحياة صدفة اللقاء بك ، كان النهار لا يزال عفيًا لم يأكله البشر بعد . وكنت أخشى ألا نتقابل لأن كلينا سيأتي من اتجاه آخر ، حتى رأيتك بجانب إحدى الشوارع تضعين كيس من البلاستيك الأسود ، ثم نزلت على الأرض ثانية ركبتيك تقذفين بقططك الصغيرة ؛ فينكمشون جميعا كبوتقة تنصهر بصرخاتهم الصغيرة نداءً على القطة الأم ؛ وظهر كامل جسدك أمام عيناي ، فرأيتني في أسود عينيك ، وجمت وأسرعت تقولين : - ماما مش عايزة القطط علشان أمهم ولدتهم في دولابها ؛ وأفسدت ملابسها . لاشك أنك توقعت أن أؤذيك لكن في الحقيقة أحببت أن بك ولو قليلاً من البشاعة والقسوة ، كما أن في وجهك لغة تحاكي لغة عصفور بري . ما لفت نظري أيضا هو رائحة إبطك وجسدك من الحر الشديد الذي فاح مع رحلتنا الشاقة التي حملنا راياتها معاً لنسافر للإسكندرية . أردت أن أدخل جسدك لتملأني كامل رائحته التي أعرف أنها ستزول عبثًا باستحمامك .. أشد ما جذبني إلى العالم للحظة هو أن أراك وأكون معك ، وأنت تعاينين لغة اكتشافك الأولى للبحر ، خشيت أن أعضاءك قد تتحطم كلما نظرت ، رقصت ، رقصت ؛ وإزداد كلما تفجر الموج بزبده الرائع ناحيتك ، اندفعت كجنية البحر تنادي على عشاق أفينون أن يستلهموا لي ولك روح الزمن ، تتجمع ملائكته ، وعبيده ، ورسله أن يحرسوا لحظاتنا المباركة بالحب . يجذبني ماء البحر العنيد ، قلبك الذي ألمحه مرسومًا في كف يداي ، وكفك العصفور في براحه. جالسين كنا ننتظر موعد إقلاع قطار الرحيل ، كنا كحبات الرمل لا زال البلل فيها ، كلما التقت عيوننا أعرف أنها تضحك وتحلم حلمًا آخر ، بل وتتخيل أقاصيص أعظم ستحدث إذا ركبنا قطار النوم معًا ، كان القطار كأنة بيت سنسكن في أمانة إلى الأبد . نحتسي الشراب لنطفئ برد الشتاء المحبوب ونشتهي لذة الحب ، نتحدث بألفة وبصوت لا نعرف مدى انخفاضه حاضنين الزجاجة الملفوفة بإيشارب ذي لون أخضر ولامع .. شكله ساحر اشتريته لك ، أسكب طعم الخمر اللاذع بهدوء .. أحب الحياة أكثر وأكثر، وكلما غاص القطار آكلاً الحياة امتد الهدوء ؛ فأحب الحياة أكثر وأكثر ، وكلما غاص القطار آكلاً الطريق امتد الأمل . عندما انفتح باب القطار الفولاذي يعلن أننا وصلنا ، ألقينا بأنفسنا على المحطة ، أحسست بأنني رجل آخر وأنك امرأة أخرى غير اللذين كانا هنا قبلاً .. جلسنا على مقهى محطة القطار ، نلتقط أنفاسنا استعدادًا للفراق ، نحتسي الكركدية الدموي ، وننظر إلى العالم فتتعمق بؤرة السخرية والمرح في جوفنا السكران . لمحت وجهك ساخناً مليئاً بالحيوية ، وملامحك مأخوذة بذهول ودهشة مألوفة لدي ترددين : ماذا جرى؟ ماذا جرى؟ تهللين قائلة : نعم، تذكرت - القطار أتى بنا إلى هنا .
مجلة الثقافة الجديدة ( تصدرعن: الهيئة العامة لقصور الثقافة – مارس 1998 م ) العدد : - 114- حُلمٌ كوميديٌّ تحت تأثير المخدر الفتاك المصاحب لخيالات العقل الباطنة يظهر المحظور كاملًا ، وأنا أحلم أن أجاذب رجلًا من الرجال الذين اعتدت أن أقابلهم فى حياتي اليومية ، ولا ينشغل عقلي بكثير عما يقولونه أو يفعلونه ، هذا عادة يحدث لي ولغيري .. يتجسد الحلم حين أعيش معه حالة حب خارجة عن مقياس " كيف ، ولماذا ؟ ". أخذتني اللحظه ، وتذوَّقت حنان الحب فى الحلم ، حتى ذاب جسدي العاشق. فجأة هكذا غاصت نفسى بجرأة فى حضنه ، لمحت نظرته تخترق قلبي ، يمنعني بلمسة من يده أن أكمل أي تبرير ، أي تحليل يفسد هذا الطقس الذي يجب ألا يفسده شئ مهما كانت حسابات العالم الخارجي ، أفقت مندهشة شاعرة بظمأ شديد ، متخيلة أنني أسمع أصواتًا تحاول أن تخيفني ، اعتقدت أنها أرواح شريرة تبعث بداخلي روح الشر ؛ ليصل إلى أعمق أعماق حلمي المستحيل ، نظرت إلى السماء ، لم أجد سيدها الليلي : القمر، ولا حراسها من النجوم ، فزعت من هذه العتمة التي تغمر السماء. كنت مليئة بالنعس الشهواني .. لم أستطع أن أقف أمام تيارات عقلي الجامحة ، وقلبي يعتلج بحديث له صبغة شوق يكاد أن يفتك بي كندف السحاب ، لا أعرف كيف أمسك بها ؟ نمت ولم أستعذ ، فالحلم كان متجسدًا بداخلى من رأسي إلى أخمص قدمي ، تكرر الحلم ، وفى كل مرة أحبه أكثر، ويتسع انبساطي به . هذا الرجل الذي أعرفه من سنوات أراه كثيرًا فى العمل ، بيننا مودة وألفة ، وخوف كل منا على مشاعر الآخر ، ضبطت نفسي فى لحظة متلبسة ، أنظر إليه بشدة ، تكاد عيناي أن تلتهم عينيه .. روحي هائمة تريد أن تدخل إلى أحضان جسده ؛ بل أريد أن أندفع نحوه ولو سهوًا ، فيحضنني حضنًا كبيرًا طويلًا ، أعترف فيه : أنني لا أعلم كيف لم أحبك من قبل ؟! وبي الآن ما يجعلك تتلذذ به ، ألذ من مزة تعاند بها طعم الفقد الاذع في روحك، فأنا دفؤك في ليالي شتائك ، ولطف في جفاف حياتك التي تشمل أمرين : العمل الذي لا تؤمن به ، وتمارسه بقدر عالٍ من الاستخفاف .. وجلوسك على القهوة لتفني وقتك ، كما يفني القمر الشمس ، ويغمره بالغروب ، " أحبك ولا أجد ملاذًا " أقولها ببساطة ومستحيل أن أفعلها في حياتي العادية ، وعندما أبحث لك عن ميزات أجد أن أهمها فى نظري أنك مسكون بمعرفة العوالم الجديدة ". يتقلص الحلم المتكرر عند مشهد واحد ، وأنا نائمة فى حضنه لا أفيق من إغماءة الحب اللذيذة ، بينما كان عقلي بشكل لا إرادي يعيش حالته الرومانسية ، ولا يقدر على استكمال حالة امتلأ بها جسدي بشدة، وفي نفس اللحظة أيضًا يمارس عقلي الحرج الواقعي .. نفسي مشبوبة كجمرة ملتهبة تحاول أن تدفعه ، فيقف المشهد عند هذا الحد على غير خاطري ، يدور الحلم فى دائرة مغلقة ، لا أدري كيف أفتحها طوال الليلة الملعونة ؟ أستسلم ، أحاول أن أعلل لنفسي ما أفعله ، أن اقترف إثم اللحظة المحظورة. لا أفقه صنع علاقات اليوم والساعة ، وإن كانت صديقاتي ممن تربطني بهن علاقات قوية ، قد حكين لي عما يشبه ذلك ، فواحدة منهن أخبرتني أنها حلمت بأنها نائمة مع " آلان ديلون " ، واستمتعت جدًا ، وتمنت لو تحلم به كل يوم ، رغم أنها لم تصرح بذلك إلا لي .. أخرى حلمت أنها تعيش حالة خيانة زوجية في الحلم ، دون معرفة زوجها بالطبع ، وتحاول أن تطرد هذه الفعلة الأثيمة بوابل من المشاعر، والإخلاص تجاه زوجها ليغفر لها حلمها الآثم الذي لا يعلمه . عندما قارب النهار على الانتهاء ، ظننت أن طيفه سيتركني ويذهب ، فالليلة الأخرى آتية وعذابي يشتد ، وجسدي يتوجع ، وقد كنت مملوءة بالرغبة فيه ، كلما همست همسة أو نظرت خلفي رأيته يناديني ، إلى أن جاء الليل فكنت كمصاصي الدماء. هكذا مارست الليلة التالية أستمتع بالحلم ، ومشهده الواقف عند حدود يبخل فيها أن يعطيني أكثر، وأكثر كما أرغب أنا . لم أشعر بأي إحساس بالذنب كما حدث لصديقاتي ، قررت فى صباح اليوم الرابع أن أذهب إليه في مكتبه الجديد ، قبل ذلك كان يعمل بجواري في نفس القسم لسنوات من العمل ، والألفة ، والانسجام ، والضحك المتبادل ، إلى أن ترقى فَنُقِل َ لقسم آخر .. دخلت مباشرة دون أن أطرق الباب ، نظرت إليه قائلة : " هيا قل ما عندك ! اجذبني إلى الحلم الجميل " . كان مشغولًا بالمكتب الجديد ، ورسم دور جديد يليق بالحجرة المتوسطة الاتساع ، ولكنها له وحده ، قابلني بنصف ضحكة ، وترحاب ، قائلًا باستغراب : أي حلم . ثم تجاهل الإجابة ، و طلب لي قهوتي المعتادة .. صمت برهة عن الكلام ، ثم أخذ وأخذ يتكلم عن العمل ، وحقد الموظفين ، والمشاكل التي تركها له المسؤول القديم . تركزت فى بؤرة عقلي الأسئلة .. ماذا يحدث لو فعلت ذلك ؟ أحسست أن الكلام سيمحو كل ما حدث ، تمنيت لو كان باستطاعتي أن أكون صماء بكماء .. لكنت أهلاً للعيش حتى المائة من عمري ، لا أثق في الطرف الآخر ، أخشى العشق إلى حد الامتلاك والوصاية الملحة . لن أعيش فعلي الحر كما أريده ، ما حدث كان حلمًا، وإلى النهاية يجب أن يظل مجرد حلم. ينتهي بمجرد أن أفيق منه ، وأعيش الواقع. يبدو أنني سأصل إلى نصف الحدث ، علىًّ أن أكتفي بهذا ... لا ... بل سأخبره أنني أحبه. لا .. لا.. لن أخبره .. تأهبت لأفتت النفس المعلقة كيمامةٍ .. استيقظت على استمراره فى الحديث نفسه ، يتشدق بالكلام ، يفعل حركات مضحكة ، يسخر بشدة دون أن يضحك ، فضحكت ، ثم ضحكنا ، سألني : - " في إيه ؟ " - " أبدًا ، أصلك تشبه ممثل كوميدي قديم قوي بحبه قوي .. يا أخي ".
حالات سوء تفاهم ( جريدة / أخبار الأدب - 9/3/2008 م) أنَّى تصيرُ رجلاً ، فى الورشة الإبداعية بالزيتون : أقيمت فى الورشة الإبداعية للزيتون ندوة لمناقشة المجموعة القصصية للكاتبة هدى توفيق بعنوان " أنَّى تصيرُ رجلاً " حيث ناقشها الناقد حسن سرور ، والكاتبان: سيد الوكيل ، وجمال زكريا مقار، وأدارها الناقد: حسن بدار . بدأ الوكيل حديثة: بالإشارة إلى الزخم الحكائى الذى تتسم به المجموعة ؛ حيث لا قصة تشبه الأخرى على الرغم من تكرار بعض الأفكار والشخصيات مثل: شخصية زينب ، وشخصية جوهر. كما أشار إلى أن فى المجموعة ليس هناك وعى بقصدية ما ، وإنما هناك فيضان من الحكايات والتفاصيل ، وكل لحظة فى الحكى تشكل بداية جديدة ، " عندما تكون الذات محتشدة ووراءها زخم من الخبرات والعلاقات يصبح الكاتب مقيما داخل عمله ، ولذا فالشخصيات تتكرر أحياناً " والنغمة النشاز في هذه المجموعة هي القصة الأولى ، والتى تمني لو أن الكاتبة قد حذفتها . جمال زكي مقار تحدث : عن التفاوت الفني فى مستوى القصص ؛ فهناك منها ما هو عال فنيًا جداً ،وهناك ما هو ضعيف ، وأشار بالتحديد إلى قصة " فاعل خير " التي تحوي بناءً مترهلا وارتكبت فيها الكاتبة كل " الموبيقات " القصصية من المماطله اللغوية والركاكة حتى النهايات غير المبررة ، بخلاف قصة " زينب والبحار " مثلاً التي تتسم بسرعة الإيقاع وجمال اللغة ، وهناك قصة " عفاريت الحكي " التي يقوم بناؤها على السيولة ، ولا يمكنك الامساك بالقصة حيث تستخدم الكاتبة ما يشبه الشعر فيختفي القص تماماً . بدورة تحدث حسن سرور: عن حالات سوء التفاهم داخل المجموعة ، الذي يقوم في الأصل بين أفراد كاملين لكل منهم داخل مختلف عن الآخر ، أما هنا فيرجع لأسباب خارجية اجتماعية . فسوء التفاهم بين السكير وامرأته في قصة " اسكتش من الجحيم " منبعه أن الأول يعيش في عالم الخمر، وزوجته تعيش في عالم الأحلام . وفي قصة " زينب والبحار " تختلف صورة البحار عن الصورة التي تخيلتها زينب ؛ وهو ما يخلف الصدمة . واختتم سرور كلامه بالقول أنه يري أن هناك فارقًا كبيرًا بين هذه المجموعة ، ومجموعة الكاتبة السابقة . أما الكاتبة هدى توفيق فقد اختتمت الندوة قائلة: أنها تعترف أن تعدد مستويات السرد في مجموعتها أحياناً ما يسبب حالة من سوء التفاهم أو اللبس نحو فهم النصوص القصصية لدى القارئ وربما الناقد أيضاً. غير أنها ترى أن من حق الفنان الخروج عن الأساليب التقليدية للحكي ، وأضافت : " أنا تعمدت هذا الأسلوب ؛ لأنني أرى أن الكتابة، وقراءتها يجب أن تكون شاقة بالنسبة للقارئ، والناقد معا " .
