أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - وحدة الفلسفة والعلم أمر ممكن!














المزيد.....

وحدة الفلسفة والعلم أمر ممكن!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8295 - 2025 / 3 / 28 - 16:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وحدة الفلسفة والعلم أمر ممكن!
بقلم : د . ادم عربي

لا يُمكن إنكار الدور المحوري للفلسفة في صياغة وعينا، وثقافتنا، وحياتنا بأكملها، إذ تُعتبر الفلسفة عدسة يُبصر من خلالها الإنسان العالم، فيحلّله، ويستوعبه، ويُشكّله في ذهنه. إنَّها ذلك العلم الشامل الذي يظلّ البشر في حاجة دائمة إليه، فهو يتناول الواقع الموضوعي بكلِّ اتساعه، بينما تقف العلوم الأخرى عاجزة عن احتواء جميع أبعاد هذا الواقع الموضوعي.

الفلسفة هي ذلك العلم الذي يدرس المبادئ والقوانين الكلية التي تحكم الوجود بصورته الشاملة، فطبيعة الواقع الموضوعي بكلِّ تعقيداته واتساعه تفرض وجود قوانين موضوعية عامة، مما يجعل الفلسفة ضرورة لا غنى عنها؛ إذ تُكشف فيها هذه القوانين ويتم صياغتها بشكل منهجي.

إنَّ إنكار المرء للفلسفة العلمية يعني أحد أمرين: إما إعراضه عن إدراك الواقع الموضوعي في كليته، أو اقتناعه بأنَّ العالم عبارة عن أجزاء منفصلة، لكلٍ منها قوانينه المنفردة، دون أي ضوابط شاملة تربط وتشترك فيها تلك الاجزاء .

بمجرد الإقرار بوحدة الكون ، على تعدد مكوناته وتشابك عناصره ، يصبح من الضروري وجود علمٍ يتخصص في الكشف عن القوانين الكونية العامة، الأكثر شمولاً من تلك التي تدرسها العلوم الطبيعية ، فيزياء ، كيمياء ...الخ. ولا يُمكن لهذا العلم أنْ يكون إلّا فلسفةً علميةً، تتبنى المعايير الموضوعية في بحثها عن الحقيقة.

بينما تختص كلُّ فرع من فروع العلم بدراسة جانب معين من جوانب الواقع، فإنَّ الفلسفة وحدها تتناول دراسة الوجود بكليته وشموليته.

تختلف طريقة التعامل مع ظاهرة معينة مثل الصاعقة حسب التفسير المتبع لها. فإذا اعتبرناها ظاهرة طبيعية ذات أسباب فيزيائية وعلمية ، سنعتمد وسائل وقائية مادية مثل مانعات الصواعق. أما إذا فسرناها كعقاب إلهي أو دليل على قوة الخالق، فسيكون اللجوء إلى الصلاة هو الحل الأمثل لمواجهتها ، بمانعة الصواعق نتغلب عليها ، لكن بالصلاة والدعاء لا يمكن التغلب عليها .

إنَّنا نستطيع تجنب أخطار الصواعق دون ممارسة الصلاة، لكن الصلاة وحدها عاجزة تماماً عن تحقيق هذه الحماية. وهذا المبدأ يتوافق مع قول المأثور للشاعر: "لكل امرئ في ما يحاول مذهب". وفيما يخص مفهوم الحقيقة، تثبت الممارسة العملية حقيقة أساسية ، أنَّ الإنسان لا يمكنه تحقيق أي شيء بمجرد رغبته فيه، بلْ عليه أنْ يدرك القوانين المادية الموضوعية ويتوافق معها لتحقيق النجاح في سعيه للوصول للحقيقة.

يسعى وينشد الإنسان في رحلته المعرفية إلى إدراك الحقيقة، أي الوصول إلى فهمٍ قابلٍ للإثبات عملياً من خلال التطبيق والاختبار الميداني والتجربة . ولا يمكن بلوغ هذه الحقيقة إلّا باتباع منهجية مدروسة، تُثبت التجربة العملية فعاليتها في الوصول إلى النتائج الصحيحة، حيث لا معيار للحقائق سوى ما تُثبته الممارسة والتجربة.

اتفق الفلاسفة على تسمية هذا المنهج بـ المنطق ، حيث بذلوا جهوداً مضنية لوضع قواعده وأسسه. وعلى العقل البشري أثناء عملية التفكير أنْ يلتزم بهذه المبادئ والقوانين المنطقية ويتمسك بها إذا أراد الوصول إلى الحقيقة. لكن ما هو مصدر هذه القواعد المنطقية التي تحكم تفكير الإنسان؟ إنَّها لم تأتِ إلَّا من تراكم الخبرات العملية للإنسان خلال تفاعله وصراعه مع الطبيعة وتحدياتها.

