أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - تسليم الساحل السوري لقوات قسد خطوة إنقاذ لسوريا من التقسيم














المزيد.....

تسليم الساحل السوري لقوات قسد خطوة إنقاذ لسوريا من التقسيم


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8296 - 2025 / 3 / 29 - 00:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد أثبتت السنوات الماضية أن المشروع السياسي الوحيد الذي حافظ على اتزانه، وقدّم نموذجًا مستقرًا للحكم المحلي والإدارة، هو مشروع الإدارة الذاتية في غربي كوردستان، أو ما يُعرف بشمال وشرق سوريا.
في زمنٍ انهارت فيه معظم الكيانات السورية المعارضة، وفقدت شرعيتها أمام الداخل والخارج، لم يكن السبب في ذلك تشتّتها فحسب، بل لتغاضيها – بل وتواطؤها أحيانًا – مع الجماعات التكفيرية التي تحكّمت بمصير مناطق شاسعة تحت راية ما يُسمى بـ "المعارضة المسلحة".
في المقابل، استطاع مشروع الإدارة الذاتية أن يُقدّم نموذجًا مدنيًا تعدديًا، يحترم التنوّع، ويضمن الأمن، ويُدير المجتمعات المحلية بشفافية نسبية، وسط بحر من الفوضى والانهيارات.
ولهذا، نراه اليوم المشروع السياسي والإداري الأنسب لكل سوريا، ولكافة مكوّناتها، لا كحلّ انتقالي، بل كصيغة دائمة، تفتح باب العدالة والمشاركة، وتغلق أبواب الاستبداد والهيمنة.
وحين نتحدث عن "هيئة تحرير الشام" أو ما يسمى "الجيش الوطني السوري" فإننا لا نتحدث عن تنظيمات محلية سورية عفوية، بل عن تشكيلات خارجية أيديولوجية عسكرية متطرفة، من قوميات مختلفة، لم تكن لتصل إلى هذا الحجم لولا الدعم المباشر وغير المباشر من تركيا، عبر تسليحها، وتوفير الغطاء السياسي لها، واستخدامها كأدوات لفرض نفوذها على شمال غرب سوريا.
هذه الجماعات، التي تضم الحمزات والعمشات، ما يُعرف بميليشيا "السلاطين"، لم تقم فقط بتشويه صورة الثورة، بل ارتكبت فظائع بحق المدنيين في عفرين وكري سبي وسري كانيه، كما شاركت أو تغاضت عن المجازر الطائفية في الساحل السوري، لا سيما ضد المكون العلوي، في ظل صمت مريب من الحكومة الانتقالية، وأولهم أحمد الشرع، الذي لم يجرؤ حتى اللحظة على إدانة تلك الجرائم أو المطالبة بمحاسبة مرتكبيها.
أما التذرع بعدم القدرة على مواجهة تلك الجماعات بسبب الحماية التركية، فهو اعتراف خطير بالعجز، وتسليم فعلي للقرار السيادي السوري لجهات أجنبية ذات مشاريع توسعية، والأسوأ أن الحكومة الانتقالية لا تملك حتى رفاهية الاستنجاد بالقوى الدولية، لأن أي محاولة من هذا النوع، سترفض لتغطيتها على الإرهاب من خلال الصمت، كما وستُجهضها تركيا فورًا، بذريعة "تهديد مصالحها".
في هذه المعادلة القاتلة، لم يبقَ أمام أحمد الشرع وحكومته إلا التوجّه نحو الشريك الوحيد الذي يمتلك مشروعًا واضحًا، وقوى منضبطة، ودعمًا دوليًا ثابتًا، قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية التي تمثّلها، ليس فقط لأن هذه القوات تمتلك القدرة على ضبط الأمن، بل لأنها تحظى بشرعية دولية، وتحمل في تجربتها السياسية مع الإدارة الذاتية، ومعها الأطراف الأخرى من الحراك الكوردي نموذجًا ديمقراطيًا محترمًا في نظر القوى الكبرى.
إن إشراك قوات قسد والإدارة الذاتية في تسيير شؤون الدولة، وتحمّل المسؤولية السياسية والأمنية، لن يُضعف الحكومة الانتقالية، بل سيمنحها وجهًا ديمقراطيًا موثوقًا في الخارج، وسيرفع عنها تهمة الانحياز أو التواطؤ مع الجماعات المتطرفة.
قوات قسد، بعقيدتها غير الطائفية، وبتجربتها الميدانية في إدارة المناطق المتعددة المكونات، تملك الإمكانيات والشرعية الدولية لتكون ركيزة الحل، وليس طرفًا هامشيًا فيه، ليست مجرد خيار عسكري، بل ضرورة سياسية وأخلاقية، تمنح الحكومة الانتقالية فرصة تاريخية للظهور بصورة المسؤول الجاد، لا المتواطئ أو العاجز.
وهي من أولى وأهم الخطوات الجادة نحو بناء سوريا جديدة تبدأ من تسليم منطقة الساحل إلى إدارة مدنية مسؤولة، تحت حماية قوات قسد، على أن يُستكمل هذا المسار بتحرير عفرين وكري سبي وسري كانيه من سيطرة الفصائل المدعومة تركيًا، لتشكيل شريط جغرافي ديمقراطي متصل، يقود إلى بناء وطني متكامل.
عندها فقط، يمكن لسوريا أن تخرج من نفق الفوضى.
عندها فقط، يمكن كبح جماح الجماعات التي تقتل باسم الطائفة، وتُمعن في ذبح التعددية.
أما دون ذلك، فإن البلاد ستبقى عالقة بين فكيّ الاستبداد والمقدس، بين شبح الإرهاب وهاجس الهيمنة، ويصبح المشروع الوطني السوري مجرد وهم، يذروه رماد الوقت، ودم الأبرياء.
عند هذه النقطة فقط، يمكن الحديث عن النظام الفيدرالي اللامركزي، لا بوصفه طموحًا كوردياً، بل كمخرج وطني شامل من الكارثة، فالفيدرالية اليوم ليست مجرد هيكل دستوري، بل هي مانع لانهيار الدولة، ودرع ضد الطائفية، وأداة لبناء شراكة حقيقية بين مكونات البلاد.
إن سوريا، التي تنزف من أطرافها، والتي تُستنزف طاقتها بين قوى الاحتلال ومشاريع الإسلام السياسي، لن يُنقذها إلا مشروع وطني جامع، يضمن التمثيل العادل، ويمنع الإقصاء، ويضع حدًا لاستباحة الدم باسم المعارضة.
فلا بناء لوطن على أنقاض الطوائف.
ولا معنى لحكومة انتقالية رهينة للميليشيات.
ولا مستقبل لسوريا دون الاعتراف بكامل الحقوق الكوردية، وبجميع مكونات سوريا الأخرى، لا على الورق، بل على الأرض، في النصوص، وفي السلطة، وفي الرمز.



