أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعد خير الله - ومضة ضوء -أحمد الشرع: ظل إلهي على الأرض أم رئيس؟-















المزيد.....

ومضة ضوء -أحمد الشرع: ظل إلهي على الأرض أم رئيس؟-


محمد سعد خير الله
محمد سعد خيرالله عضو رابطة القلم السويدية

(Mohaemd Saad Khiralla)


الحوار المتمدن-العدد: 8293 - 2025 / 3 / 26 - 22:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


النسخة العربية من مقالي المنشور اليوم باللغة الإنجليزية في صحيفة يسرائيل هيوم عن سوريا.

"تعلمنا من التاريخ أن لا أحد يتعلم من التاريخ"، مقولة الفيلسوف الألماني فريدريش هيغل، وكأنها كُتبت خصيصًا للإسلاميين كلما وصلوا إلى الحكم، حيث يعيدون إنتاج الأخطاء ذاتها، وكأن الدرس لم يُستوعب قط.

ما أشبه الليلة بالبارحة! أعادني الإعلان الدستوري السوري الانتقالي، الذي صدر قبل أسبوع، إلى الوراء 12 عامًا وبضعة أشهر، وتحديدًا إلى 22 نوفمبر 2012، عندما أصدر الرئيس المصري الإخواني محمد مرسي (الذي جاء إلى الحكم بعد انتخابات مشكوك في نزاهتها) إعلانًا دستوريًا جعله عمليًا فوق المحاسبة، متقمصًا دور الحاكم بسلطة إلهية. لم يكن ذلك الإعلان سوى بداية سقوطه المدوي، الذي سرّع بفشل الإسلاميين في حكم مصر. ومع ذلك، يبدو أن الإسلاميين لا يزالون مصرّين على تكرار التجربة، رغم أن نتائجها الكارثية واضحة للعيان، ليس في مصر وحسب، بل في العديد من الدول العربية، حيث لم يحصد المواطن العربي منهم إلا الدمار والخراب وتفتيت البلدان.

دستور أم تفويض إلهي؟

في سوريا، عملت اللجنة التي صاغت هذا الدستور الانتقالي وكأنها مكلفة بأمر إلهي، فالنصوص التي وضعتها تُقدّم الرئيس أحمد الشرع ليس كرئيس دولة، بل كظل لله في الأرض، ممثلًا حصريًا له، وحاملًا أختام الجنة والنار. وفي الخلفية، كانت ميليشيات هيئة تحرير الشام تمارس إرهابها ضد العلويين والمسيحيين السوريين في الساحل، في مشهد لا ينقصه سوى موسيقى الدفوف والأناشيد الجهادية ليكتمل طقوسيًا. وكأن الدستور الانتقالي لا يُكتب بالحبر، بل يُعمّد بالدم السوري.

"عندما يُكتب الدستور بحبر الشريعة"

"يتضمن هذا الإعلان الدستوري، الذي وضعته لجنة اختارها الشرع وهواؤها داعشي، مجموعة من المواد التي أثارت غضب قطاعات واسعة من السوريين، وخاصة المكونات غير السنية، نظرًا لمخالفته مبادئ المواطنة والديمقراطية، وهما مصطلحان لم يُذكرا ولو مرة واحدة في الإعلان."

"في ميثاق الإسلاميين، تعتبر الديمقراطية من أعمال الكفر لأنها تعني حكم الشعب لنفسه. ووفقًا لنهجهم المستمد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والسيرة، فإن ما ترسّخ في عقولهم هو أن سلطتهم تستمد من الله، وليس من البشر."

وأبرز النقاط المثيرة للجدل:

1. تعزيز صلاحيات الرئيس الحاكم كظل لله في الأرض

منح الإعلان الدستوري الرئيس أحمد الشرع سلطات مطلقة، فلم يكتفِ باختيار اللجنة، بل أعطى لنفسه الحق في تعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب، وإلغاء منصب رئيس الوزراء، ما يجعله المتحكم الوحيد في السلطة التنفيذية دون أي رقابة فعلية.

عدم قدرة البرلمان على محاسبة الرئيس، مما يخلق بيئة فاشية بامتياز، بثيوقراطية واضحة.

