فراس الوائلي
الحوار المتمدن-العدد: 8294 - 2025 / 3 / 27 - 20:08
المحور:
الادب والفن
كنت أظن أن المجرات لا تمتلك وجوهًا، حتى اقتربت من واحدةٍ تبكي، رأيت انعكاسي بين دموعها فارتجفت من الضوء. في البدء كانت المرايا حجارة شفيفة، وحين بكت النجمة الأولى تشققت الأسطورة، وسقط الضوء كطفلٍ في حضن الريح وصار له اسم. قال لي الهدهد العتيق: إن المجرة مرآتك حين تُناديك باسم لا تعرفه، فلا تخف من المدى، هو جلدك الآخر. كل نفس في المجرة هو صدى لنفس قديم في صدري، وكل شعاع فيها دمعة لم أجد لها كتفًا. رأيت نجمًا يشبه أمي، يلوّح لي من عتبة الظلمة، ورأيت أبي يمشي فوق خيوط الضوء، كان يهمس للنجوم: اغفروا له، لم يعرف أنكم إخوته. أنا طينٌ يرى نفسه من داخل الزهرة، أنا مرآة لا تنعكس بل تُشعل وجه من ينظر، أنا المجرة التي بكت لأنك لم ترها في حلمك. حين أمسكت بالفراغ تشكل الزمن في كفي، وحين قبّلت الضياء تنفست صورتي الأولى، لم أكن وحدي، كانت الكواكب تصغي إلى ارتجاف جفني. كل مجرة شظية من الله، كل مرآة فيها صلاة ضائعة، كل من نظر إلى المجرة رأى ذاته كما لم يرها من قبل. الآن فقط، فهمت لماذا يبكي الضوء، ولماذا نحن نتشكل على هيئة مرايا تُنادينا من مجرةٍ لا نراها.
#فراس_الوائلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