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حضرة الغياب الإلهي مجازر شنكال وسوريا بين التكفير ورايات ...
- الكورد والثورة السورية تحذير من تكرار الخطيئة الإيرانية
- نوروژ بين الدين والقومية، بين الثورة والطمس
- إلى أي درك كارثي تتهاوى سوريا؟
- حين يتقيأ الحقد، العروبة المشوهة في مواجهة الحقيقة الكوردية
- إعادة قولبة سوريا
- سوريا نحو الاستبداد الدستوري
- صناعة الشعوب المشوهة
- قراءة سياسية في اتفاقية مظلوم عبدي وأحمد الشرع
- سوريا على طريق التقسيم بين إرهاب الدولة واستبداد الإسلام الس ...
- سوريا بين المركزية القاتلة والفيدرالية المنقذة
- بين ضرورة الإصلاح ومخاوف التفكك في سوريا
- القضية الفلسطينية بين واقع التاريخ وخطاب الأنظمة العروبية
- أردوغان في قبضة ترامب هل يواجه مصير زيلينسكي أم يراوغ بذكاء؟
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- ترامب وبينس إهانة للبيت الأبيض باسم السلام
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- الجميع حضر في قاعة مؤتمر دمشق إلا الوطن!


المزيد.....




- البيت الأبيض: ترامب يزور السعودية في مايو بأول جولة خارجية ل ...
- حكومة غزة: نحن أمام لحظة إنسانية فارقة.. مجاعة في القطاع وعل ...
- ما قصة فاطمة الفهرية التي أسست أقدم جامعة في العالم؟
- عيد الكذب: عندما يتحول المزاح إلى أزمة عالمية في زمن المعلوم ...
- هل تنفذ إسرائيل وعيدها وتقصف المنشآت النووية الإيرانية؟
- ألمانيا ـ محادثات تشكيل الائتلاف.. سحب الجنسية بسبب معاداة ا ...
- الصين تتخذ إجراءات مضادة في أعقاب القيود الأمريكية على تأشير ...
- وزارة الدفاع الجزائرية تعلن إسقاط مسيرة مسلحة اخترقت حدود ال ...
- جونسون: سيكون على ترامب أن يغير دستور الولايات المتحدة للترش ...
- بوتين يستقبل رئيس صرب البوسنة في الكرملين


المزيد.....

- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عباس - تسليم الساحل السوري لقوات قسد خطوة إنقاذ لسوريا من التقسيم