مرجعية الفقه الإسلامي في التشريع

ينص الإعلان على أن الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع، وهو ما يثير مخاوف عميقة لدى الأقليات غير المسلمة، فضلاً عن المذاهب الإسلامية الأخرى، خاصة في ظل غياب تحديد دقيق للمذهب الفقهي المعتمد. هذا الغموض يفسح المجال أمام هيمنة التفسيرات السلفية الجهادية المتشددة، بما قد يفضي إلى فرض رؤية دينية إقصائية على المجتمع بأسره.

كذلك، يشترط الإعلان أن يكون رئيس الجمهورية مسلماً، ما يعني إقصاءً تامًا لأي مرشح غير مسلم، في انتهاك صارخ لمبدأ المواطنة المتساوية. "مثل هذا الشرط يبدو أكثر ملاءمة لإقامة إمارة إسلامية على نهج داعش، وليس لبناء دولة حديثة في عصر ما بعد الحداثة."

كما ينبغي الالتفات إلى أن الحاكم، الذي يعتبر نفسه "متغلبًا"، سيحيط نفسه بفقهاء يعكسون توجهاته وأيديولوجيته، متبنيًا رؤى تتناغم مع خط زملائه الجهاديين في هيئة تحرير الشام.

3. إقصاء المكونات غير السنية

لم يتضمن الإعلان أي اعتراف صريح بالتنوع العرقي والديني في سوريا، ما يجعله دستورًا أحادي الهوية، يتجاهل الأكراد والدروز والمسيحيين والشيعة وغيرهم، الذين يشكلون جزءًا أساسيًا من النسيج السوري.

التشابه مع إعلان مرسي 2012

ما يحدث في سوريا اليوم يذكّر بشكل مخيف بإعلان محمد مرسي الدستوري في 2012، حيث نجد تشابهًا واضحًا في:

1. الهيمنة المطلقة على السلطة

في مصر، أعطى مرسي لنفسه سلطات استثنائية، وحصّن قراراته من الطعن القضائي.

في سوريا، يمنح الإعلان الجديد أحمد الشرع صلاحيات واسعة منزوعة الرقابة البرلمانية.

2. وأد الديمقراطية

إعلان مرسي ألغى دور القضاء في مراجعة قرارات الرئيس، وهو ما يتكرر في سوريا عبر إضعاف البرلمان وسلبه القدرة على محاسبة الرئيس، وتحويله إلى مجلس شكلي.

3. الإقصاء بدلًا من التعددية

في مصر، كان الإخوان يسعون إلى فرض رؤيتهم الخاصة بالمجتمع والدولة، متجاهلين التنوع السياسي والفكري.

في سوريا، يكرّس الإعلان الانتقالي نزعة إقصائية بحق الأقليات الدينية والعرقية.

اعتراضات المكونات غير السنية.

لم يكن الرفض لهذا الإعلان مقتصرًا على المعارضة السياسية التقليدية فقط، بل جاء أيضًا من المكونات التي شعرت بأنها مستهدفة ومُهمشة:

أغلبية الأكراد: يعتبر مجلس سوريا الديمقراطية (قسد) الإعلان الأخير خطوة تراجعية تنحرف عن المبادئ السابقة لتحقيق الوحدة الوطنية وتعزيز المشاركة السياسية. وصرح مظلوم عبدي، زعيم قسد، الذي وقع قبل أيام اتفاقًا مع "الشرع"، بأن هذا التحرك يمثل تلاعبًا بالمبادئ السياسية الراسخة، ويسعى إلى تهميش الأكراد. وأكد أن الاتفاق مع الشرع يهدف إلى إعادة الثقة بين الأطراف، لا إلى استبعاد الأكراد من العملية السياسية، مشددًا على ضرورة احترام الحقوق المتساوية لجميع مكونات المجتمع السوري.

الدروز: اعتبروا أن الإعلان يُرسّخ سلطة طائفية، ويهدد بتهميشهم سياسيًا واجتماعيًا.

المسيحيون: رفضوا الطابع الديني للدستور، الذي يحوّل سوريا إلى دولة دينية بدلًا من دولة مدنية، مما قد يعرضهم لمزيد من التمييز والاضطهاد.

