أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثائر ابو رغيف - اللامنتمي والانعتاق من القطيع: بحثٌ في هُشاشة الانتماء وصراع الفردانية














المزيد.....

اللامنتمي والانعتاق من القطيع: بحثٌ في هُشاشة الانتماء وصراع الفردانية


ثائر ابو رغيف
كاتب مهتم بالأوضاع ألسياسية

(Arthur Burgif)


الحوار المتمدن-العدد: 8295 - 2025 / 3 / 28 - 18:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ظاهرة "اللامنتمي" – أو الفرد الذي يرفض الانصهار في الهُويّات الجَماعيّة – تُشكّل تحدياً للأنظمة الاجتماعية والسياسية والدينية التي تُؤسس سلطتها على تجانس المجموع. أما "الانعتاق من القطيع"، فيعني تحرر الفرد من قيود الانتماءات المُسبقة، سواءً أكانت قوميةً أو طائفيةً أو حتى عائلية، بحثاً عن ذاته المُستقلة. هذا الثنائي (الرفض/التحرر) يُثير أسئلةً وجوديةً حول معنى الحرية، وحدود الهُوية، وإمكانية العيش خارج الأطر المُقدَّسة للجماعة
اللامنتمي ليس بالضرورة شخصاً معزولاً، بل هو "المُتمرّد على التصنيفات الجاهزة" برفضه أن يكون رقمًا في معادلة القطيع، حتى لو كلفه ذلك العزلة, فهو يشكك في السرديات الكبرى التي تَفرضها الأديان، الأيديولوجيات، أو القبائل و يُعيد تعريف الانتماء كمُمارسة يومية اختيارية، لا كإرثٍ مُسَلَّمٍ به
مثالٌ تاريخي للامنتمي: "ديوجينز" الفيلسوف الكلبي* اليوناني، الذي عاش في برميل ورفض قيود المجتمع، بحمله فانوساً بوضح النهارقائلاً أبحث في روما عن إنسان شريف. *ألفلسفة ألكلبية أو الفلسفة التشاؤمية Cynicism ينتمي لهذه ألمدرسة ألكثير من الفلاسفة من أشهرهم في قروننا القريبة شوبنهاور.
يختار الإنسان اللاانتماء لإسباب عديدة مثل فقدان الثقة في القطيع أو عندما تتحول الهُوية الجَماعية إلى أداة قمع (كالقومية المتطرفة أو الطائفية)، يصبح الانفصال عنها شكلاً من المقاومة الوجودية
ففي زمن ألعولمة ألحالي يكمن عالمٍ تُذيب فيه الحدودُ الثقافية، يشعر الفرد بغربة مزدوجة: لا هو مُنتمٍ تماماً إلى ماضيه، ولا مُندمجٌ في العولمة السائلة
الحداثوية الفردية رفعت شعار "كن نفسك"، مما خلق تناقضاً مع البُنى التقليدية التي تُقدّس "النحن"

جوانب اللانتماء الإيجابية تتلخص في تحرر الفرد من وصاية القطيع على أفكاره وقراراته و إمكانية بناء هُوية مرنة تتجاوز الحدود الضيقة للانتماءات وأق واسع للإبداع
اما الجوانب السلبية تتمثل ب الاغتراب الوجودي: كما صوره كافكا في رواية "المسخ"، حيث يصبح الفرد غريباً حتى عن جسده, هناك أيضاً فقدان الحماية الرمزية: القطيع يمنح الفرد إحساساً بالأمان، فانتفاؤها يجعله عُرضةً للقلق ألوجوديAngst

