أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - المساواة















المزيد.....

المساواة


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 8295 - 2025 / 3 / 28 - 16:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في سنة 1989 كان قد سقط Fax من رئيس قسم الشؤون العامة عمالة الدارالبيضاء " الحي المحمدي " B R QU " Bulletin des renseignements quotidienne يخبر باستدعاء رئيس الجماعية الحضرية للحي المحمدي ، لسكان كريان الحائط وكريان السوق ، جاء فيه ما يلي ، وكلام الرئيس موجه للسكان ، جاء فيه ما يلي : " سيروا عند القايد اللي كيعرف ليكم ، أنا ما نهضرش مع الوسخ " . بطيعة الحال خلفت هذه البرقية ردود فعل مختلفة ، بين مؤيد وبين معارض وبين مستنكر في صمت . وبخلاف الموقف المؤيد الذي اعرب عنه احد تربية زْرايب الذي يسميه مسؤولون ب " بوخنونة " وسيصبح وزيرا منتدبا في الداخلية ، فالموقف الأخرى المعارضة والمستنكرة كانت في صمت بسبب الخوف الذي يعم إدارة الشؤون العامة والولاة ، وبالضبط مصلحة المستندات .
عندها وانا كنت امثل المعارضة بوزارة الداخلية ، حملت قلما وشرعت في كتابة هذه المقالة التي عنونتها ب " المساواة " تكفل احد الأصدقاء زميل الدراسة ومحامي الحسن المالكي رحمه الله ، بنشرها باسم مستعار في احد جرائد المعارضة الماركسية آنذاك . وكان نشر في ذاك الوقت بالعمل الانتحاري الذي قد يعرضني لجميع ردود فعل المسؤولين الأمنيين بمديرية الشؤون العامة والولاة ، وبالضبط بمصلحة المستندات التي كان على راسها عمال يتحاور مباشرة في الهاتف مع الملك الحسن الثاني ..
المساواة من الشعارات البراقة والمحببة الى النفوس ، وقد ناضل من اجلها عبر مئات السنين ان لم نقل آلاف السنين ، أمواج وامواج بشرية ، وقدمت في سيرها الشاق ضحايا في مشاهد ضربت أروع الأمثلة في التضحية ، يحفظ التاريخ منها سجلات مأثورة .
والشعار في البداية كان شعارا تلفه خيالات رومانسية ، وآمال عاطفية تحاول الوصول الى القضاء على مظاهر الحيف والقهر في المجتمعات التي كانت ترزح تحت نير الاستغلال الفظيع ، وكانت قدرات العقل للوصول الى نظرة صحيحة للشعار تنسجم مع الواقع ، محدودة جدا ، وتعْقلها جوامح موضوعية تقف بعناد امام كل متسائل او متشكك في القيم السابقة .
لكن في العصر الحديث ، وبالرغم من التطور الهائل الذي حصل في وعي الانسان ، وتقدم العلوم في مختلف الميادين ، تعرض المساواة لكثير من التحولات والتبدلات ، حتى اصبح يعني كل شيء ، ولا يعني أي شيء في نفس الوقت . وبدل ان تذهب التفسيرات والتطبيقات مذاهب ترمي الى الوصول الى القضاء على الظلم والجهل والجوع ، نراها تذهب مذاهب أخرى ترمي الى تكريس الظلم والجوع والجهل .
بعد خروج الولايات المتحدة الامريكية من حرب الاستقلال ، وكانت إذّاك تتكون من 13 ولاية فقط ، وكانت مثقلة بالديون ، واقتصادها منهار لا يقوى على التسديد ، فكر ساستها آنذاك في حل وصف آنذاك بانه هو الحل المحقق " للمساواة " ، فأجروا اوب إحصاء للسكان ، وقسموا الديون على عددهم بالتساوي لا فرق بين الغني والفقير ، ولا فرق بين المعاق والسليم . وقد تصدرت مقالات صحفية والقيت خطب سياسية حماسية حول هذه العملية المساواتية ، واعتقد اغلب السكان ان ذاك هو التطبيق الحرفي للمساواة . وعاشت عدد من البلدان الرأسمالية التي كانت تظهر فيها بعض الأصوات التي تنعت هذه العملية المساواتية بانها عملية في صالح الأغنياء ، وانه ليس من العدل ان يؤدي الفقير نفس القدر الذي يؤديه الغني . صراعات بين نظرتين مختلفتين للمساواة ، نظرة لصالح المحرومين من وسائل الإنتاج ، ونظرة لصالح مالكي وسائل الإنتاج . وبين هاتين النظرتين توجد نظرات أخرى تحاول ان تتربع على كرسي الوسط بمشقة .
في المغرب وهو بلد تكتسحه الرأسمالية بصورة مشوهة ناهبة مفترسة على شكل نهب الريگانية و التّتْشارية Ronald Reggan et Tech cher l’anglaise في مختلف الميادين الاقتصادية ، يلاحظ المرء العجب العجاب ، وكان من المفروض لهذا السبب ان تطبق تلك " المساواة " التي تجعل الغني والفقير في معادلة كالمعادلة التي تحدثنا عنها سابقا ، نجده في بعض الأحيان مثلا في الضريبة على الدخل يسطر في القانون ، مساواة اقرب الى النوع الذي ينادي به دعاة المساواة الذين يقفون الى جانب المحرومين . و في القانون نجد العلاقات القانونية تقريبا - اذا استثنينا المرأة في بعض الحالات -–على قدم المساواة لا فرق بين ابيض واسود ، ولا بين من يتكلم لغة او لهجة دون اخرى ، ولا بين من هو من اصل يهودي او عربي او بربري .. ومع ذلك ما ان نتجاوز ما سطر في الاوراق ، حتى نجد عفاريت السلطة الادارية وقد خرجت من قماقمها منتصبة كالغيلان يقف امامها اغلب المواطنين يوميا في المقاطعة ، وفي الكوميساريات ، وفي قيادات البوادي تستجدي وتطلب صاغرة .