الكتابة حتى يكون الوجود محتملًا د. مجدى أحمد توفيق ماذا تريد تلك المرأة التى لا أعرف لها اسمًا، والتى تحكى عنها أولى قصص المجموعة : قصة " قص ولصق "؟ هى تبحث عن تلك الكلمة التى ظهرت آخر النص : روح الحياة . تريد أن تكتشف لحياتها معنى بعد أن اغتربت عن أحلامها وآمالها . هذا الاغتراب يجعل الحياة منفصلة عن الذات، ويجعلها تبحث بحثًا محمومًا عن شئ غير محدد لها، لا تستطيع أن تسميه: لأنه معنى عام يشمل الحياة، وينتظم العمر، ولا سبيل إلى أن تحدده ما دام المعنى المنشود قد نشأ عن هوة واسعة بين الحياة وأحلام الذات. الفن ملجأها. الفن وسيلتها لأن تكتشف معنى الحياة. هى لهذا تبدأ بلعبة فنية ، هى أوراق القص واللصق الملونة . الفن نفسه لعبة تعيد ترتيب أوراق الحياة فتغدو منسقة فى صورة واحدة مفهومة، دالة ، ذات معنى، والأوراق الملونة لا تختلف عن الصور المعلقة على الجدار ، لأحباء فقدتهم . وهذه الصور لا تختلف عن صور أخرى تحملها الذاكرة، تسميها الذكريات. ترتيب الصور على الجدار يوازي ترتيب الأوراق الملونة فى لوحة، ويوازيان ترتيب صور الذاكرة فى المخيلة، وما الخيال سوى لعبة ترتيب الصور والأوراق الملونة. وما الفن إلا هذه اللعبة عينها، وهو بهذا التقدير بحث مستمر عن معنى الحياة. تأتي لها الذاكرة بهذا الحبيب الذي كان يملأ لها جدار حياتها بالصور الملونة . ولكنها الآن تفتقدة ، لهذا تلوذ بالفن ، وبيكاسو هو هذا الفن المجرد الذى تدخل حجرته المغلقة ؛ فتتحرر بصورها من صور العمر التى تسردها عليها الذاكرة فإذا بها صور الفقد وغيبة المعنى ، وبفضل الفن استعادت طمأنينتها ، وبهجتها ، وإحساسها العميق بروح الحياة ، وهنا يغدو معنى الحياة اتصالًا عميقًا بالحياة الواسعة . الحياة فى ذاتها ، فى خيرها وجمالها ، فى طهرها وسموها . وسموًا فوق الحياة الشخصية التى تديرها "سخرية القدر". ما تفعله تلك المرأة تفعله المرأة الأخرى ، أعنى الراوى الغائب العليم – الذى افترض افتراضًا أنه امرأة كالمؤلفة – تلك التى تحكى لنا عن امرأة القصة، وتخاطب القارئ مباشرة فى بعض اللحظات متحولة من ضمير الغياب إلى ضمير الخطاب. تفعله الراوية إذ تُحوَّلُ قصتها إلى مفردات سردية متوالية ، كأنها وريقات ملونة ترتبها معًا فى صورة واحدة – لنحصرها : 1- القص واللصق، 2- صور الجدار، 3- ذكرى الحبيب ، 4- حجرة بيكاسو، 5- الموسيقى: قمة الفن المجرد الخالص – هى مفردات سردية موجزة، تتطلب الإشارة القصيرة لا التفصيل المسهب، حتى تكون وريقات صغيرة ملونة،أو صور صغيرة مرتبة – لهذا أصبح النص شديد القصر لأن الإيجاز يكمن في تفصيلاته القليلة. ينتظم هذه المفردات خطاب سردي يبدأ من موقع ضمير الغياب ( = راوية غائبة تتحدث عن امرأة مشهودة للقارئ سرديًا )، ثم تنتقل في إحدى اللحظات إلى ضمير الخطاب ( = راوية متكلمة تخاطب القارئ، وربما تخاطب المرأة كذلك ). وفى اللحظة نفسها انزلقت إلى ضمير المرأة ، فالتقت الراوية بالمرأة ، وتَوَحَّد شعوراهما. يدعم هذا كله طبيعة مزدوجة للخطاب السردى: لغة وصفية بصرية موجزة قليلة التفصيلات، وتعبيرات انفعالية متزايدة: تعجب، اندهاش، حماسة، إلخ، تبلغ قمة تزايدها حيث تختلط الضمائر وتتداخل الذوات. هنا يصير الخطاب غنائيًا بأكثر مما هو سردى. هذا كله ، في نص شديد القصر، ييسر لنا أن نفهم أن الفن لعبة نعيد فيها ترتيب الحياة ؛ ليصير لها معنى. الفن قص ولصق. 2 ما كان قصًا ولصقًا أصبح في ثانية قصص المجموعة رسومًا متحركة ثابتة . لا بد أن تلحظ التناقض بين وصف الرسوم بأنها متحركة ووصفها بأنها ثابتة في آن واحد . هى متحركة لأنها رسوم الحياة التي تتوالى مع حركة الحياة. وهى ثابتة لأن النص يثبتها معًا: وهى ثابتة لأنها لا تنطوى على حركة حقيقية ما دامت الحياة مغتربة عن أحلام الذات. هذا الاغتراب يكشفه إشارات لغوية متناثرة . فكون اللقاء عابرًا مبهوتًا، متوجسًا. يحيط به الفزع، يمنح اللقاء صفات تنفى التحقق والسعادة عنه . كذلك تدل فهلوة الحديث وآلية الكذب وتعدد الوجوة، على الاغتراب نفسه. نحن أمام لقاء بين اثنين يجمعهما الحب، وبينهما لهفة واضحة على اللقاء ، ولكن هوس الفقد يكمن فى اللقاء. وأكبر تناقض نشهده هو هذا التناقض الملحوظ بين إنسان عادى لا ندرى مدى صدقه فى مشاعره ، وبين الحلم بفارس حلمًا لا ينقضي بتغير الزمان. قد يُسمَّى سوبرمان، أو أى اسم آخر، ولكنه لا يزال حلمًا مغتربًا قائمًا لا يزول. هذا الاغتراب هو ما يدفع الخطاب السردى إلى غنائية إذا حاولت أن تتأملها فى ثالث نصوص المجموعة ألقيت نفسك أمام نص غنائي. لا يحمل حدثًا واضحًا، ولا يومئ من قريب أو بعيد إلى حدث واقع، أو واقع يقبل أن يحمل حدثًا، وإلى درجة أن الخطاب قد تحول إلى صورة شعرية خالصة، تصرح لنا بأن الراوية محصورة داخل نفسها، تحس زحف الزمن نحوها، يحمل إليها الكهولة ، ولا يبقى لها إلا أن تتذوق ما تحمله الحياة من لذة، ومتعة، وألم، فصارت بهذا سيدة التذوق. 