الخاتمة

كلما أتيحت للإسلاميين فرصة لحكم دولة، بدلاً من تبني الديمقراطية، سارعوا إلى صناعة ديكتاتور جديد يرتدي عباءة دينية ليبرر سلطته المطلقة. الإعلان الدستوري السوري ليس سوى تكرار لمحاولات سابقة، مثل إعلان مرسي 2012، حيث يتم استبدال الاستبداد العسكري باستبداد ديني أكثر شمولية.

ويبدو أن الدول العربية محكومة بالاختيار بين السرطان الإسلاموي، الذي ينتشر بلا رحمة ليبتلع الدولة والمجتمع، أو الطاعون السلطوي العسكري، الذي يقمع بلا هوادة. وبين هذا وذاك، يظل المواطن العربي هو الضحية الأبدية.



#محمد_سعد_خير_الله (هاشتاغ)       Mohaemd_Saad_Khiralla#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضة ضوء: لماذا لا يمكن الثقة بالجيش المصري كشريك للسلام؟
- ومضة ضوء - خطواتي العشر لإنقاذ مصر من مصير كارثي -
- ومضة ضوء : عار على المسارح الأوروبية فتح أبوابها لأحد أكبر ا ...
- ومضة ضوء : تجنب الأخطاء الماضية: سبع قضايا رئيسية بشأن النهج ...
- ومضة ضوء - غزة تسرق الاهتمام من السودان -
- ومضة ضوء - عن رائعة سامي البدري الكولونيل في شأنه الجانبي/ م ...
- ومضة ضوء يا مصري إعرف عدوك الأساسي الجيش أم السيسي؟؟
- ومضة ضوء -داعش يطل برأسه من مصر -
- -ومضة ضوء - الخطأ المستمر للعالم العربي
- -ومضة ضوء -دعوة السيسي للسلام تتعارض مع سياسات مصر في غزة.
- ومضة ضوء -مسألة حماس ومصر -
- -ومضة ضوء - لماذا تريد جمهورية العساكر كسر هشام قاسم، الحر ف ...
- -ومضة ضوء - عندما يتحول شعب باكمله إلى رهائن لا مواطنون إنه ...
- -ومضة ضوء - عن تأكيد على موقف سابق خاص بدعوة سيسي لحوار إلا ...
- ما الذي حدث ما بين الواقعتين واقعة رفح الأولى في رمضان 2012 ...
- -ومضة ضوء - وكلمتين لسيسي مندوب جمهورية العساكر عن كيفية تدم ...
- -ومضة ضوء - عن مصر واستغاثة أخيرة قبل الانفجار المدوي.
- Egypt-ACry Before a Resounding Fall
- رأي بعد المشاهدة لفيلم -ولد من الجنة -
- -ومضة ضوء - كنتاج لسياسات العسكر الاضمحلال الأسوأ والأخطر في ...


المزيد.....




- انتشال جثامين 15 مسعفاً بعد أيام من مقتلهم بنيران إسرائيلية، ...
- إعلام: طهران تجهز منصات صواريخها في أنحاء البلاد للرد على أي ...
- -مهر- عن الخارجية الإيرانية: الحفاظ على سرية المفاوضات والمر ...
- صحيفة -لوفيغارو-: العسكريون في فرنسا ودول أوروبية أخرى يستعد ...
- الخارجية الروسية: لن ننسى ولن نغفر كل شيء بسرعة للشركات الأو ...
- -حماس-: ما يشجع نتنياهو على مواصلة جرائمه هو غياب المحاسبة ...
- ترامب يعلن عن قرار بقطع شجرة تاريخية في البيت الأبيض بسبب مخ ...
- -أكسيوس- يكشف موعد زيارة ترامب للسعودية
- حادث إطلاق نار في مورمانسك بشمال روسيا.. والأمن يلقي القبض ع ...
- ترامب: زيلينسكي يحاول التراجع عن صفقة المعادن وستكون لديه مش ...


المزيد.....

- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعد خير الله - ومضة ضوء -أحمد الشرع: ظل إلهي على الأرض أم رئيس؟-