أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام عقراوي - الديمقراطية المغيبة في سوريا:مقاربة بين حكم الجولاني مع العراق وأقليم كوردستان














المزيد.....

الديمقراطية المغيبة في سوريا:مقاربة بين حكم الجولاني مع العراق وأقليم كوردستان


هشام عقراوي

الحوار المتمدن-العدد: 8296 - 2025 / 3 / 29 - 20:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحديث عن الوضع السياسي في سوريا اليوم يكشف واقعاً مريراً يتمثل في غياب أبسط مقومات الديمقراطية والتعددية السياسية. أبو محمد الجولاني، الذي تربع على عرش السلطة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، لم يقدم نموذجاً جديداً للحكم، بل أعاد إنتاج الدكتاتورية بحلة أيديولوجية دينية أكثر تشدداً. هذا النهج يجعل من سوريا حالة استثنائية حتى بالمقارنة مع دول مثل العراق، التي رغم فسادها ومشاكلها، تحتفظ ببعض ملامح العملية الديمقراطية.

غياب الديمقراطية والتعددية

في سوريا اليوم، لا وجود لأحزاب سياسية أو انتخابات حرة أو تداول سلمي للسلطة. الجولاني هو الحاكم بأمره، يحدد كل شيء بنفسه دون أي شكل من أشكال المشاركة الشعبية أو التمثيل السياسي. حتى الأنظمة السابقة، مثل نظام صدام حسين وبشار الأسد، كانت تحتفظ بـ"أحزاب كارتونية" توحي بوجود تنوع سياسي، رغم أنها كانت مجرد أدوات لتجميل الصورة. أما في سوريا الجولاني، فلا مكان حتى لهذه "الزينة". الديمقراطية بالنسبة له ليست سوى فكرة مؤجلة إلى أجل غير مسمى، بينما يستمر في الحكم لخمس سنوات دون أي مبرر واضح لهذا الاختيار الزمني، في حين كان بإمكانه تشكيل حكومة مؤقتة لمدة سنة أو سنتين، مما قد يعطي بعض الأمل بانتقال تدريجي نحو الديمقراطية.

مقاربة مع العراق وأقليم كوردستان

على الرغم من المشاكل العميقة التي تعاني منها العملية الديمقراطية في العراق، إلا أن هناك قوى سياسية متعددة تشارك في الحكم، وهناك انتخابات تنظم بشكل دوري، حتى وإن كانت نتائجها محل شكوى بسبب الفساد والمحاصصة. في أقليم كوردستان، على سبيل المثال، هناك دستور يسمح لأي شخص من سكان الإقليم بأن يكون رئيساً أو وزيراً، وتُخصص مقاعد للمسيحيين والتركمان في البرلمان رغم أن نسبتهم السكانية ضئيلة مقارنة بالكورد. هذه الأمثلة توضح أن هناك خطوات، ولو صغيرة، نحو التعددية والتمثيل العادل، بينما في سوريا الجولاني، لا يوجد حتى أدنى فرصة لمشاركة الآخرين في السلطة.

الطائفية والاستبداد

الجولاني لم يكتفِ فقط بتهميش الديمقراطية، بل أسس لنظام طائفي ومذهبي يعتمد على الفكر السلفي المتطرف. هذا النظام أجبر المكونات الأخرى، مثل الكورد والدروز وحتى بعض العلويين، على الدفاع عن أنفسهم خوفاً من بطش "الفقه الإسلامي" الذي يتبناه الجولاني. لو أعلن الجولاني نظاماً مدنياً يقوم على فصل الدين عن الدولة، لكان من الممكن بناء سوريا جديدة يشعر فيها الجميع بالأمان، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية. لكنه اختار الطريق الأسهل: الاستبداد باسم الدين، مما أدى إلى تصعيد التوترات الطائفية والمذهبية.

المقارنة مع العراق

من المفارقات أن الجولاني، الذي ارتكب فظائع ضد الشيعة في سوريا، يجلس اليوم مع قادة الشيعة في العراق. هذه المفارقة تكشف عن نفاق سياسي حيث يسعى الجولاني إلى تحسين صورته إقليمياً، بينما يواصل سياساته القمعية داخل سوريا. لو أنه اتبع نهجاً ديمقراطياً حقيقياً، لما احتاج إلى مثل هذه اللقاءات الخارجية، ولما كان هناك حاجة لتقديم اعتذارات أو بناء علاقات على أساس المصالح المؤقتة.