3 بداية من هذا النص انفجرت الحالة الغنائية، وأصبحت الكتابة منشورات – أو بيانات – تبوح فيها الذات بهمومها، أدعوك إلى أن تهتم بالمنشورالثانى منها اهتمامًا خاصًا ؛ ففيه بيان بأهمية الكتابة بوصفها فعلًا اساسيًا تؤديه الذات. الكتابة فعل مستحيل تتكلف عناءه وإلحاحه. وهو مستحيل لأن الذهن لا يحمل شيئًا محددًا ليكتبه، فلا معنى مسبقًا تحاول أن تؤديه، بل هى تكتب لكى تستكشف معنى الحياة ، وحقيقة الذات الكاتبة التى يدل التوقيع (=التوقيع: أنا ) على التماهى الشديد فى الخطاب الغنائى بين الكاتبة والراوية. الكتابة صراع مع الورق ، مع الفراغ الأبيض. المكان هو الورقة لا رأس البر حيث تكتب الكاتبة. ولكن الكتابة تستطيع أن تستدعي القصص، والحكايات ، والتواريخ، والأحداث، والتفصيلات، والصغائر، والعلاقات. هى الآن تمارس فيضًا متعاقب الأمواج من العبارات الغنائية، لكنها تعي أن هذه الكتابة، مهما أسرفت في غنائيتها، فهى تنهض على هامش عالم من العمر ملئ بالأحداث والشخصيات ، وهذا معناه أنها على وعى تام بأن الخطاب الغنائى . المسترسل في غنائيته، سوف ينتهى عند لحظة يعود فيها إلى عالم الأحداث؛ فليس من الممكن أن يظل الخطاب منفصلًا عن العالم إلى غير نهاية ما لم ترغب الكتابة فى أن تتحول إلى شعر محض، والشعر يحتمل فى أهم صوره أن يكون غناءً للذات خاليًا من الإشارة المباشرة إلى حدث أو واقع. هذا ما تحقق بداية من " المسافر الأخير يموت ببطء " واستمر إلى نهاية المجموعة. 4 خذ مثلا " عصا الشيخ مصطفى " تبدأ بمخاطبة الراوية – أنوثتها صريحة هنا – للقارئ. تسأله إن كان يقرأ قصتها ، وإن كان يصدقها ، هل يظن أنها معتوهة ، مجنونة ، أو كائن غير موجود. وتضع خطاب القصة فى مقابل خطاب التليفزيون الذى يقدم أقوالا ليست أقوال الحياة، لا تناسب القارئ الذى يغدو ويروح بغير استقرار بين الشوارع والحارات والبيوت. تضع المقدمة –إلى هذا الحد – استراتيجية لفهم القصة فى ضوء خبرة الحياة اليومية. تنتهى المقدمة بتصريح الراوية بأنها تعتقد أن كثيرًا من القراء سيشكون فى القصة، أو يشكون فى صحة بطلها، لأنهم لن يصدقوا حديث العفاريت والجان. ومن هنا يتكون أساس لأفق توقع يدور حول شاب ممسوس سنعرف أن اسمه مطر، وهو فى أواخر الثلاثين من عمره، يفيض بالعافية والعذوبة. وما أن تروى مشهد مولده وتسميته مطرًا حتى يتغير ضمير الحديث ، وينتقل إلى ضمير المتكلم ، على لسان مطر هذا. وهى نقلة رأيناها من قبل فى نصوص سابقة. أخبرنا مطر أن أمه منذ مولده، كانت تراه كائنًا غريبًا، لا يتوافق مع عالم الأسرة، يحتاج إلى أن تحميه بتدينها، فحاول أن ينتصر على أكذوبة غرابته بأن يعمق ثقافته، فأصبح يساريًا وعمل مهندسًا معماريًا، ولكن خبرته السياسية آلت به إلى انطواء مرضى أخفق فى علاجه الأطباء، وأصبح يسمع صوت الأشباح وصراخهم، وأخذت أمه تلح عليه فى أن يزور الشيخ مصطفى الذى برع فى إخراج الجن ممن يتلبسهم الجن. كان مطر يرقب مجدى الكوماندة، شيخ النحاتين، الرجل الذى يقود عماله فى صب الأسمنت، كان مجرمًا سابقًا، وكان إمبراطورًا يدير عالمه إلى جوار زوجته حسناء المهاجرة من البوسنة لتصير زوجته فى رقًّ عصرى. لم يستطع مطر أن يدخل عالم شيخ النحاتين وظل على انطوائه. فى مقابلة كان الشيخ مصطفى يستطيع بفراسته أن يسبر أغوار الناس، رأه وهو ينظر إلى امرأة فلاحة، وأرقدها على التراب، وبعصاه السحرية أدرك دائها، وأمر رجاله فأنزلوها في الترعة، وهو يهشم بعصاه الجن، فإذا بملامحها المتصلبة تلين، ويبدو على وجهها علامات الرضا والسكون. وإذا به يستدير نحو مطر، ويشير إليه بعصاه، ويحدد له موعدًا بعد صلاة الجمعة. انتهى النص عند هذا الموضع. مؤكد أننا لسنا أمام حبكة تسعى الكتابة إلى أن تقدمها لكى نستمتع بها. إننا أمام الممارسة الغنائية للكتابة وقد اتخذت صورة سردية محضة. لقد خرجت الساردة عن ضميرها الأنثوى. وتقمصت ضمير المتكلم الرجل، فأصبحت الكتابة استبطانًا لحياة الآخرين الذي يجسدون واقع الحياة اليومية. نحن أمام عالم من الأحداث رمزى، أو بعبارة أخرى، نحن أمام أحداث وشخصيات تقوم مقام جسر نعبر عليه إلى أزمة البحث عن معنى. اننا بين تناقض واضح بين خطاب سياسي ثورى محبط، هو الأحلام الضائغة فى واقع مغترب، وفى مقابلها نموذج شيخ النحاتين: الحياة اليومية المهمشة التى تسترسل فى مجدها الوهمى، بآثامه، وإحباطاته، وقدرته المدهشة على المواصلة. لم يستطع مطر أن يحقق الأحلام، ولم يستطع، كذلك، أن يتكيف مع واقع يومى لعالم مغمور مهمش، أصبح بين حدين: الوعى الحاد العاجز عن أن يحقق حلمًا. والخرافة المستبدة التى تسيطر على الحياة اليومية، سيطرت عليها بداية فى صورة خطاب التليفزيون، وتسيطر عليها الآن فى صورة الشيخ مصطفى وعصاه السحرية. هذه كتابة أزمة، تسأل عن عالم بغير معنى، مغترب، مهمش، خرافى، الكتابة إعادة ترتيب للمفردات حتى يتولد عنها معنى. حتى يكون وجودنا محتملًا. المصدر : المجموعة القصصية ، عن عاقر وأحول ، هدى توفيق . ط1 / عام 2007م ، دار نشر/ مركز الحضارة العربية – مصر.
