أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبيد حمادي - مفترق طرق امريكا وسوريا والعراق














المزيد.....

مفترق طرق امريكا وسوريا والعراق


محمد عبيد حمادي
أكاديمي وكاتب وباحث في الشأن السياسي العراقي والإقليمي

(Mohammed Obaid Hammadi)


الحوار المتمدن-العدد: 8296 - 2025 / 3 / 29 - 08:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في قلب الشرق الأوسط حيث تتداخل الخيوط التاريخية والسياسية في لوحة معقدة من الأحداث، تبرز قصة الوضع السوري العراقي كمرآة تعكس عمق الصراعات وتداخل المصالح الدولية مع تحديات الاستقرار الإقليمي الذي طالما شهدته هذه البقعة الحيوية من العالم. تنساب أحداث هذه القصة عبر الزمن لتروي حكاية شعوب تعيش على هامش الحروب والاضطرابات، حيث تتقاطع المصالح العظمى مع طموحات محلية تسعى للعيش بكرامة وسط ظروف صعبة ورسوخ نزاعات طويلة الأمد. في تلك اللحظات التي يشهد فيها الشرق الأوسط تجدد الانقسامات وتداهم الصراعات، لا يمكن تجاهل الدور الفاعل الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في إعادة تشكيل معالم المشهد السياسي والعسكري على أرض هذه الدول، فالتدخلات الأمريكية التي استندت إلى استراتيجيات جيوسياسية معقدة أثرت في مسار التاريخ الحديث لبلاد كالسوري والعراقي.

يمتد تأثير السياسات الأمريكية إلى ما هو أبعد من مجرد تقديم الدعم العسكري أو التدخل السياسي، إذ ارتبطت تلك السياسات برؤية استراتيجية تهدف إلى فرض نظام دولي جديد يتماشى مع مصالح القوى الكبرى، مما جعل من كل خطوة تتخذها الولايات المتحدة داخل حدود تلك الدول جزءاً من لعبة أوسع ذات أبعاد جيوسياسية واقتصادية عميقة. فبينما تسعى السلطات المحلية إلى تأمين مصالحها وتحقيق الاستقرار في مواجهة تحديات داخلية متعددة، تستغل القوى الخارجية مثل الولايات المتحدة الفوضى الناجمة عن الانقسامات الطائفية والصراعات السياسية لتثبيت هيمنة معينة تضمن لها مكاناً في النظام العالمي الجديد. وفي هذا السياق، أصبحت العلاقات بين الولايات المتحدة والدولتين معقدة، تتأرجح بين فترات من التعاون والاشتباك المباشر، وهو ما يعكس حالة من التداخل بين السياسة الخارجية والدوافع الاقتصادية والأمنية التي لا تخلو من غموض يشوبه التناقض.

وفي خضم هذه التعقيدات تتداخل روايات متعددة حول التدخلات الأمريكية، إذ يدعي البعض أن لهذه السياسات أبعاداً تكتيكية تهدف إلى مواجهة النفوذ الإقليمي المتصاعد لبعض القوى الأخرى، بينما يرى آخرون أنها مجرد وسيلة للحفاظ على مصالح اقتصادية عريضة تشمل تأمين مصادر الطاقة والاستثمارات الاستراتيجية. ومن هنا تتجلى صورة الولايات المتحدة كفاعل عالمي يسعى لفرض رؤيته الخاصة في النظام الدولي، مستخدماً أدوات الدبلوماسية والقوة العسكرية على حد سواء، الأمر الذي جعل من العلاقة بين الدولتين موضوعاً ساخناً للنقاش في الأوساط السياسية والإعلامية على حد سواء.

يمتد الصراع إلى ما هو أبعد من حدود السياسية الخارجية، حيث أثرت السياسات الأمريكية على النسيج الاجتماعي والثقافي في كل من سوريا والعراق، فالمجتمعات التي كانت تنعم بتنوع ثقافي وتعايش نسبي وجدت نفسها مضطرة إلى مواجهة تحديات الهوية والانقسام الداخلي الذي تسببت فيه التدخلات الأجنبية. وفي هذا السياق برزت قصص إنسانية محزنة تحكي معاناة شعوبٍ اضطرت إلى فقدان منازلها وأحبتها، عاكسةً بذلك التناقض القائم بين السياسات الكبرى والتأثير المباشر على حياة الأفراد. تلك القصص التي تحكيها الأحاديث اليومية في الأزقة القديمة والمدن التي شهدت حروباً دامية، تحمل في طياتها رسائل عن الإصرار على الحياة رغم كل العقبات، وعن الأمل الذي يشرق من رحم الدمار والظلام.

