أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - الليبرالية الإنتقائية - من العَولمة إلى الحِمائية















المزيد.....

الليبرالية الإنتقائية - من العَولمة إلى الحِمائية


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8294 - 2025 / 3 / 27 - 11:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وعَدت الولايات المتحدة دُوَلَ أوروبا الغربية، بنهاية الحرب العالمية الثانية، بتعزيز المبادلات التجارية من أجل تأسيس نظام جيوسياسي دولي يسوده السّلام، وأغرقت الولاياتُ المتحدة قارة أوروبا بالدّيُون وبالقواعد العسكرية وبالمؤسّسات الثقافية والفِكْرِية المُحافِظَة، فكانت تلك بداية الإنتشار البطيء للأفكار النيوليبرالية، قبل حوالي ثلاثة عُقُود من ظهور الليبرالية الجديدة الذي ارتبط بانتخاب مارغريت تاتشر في بريطانيا سنة 1979 ورونالد ريغان في الولايات المتحدة سنة 1980، ولم تنجز الولايات المتحدة السلام الذي وعدت به، بل شنّت الحُرُوب العدوانية ونظمت وأشرفت على العديد من الإنقلابات في العالم، وروّجت استخباراتها الأخبار الزائفة وأشرفت على المجازر والقمع في العديد من أجزاء الكوكب.
التقى العديد من الاقتصاديين والفلاسفة الأوروبيين – وهي مجموعة من المُفكِّرين والمُثقّفين المُعادين للشيوعية وللفكر التقدّمي واليساري عُمومًا - ومن بينهم فريدريش فون هايك ( النّمسا 1899 – 1992 ) والسّويسري مايكل هيلبرين والهولندي ويلهلم روبك ( 1899 – 1966 ) والفرنسي جاك روف مع الصحافي الأميركي والتر ليبمان ( 1889 – 1974) في باريس خلال شهر آب/أغسطس 1938، وناقشوا مَعًا "الظروف اللازمة لاستعادة السلام والحرية في العالم بعد فشل الليبرالية القديمة"، واتفقوا على "إن تأسيس سوق عالمية قائمة على المنافسة وحربة الأسعار وحرية تنقل رأس المال والسّلع شروط ضرورية لضمان السّلم في العالم"، وأطلقوا على هذه الفكرة إسم "الليبرالية الجديدة"، وعادت نقاشات المُفكِّرين النيوليبراليين بعد الحرب العالمية الثانية – عندما تحولت أوروبا إلى خراب - ليُعارضوا تدخّل الدّولة وبرنامج كينز الذي دعا إلى "الحلول التدخلية " التي اعتبروها سياسات مضادة للدورة الإقتصادية، و"عقبات أمام الأداء السليم لآليات التنظيم الذاتي للسوق"، لكن بقيت هذه الأفكار محصورة في أوساط ضيّقة إلى غاية "الثورة المُحافِظة" التي تجسّدت في سياسات مارغريت تاتشر ورنالد ريغن، رغم النشاط الفكري والإعلامي الذي مَيّز "فتيان شيكاغو" ( Chicago Boys ) ويُعتَبَر "ميلتون فريدمان" أحد أهم رموز هذه المدرسة "المُحافظة" ( الرّجعية) التي دعمت الإنقلاب العسكري في تشيلي والبرامج الإقتصادية المغرقة في الليبرالية للطغمة العسكرية بقيادة الجنرال بينوشيه...
ظَلَّ الهدف الأساسي لمُنَظِّري "الليبرالية الجديدة " هو الإنفتاح الإقتصادي وحرية الأسواق بهدف دمج الدّول في سوق عابرة للحدود الوطنية، وإقامة نظام جديد يرتكز على التجارة الحُرّة، ويتطلب ذلك التحرير الكامل للأسعار واعتماد اقتصاد السوق، وخفض التعريفات الجمركية، وحرية تحويل العملات ( حرية حركة رأس المال) وحوّلت الولايات المتحدة الدّول الفاشية السابقة ( ألمانيا وإيطاليا) إلى مختبرات لليبرالية الجديدة بين سنتَيْ 1948 و 1974، قبل توسيع السوق الأوروبية المُشتركة، وكان لسياسات الولايات المتحدة وسيطرتها على أوروبا - خصوصًا خلال العقدَيْن التالِيَيْن لنهاية الحرب العالمية الثانية - دَوِرٌ كبير في تعزيز الليبرالية الجديدة، فجعلت من الانفتاح التجاري وتفكيك الحواجز التجارية أحد أدواتها المفضلة ( إلى جانب الدّولار والقُوّة العسكرية الضّخمة ) للسيطرة على العالم بعد الحرب العالمية الثانية، بذريعة " إعادة بناء النظام العالمي " بفضل التجارة الحرة وتَدْوِيل اقتصاد السوق، وهو ما تم فَرْضُهُ على العالم، بعد انهيار جدار برلين والإتحاد السوفييتي، وخصوصًا بإنشاء منظمة التجارة العالمية سنة 1995، وأدّت "العولمة" ( في الواقع بدأت "العولمة" مع رأس المال الإحتكاري ومع المرحلة الإمبريالية من الرأسمالية، بغزو الأسواق والبحث عن المواد الأولية) إلى إحداث تحولات عميقة في ديناميكيات الإنتاج والتبادل من خلال تجزئة تصنيع السلع عبر العديد من البلدان، بهدف خفض التكاليف، وعلى سبيل المثال، تأتي مكونات الهواتف "الذّكية" من مناطق مختلفة من العالم ليتم تجميعها في آسيا، وكذلك يتم تجميع السيارات المصنعة بأجزاء من عدة قارات، وأصبح الإنتاج الدولي مجزأ للغاية...
في الأثناء حدثت تغييرات عديدة، فتَضَخَّمَ اقتصاد الصّين واستغلت الصين العولمة وقوانين منظمة التجارة العالمية لِتُطوّر علاقاتها التجارية وتستثمر مبالغ ضخمة في البحث العلمي والإبتكار والتكنولوجيا وأصبحت الصين تدافع عن العولمة وقواعد الليبرالية وحرية التجارة، فيما تعمل الولايات المتحدة على إعاقة العولمة وشن حرب الرسوم الجمركية التي تُهدّد بتفكيك الروابط الاقتصادية المترابطة في مجالات الفلاحة والصناعة والخدمات، وتهدف الولايات المتحدة تشجيع الإنتاج في الولايات المتحدة، وإعادة النّظر في سلاسل القيمة العالمية...
أثارت القرارات الأمريكية ردود فعل من قِبَل مُنتجي المواد الخام والمكونات والمنتجات النهائية، ومن مجموعة بريكس والعديد من البلدان الأخرى غير المُصنّعة التي تخصّصت في الاستخراج أو إنتاج المواد الخام أو تجميع المكونات البسيطة، وهي الدّرجة الدُّنيا في سلاسل القيمة، وهي عُرْضَة للرسوم الجمركية المرتفعة على المدخلات اللازمة لتجميع المنتجات النهائية، فيما تتمتع دول مجموعة السبع والدّول الغنية بمكانة متميزة في المراحل الأكثر تقدما من سلسلة القيمة، ومع ذلك، فهي مُهدّدة بزيادة الرسوم الجمركية على صادراتها من السلع المتطورة ( مثل السيارات)، مما يحد من قدرتها على الوصول إلى أسواق جديدة، فإذا طبقت الولايات المتحدة تعريفة جمركية بنسبة 20% على السيارات المستوردة من ألمانيا، سوف ترتفع أسعارها في السوق الأمريكية، مما يحدّ من قُدرتها على منافسة السيارات الأمريكية، وهكذا، فكلما زادت صادرات الاقتصاد من السلع ذات القيمة المضافة العالية (المكونات الإلكترونية أو المركبات أو الآلات المتخصصة )، زاد تعرضه للحواجز الجمركية الأمريكية، وقد يؤدّي ذلك إلى تعطيل بعض حلقات سلسلة الإنتاج وزيادة التكاليف، مما يعوق القدرة التنافسية لتلك المنتجات في الأسواق العالمية، ويُقصِي الدّول الفقيرة ( المُسمّاة "نامية" ) من الأسواق ومن سلاسل القيمة المضافة العالية، ويزيد من التفاوت بين البلدان الفقيرة والبلدان الغنية.