حكايات هدى توفيق - عن العاقر والأحوال ( جريدة القاهرة / الثلاثاء 1مايو 2007 م ) هدى توفيق صدر لها عن مركز الحضارة العربية مجموعة قصصية جديدة تشتمل المجموعة على تسع عشرة قصة منها : " رسوم متحركة ، تحت نفس الشمس ، عن عاقر وأحول ، مدرب النمور ، عصا الشيخ مصطفى ،الاصغاء للتعفن .. إلخ". يُذكر أن هذه المجموعة القصصية هي الثانية لهدى توفيق بعد مجموعتها الأولى " أنَّى تصير رجلًا " الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.
كوابيس العاقر والأحوال ( جريدة / أخبار الأدب / 6 مايو 2007 م )
بين أجواء الحلم والكابوس تدور أجواء مجموعة الكاتبة هدى توفيق والصادرة عن مركز الحضارة العربية بعنوان " عن عاقر وأحول " . الكابوس في المجموعة مختلط بالموت والجريمة . بحس بوليسي دقيق تصف الكاتبة ، في القصة التي تحمل المجموعة اسمها ، جريمة قتل قام بها الأحوال ضد ابنه تكشف لنا في أثناء سير مجرى التحقيق عن علاقة شاذة بابنته . أحيانا ما يضيع هذا الحس البوليسي ليصبح الموت هو محض كابوس مثلما في قصة " المسافر الأخير يموت ببطء " حيث حادثة واحدة على الطريق يموت على إثرها كل راكبي السيارة باستثناء مسافر واحد كان هو الدافع للحادثة ، من وجهة نظر القصة على الأقل . يقول المسافر : " إن وجودي الثقيل الوطأة يبعث في أي مكان أذهب إليه قبضات الموت . من منكم يزيح بأظافره المعدنية الحادة وجودي الثقيل ؟ ". تبدأ الكاتبة قصتها " عصا الشيخ مصطفى " بنداء غريب إلى القارئ . تقول : " أيها القارئ المغمور واللا قارئ المقهور هل تقرأ قصتي ؟ هل تعتقد في حقيقتها ؟ هل لديك ظنون في بأنني معتوهة ؟ مجنونة ، بأنني كائن غير موجود ، ارتدي ميكروسكوب الحياة ..... لا تنكر أن الناموس قد امتص دماءك كما يريد في أثناء حياتك المتسربلة بالعار ، المستسلمة لعالم البعوض وعالم سنواتك المضطربة . بينما أنت تغدو وتروح بلا استقرار بين الشوارع والحارات والبيوت مثل أفعى لا تمل من تغيير جلدها ، تبحث عن حاجاتك بمخلب وحش أناني ، صريحة ، جارحة بقلبك الشاكي دائماً ". المجموعة تنتهي بدراسة نقدية للناقد/ مجدي أحمد توفيق بعنوان " الكتابة حتى يكون الوجود محتملاً " يتناول فيها قصص المجموعة وينهيها بـ : " هذه كتابة أزمة . تسأل عن عالم بغير معنى ، مغترب ، مهمش ، خرافي . الكتابة إعادة ترتيب للمفردات حتى يتولد عنها معنى . حتى يكون وجودنا محتملاً ".
هدى توفيق مؤلفة صعيدية تنضم لموكب المبدعات المصريات " عن عاقر وأحول " .. قصص لكاتبة موهوبة ينقصها الاهتمام باللغة الكتابة عن الكتابة شئ صعب . لكن الهدف منها ينبغي أن يكون دائمًا هو فتح الطريق أمام الكاتب ليرى إمكانية تطوير عمله بعين الآخرين التي يجب أن تكون موضوعية ، وأن تظل في الوقت ذاته عاطفة تتوخى في الأساس دفع ما هو إيجابي لدى الكاتب إلى الأمام ، خاصة إن كان في مطلع حياته الإبداعية . وهدى توفيق اسم جديد من بني سويف ينضم إلى عالم الكاتبات أكثر نضجاً وتمرساً مثل سلوى بكر وسحر الموجى وعزة رشاد ونعمات البحيري وسمية رمضان وميرال الطحاوي ونورا أمين ونجوى شعبان ، وغيرهن ممن رسمن بدرجات وألوان متفاوتة مشهد " الكتابة النسائية " في العقد الأخير . ومع أن عدد الكاتبات في ازدياد ، إلا إننا نادرًا ما نرى كاتبة من صعيد مصر تحمل على كتفيها عبئاً مزدوجاً من التفاعل بين مشاكلها كامرأة ، وبين الضغوط الاجتماعية الواقعة عليها من مجتمع شبه مغلقاً وصف قسوته من قبل طه حسين ويحيي حقي وآخرون . فهل استطاعت هدى توفيق أن تقدم لنا صوت بيئتها الخاصة ، وأن ترتقي به ليغدو صوت الهم العام ؟ في قصص مجموعتها " عن عاقر وأحول " الصادرة عن دار الحضارة العربية. لن تجد انعكاساً محدداً للبيئة الصعيدية ، كما قدمها لنا مثلاً بهاء طاهر في " خالتي صفية والدير ". فالكاتبة تقدم نفسها وقصصها إلى حد كبير خارج البيئة . في الوقت ذاته تقدم هدى توفيق نفسها خارج إطار الكاتبة الأنثوية التي احترفت ما تتصوره إدهاشاً للقارئ بتفاصيل الجسد والجنس ، فتلك التفاصيل قلما تشغل حيزاً لديها ، إلا عند الضرورة الفنية كمشهد استحمام البنت في قصة " تحت نفس الشمس " . إذن فإننا لسنا بإزاء كاتبة أنثوية تحفل قصصها بوصف الجسد باعتباره كما يدعون ممراً لاكتشاف العالم ، ولسنا أيضاً إزاء كاتبة تقدم لنا موضوعها عبر أو بواسطة بيئة مصرية ذات مذاق خاص . نحن أمام كاتبة موهوبة ، تخيرت أداة صعبة هي القصة القصيرة التي لم تعد تلقى عناية من الكاتب ، وأول ما يصدم القارئ علاقة هدى توفيق باللغة ، إحدى أدوات الكاتبة الأساسية ، إذ يتصور الكثيرون أن اللغة لا تحدد شيئاً في بناء القصة أو مغزاها ، المهم أن تكون مفهومة ! إلا أن قدرة الكاتب على التعبير الدقيق مرتبطة بحجم وثراء قاموسه اللغوي ، ولم يعرف تاريخ الأدب في مصر والخارج عملاً أدبياً عظيماً مكتوباً بلغة رديئة ، كما أن كل الكتاب الكبار هم لغويون عظام ، ويكفي أن نتذكر في هذا المجال نجيب محفوظ ؛ فاللغة الرديئة تعني في واقع الأمر صوراً أدبية رديئة ، وفكرة غير دقيقة . وإليك مثال مما تكتبه هدى توفيق : " أفردت شعرها " وتقول : " العارف لكل الأمور " بدلاً من " العارف بكل الأمور " وقولها " النملة متشبثة على قدمه " بدلاً من " متشبثة بقدمه " ، وهناك أمثلة لا تنتهي ، بعضها لا يمس اللغة ، بل مجرد تسرع كقولها : " كمن كان جندياً في الحرب البلشفية الروسية " ، مع انه ليست هناك حرب تسمى بذلك الاسم ، ومع هذا فلا بأس بأن نستعيد ما سجله يحيى حقي ذات مرة وهو يصف معاناته مع اللغة قائلاً : " قد اكتب الجملة الواحدة ثلاثين أو أربعين مرة حتى أصل إلى اللفظ المناسب " ، أو عبارة أوسكار وايلد الشهيرة : " كنت متعباً بالأمس فقد قضيت طيلة النهار لأضع فاصلة ، وطيلة الليل لأحذفها " ! ومع ذلك فإن ثمة نفساً موهوباً وحاراً يتخلل ما تكتبه هدى توفيق ، لكنه يحتاج منها إلى عكوف صادق على قضايا كثيرة فنية ولغوية وفكرية . وفي قصص المجموعة تتردد الكاتبة بين عالمين : عالم القصة القصيرة المبنية على أساس وجود العالم الموضوعي الخاضع للفهم وللزمن المتسلسل كما في قصتها الجميلة " النملة وفتافيت الرجل البدين " ، أو " المسافر الأخير يموت ببطء " ، وعالم يتشظى فيه الزمن والموضوع بحيث تصبح الكتابة مجرد تنقل سريع وحاد للخواطر والانفعالات لتصوير لحظة بحد ذاتها مثلما هو الحال في قصتها " منشورات منتصف الليل " التي تظل نقطة مشتتة بين الكثير من الأفكار والمشاعر ، وإن كان اسم القصة يوحي بعكس ذلك . وقد يتخيل البعض أن القصة القصيرة شكل أدبي سهل ، لكن كاتبة كبيرة معاصرة ومعترف بها هي إيزابيل الليندى تقول : " إنني أكتب الرواية لأنها أسهل كثيراً من القصة القصيرة " ! وهذا الشكل الأدبي القصير ، العصي الآن على تعريف دقيق ، بحاجة إلى قراءة واستيعاب لكل إنجازات القصة القصيرة ، بل أن يشرع الكاتب في خوض مغامرة تجديد ذلك الشكل ، أو قبل أن ينزلق إلى الكتابة وفق ما هو شائع . وفي النهاية ، فإننا ننتظر الكثير من كاتبة موهوبة مازالت سانحة أمامها كل فرص الإبداع والنجاح . أحمد الخميسى ( اسم الكتاب " عن عاقر وأحول " قصص قصيرة – تأليف : هدى توفيق ). ( الناشر : دار الحضارة العربية ، مصر - الجيزة ، ط1: 2007م). المصدر: جريدة الدستور، العدد : 112- 9/ مايو/ 2007م.
جريدة المساء الأسبوعية / ( السبت 16 من يونيه 2007 م ) قضايا أدبية يقدمها : محمد جبريل المكتبة : عن عاقر وأحول مجموعة قصصية لهدى توفيق . يقدم لها الدكتور مجدى توفيق بأن الكاتبة تمارس فيضاً متعاقب الأمواج من العبارات الغنائية لكنها تعي أن هذه الكتابة – مهما أسرفت فى غنائيتها – فهى تنهض على هامش عالم من العمر ملىء بالأحداث والشخصيات ، وهذا معناه أنها على وعى تام بأن الخطاب الغنائى ، المسترسل فى غنائيته ، سوف ينتهى عند لحظة يعود فيها إلى عالم الأحداث ، فليس من الممكن أن يظل الخطاب منفصلاً عن العالم إلى غير نهاية ما لم ترغب الكاتبة فى أن تتحول إلى شعر محض والشعر يحتمل – فى أهم صوره – أن يكون غناءً للذات خالياً من الإشارة المباشرة إلى حدث أو واقع . الناشر : مركز الحضارة العربية.
الجمهورية/ العدد الأسبوعى الخميس 10 مايو 2007م نادي أدباء الاقاليم كتاب وكلمة نقد هموم الشباب .. واغترابه عن العالم في عاقر وأحول من نفس زاوية النظر – تقريباً – تشارك هدى توفيق في مجموعتها القصصية الثانية " عن عاقر وأحول " معظم كتاب جيلها في رؤية الذات والعالم. تلك الثنائية التي ستظل هم كل مبدع حقيقي ، ومحكاً رئيساً لكل إبداع . تضمنت المجموعة ثماني عشرة قصة قصيرة . شاع في جميعها هم فضح العالم وكشف أدق تفاصيله سواء أمام الذات الراوية كمحور من محاور السرد ، أو أمام المتلقي باعتباره مرآة للعمل في لغة بسيطة موحية متوترة في أغلب أجزائها . تأرجحت المجموعة بين كتابتين : كتابة تتكأ على مفهوم تقليدي للقصة القصيرة حيث يصبح هم القصة الأول هو بناء هيكل متماسك من الحكي " حدوتة ". قد يكون الراوي جزءاً منه أو قد يكتفي بتحليله – من الخارج – والوقوف عليه وعلى هذا المنوال جاءت معظم قصص المجموعة . فنرى مثلاً في قصة " ثلاثي أضواء المسرح " وعشقهم له والعقبات التي واجهتهم حتى انتهى بهم الأمر إلى الضياع في زحام القاهرة ، وبه إلى هذا السرفيس. لا شك أن الكاتبة تضع أمامنا هيكل حكاية تقف هي منه موقف المتأمل ، قاطعة هذا التأمل بعبارة أظنها تحمل قدراً من المعاناة الموازية : " لازم تيجي المسرح يا محمد ....". أما الكتابة الأخرى التي طرحتها المجموعة هي كتابة مغايرة ، تطرح مفهومًا آخر للقصة القصيرة باعتبارها فناً تجاوز رؤية البناء المتكامل إلى بناء مجموعة من الثقوب إن لم نقل إلى الهدم؛ الذي لا ينظر للغة باعتبارها مجرد وسيلة لطرح فكرة أو مجموعة لأفكار ما، بل باعتبارها دالاً هاماً وفعالاً من دوال العمل السردي . يظهر هذا المفهوم في ستة منشورات جاءت تحت عنوان " منشورات منتصف الليل " حيث تجلى هذا المفهوم بشكل جلي في المنشور رقم "2" المعنون بـ " العجز " وفيه لا نجد هيكلاً للحكي بل مجرد رصد محاولة – أظنها فاشلة – للكتابة. لا لكتابة شئ بعينه ،ولك لفعل الكتابة نفسه، فتقول :فقط أريد أن أكتب أريد أن أرى الحبر الأزرق وهو متشكل وهو متشكل بصيغ وتراكيب وفراغ " . هكذا تصبح الكتابة هماً لذاتها وتتلخص معاناة الكاتب في عجزه عن القيام بهذا الفعل هذا العجز الذي نعانقه بنشوة " يائسة " في نهاية المنشور حيث تقول : " عزيزي الورق .. النصر لك " . لعل أهم ما يميز المجموعة قدرتها على كشف عوالم النفس البشرية ، ورصد معاناتها ، وصراعاتها في جمل قصيرة " مشحونة " بمجموعة من التوترات التي إن دلت إنما تدل على رهافة حس الكاتبة ، ومدى وعيها ، وقدرتها على سبر أغوار ذاتها . خالد حسان ناقد وباحث بكلية آداب
