أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - سقوط بشار الأسد: نقطة تحول تاريخية في سوريا وتداعيات إقليمية















المزيد.....

سقوط بشار الأسد: نقطة تحول تاريخية في سوريا وتداعيات إقليمية


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8296 - 2025 / 3 / 29 - 20:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يفتح سقوط نظام بشار الأسد أبواب حقبة جديدة، ليس فقط لسوريا، بل للشرق الأوسط بأكمله. بعد 14 عامًا من الحرب الأهلية، يُرسل لجوء الأسد إلى موسكو، ومنحه فلاديمير بوتين اللجوء السياسي، إشارات قوية حول كيفية تأثير هذا الانهيار على الديناميكيات العالمية. إلا أن هذا التطور لا يقتصر على سقوط قائد؛ بل يحمل تداعيات عميقة على توازن القوى الإقليمي، والمصالح الاستراتيجية للقوى العظمى، ومستقبل الشعب السوري.

هروب الأسد: مظلة موسكو المدروسة
إن هروب بشار الأسد إلى موسكو مع عائلته، وقبول بوتين للطلب، ليس مجرد بادرة إنسانية، بل هو نتيجة حسابات جيوسياسية. إن تصريح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بأن "هذا القرار اتُخذ لأسباب إنسانية"، هو رسالة مُصاغة بعناية لتقديم هذه الخطوة على أنها شرعية على الساحة الدولية. إلا أن الأسباب الحقيقية وراء هذا اللجوء أعمق من ذلك بكثير. يُظهر لجوء الأسد إلى روسيا بالدرجة الأولى أن موسكو قوة لا تتخلى عن حلفائها. بهذه الخطوة، يُشير الكرملين إلى أن وجوده في سوريا ليس مرتبطًا بشخص الأسد، وأنه سيواصل نفوذه في المنطقة حتى في حال تغيير النظام. علاوة على ذلك، تُرسل خطوة روسيا رسالة واضحة إلى الغرب: "سنبقى ليس فقط طرفًا عسكريًا في الشرق الأوسط، بل أيضًا قوة حاسمة في الحلول السياسية". ويهدف هذا الموقف أيضًا إلى ضمان مصالح روسيا نفسها. مع وصول الأسد إلى موسكو، تُخطط روسيا لإنشاء طاولة مفاوضات جديدة لتأمين مستقبل قواعدها الاستراتيجية ووجودها العسكري في سوريا. تُعدّ قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية نقطتين رئيسيتين في المصالح الجيوسياسية لروسيا في شرق البحر الأبيض المتوسط. ومن الواضح أن الكرملين سيسعى لضمان اعتراف أي حكومة سورية جديدة بهاتين القاعدتين.

روسيا: حليف قوي واستراتيجيات جديدة

سقوط الأسد لا يعني فشل التدخلات الروسية في سوريا. على النقيض من ذلك، تواصل موسكو استخدام الدعم العسكري والدبلوماسي الذي قدمته للنظام كورقة ضغط لتحقيق استراتيجياتها الجيوسياسية. كاد تدخل روسيا في الحرب الأهلية السورية عام ٢٠١٥ أن ينقذ نظام الأسد من الانهيار، وسمح له بالتفوق على قوى المعارضة. ومع ذلك، وفي ظل تغير النظام، تسعى موسكو إلى استراتيجية توازن جديدة. تعكس جهود روسيا لإقامة علاقات مع حكومة جديدة عزمها على الحفاظ على نفوذها في سوريا. ويُعدّ تحوّل خطاب الكرملين جديرًا بالملاحظة: فقد بدأ يصف قوى المعارضة، التي كانت تُشير سابقًا إلى "إرهابية"، بـ"المعارضة المسلحة"، في إشارة إلى هذا التوجه. بالإضافة إلى ذلك، تهدف موسكو، من خلال دعوتها لعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي، إلى البقاء لاعبًا فاعلًا في النظام الدولي حتى في حقبة ما بعد الأسد.

إيران: سقوط "محور المقاومة"

يُمثّل سقوط بشار الأسد كارثة استراتيجية لإيران. فقد اعتبرت طهران سوريا حلقة وصل محورية في "محور المقاومة" لسنوات. شكلت سوريا ممرًا حيويًا لتزويد حزب الله في لبنان بالأسلحة والدعم اللوجستي. إلا أن انقطاع هذا الممر في حقبة ما بعد الأسد يتطلب من إيران إعادة صياغة استراتيجياتها العسكرية والسياسية. سيؤثر فقدان الدعم اللوجستي لحزب الله عبر سوريا بشكل مباشر على قدرته العسكرية ضد إسرائيل. علاوة على ذلك، فإن الاستقبال غير المؤكد للمستشارين العسكريين الإيرانيين وقوات الميليشيات من قبل الحكومة الجديدة يزيد من الغموض. لا تنظر إيران إلى سقوط الأسد على أنه خسارة في سوريا فحسب، بل إضعاف لنفوذها في المنطقة بأسرها.

الولايات المتحدة والغرب: الفرص والتهديدات

ترى واشنطن أن سقوط الأسد "فرصة تاريخية"، لكن هذا يزيد أيضًا من حالة عدم اليقين الإقليمية. يُعدّ فراغ السلطة في شمال سوريا بعد سقوط الأسد مصدر قلق رئيسي للولايات المتحدة. وقد أعلن البنتاغون أنه سيحافظ على وجوده على الأرض لمنع العناصر المتطرفة، مثل داعش، من استغلال هذا الفراغ. يهدف دعم الولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية (SDF) إلى حماية حلفائها على الأرض وتأمين مصالحها الإقليمية. مع ذلك، قد يُفاقم هذا الدعم التوترات في علاقتها الراسخة مع تركيا. وتثير استراتيجية واشنطن في هذه العملية تساؤلات مهمة حول كيفية الحفاظ على التوازن في المنطقة.

