أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حبيب الزموري - التعليم لا يكون محايدا , فإما أن يكون تعليما للحرية أو تعليما للاستبداد فأي تعليم نريد ؟















المزيد.....


التعليم لا يكون محايدا , فإما أن يكون تعليما للحرية أو تعليما للاستبداد فأي تعليم نريد ؟


حبيب الزموري

الحوار المتمدن-العدد: 8292 - 2025 / 3 / 25 - 20:21
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


" إن عملنا في الميدان المدرسي هو ذلك النضال نفسه من أجل إسقاط البورجوازية، و نحن نعلن على المكشوف إن القول بمدرسة في معزل عن الحياة، في معزل عن السياسة , إنما هو كذب و نفاق . "
لينين؛ من خطابه أمام المؤتمر الأول لعامة روسيا في شؤون التعليم، جويلية 1917


لا تزال قضية إصلاح المنظومة التربوية تراوح مكانها بعد 14 سنة من الثورة أقفلت خلالها سلطة الإشراف كل أبوابها و نوافذها كي لا تهب عليها رياح الثورة إذ بقيت المنظومة التربوية خاضعة لسيطرة الحرس القديم في ظل العجز الفادح للحكومات المتعاقبة بعد الثورة عن مجرد فتح هذه القضية أمام الرأي العام الوطني فتحا جديا يرتقي إلى مستوى الأفق السياسي و الاجتماعي و الثقافي الذي فتحته ثورة 17 ديسمبر – 14 جانفي المجيدة. و قد تفاقم هذا العجز ليصبح تواطؤا مفضوحا على إعادة إنتاج نفس النظام على جميع المستويات بما فيها المستوى التربوي و التعليمي .و في ظل تفاقم الأزمة الشاملة التي تغرق فيها بلادنا أصبحت المدرسة العمومية بوصفها إحدى المؤسسات – الأم للمجتمع التونسي ترزح تحت ضغوطات و تحديات بل و تهديدات لا قبل لها بمواجهتها و هي تعيش إنحطاطا و تدهورا قل أن عرفته طيلة تاريخها العريق و يعود هذا أساسا إلى غياب الرؤية و الأهداف و البرنامج الذي من شأنه إنقاذ المؤسسة التربوية – التعليمية التونسية و يمكنها من وسائل و أدوات التصدي للمخاطر التي تتهدد بلادنا و إخترقت مؤسساتها بما فيها المؤسسة التربوية , ز تعتبر تجربة عالم التربية البرازيلي باولو فريري أحدى مداخل البحث و الممارسة للوصول إلى التعليم التعليم الشعبي و الديموقراطي المتسلح بقيم الحرية و المساواة و العقلانية .
"التعليم لا يكون محايدا, إما أن يكون تعليما للحرية أو تعليما للاستبداد" ليس مجرد عنوان لبحث أكاديمي بارد منفصل عن حرارة الممارسة و التجربة كما إنه ليس شعارا أفرزته حرارة اللوعة على مصير مئات الآلاف من التلاميذ و الطلبة تم الزج بهم في منظومة تربية مدججة بقوانين السوق و آليات الفرز المعرفي و الطبقي مجردة من قيم الحرية و النقد و الشجاعة, إنه خلاصة تجربة حية من أثرى التجارب التربوية في القرن العشرين تجربة المفكر و المعلم البرازيلي "باولو فريري"(1921-1997) الذي انطلق من مقولة الأديب الروسي الشهير تولستوي" الحرية شرط كل تعليم حقيقي" لصياغة نظريته التربوية في عدد من المؤلفات أشهرها "الأخلاق و الديموقراطية و الشجاعة المدنية"و "تربية الحرية " و "نظرات في تربية المعذبين في الأرض".