لؤي الخليفة
الحوار المتمدن-العدد: 8294 - 2025 / 3 / 27 - 14:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الوقت الذي يشهد فيه العالم أزمات اقتصادية خانقة، وجوعًا ينهش بالشعوب الفقيرة، تُنفق مليارات الدولارات على حربٍ كان يمكن تفاديها. الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت منذ عام 2022 لا تزال تستنزف الموارد البشرية والمادية لكلا الطرفين، في وقتٍ كان يمكن فيه توجيه هذه الأموال نحو بناء اقتصاداتٍ متينة وتحسين أوضاع المجتمعات التي تعاني من الفقر والجوع.
التكاليف المادية لهذه الحرب تُقدّر بمئات المليارات من الدولارات، حيث تدفقت المساعدات العسكرية الضخمة من الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا، لدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا. في المقابل، خسرت روسيا أيضًا مليارات في مجهودها العسكري الحربي، مما أضرّ بالاقتصادين الروسي والأوكراني على حدٍّ سواء.
أما الخسائر البشرية، فهي الفاجعة الكبرى؛ عشرات الآلاف من الجنود والمدنيين لقوا حتفهم، لكلا الطرفين فضلًا عن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية، وتهجير الملايين من الأوكرانيين، الذين وجدوا أنفسهم لاجئين في دولٍ مجاورة.
إن جوهر الأزمة يكمن في قرار القيادة الأوكرانية السعي للانضمام إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي عارضته موسكو بشدة، معتبرةً أنه تهديد مباشر لأمنها القومي. فهل كان بإمكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن يتبع نهجًا أكثر براغماتية عبر التفاوض مع روسيا بدلاً من التمسك بهذا الخيار المحفوف بالمخاطر؟
يعتقد كثيرون أن زيلينسكي، الذي لم يكن مؤهلًا لحكم دولة بحجم أوكرانيا، دخل في مواجهة غير متكافئة، وبدلًا من البحث عن تسوية تحفظ مصالح بلاده، زجّ بها في أتون صراعٍ عالميٍّ مكلّف. وربما كان الحل الأفضل هو الحياد، كما فعلت دول أخرى كفنلندا في السابق، مما كان سيجنب أوكرانيا وأوروبا ويلات الحرب.
لو تم توجيه جزءٍ يسير من هذه المليارات نحو معالجة الفقر في أفريقيا وآسيا، أو تحسين نظم الصحة والتعليم، لكان العالم في وضعٍ أفضل بكثير. فبينما تُنفق هذه الأموال على الدمار والتسليح، هناك ملايين الأطفال يموتون جوعًا في مناطق متعددة من العالم، وهناك دول تكافح لمواجهة أزمات اقتصادية مدمرة.
الحرب الأوكرانية الروسية ليست مجرد معركة على الأرض، بل هي انعكاسٌ لنظام عالميٍّ غير متوازن، حيث تُعطى الأولوية للصراعات الجيوسياسية على حساب حقوق الإنسان والتنمية المستدامة. وربما آن الأوان للقيادات العالمية أن تدرك أن الحوار والتفاهم هما السبيل الأمثل لحل النزاعات، بدلاً من الوقوع في دوامة الحروب التي لا رابح فيها سوى تجار السلاح.
#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