نجم عذوف
الحوار المتمدن-العدد: 1800 - 2007 / 1 / 19 - 11:23
المحور:
الادب والفن
كان أبو تحسين يمسح جبهة نصب الحرية يوميا
يجوب أزقة البتاوين بصحبة عروة ابن الورد ..
يوزع فرحا مؤجل .
كان أبو تحسين حلاقاً يمشط جدائل دجلة ويضعُ ..
الحناء على أطراف أصابعها .
كان أبو تحسين يبيع (المخلمة) في (كراج العلاوي) ..
للخوذ المملوءة بالهم .
كان أبو تحسين يغني في أفراح الفقراء المضاءة ..
في فوانيس العشق .
كان يغني ويغني .. ويغني حتى تسقط أكواخ المعدومين ..
مغشيا عليها .
يتوضأُ من عرق الشمس لصلاة المغرب
يفترش القلق المضطرب سجادته الصوفية
يجوب حذراً خلف قدميهِ العاريتينِ....
يمسح ظله
كان أبو تحسين يتركُ خلف المتاريس ...
أعقاب الزمن الذي لوث الرغبة
يكتبُ في أثواب الغيمة ملل القطرات ....
وجزع الريح
كان يلمُ رماد الضوء ويطفئ نزوةَ الجموح
كان يواري أضرحة حروبٍ لم تبدأ
وحروب بدأت ...
وحروب ربما لم تكن .
كان أبو تحسين يجمع دمعنا في قارورة ...
لوردةٍ أصابها الجفاف
يداعب شحوب المرآة التي تنفث الحسرات
يشرب المساء الحزين في الذاكرة العكرة
كان يتلو نشيد الشرود الزائف المذهل
كي لا تحترق الأصابع المرتعشة بالجنون
تنتحب سماءه الرمادية التي تشبه السأم
السماء الرمادية التي لوثة روحي بالأسئلة
كان أبو تحسين يجوب في طرقات الموت العشوائي
أيتها الذاكرة القاحلة المبللة بالحزن نطفئ موقد الريح
أيها الطوفان المخيف امنح شجرتي نافذة صغيرة
كي تنظر غبار العتمة .
سأمزق الجحيم الذي ينبعث خلف مخاوفي
سأدق عنق العزلة السيئة
كان أبو تحسين طائرا يتدثر بالحروب السادية
يتهاوى فوق الوجع ويسور الخوف
يتلمس أقبية الأدعية الصفراء ..
ويقفز نحو جدار الليل
كان يلم غبار الصمت ..
ويرسم في الماء ظلال النهر المتصدع .
كان أبو تحسين جسراً تعبره صلوات الحلم المخنوق
يبحث عن لون الدهشة الحصيف
يقلب نبوءات الغيم الذي اغتاله المساء
يمسح من عين المنفى الدمع
ظلت أزمنة شرودي في السرد النحيل
أيها العوسج ما بالك تفصح السر المتراخي ...
ارجم ضوء الوداع وشبابيك الوحدة
فما زال أبو تحسين مئذنة في ركن منسي
#نجم_عذوف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