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوّامة الدُّيُون في البلدان الفقيرة
- المغرب 23 آذار/مارس 1965 – 2025
- الولايات المتحدة وإعادة تشكيل النظام الرأسمالي العالمي
- متابعات – العدد السّادس عشر بعد المائة بتاريخ الثّاني والعشر ...
- السُّجُون الأمريكية - قطاع اقتصادي مُرْبِح
- عرض شريط -فتْيان النِّيكل- ( Nickel Boys ) للمخرج -راميل روس ...
- ملامح الإقتصاد الأمريكي سنة 2025
- ذكرى وفاة كارل ماركس ( وُلد يوم الخامس من أيار 1818 وتوفي يو ...
- متابعات – العدد الخامس عشر بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من آ ...
- تونس بين خطاب -الإستقلالية- واستمرار واقع التّبَعِيّة
- الحركات النسوية ومسألة الإنتماء الطبقي
- متابعات – العدد الرّابع عشر بعد المائة بتاريخ الثامن من آذار ...
- حرب اقتصادية تَقُودُها الدّولة
- بعض مفاهيم الإقتصاد السياسي
- موقع الهند في منظومة الهيمنة الأمريكية – الجزء الثاني
- موقع الهند في منظومة الهيمنة الأمريكية – الجزء الأول
- متابعات – العدد الثّالث عشر بعد المائة بتاريخ الأول من آذار/ ...
- ثقافة تقدّمية: هاياو ميازاكي، مُبدع الرُّسُوم المُتحركة
- تبديد أوهام القروض الصغيرة للفُقراء
- بانوراما الإنتخابات في ألمانيا


المزيد.....




- انتشال جثامين 15 مسعفاً بعد أيام من مقتلهم بنيران إسرائيلية، ...
- إعلام: طهران تجهز منصات صواريخها في أنحاء البلاد للرد على أي ...
- -مهر- عن الخارجية الإيرانية: الحفاظ على سرية المفاوضات والمر ...
- صحيفة -لوفيغارو-: العسكريون في فرنسا ودول أوروبية أخرى يستعد ...
- الخارجية الروسية: لن ننسى ولن نغفر كل شيء بسرعة للشركات الأو ...
- -حماس-: ما يشجع نتنياهو على مواصلة جرائمه هو غياب المحاسبة ...
- ترامب يعلن عن قرار بقطع شجرة تاريخية في البيت الأبيض بسبب مخ ...
- -أكسيوس- يكشف موعد زيارة ترامب للسعودية
- حادث إطلاق نار في مورمانسك بشمال روسيا.. والأمن يلقي القبض ع ...
- ترامب: زيلينسكي يحاول التراجع عن صفقة المعادن وستكون لديه مش ...


المزيد.....

- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - الليبرالية الإنتقائية - من العَولمة إلى الحِمائية