بل لقد تعدى الامر هذا المراكز الى مؤسسات خدماتية عادية ، هي في الدول الرأسمالية الحقيقية تطلب ود المواطن المستهلك . ولكن في المغرب نجد بعض موظفيها وقد تشبهوا بموظفي إدارات الدولة في الاستصغار من كرامة المواطنين ، يحاولون هم الاخرون احتلال مرتبة في الانتفاخ والتعالي ، رغم ان الجيفة هي من تنتفخ .. وكم من مواطن يحضر الى مؤسسة من هذا المؤسسات ، وهي في حاجة الى هذا المواطن ، ويظل ينتظر وينتظر ، ويمكن في الأخير ان لا يقضي غرضه ، مما يحتم عليه العودة مرة أخرى .
وحيث نجد ان الضريبة تتصاعد نسبتها بتصاعد مبلغ الدخل ، ولكن ما ان نتمعن في الامر حتى نجد ان السكين موجهة الى ذوي الدخل الضعيف من عمال وذوي الدخل المحدود من مستخدمين وموظفين متوسطين . اما الأغنياء اغنياء القوم فلهم عشرات الوسائل للتهرب من ضريبة دخلهم الحقيقي .
وبخصوص الضريبة على الشركات ، وبالرغم من " الصخب " الخجول الذي لقيته ابّان مناقشتها ، فان تطبيقها يبرهن مما لا يدع مجالا للشك ان الضريبة ليست الا للديكور في القانون ، وهي بعيدة عن ان تكون موجهة للشركات .
واذا ما بُدئ في استحصال مبلغ ما على المستوى الوطني ورجال المال المغاربة معروفون ومعدودون ، ويسهل الاتصال بهم قصد مساهمتهم .. دار اغلبهم الى عمال والى موظفي مؤسساتهم لجمع المشاركة من العمال والموظفين باسم المؤسسات .
واذا ما ظهرت ضريبة ما مثل الضريبة على القيمة المضافة ، كان مآلها الأخير هي جحافل المستهلكين الذين تشكل منهم الطبقات الأكثر حرمانا الغالبية العظمى والامثلة كثيرة في هذا الميدان – مثل الزيادة في الأسعار – تبين كلها ان الضحية الأولى والأخيرة هي الطبقات الشعبية .
والاسوأ من هذا – على عكس الدول الراسمالية – نجد ان المغرب وبالرغم من انه ضرب الرقم القياسي في التضييق على الطبقات الشعبية ’ يأخذ اجراءاته تلك ويقضم من دخول العمال والمستخدمين والموظفين قضما ’ ويرمي بأعداد هائل منهم في مجاهل البطالة دون ان يقابل هذا القضم زيادة مماثلة في الأجور ’ محاولات جدية لاستثمارات ترمي الى القضاء على البطالة التي بلغت نسبة مخيفة الى درجة يصبح بعها الحديث عن أي شكل من اشكال المساواة مجرد لغو واضغاث أحلام .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حضور الدولة الصحراوية الاجتماع الوزاري الذي سينعقد بين الاتح ...
- الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتقسيم الصحراء
- دراسة سياسية دستورية لنظام الانتخابات في بريطانيا العظمى .
- في هذه الدراسة سنعالج ثلاثة محاور رئيسية
- الإشكالية السياسية الثقافية واللغوية بالمغرب
- التغيير مع الحسن الثالث
- هل اقرت تونس النظام اللائيكي ، وهل المغرب مرشح للسير على منو ...
- دراسات سياسية تاريخية في مسار الحركة العمالية المغربية . الب ...
- الكونفدرالية الديمقراطية للشغل - ك د ش -
- دعوة اوربية لإنشاء جيش اوربي موحد لمحاربة الجيش المغربي
- نقابة الاتحاد المغربي للشغل . الجزء الثاني
- الجهاز البورصي للاتحاد المغربي للشغل
- احدى عشر أطروحة (11) حول الانبعاث الراهن للسلفية الإسلامية
- عندما تخطئ الجزائر في اختيار عملاءها ( المغاربة )
- ولي العهد معرض لعمل اجرامي .. ولي العهد معرض للقتل .. ولي ال ...
- الوحدة العربية بين الواقع والاحلام
- قراءة بسيطة للوضع السياسي والنقابي الراهن
- صورة الخطاب الفلسفي في مرآة الخطاب اللاهوتي الغوغائي الغارق ...
- ماكس فيبير والعقلنة المشوهة
- الاصوليون بالجامعة . هل هم ديمقراطيون ؟


المزيد.....




- أصحاب الشعر الطويل بين جبال الإكوادور .. ما سبب هوس هذه المص ...
- هل تقبل مصر تهجير الفلسطينيين؟
- ريبورتاج: وحدات الدفاع الجوية الأوكرانية تواجه مخاوف من تراج ...
- لوموند: لماذا لا تنتهي الأزمة بين فرنسا والجزائر ؟ ما أثر ال ...
- قصف إسرائيلي يستهدف مناطق مختلفة في غزة ويتسبب بمقتل وإصابة ...
- كيف يجعلنا السعي وراء السعادة أكثر بؤسا؟
- -لن تأخذوها-... رئيس وزراء غرينلاند يرد على آخر تهديد لترامب ...
- نتانياهو يعين قائداً سابقاً للبحرية رئيساً جديداً لجهاز الأم ...
- أضرار تناول الحلويات ليلا
- بزشكيان: الصورة الخاطئة التي رسمت عن إيران في العالم ليست صح ...


المزيد.....

- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - المساواة