خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8297 - 2025 / 3 / 30 - 00:15
المحور:
الادب والفن
أنا العابرُ الأخيرُ على حافةِ الضوءِ،
أقتاتُ من ظلِّي وأعبرُني،
أحملُ الأرضَ في راحتيَّ كأغنيةٍ مشطوبة،
وأحني جبهتي للعدمِ الناطقِ باسمِ الأزمنةِ الساقطة.
يا أنتَ،
أيّها الواقفُ بين السؤالِ وبين السؤال،
أما آن أن تكسرَ المرآةَ؟
أما آن أن تشربَ الغيمَ حتى الثمالةِ؟
أما آن أن تنسى ملامحَكَ في شرفةِ الماوراء؟
أنا نايُ الذكرى إذا جفَّتْ الأزمنة،
أنا رئةُ الغيمِ إذا خذلتِ الريحُ عشّاقها،
أنا الوترُ الضائعُ في كفِّ نايٍ مكسور،
أنا الكلمةُ،
لكنَّ المعنى تأخرَ عني.
أيها الليلُ،
أيها السادرُ في سرِّه،
لماذا تعلِّقُ وجهي على أذرعِ الصمت؟
لماذا تشدُّني من يديَّ إلى فجوةِ اللازمنِ،
ثمَّ تغسلني بالعدمِ؟
ها أنذا،
أعيدُ تشكيلَ وجهي بذاكرةٍ أُخرى،
أعيدُ لملمةَ نبضي من الطرقاتِ الخاوية،
وأتركُ خطوي على الدربِ نقشًا
لعلَّ المساءَ إذا مَرَّ بي،
يضيءُ!
الآن، قل لي:
أين ينبتُ النورُ،
إذا كانتِ الأرضُ تمضغُ صمتَ القبور؟
أين نُخبِّئُ الحلمَ،
إذا كانَ كفُّ المساءِ يوشكُ أن يُطفئَه؟
أنا العابرُ الأخيرُ،
لكنني، في منتصفِ الريحِ،
أبحثُ عني.
أنا العابرُ الأخيرُ،
لكنَّ قلبي لم يتّفق معي بعد،
يريدُ أن يقطفَ من الغيبِ نجمةً،
أن يُلقِيَ ظِلَّهُ على صدرِ البحرِ،
أن يُنصتَ لصوتِ الندى وهو يُرتِّبُ شفتيه فوق العشب.
يا قلبي،
أيّها المرتحلُ بين الأفقِ والذكرى،
لماذا تأخذُ خطوي إلى حيثُ لا أدري؟
لماذا تعلِّقُ صوتي على وترِ الغيبِ
ثم تتركني للريح؟
حاولتُ أن أعلّمَكَ الصمتَ،
لكنّكَ كنتَ أكبرَ من السكوت،
أقربَ إلى الضوءِ من ظلِّهِ،
وأبعدَ عني من روحي.
أيها الليلُ،
لا تُغلقْ أبوابَكَ بعد،
لا زالَ في القلبِ متّسعٌ للحنين،
ولا زالت يداهُ ممسكتينِ بي،
كما لو كنتُ نجاةً،
كما لو كنتُ ضياعًا،
كما لو كنتُ المعنى الأخيرَ
للتيهِ الأبديّ.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