محمود حمدون
الحوار المتمدن-العدد: 8296 - 2025 / 3 / 29 - 00:18
المحور:
الادب والفن
ارتجَّ الأمر على الأستاذ خضر, مدرس التربية الدينية واللغة العربية معًا, واضطرب بشدة, ذلك حين سأل وهو يتلطّف في الحديث, كنّا على أعتاب الأيام الأخيرة من الدراسة بالمرحلة الإعدادية, موجهًا كلامه لكلِ منّا: ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟
أجبناه الإجابات التقليدية المعروفة, البالغة السذاجة, البعيدة كل البعد عن قدراتنا وطاقتنا, وإن تباينت الردود لكنها تنتهي إلى نفس الخاتمة.
سعيد فتحي, الوحيد من بيننا الذي ردّ على السؤال وحالة من شغف غريب تطل من عينيه, إذ رفع هامته إلى أعلى حتى كادت تصل إلى سقف الفصل, قال: أمّا أنا فسأصبح إلهًا كبيرًا في هذا البلد. أعاهدكم على ذلك وأدار عينيه فينا كأنما يٌشهدنا على قراره. برّر لنا ذلك قائلًا بلهجة خشنة: لا دوام لأحد ولا بقاء لمخلوق.
أثارت إجابته حفيظة الأستاذ وهو الخلوق الذي لم نره من قبل غاضبًا أو حتى متوعدًا, وكذلك غيظ هيئة التدريس, أُعيد السؤال مرارًا على " سعيد" , جاء الردّ تكرارًا لما قاله في البدء. إذ لم يحد المُجيب عن إجابته.
لقد ظللنا فترة منبهرين بجرأة سعيد فتحي, من إجابته التي لم نسمع مثلها من قبل, مشدوهين من قدرته على تحمل الصفع والركل من المدرسين ومعهم المدير بعدما غُمّت علينا العلة من العقاب الشديد, السبب الحقيقي لكل هذه المعاناة التي يتحملها زميلنا ضئيل الجسم.
لقد صمد أمامهم حتى كلّت أيديهم من الضرب, منهم من سقط مغشيًا عليه. بينهم يقف سعيد فتحي, بحلمه الكبير, برغبته المخيفة.
#محمود_حمدون (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