أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - همام طه - بين الدولة والعشيرة: هل الحكومات مسؤولة عن أفعال مواطنيها؟














المزيد.....

بين الدولة والعشيرة: هل الحكومات مسؤولة عن أفعال مواطنيها؟


همام طه

الحوار المتمدن-العدد: 8295 - 2025 / 3 / 28 - 11:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تبدو ردود الفعل على الإساءة "المفترضة" من بعض المشجعين العرب ضد العراق خلال مباراة كرة قدم، والمطالبات باعتذار حكومات دولهم، وكأنها تعبّر عن إسقاط ثقافي وسياسي، بمعنى محاولة تطبيق مفاهيم تنتمي لسياق اجتماعي أو أيديولوجي معين على سياق مختلف.
ففكرة أن يتم تحميل دولة أو حكومة المسؤولية عن تصرفات مجموعة من مواطنيها في مدرجات ملعب، هي فكرة مثيرة للاستغراب والتأمُّل حقاً!
الدولة ليست عشيرة، والمواطن في الدولة الحديثة ليس "مربوطاً" بديوان العشيرة (كما يُقال في العرف العشائري)؛ ليكون من حقنا، وفق المنطق العشائري، في حال أساء هذا المواطن أن نلجأ إلى شيخ عشيرته ونطالبه بمحاسبته على إساءته أو الاعتذار عن أفعاله. وهو ما يُعرف في الثقافة العشائرية بـ "المكاومة" وتعني تحمّل شيخ العشيرة مسؤولية أفعال أفراد عشيرته، فإذا أخطأ فرد من العشيرة، يُمكن، وفق التقليد العشائري، أن تتم مطالبة شيوخها بالتعويض عن خطئه، كجزء من التضامن العشائري، حيث يُنظر إلى الفرد على أنه ممثل لعشيرته، وليس ككيان مستقل، مما يجعل العشيرة كلها مسؤولة عن تصرفاته.
ليس من المنطقي أن تتعامل الدول مع بعضها كما تتعامل العشائر فيما بينها، أو أن ننقل المفاهيم العشائرية مثل "الفصل" و"المكاومة" و"العطوة" و"الدكة" من المجال العشائري إلى المجال الدولتي والمؤسساتي. فمنطق الدولة الحديثة لا يشتغل بطريقة القبيلة، ومسؤولية المواطن أمام الدولة، ومسؤولية الدولة عن المواطن، يحددهما القانون وليس مجرد انتماء المواطن للدولة.
وهذا ليس تقليلاً من شأن العشيرة، ولكن منطق الدولة الحديثة وفلسفتها يختلفان تماماً عن منطق العشيرة وأعرافها. منطق الدولة يقوم على الفردية والاستقلالية والعقد الاجتماعي، ومنطق العشيرة يقوم على الأبوية والجماعوية والتكافل العصبوي.
كذلك فإن فكرة أن الفرد يذوب في الجماعة، والجماعة تُختزل في الفرد، هي فكرة شمولية وفاشية بامتياز. ففي النظم الشمولية تهيمن الدولة على كل جوانب الحياة، حيث تُلغى استقلالية الأفراد لصالح السلطة أو الجماعة. وفي النظم الفاشية يُعامل الفرد كجزء من الكيان الأكبر (الأمة، الحزب، القائد) وليس ككيان مستقل.
الأمر الذي يجعل ردود أفعالنا على حادثة الإساءة "المفترضة" معبّرةً عن الثقافة العشائرية التقليدية والإرث الأيديولوجي الشمولي اللذين يبدو أنهما ما زالا يؤثران في أنماط التفكير السائدة في المجتمع العراقي.
إن الإسقاط الثقافي والسياسي هو تفسير واقعة أو ظاهرة ما باستخدام مفاهيم ومعتقدات مستمدة من بيئة ثقافية وسياسية مختلفة، دون مراعاة الفروق بين السياقات. وقد حان الوقت للتوقف عن محاولة إسقاط الثقافة التقليدية والإرث الشمولي على فهمنا لفكرة الدولة الحديثة، في العراق، وفي العالم من حولنا.
ملاحظة (1): وصف المقال للإساءة بأنها "مفترضة" ليس محاولة لإنكارها أو تبريرها أو الدفاع عن المسيئين، ولكن لأن كاتب المقال لم تسنح له الفرصة للتأكّد من صحّة فيديو الإساءة، لا سيّما مع وجود "مزاعم" بأنه "مفبرك".
ملاحظة (2): يحترم هذا المقال جميع أفراد المجتمع العراقي وخياراتهم الشخصية، ولا يسعى للانتقاص من مفهوم العشيرة أو التقاليد والأعراف العشائرية، ولا يهدف للمساس بشعور أو كرامة العراقيين والعراقيات الذي يعتزون بالانتماء لعشائرهم.



#همام_طه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يتكلم الحجر والشجر: تأمُّل في التراث والعنف المقدس
- التطرف كمنظومة: من الفتوى إلى الدراما
- الصوم بوصفه فعل محبّة: تجربة شخصية في رمضان
- بين الذكاء الاصطناعي والبعد الإنساني: لحظة تأمل في الحوار مع ...
- التجديد في مفهوم الصيام: تطبيقات معاصرة تلبي احتياجات الروح ...
- ثنائية الجاني والضحية في الخطاب الرسمي العراقي: نقد لمنطق ال ...
- فقه الرحمة: هل يجوز السحور بعد الفجر؟
- مقالة في الحاجة لإعادة قراءة النص الديني: سورة المسد أنموذجا ...
- رسالة إلى ابن الأكرمين السيد محمد جعفر الصدر: العفو عند المق ...
- قانون عيد الغدير .. الفرصة التي لم يتم استثمارها
- الخطاب السياسي وتعزيز رأس المال الاجتماعي
- سياسات مقترحة لمعالجة تأنيث الفقر في العراق
- نحو استراتيجية وطنية للتدريب المهني في العراق .. لا تُعطني س ...
- الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات .. فكّر وطنياً ونفّذ محلي ...
- مشاريع الإسكان والانتقال من الدولة الريعية إلى الدولة التنمو ...
- معالجة التسرّب المدرسي في العراق .. مدخل للتنمية والإصلاح ال ...
- تطوير الفلسفة العقابية في العراق .. من سلب الحرية إلى العقوب ...
- مواجهة أكتوبر وإعادة هيكلة الوعي والمواقف .. القضية الفلسطين ...
- الثورة المعرفية ركيزة النهضة الشاملة .. نحو استراتيجية وطنية ...
- الاستثمار في رأس المال البشري .. تطوير موظفي القطاع العام ال ...


المزيد.....




- آلاف المسلمين يؤدون صلاة عيد الفطر في ساحات لشبونة
- كاراكاس: نواصل التعاقد مع شركات الطاقة رغم الضغوط الأمريكية ...
- صلاة العيد في قصر الشعب بدمشق لأول مرة في تاريخ سوريا الحديث ...
- الأشخاص الأكثر عرضة للجلطات أثناء السفر بالطائرات
- Acer تتحدى آبل بحاسب مميز
- جيمس ويب يرصد ضوءا -مستحيلا- من فجر التاريخ
- تحديد خلايا جديدة في العين قد تفتح آفاقا لعلاج العمى
- تحديات جوهرية تواجه تطور الذكاء الاصطناعي
- في غضون عامين يمكن لترامب أن يدير ظهره لروسيا
- الجيش الأوكراني يستعد لعدوان


المزيد.....

- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - همام طه - بين الدولة والعشيرة: هل الحكومات مسؤولة عن أفعال مواطنيها؟