تركيا: معضلة اللاجئين والأمن

أُجبرت أنقرة على إعادة النظر في سياساتها في سوريا بعد سقوط نظام الأسد. لسنوات، دعمت تركيا جماعات المعارضة السورية، واتخذت موقفًا معارضًا للأسد. أما الآن، فإن التوازنات الجديدة التي ستبرز في شمال سوريا تحمل في طياتها فرصًا وتهديدات لتركيا. يتمثل مصدر قلق أنقرة الأكبر في تعزيز نفوذ الجماعات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، والذي تعتبره تهديدًا لأمنها القومي. إضافةً إلى ذلك، فإن استضافة تركيا لأكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري جعلت هذه القضية محورًا رئيسيًا في السياسة الداخلية. وتشير دعوات وزير الخارجية هاكان فيدان إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية لتسهيل عودة اللاجئين إلى حاجة تركيا إلى الدعم الدولي في هذه العملية.

إسرائيل: مخاوف أمنية وفرص جديدة

يُقدم سقوط نظام الأسد صورةً معقدةً لإسرائيل. فمن ناحية، يُمثل تراجع نفوذ إيران في سوريا ميزةً لتل أبيب. ومن ناحية أخرى، لا يزال احتمال وقوع الأسلحة الكيميائية والباليستية في أيدي الجماعات المتطرفة أحد أهم شواغل إسرائيل. تواصل إسرائيل تعزيز وجودها العسكري حول مرتفعات الجولان لمواجهة هذه التهديدات. علاوة على ذلك، فإن كيفية تطور العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة ستكون أحد العوامل الحاسمة في تحديد موقع إسرائيل الاستراتيجي في المنطقة.

نهاية حقبة، عتبة بدايات جديدة

يُشير سقوط بشار الأسد إلى تغيير جذري سيُهزّ سوريا والمنطقة. إن هروبه إلى موسكو وقبول بوتين للطلب ليس مجرد هروب قائد واحد، بل هو أيضًا انعكاس ملموس للتحولات في ميزان القوى الدولي. في حقبة ما بعد الأسد، سيُشكّل مستقبل سوريا ليس فقط من قِبل الجهات الفاعلة الداخلية، ولكن أيضًا من قِبل مصالح القوى العالمية، مما يجعل هذه العملية معقدة. في هذه العملية، ستكون الدبلوماسية والقوة العسكرية والحسابات الاستراتيجية أهم العوامل في تحديد التوازن الجديد في الشرق الأوسط.

الصحفية غاي سودي كايشلي العاملة في شبكة CNN



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التدريب الافتراضي بالمحاكاة في التفاوض والقيادة ، محمد عبد ا ...
- كيف تدفع المرأة زوجها إلى الخيانة الزوجية؟ محمد عبد الكريم ي ...
- كيف يُدمر الإهمال العاطفي وغياب الحميمية الزواج؟ محمد عبد ال ...
- لماذا تستخدم الجيوش البدو في عملياتها العسكرية ، محمد عبد ال ...
- تاريخ الاحتلال في سوريا: من الأكاديين إلى الأتراك ، محمد عبد ...
- في سوريا ، كل الطرق تؤدي إلى روما
- لماذا تقبل المرأة أن تكون زوجة ثانية؟ محمد عبد الكريم يوسف
- سوريا في خطر: أمة على مفترق طرق
- يساء فهمها ومعاملتها وتتعرض للتحريف: محنة العلويين المسلمين ...
- عقلية الثورة و عقلية الدولة، محمد عبد الكريم يوسف
- علم الأخطاء: أهم عشر فوائد للتعلم من الأخطاء
- عطش الثورات للدماء: دراسة مقارنة للثورتين الفرنسية والإنجليز ...
- متى تنتهي الصراعات داخل الإسلام؟ محمد عبد الكريم يوسف
- مفهوم الحنين
- هل يقف المؤرخ دانيال بايبس إلى جانب إسرائيل في أعماله؟
- التهديد الذي يواجه الفكر البشري: دور الذكاء الاصطناعي في الت ...
- الإبداع: التدفق الفكري وعلم نفس الاكتشاف والاختراع،
- العوامل الاقتصادية التي تحدد نتائج الانتخابات،
- الفجوة بين الإيمان والعقل في المجتمع العربي، محمد عبد الكريم ...
- ربط التقاليد بالحداثة في المجتمع العربي، محمد عبد الكريم يوس ...


المزيد.....




- انسداد بالشرايين ونوبة قلبية وسط زلزال مفاجئ.. رحلة رجل إلى ...
- حليف أردوغان: المعارضة تحاول إثارة الفوضى في تركيا
- ماسك يتهم -معهد السلام الأمريكي- بحذف بيانات مالية لإخفاء جر ...
- الدفاع الروسية: قوات كييف هاجمت محطتي كهرباء في بيلغورود واب ...
- هل تضرب طهران تل أبيب؟ إسرائيل تتوقع حدوث هجوم استباقي بسبب ...
- كذبة نيسان: تعرف على أبرز خمس أكاذيب أُطلقت بالمناسبة
- ترامب: واثق من -تنفيذ- بوتين نصيبه من الاتفاق بشأن أوكرانيا ...
- مستشار خامنئي: إذا ارتكبت أمريكا خطأ فإن إيران ستضطر للتحرك ...
- إقامة الأجانب الحاصلين على تأشيرة إلكترونية في روسيا تمدد إل ...
- مصدر: الجيش الروسي وجه ضربة استباقية لقوات أوكرانية حاولت اج ...


المزيد.....

- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - سقوط بشار الأسد: نقطة تحول تاريخية في سوريا وتداعيات إقليمية