من ألفلسفات ألتي دعت إلى "قتل القطيع" داخلك:
الوجودية (سارتر وكامو) إذ تؤكد ألوجودية على أن الإنسان يُخلق حراً، وأن عليه أن يختار وجوده دون أعذار جماعية. تطرقت في مقال سابق عنوانه فصل في الجحيم قول سارتر بإن ألجحيم هوالآخرون
النزعة الفردية (نيتشه) دعا إلى تفكيك القِيَم القطيعية وولادة "الإنسان المتفوّق" الذي يخلق معناه بنفسه
الفلسفة الكلبية (ديوجين) التي رفضت الملكية والتبعية الاجتماعية، واعتبرت الاكتفاء الذاتي طريقاً للحرية
ولكن هل اللاانتماء ممكن حقاً؟ نجد أشرس المتمردين على القطيع ليسوا جزراً منعزلة فاللغة نفسها تُوريث جماعي: فكيف تُفكر خارج المفاهيم التي صنعها الآخرون؟ ايضا قد يقود الهروب من قطيع إلى قطيع جديد: كالمُثقفين الذين يشكلون "قبيلة اللامنتمين"
إذن اللامنتمي لا يرفض الانتماء بشكل مطلق، بل يرفض الانتماء المُغلق الذي يُجمّد روح الفرد. ربما يكون انعتاقه بحثاً عن انتماءٍ أكثر شمولاً: إلى الإنسانية جمعاء، أو إلى ذاته بوصفها كوناً قائماً بذاته. لكن هذا المسار ليس للجميع؛ فهو يتطلب جرأةً لمواجهة الوحدة، وإصراراً على ألّا يكونَ نسخةً مكررةً من وعي القطيع.



#ثائر_ابو_رغيف (هاشتاغ)       Arthur_Burgif#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمهورية أفلاطون ومدينة ألفارابي الفاضلة
- إمكانية إستعادة البلدان المُسَمَّاة بأسماء رموز إمݒريال ...
- قصيدة -الرجال الجوف- لتي.أس. إليوت
- -في انتظار گودو- مرحلة مفصلية لإبداع صاموئيل بيكت
- التفكيكية تتحدى سلطة اللغة كوسيلة وحيدة أو ثابتة لفهم العالم
- صاموئيل ݒيكت طفرة لما بعد ألحداثوية
- صورة الفنان في شبابه - A Portrait of the Artist as a Young M ...
- جيمس جويس وآيرلند: ألولد ألعاق والأم الأبدية
- ألتداعيات الاستراتيجية لإصرار ترمݒ على ضم گرينلاند
- احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014
- إيلون ماسك هو روݒرت مردوك الجديد
- نصيحة لمحافظي البصرة ممن سيأتي
- ألتضرر ألروسي من حرب أوكرانيا
- الشاعر أوڤيد ومورفيوس: إله الأحلام في -ألتحولات-
- مجازية ألكهف لأفلاطون: رحلة من الوهم إلى الحقيقة
- ڤلاديمير زيلينسكي: الكوميديان الذي أصبح قائدًا، والقائ ...
- هاينريش هاينه والماركسية: رؤية لشاعر مزقه حب ألفن وحق ألمتعب ...
- دونالد ترمپ وأدولف هتلر: أوجه تشابه تاريخية وأصداء الحرب الع ...
- راعي ألغيوم
- تحقيب كارل ماركس للتأريخ قرآة أولية لمن يود قراءة ماركس لإول ...


المزيد.....




- أصحاب الشعر الطويل بين جبال الإكوادور .. ما سبب هوس هذه المص ...
- هل تقبل مصر تهجير الفلسطينيين؟
- ريبورتاج: وحدات الدفاع الجوية الأوكرانية تواجه مخاوف من تراج ...
- لوموند: لماذا لا تنتهي الأزمة بين فرنسا والجزائر ؟ ما أثر ال ...
- قصف إسرائيلي يستهدف مناطق مختلفة في غزة ويتسبب بمقتل وإصابة ...
- كيف يجعلنا السعي وراء السعادة أكثر بؤسا؟
- -لن تأخذوها-... رئيس وزراء غرينلاند يرد على آخر تهديد لترامب ...
- نتانياهو يعين قائداً سابقاً للبحرية رئيساً جديداً لجهاز الأم ...
- أضرار تناول الحلويات ليلا
- بزشكيان: الصورة الخاطئة التي رسمت عن إيران في العالم ليست صح ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثائر ابو رغيف - اللامنتمي والانعتاق من القطيع: بحثٌ في هُشاشة الانتماء وصراع الفردانية