الخلاصة

سوريا اليوم ليست أفضل حالاً من العراق، بل هي أسوأ بكثير. في العراق، رغم الفساد والمحاصصة، هناك عملية سياسية قائمة ومشاركة شعبية ولو بشكل نسبي. أما في سوريا، فالجولاني حوّل البلاد إلى سجن كبير حيث لا حرية ولا حقوق. إذا أراد الجولاني أن يغير صورته أمام العالم، عليه أن يبدأ بتطبيق الديمقراطية والتعددية، وأن يفصل الدين عن الدولة، وأن يمنح جميع المكونات السورية حق المشاركة في بناء مستقبل بلدهم. حتى ذلك الحين، ستبقى سوريا رهينة لدكتاتورية جديدة ترتدي قناع الدين.



#هشام_عقراوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجولاني يعلن حكومة الأقلية السنية المتطرفة: هل يقود التطرف ...
- الجولاني أثبت بأن نظامه سيكون بدون شك دكتاتوريا طائفيا أسلام ...
- ثورات التحرر و الوقت المناسب… تجربة شمال كوردستان..دعوة أوجل ...
- لماذا على الكورد أن لا يلعبوا أي دور في تشكيل النظام السوري ...
- ليست هناك حركة قومية كوردية، بل هناك أستغلال حزبي وشخصي للفك ...
- مقترح لذوي النوايا الحسنه لحل القضية الكوردية و قسد في سوريا ...
- سوريا تحت الانتداب التركي المباشر.. و الجولاني يبحث عن منافس ...
- الكورد و التخطيط السطحي للثورات، بعد نصف قرن بالضبط هل ستعيد ...
- تغييرالتوازنات في الشرق الاوسط التي أسقطت الاسد و ضرورة أعاد ...
- المجلس الوطني الكوردي ( الانكسة) بين المخاوف من العقوبات الت ...
- بعد سيطرة الاسلاميين، قواة سوريا الديمقراطية هي الخلاص للمسي ...
- القنبلة الاسلامية السنية، السورية، التركية قضت على المحور ال ...
- شهر العسل زائل و الطلاق قادم بين تركيا و سوريا لا محال. تورك ...
- مقارنة و حقائق حول حدود و حقوق جنوب و غربي كوردستان.. ماهي ح ...
- ليفهما الجميع: التغييرات تحدثها التدخلات الدولية و ليس الشعو ...
- هل الكورد عملاء لأسرائيل أم المجاميع العربية السنية الاسلامي ...
- -ترويض الشعب-.. بدلا من أن يفرض الشعب النزاهة على الحكومة و ...
- الكورد و (وعد نتانياهو) اليهودي ألاسرائيلي كوعد (بلفور) البر ...
- داخليا، ماذا وراء المشروع التركي لأوجلان؟ و لماذا قام العمال ...
- نار المحتلين و نار القوى الكوردية بمثقفيها موجهه نحو الكورد ...


المزيد.....




- انسداد بالشرايين ونوبة قلبية وسط زلزال مفاجئ.. رحلة رجل إلى ...
- حليف أردوغان: المعارضة تحاول إثارة الفوضى في تركيا
- ماسك يتهم -معهد السلام الأمريكي- بحذف بيانات مالية لإخفاء جر ...
- الدفاع الروسية: قوات كييف هاجمت محطتي كهرباء في بيلغورود واب ...
- هل تضرب طهران تل أبيب؟ إسرائيل تتوقع حدوث هجوم استباقي بسبب ...
- كذبة نيسان: تعرف على أبرز خمس أكاذيب أُطلقت بالمناسبة
- ترامب: واثق من -تنفيذ- بوتين نصيبه من الاتفاق بشأن أوكرانيا ...
- مستشار خامنئي: إذا ارتكبت أمريكا خطأ فإن إيران ستضطر للتحرك ...
- إقامة الأجانب الحاصلين على تأشيرة إلكترونية في روسيا تمدد إل ...
- مصدر: الجيش الروسي وجه ضربة استباقية لقوات أوكرانية حاولت اج ...


المزيد.....

- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام عقراوي - الديمقراطية المغيبة في سوريا:مقاربة بين حكم الجولاني مع العراق وأقليم كوردستان