لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 8293 - 2025 / 3 / 26 - 22:19
المحور:
الادب والفن
الثقافة العلويّة الرواقيّة هي المستهدفة حالياً في سوريا..
في السابق كان المستهدف هو ثقافة الاعتراض والمعارضين.. كانت المعارضة تهمة وهذا في أنظمة الديكتاتورية حول العالم شائع، ولهذا وقفنا مع الثورة ولهذا صرخنا يا حيف.
لكن أن تصبح الثقافة العلويّة تهمة، فعندها كلنا علويون يا عزيري.. ومن يتهمنا بغباء أو دهاء بالطائفية هو الطائفي.
يخبرنا الطب النفسي عن دفاع أنا غير ناضج، يستخدمه الشخص لقلب الطاولة عندما يكون هو المخطئ، المجرم، أو الصامت أو صاحب عقدة الذنب.. دفاع الأنا هذا يسمى الإسقاط:
أي تحويل مشاعر الشخص السلبية إلى الشخص المقابل، وهذا ما يستخدمه الطائفيون اليوم لمنع أصوات الحقيقة في محاولة بائسة وفاشلة لتسكين عقد ذنبهم أو مد تسلط طائفيتهم.
باختصار، بعد ما حدث ويحدث من الظلم، القتل، نهب البيوت، حرق القرى، التطهير العرقي والمجازر.. الاضطهاد في القرى والبيوت الوارثة للثقافة العلويّة في الساحل السوري وغيره، فالشرفاء اليوم يجب أن ينضموا للثقافة العلويّة -أيا كانت طائفتهم- وأن يصرخوا يا للعار.
أما عن الحمقى الذين يقولون في الغرب يدقون علينا الأبواب ليعطونا معلومات عن الدين المسيحي، فيا أيها الطائفيون، اسمعوا:
هناك فرق بين حملات التبشير وحملات التكفير..
هناك فرق بين بلدان يحكمها القانون وبلدان الغابة..
هناك فرق بين ناس مرخص لهم ليقوموا بنشر ثقافاتهم بكلها وتعددها، وبين ناس يعتقدون دينهم هو الحق وغيرهم كافر.
هل يسمح اليوم في سوريا للمسيحيين والعلويين والدروز والمرشديين..، هل يسمح للكورد، الآشوريين، السريان وغيرهم بنشر ثقافاتهم؟
-طبعاً لا .. اليوم في سوريا لون واحد يكّفر غيره ويعتبرهم زيادة، يقتّلهم ويضيّق عليهم.. الرعب هو الوصف الأمثل لما يحدث في سوريا اليوم… يا للعار هي الجملة الأصلح.
كان الساحل السوري ملاذاً لسكان الداخل بمختلف ألوانهم الثقافية في عهد الأسد الأخرس، لم نسمع يوماً جملة حقيرة ك" أنت سني أو علويّ" ... كانت معارضة العلويين تقتضي حساباً مضاعفاً عن معارضة أي آخر.. واليوم تمت مكافئة الجميع من أبناء الثورة بوضعهم وأحلامهم على طبق عشاء داعش.
*************
منذ 2.12:
مشت الثورة لإسقاط الاستبداد وبناء دولة مواطنة.. جنباً إلى جنب مع:
1-الحرب الأهلية بين فريقين من السوريين:
الفريق الأول: المعادي للتأسلم السياسي.
الفريق الثاني: القابل بأي كان بدلاً عن ظلم نظام الأسد.
الطرفان ظُلِمُوا ودفعوا أبهظ الأثمان البشرية، المعنوية المادية، والنفسيّة.
2- داعش ومن والها لأخذ الحصة من " الكعك" السوري، هنا كان احتراف الكذب والدجل الذي أذهب بخيرة شباب الوطن في محرقة التعصب المتزمتة.
اليوم تحتفلون فوق الدماء، تتقبلون التهاني بكون الثورة "انتصرت".. لكن، لا دولة مواطنة، لا سلم أهلي، لا عدالة، لا مساواة، لا ديمقراطية ولا أحلام.. عش الهجرة هرس العصافير..والغالبية من السوريين لن تعود إلى البلد..
الظلم ظلمات.. والقتل على الهوية.
من نطلب منهم قول الحق ليسوا خائفين، لكن طائفيين.. يوغلون في الدم عن سابق إصرار وأحكامٍ مسبقة.
لقد انتهت الثورة-انتهت ولم تنتصر-.. قتلها طغيانكم.. واستمر كل ما سبق.
يا للعار.
*************
نحن نعرف كامل القصة ولهذا نتكلم.. حاولوا أن تصدقونا فقد صدقناكم في السابق.
في الماضي حدثت مجازر النظام والمعارضة المسلحة بتواتر جعل الدماء السورية مستمرة، ففرّ كثير من السوريين، وبدؤوا حيواتهم من الصفر حول العالم…
ونحن نعرف أن البدايات من الصفر صعبة أو شبه مستحيلة..
صمد من بقي في سوريا في وجوه القهر الكثيرة.. من الفقر، للذل، للظلم.. عاشوا على حلم الخلاص.. بسقوط النظام أو الهجرة.