الدستور/ ( الأحد/ 5 أغسطس 2007م ) كتب الكاتبة : هدى توفيق الكتاب : مجموعة قصصية ( عن عاقر وأحول ) الناشر : مركز الحضارة العربية عدد الصفحات : 112 صفحة أستطاعت الكاتبة أن تلم بين دفتى مجموعتها القصصية عوالم متعددة مليئة بالأحداث والشخوص التى تنبت كلما انتقلت إلى قصة تالية . [ ترانيم الحزن والسحر الأسود في " عاقر وأخول " .... ياللهول ] كتب: سامح قاسم " كان اللقاء مبهوتاً بوحشة الليل وشوق باعة أطول وأطول من لقاءات التوجس والفزع الذى يحولنا إلى قطع صامته ، شعيرات بيضاء وأنت تنظر داخل جسدك وقلبك وتسأل : هل سريعاً هكذا تستجيب للمشيب داخل مفردات حواسك الحافرة مع زمن الطغيان ". هذا مقطع من القصة الأولى فى مجموعة هدى توفيق الصادرة عن مركز الحضارة العربية والتى تتميز بالغنائية إلا أنها غنائية واعية وغير مفرطة بشكل لا يخل بالكتابة القصصية . عند القراءة الأولى للمجموعة تستشف رائحة الأمواج وعبق السواحل وروعة واختلاف الألوان التى تراها هى ككاتبة ليس كما نراها نحن " كانت تبحث عن أوراق ملونة بألوان الأحمر والأزرق والأسود والأبيض . فقد قررت أن ترسم أشكالاً مختلفة من هذه الأوراق الملونة . جلست متكئة على جدار الحائط . عيناها زائغتان لا يحملان أى دهشة أو حماس لعمل شىء . تعجبت واندهشت عن ماذا تبحث بالضبط لتشكل هذه الأوراق الملونة ". عندما تنتقل بين قصص المجموعة تقرأ إحداها والمعنونة بـ " تحت نفس الشمس " ؛ وكأنك تستمتع لموسيقى حالمة تنبعث من غرفة أحد الموسيقيين وليكن غرفة بيكاسو . " خرجت من غرفة بيكاسو وذهبت تجلس عند نفس الجدار في جلستها المعتادة ، وقد حسمت قرارها داخل نفس اطمأنت أخيراً : سأفعل أشكالاً موسيقية على شكل الأورج بأصابعه السوداء والبيضاء تحاكى بها الحياة بكاملها وداخلها العميق . أستلهم بها روح الحياة بكاملها ودافعها العميق " . فى بعض قصص المجموعة ترى الحزن ليس كما نعرف وإنما له ترانيم ولون أبيض . " إن مثلى ياعلى يجب أن يحبس فى قمقم مختوم . فاجأها صمت الحلم المتكرر الملعون الذى يعصر بحياتها ويحولها فى لحظات كبيرة إلى جبل حزن ناصع البياض . مثقوب بعينين خضراوين اللون ، يلمع محجريهما ببريق لعنه ما تؤرق منامها وتجعل الأبرياء قتلة " . لا تنسى الكاتبة هدى توفيق أن تسرد قصة ضمن مجموعتها عن السحر الأسود الذى لا يتأتى إلا برضا الشيطان . وعنونت قصتها بـ " عن عاقر وأحول " وهى نفس القصة التى تحمل المجموعة اسمها . " إنه عقد برمه الأحول مع الشيطان . توضأ باللبن وربط المصحف على قدمه اليسرى ، والتقى به فى مكان مهجور ؛ وكلما فعل فعلة شريرة ازداد قوة ؛ ورضا عنه شيطان السحر الأسود " . فى إحدى قصص المجموعة تحاول الكاتبة مخاطبة القارىء. ربما بمباشرة تبعدها عن فن القصة إلا أن مضمونها ربما ينأى بها عن المباشرة . " أيها القارىء المغمور واللاقارىء المقهور هل تقرأ قصتي ؟ هل تعتقد في حقيقتها ؟ هل لديك ظنون في بأنني معتوهة ، مجنونة ، بأنني كائن غير موجود ، ارتدي " ميكروسكوب " الحياة . أدخل منظاراً في أمعائك الدقيقة ، ستدرك أنك غائب ومغيب ، تعيش فقاعة هائلة شفافة بالتفاهة ، تشاهد التليفزيون تقتل عقلك ، تسمع أقوالاً ليست بأقوال الحياة. هيا انتبه وأعرف أن الناموس وأنت تغط في لغز العقل الباطن بإرادة نائم يامغفل ، قد أسبح جبينك بحبوب حمراء لا تبث الألم أو الشعور بالكحة " .
جريدة/ أخبار الأدب / 11/1/2009 م كهف هدى واختيارها عن دار " الدار" صدرت مؤخراً مجموعة " كهف البطء " لهدى توفيق . القصة الرئيسية في المجموعة بعنوان " أصوات " وتعرفها الكاتبة باعتبارها " مليودراما للاختيار " ، وتقدم فيها معالجة لفيلم " الاختيار " ليوسف شاهين ، والشخصيات هي كمال ، نور ، محمود و " الحقيقة المطلقة " . والمعالجة تستعيد فيها الكاتبة تقنيات السيناريو ، مثل القطع بين مشهد وآخر ، والحوار وغيرها . وبرغم مركزية النص في المجموعة ، فالمجموعة لا تحمل اسمها وإنما اسم قصة أخرى يتم تصديرها بأبيات صلاح جاهين " ما سمعتش يا غايب / حدوتة حتتنا / عن قلب كان هايب / من حلوة حتتنا " ، في القصة نبرة ذاتية للغاية ، تكتبها القاصة على هيئة رسالة لصديقتها العزيزة ، تبدأ بـ " أربعين عاما من الأمل الزائف ، تتلصصين مثل القطط تلعقين جسدك يومياً لتنظيف بقايا الغبار والأحلام والآمال التي كانت تنخر في عظامك ، مثل السوس محفور في قلبك الآمن ".