لقد فرضت تجارب الإنسان العملية على الإنسان ، بين النجاح والفشل، ضرورة تبني التفكير المنطقي. ولم تظهر المنطقية في التفكير البشري إلّا كشرط أساسي للاستمرارية والبقاء.

وعندما تحقق جماعة ما مصالحها واستقرارها من وضع اجتماعي معين، فإنَّها تقاوم أي تغيير لهذا الوضع فكرياً وعملياً خاصة إذا كان هذا الوضع يمنحها النصيب الأكبر من الثروة والموارد الاقتصادية في المجتمع.

يتميز موقف أصحاب المصالح الضيقة من الواقع بتناقض صارخ ، فهم يسعون جاهدين للحفاظ على الوضع القائم الذي يدر عليهم بالمنافع، بينما ينكرونه علناً، لأنَّ الاعتراف به سيضر بمصالحهم ويشجع المُتضررين على المطالبة بتغييره. فما الجذور الحقيقية لهذه المفارقة؟
يظلُّ هذا السؤال حتمياً على الجميع، مهما تنوعت غاياتهم وتعارضت مصالحهم. والسعي نحو إجابته بموضوعية يصبح ضرورياً، لأنَّ الموضوعية في الإجابة تشكل الشرط الجوهري لإتمام أي عمل بنجاح، حتى لو كان فاعله هو الشيطان نفسه .
ثم يأتي دور تحديد الموقف من الإجابة الموضوعية، قبولاً أو رفضاً. فإنَّ تطلبت المصلحة نشر تلك الإجابة وإظهارها، يتم تداولها والترويج لها. أما إنْ تعارضت مع المصالح، يتم إخفاؤها بطرق متعددة، بعضها فكري وبعضها غير فكري ، عن الأنظار والعقول.
كمثال على ذلك، عندما تتساءل عن جذور الفقر وتبحث عن تفسير موضوعي له..

قد تصل إلى الإجابة الصحيحة، لكن مصيرها يتوقف على مصلحتك الشخصية. فإذا كانت مصلحتك تكمن في مكافحة الفقر وتغيير الأوضاع المسببة له، فستعمل على نشر تلك الحقيقة وإبرازها. أما إذا كانت مصلحتك تقتضي استمرار الفقر، فستسعى لتشويه هذه الإجابة وإخفاء الحقائق عن أعين وعقول المحرومين، مستخدماً في ذلك كل الأفكار والمعتقدات الزائفة التي تتعارض مع العلم والحقيقة الموضوعية.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إمبريالية على الطريقة الأفلاطونية!
- نساء ٣
- الفلسفة والعلم والحقيقة -جدلياَ-!
- متى نتعلَّم صناعة الأسئلة؟!
- ثدي الموت!
- الرأسمالية الأوروبية سلاحها العنصرية!
- حكايتي معك!
- تناقضات في قوة الاقتصاد الأمريكي!
- ما زالت المرأة العربية عبدة للعبيد !
- الحتمية ماركسياً ودينياً!
- متى تأخذ الطبقة العاملة مصيرها بيدها؟!
- تطوير الآلة وتأثيرها على المجتمعات!
- عبث الظلال!
- الترامبية وهم عابر أم إستراتيجية دائمة؟
- ماركس يتحدى نقاده في الاقتصاد!
- شبحُ ماركس يعود مع كل أزمة!
- أَكَادُ أَتَفَجَّرُ!
- في حرية التعبير!
- الزمن!
- البراءة والخطيئة!


المزيد.....




- أصحاب الشعر الطويل بين جبال الإكوادور .. ما سبب هوس هذه المص ...
- هل تقبل مصر تهجير الفلسطينيين؟
- ريبورتاج: وحدات الدفاع الجوية الأوكرانية تواجه مخاوف من تراج ...
- لوموند: لماذا لا تنتهي الأزمة بين فرنسا والجزائر ؟ ما أثر ال ...
- قصف إسرائيلي يستهدف مناطق مختلفة في غزة ويتسبب بمقتل وإصابة ...
- كيف يجعلنا السعي وراء السعادة أكثر بؤسا؟
- -لن تأخذوها-... رئيس وزراء غرينلاند يرد على آخر تهديد لترامب ...
- نتانياهو يعين قائداً سابقاً للبحرية رئيساً جديداً لجهاز الأم ...
- أضرار تناول الحلويات ليلا
- بزشكيان: الصورة الخاطئة التي رسمت عن إيران في العالم ليست صح ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - وحدة الفلسفة والعلم أمر ممكن!