وفي أعماق هذه الأحداث تتشابك مفاهيم الحرية والسيادة مع واقع الدول التي تسعى لاستعادة هويتها بعيداً عن السياسات الخارجية التي تحاول فرض إرادتها على الشعوب، مما يجعل من إعادة بناء الثقة والمؤسسات الوطنية تحدياً كبيراً يحتاج إلى رؤية شاملة تدمج بين الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وبينما يظل السؤال قائماً عن مدى نجاح التدخلات الأمريكية في تحقيق استقرار دائم، يتردد صدى الانتقادات التي تشير إلى أن مثل هذه السياسات غالباً ما تزيد من معاناة الشعوب وتعمق الانقسامات الطائفية والعرقية، مما يجعل من الطريق إلى الاستقرار مساراً متعرجاً مليئاً بالمخاطر والتحديات.

يتضح أن العلاقة بين الوضع السوري العراقي والولايات المتحدة الأمريكية ليست مجرد حكاية عن تدخل أجنبي، بل هي سرد تاريخي معقد يجسد تقاطعات بين السياسة الخارجية والتأثير الاجتماعي والثقافي الذي يترك آثاراً لا تمحى على نسيج المجتمعات. هذه العلاقة التي تتغير مع تقلبات الزمن والظروف الدولية تعكس بوضوح أن الحلول السلمية تستدعي توازن القوى وتفهمًا عميقًا للدوافع التي تحرك كل طرف، سواء كان ذلك في ساحات المعارك أو في أروقة الحكومات. وفي النهاية تبقى هذه الحكاية درسًا عن كيف يمكن للسياسات الدولية أن تتداخل مع مصائر الشعوب، مما يجعل من الضروري إعادة النظر في طرق التعامل مع النزاعات وصياغة استراتيجيات تضع الإنسانية والعدالة على رأس أولوياتها.



#محمد_عبيد_حمادي (هاشتاغ)       Mohammed_Obaid_Hammadi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعاون عراقي إيراني في ظل العقوبات الأميركية تحدي أم مساعدة
- سوريا في عين العاصفة مخططات صهيونية وأجندات خفية تهدد الاستق ...
- الصراع السوري السوري الى اين
- استراتيجيات الحكام العرب في الحفاظ على سلطتهم
- عودة الكاظمي نقطة تحول في المشهد العراقي
- ترامب والسياسة الخارجية
- السياسة السورية ما بعد هروب بشار الأسد
- سوريا بوابة الوطن العربي الجديد
- سقوط بشار بداية لشرق أوسط جديد
- تأثير السلطة على الصحافة الاستقصائية في الوطن العربي
- ظاهرة تصوير المديرين العامين بين الاستعراض والتأثير الحقيقي
- سياسات أمريكا في الشرق الأوسط بين التخبط والعنف
- الصحافة في العراق حرية مقيدة
- القوانين الصحفية ومدى تأثيرها وتطبيقها
- السياسة الامريكية في العراق
- الوعي السياسي لدى الجمهور العربي


المزيد.....




- مسؤولون أمنيون إسرائيليون: قلق في إسرائيل من تصاعد تهديد حرك ...
- ألمانيا قررت التخلي عن تاريخها وبدأت الاستعداد للحرب المقبل ...
- أندرو تيت في مواجهة جديدة: دعوى بالاعتداء الجنسي والتهديد با ...
- تواصل العمليات الإسرائيلية في غزة ونزوح من رفح إثر طلب إخلاء ...
- سويسرا.. القضاء العسكري يحقق في مشاركة 14 مواطنا كمرتزقة في ...
- ريابكوف: واشنطن لا تنوي الانسحاب من -الناتو-
- مدفيديف: إدانة لوبان -مُختلقة- لإقصائها من سباق الانتخابات ا ...
- برلماني إيطالي يطالب بتعليق عضوية هنغاريا في الاتحاد الأوروب ...
- كيف سيكون رد إيران الحاسم على تهديدات ترامب؟
- نتانياهو يشبّه توقيف مساعديه في قضية -قطر غيت- بـ-احتجاز رها ...


المزيد.....

- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبيد حمادي - مفترق طرق امريكا وسوريا والعراق