(جريدة البديل/ 14 / مارس 2009 م) عمل هدى توفيق فى ورشة الزيتون " كهف البطء " .... خصخصة وهيمنة وقليل من السرد كتب: شاهر عياد أجمع النقاد الذين استضافتهم ورشة الزيتون مساء الاثنين الماضى لمناقشة المجموعة القصصية " كهف البطء " للكاتبة هدى توفيق على أن المجموعة تنقصها الكثير من الأشياء لتكون قصصية ، واستعرضوها باعتبارها نصوصاً حرة تأتي فى إطار الكتابة الذاتية أو " سرد البوح ". وناقش " كهف البطء " وهى العمل الثالث لهدى توفيق كل من الناقد شريف الجيار ، والناقد عمر شهريار ؛ بالإضافة إلى الشاعر شعبان يوسف . وبدأ الناقد/ شريف الجيار حديثه بالتعبير عن سعادته بمناقشة عمل لهدى توفيق رغم الملاحظات الكثيرة خاصة فيما يتعلق بالسياق السردى لديها ، وأوضح أن هناك نقوصات كثيرة داخل هذه المجموعة فكتابة القصة القصيرة تعتمد على التكثيف ، والتكثيف هنا يعنى أنه لا مجال للفضفضة أو الوصف الطويل فى حين أن هدى تستخدم جملاً طويلة لا علاقة لها بالقصة القصيرة ؛ بالإضافة إلى أن هناك بعض القصص داخل المجموعة ، مثل " لماذا أكره التفاهة " تبدو كمقال فلسفى أكثر من قصة قصيرة ، وأضاف " المجموعة كانت لحاجة إلى حذف ما هو زائد ". ونوه الجيار بأن صورة الكهف كما هى مستمدة من النص الدينى ( القرآن ) مكان للاحتماء من الخارج ، وبالتالى فإن الكهف لدى هدى يعبر عما يعرف بسرد البوح ، تلك الثرثرة السردية التى تفضح الذوات المتحدثات داخل المجموعة القصصية . وعبر الجيار عن حيرته فى تصنيف نص أصوات ، وهو نص فى نهاية المجموعة القصصية ، لكنه لا ينتمي إلى فن القصة القصيرة ، وأشار إلى أنه نص يتأرجح بين المسرح والسيناريو والعبث. واستعرض الجيار القضايا التى اهتمت بها هدى فى قصصها المتعددة ملاحظة أنها فى معظمها قضايا متعلقة بالهم العام : كالخصخصة ، والهيمنة الأمريكية ، وكادر المعلمين ، والتمييز ضد المرأة والصراع الطبقي ، بالإضافة إلى قصص أخرى يغلب عليها طابع الذاتية. واتفق الناقد عمر شهريار مع الجيار فيما أتى به ، مشيراً إلى أنه كان يفضل أن تنشر " أصوات " كنص منفصل عن " كهف البطء" باعتباره غريباً عن باقي القصص الأخرى ، ،وأوضح شهريار أن هناك تشوشا فى الرؤية لدى هدى انعكس تشوشاً على كتابتها ، لا أعنى هنا الوضوح ، ولكن أعنى الشفرات التى يفك بها القارىء مغاليق النص ، هناك تعقيد فى هذه الشفرة ، خاصة أن عدداً كبيراً من القصص مكتوب فى صيغة رسائل. رساله إلى حبيبها أو إلى صديقتها ؛ ومن المؤكد أن هناك ذكريات مشتركة وكلمات مفتاحية ( سيم ) لا أحد يفهمها إلا الصديقان أو الحبيبان والقارىء بعيد عن كل هذا. وختم بقوله أن القصص كانت تحتاج إلى بعض المراجعة والتدقيق والتركيز والتكثيف . أما الشاعر شعبان يوسف: فأوضح أن هدى تقدمت فى أكثر من منحنى فقد كان هناك تطور كبير فى اللغة ، ولكنه فى النهاية عبر عن حيرته فى تصنيف نص " أصوات "، وأضاف شعبان هناك خروج على التجنيس القصصي المتعارف عليه. هذه الكتابة لا تعرف الاقتصار أو التكثيف ، ولكنها تريد أن تقول كل شئ فى القصة . إلا أنه عبر عن إعتقاده أن نص أصوات قادر على خلق جنس أدبى جديد باعتباره بعيداً عن كل التصنيفات الموجودة حالياً ، ولكن شعبان اتفق مع كل من الجيار وشهريار على أن الرؤية لدى هدى كانت مشوشة؛ مضيفاً أنها لم تكن قادرة على ضبط النص كقصة قصيرة ، وفى النهاية عقبت هدى توفيق على كل ماسبق فقالت :هذا النص تحديداً ( أصوات ) ، هو نص مفتوح. أنا لم أقصد أن أكتب قصة قصيرة ، ولكن هناك حالة من البوح سواء كان المنتج النهائي قصة أو فلسفة أو مسرحاً. كتعبير عن أن هناك تشويش فى المجتمع الذى نعيش فيه. لم أكتب قصة ، ولم أكن أقصد كتابة قصة. لو كنت أريد كتابة قصة لكتبت ؛ لأنني قمت بذلك من قبل .
#هدى_توفيق (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شهادة أدبية عن رواية ( زقاق المدق )
-
عن رواية ( مهمة سرية )
-
المجموعة القصصية ( أحلام جائعة )
-
عن كتاب ( الأنا ورؤية الآخر )
-
نصوص أدبية
-
مقطع من رواية - رقصة الحرّية -
-
شهادة أدبية
-
قصة قصيرة
-
قراءة في المجموعة القصصية - مخرج -
-
قصة - عدوى المرح -
-
نماذج قصصية هدى توفيق
-
عن فن المتتالية القصصية ـ وتداخل الأجناس الأدبية
-
قراءة في رواية - نخلة وبيت -
-
الواقعية التسجيلية في المجموعة القصصية - حذاء سيلفانا -
-
عن قصص - فاكهة بشرية -
-
عن رواية - رقصة الحرية -
-
التحليل النفسي في العمل الإبداعي
-
مداخلة حول العام الثقافي في مصر عام 2021م
-
الثقافة عن بعد
-
رؤى ثقافية عن الإبداع
المزيد.....
-
نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت
...
-
موكب الخيول والموسيقى يزيّن شوارع دكا في عيد الفطر
-
بعد وفاة الفنانة إيناس النجار.. ماذا نعرف عن تسمم الدم؟
-
الفنان السوري جمال سليمان يحكي عن نفسه وعن -شركاء الأيام الص
...
-
بالفيديو.. لحظة وفاة مغني تركي شهير على المسرح
-
كيف تحولت السينما في طرابلس من صالونات سياسية إلى عروض إباحي
...
-
بالفيديو.. سقوط مطرب تركي شهير على المسرح ووفاته
-
-التوصيف وسلطة اللغة- ـ نقاش في منتدى DW حول تغطية حرب غزة
-
قدمت آخر أدوارها في رمضان.. وفاة الممثلة التونسية إيناس النج
...
-
وفاة الممثلة التونسية إيناس النجار إثر مضاعفات انفجار المرار
...
المزيد.....
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
المزيد.....
|