كانت المظالم مستمرة، وتهجيرنا وحرماننا من دخول بلدنا متواصلاً.. الفضائيات "العربية" وقتها ندبت ليل نهار ونددت بمجازر طرف واحد، لكن الشعب الطيب رضي..
وعاش السوريون على أمل الخلاص وانتصار ثورة " الحرية والتعددية" لتحوّل البلد من عش هجرة إلى وطن، أو على أمل بقاء العش وإيجاد وطن جديد.
اليوم تحدث المجازر، التطهير العرقي، النهب، الإذلال، التنكيل، العواء ويستمر الظلم، فيما المتثاقفون يحتفلون في بلد شورى ولون الواحد.. يرقصون فوق الدم السوري. مع تعتيم إعلامي وصمت حقير من الفضائيات الندّابة التي ترى الدم بلون " طوائف"..
يُحاصَر الطيبون في بلد أطبق كماشته على العش وهرس العصافير..
العصافير الميتة تفقد حتى الحق بالحلم.
للتاريخ:
دماء الأطفال من المحيط إلى الخليج في رقبة قنوات العهر العربية الندّابة والتكفيريين المتأسلمين ومن والاهم.
لقد أحرقوا المصاحف مع بيوت العلويين في رمضان، بعد قتل أصحاب البيوت ونهبها..هذه حلها عندكم يا "مسلمين".. صح صيامكم.
أما الأطفال الباقون قرب المصاحف المحروقة, فحلهم عندنا، في ألّا نصمت.. ما يحدث عار ويجب أن يتوقف.
*************
دخل الصحفي البطل زيوار شيخو، بحماية القوات الكردية إلى الساحل السوري وقابل الناس الذين آمنوا له لكونه ابن الثقافة الكردية.. ثقافة النيروز، الشجعان، الورود والنساء القويات الشامخات..
قال أن الوضع في الساحل ذكره بمأساة الإيزيديين…
حكى عن القتل، النهب، التنكيل والإذلال…
الناس مصدومون مقهورون قالوا له “ لا نريد طعاماً نأكل التراب، نريد أماناً” الله يخليك…
قال أن جماعة الهيئة سألوه إن كان صائماً، والسؤال الفرض في سوريا من قبل “ رجال أمنها” اليوم : “ هل أنت سني أو علوي؟ “
حققوا معه و هددوه بطريقة غير مباشرة: لماذا تصوّر؟
ثم سرقوا هاتفه المحمول، كاميرته و نقوده، تخيلوا يا رعاكم الله!
كان البطل زيوار وفريقه صوت من سرق الرعب أصواتهم، وداس “ الحكم الجديد” على كراماتهم وأطفالهم…
وفيما تقوم قنوات بسيطة بوظيفة الإعلام الحق في أن يكون صوت من لا أصوات لهم .. كانت قنوات العهر العربية ومازالت ترى الدماء بلون الطائفة.
سنحكي للأجيال أنّ السفلة استماتوا لكتم أصوات أصحاب الضمير، وحاولوا ويحاولون التعتيم على جرائم و مجازر الإبادة الوحشية الجماعية التي ذهب ضحيتها الآلاف من أبناء الثقافة العلويَة.. ومئات جرائم التطهير العرقية الفردية التي ماتزال مستمرة.
غيرُ الخوف والظلم على الجميع، لم تحتج مجازر النظام البائد أصوات السوريين كاليوم..
كانت قنواتٌ كثيرة "كبيرة" -بأموالها- تنشرها..
حالياً يموت " أخوتكم" في الوطن بصمت.. ويذلّون برعب.. فيما تكذب قنوات السفالة العربية أو تتجاهل ما حدث ويحدث.
الدماء كلها حرام.. المجازر كلها عار على جبين الإنسانية..
لكن النطق بالحق اليوم فرض عين.. فيما سبق وبوجود قنوات العهر من جميع الأطراف كان فرض كفاية.
هذا ناهيكم عن " نصر الثورة" الذي احتفلتم به فوق الدماء.. هل يكفل هذا " النصر" إيقاف الذل، النهب، القتل والرعب؟
صح صيامكم.
كنّا نتمنى أن نتحول إلى كتابة قصص الحب والراحة النفسية، أو نستمر في غزل قصص الحب في زمن الحرب، وكيفية معالجة ال " stress” ..
للأسف عندما يحط الموت رحاله في بلد ما.. تغزل اللعنة قصصاً من نوع آخر.. قصصاً تطال المكذّبين وأحبابهم آجلاً أم عاجلاً..
أما أنتم يا شرفاء هذا الزمان، كل يوم قبل النوم:
ذكّر هذا العالم الأطرش برسالتك في هذه الحياة.. لا تنسها، ولا تسمح للألم أن يجعلك تهملها..لن تغادر حتى تحققها.
ثقافتنا ثقافة حياة، وأصحاب القصة استمروا عبر التاريخ وحكوها، حتى في زمن لا افتراض فيه..
يجب أن تتحول الطوائف إلى ثقافات، في ذلك بداية الحل..
لا يمكن لمتأسلم تحقيق ذلك.. ولا يمكن لغابة توفير المكان الملائم لذلك.
عو..عو.. عو . بمعنى : يتبع.
#ياللعار
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