شن "باولو فريري" ثورة على النظام التربوي السائد في البرازيل في ظل الحكم العسكري بوصفه نظام إعادة إنتاج القهر و الظلم الاجتماعي و السياسي و أطلق عليه " النظام المصرفي أو البنكي" و هو "نظام تربية المقهورين" الذي ينتج جنودا و تقنيين لحراسة نظام القهر و الاستعباد مجردين من قيم الحرية و الحوار و النقد, هذه الجرأة كلفت فريرياتهامه من قبل النظام العسكري الحاكم في البرازيل بممارسة نشاط هدام يشكل خطرا على البلاد و لم يكن هذا النشاط الهدام سوى محو الأمية و تطبيق نظريته في "تربية الحرية" و تعليم المعذبين في الأرض في إحدى القرى النائية في منطقة أمازونيا بشمال البلاد . ركز "فريري" في دراساته على واقع مجتمعات أمريكا اللاتينية لكشف الحقيقة التاريخية لواقع القهر و تفسير الحواجز التي تحول دون تحقيق الإنسان لإنسانيته كاملة و يشخص فريري هذا الواقع المعرقل للتنمية و المكرس للتخلف قائلا :"إن مجتمعات أمريكا اللاتينية مجتمعات مغلقة تتميز ببنى اجتماعية طبقية صارمة,و بنقص السوق الداخلية, لأناقتصاداتها تدار من الخارج بتصدير المواد الخام و استيراد السلع الاستهلاكية دون أن يكون لها أي دخل في هاتين العمليتين". يؤكد باولو فريري على البعد السياسي للتربية الذي يرى أنه كان مهملا ليس بالنسبة للمجتمعات الرأسمالية التابعة فحسب بل بالنسبة للدول الرأسمالية الكبرى و ذلك عبر تطبيق نظريته التربوية الثورية بنفسه في أرياف البرازيل الفقيرة معتبرا أن التربية و التعليم قوة أساسية و عملية لتحرير الإنسان من قوى القهر و الاستغلال و "و من البديهي أن الطرق و الوسائل المستخدمة في التربية من أجل تطويع الإنسان لمسايرة القهر لا تصلح و لا تتلاءم مع التربية من أجل الحرية "من هنا تكتسب تجربة "باولو فريري" التربوية بوصفها عملية أنسنة للكائن البشري كما تكتسب هويتها الثورية .
العلم و المعرفة لدى "باولو فريري" هي إحدى مفاتيح التحرر و السعادة بالنسبة للأميين و الكادحين و المضطهدين و لذلك اعتبر أن قضية "الأنسنة" هي القضية المركزية بالنسبة للإنسان بوصفها احتمالا ممكنا و قابلا للحياة و في المقابل يشكل تجريد الإنسان من إنسانيته خطرا محتملا أيضا, لذلك فإن الخيار أمامنا هو النضال في سبيل تحقيق "الأنسنة" بشكل عام باعتبار أن استلاب الإنسانية - رغم كونه حقيقة تاريخية ملموسة – ليس مصيرا محتوما, لكنه نتيجة لنظم تربوية تولد العنف لدى المضطهدين و تجردهم من إنسانيتهم لذلك تعتبر وضعية الناس الأقل إنسانية في حد ذاتها دافعا للتحرر و التخلص منها و لكي تكون العملية ذات معنى حقيقي حسب فريري, فإنه يجب على المضطهدين ألا يقوموا لاحقا باضطهاد مضطهديهم بل عليهم أن يعملوا على استرداد إنسانية الطرفين, فالمضطهدون في المناطق الزراعية لا يريدون إصلاحا زراعيا بقدر ما يريدون تملك الأراضي, أو بالأحرى يكونون "أسيادا" على عمال آخرين, كما إنه من النادر ,حسب فريريدائما , أن نجد عاملا ارتقى إلى رتبة مراقب عمال ألا يصبح أكثر جورا و تعسفا من المالك نفسه على بقية زملائه العمال, ليبقىالاضطهاد دون تغيير و يعيد نظام القهر إنتاج نفسه محافظا على استمراريته.القهر حسب "فريري" ليس مجرد بنية اجتماعية و اقتصادية و إنما ثقافية أيضا و يسميها البعض " ثقافة القهر"في حين يسميها فريري"ثقافة الصمت" و هي ثقافة مغتربة يتم فيها قبول الأمر الواقع القهري فيتأرجح الناس بين وهم التفاؤل و قهر التشاؤم غير قادرين على تغيير واقعهم ليقوموا باستعارة حلول لمجتمعاتهم من المجتمعات الأخرى دون فحص و لا تحليل نقدي لسياقاتها التاريخية نتيجة لذلك تكون ثقافة هذه المجتمعات ثقافة مغتربة حيث يتمظهر القهر و الاغتراب أينما وليت وجهك في البلدان الرأسمالية التابعة تمظهرا صارخا في بعض البلدان و خافتا في بلدان أخرى و يكمن الحل عند فريري في التربية و التعليم , و لكن أي تربية ؟ وأي تعليم؟ تبدأ تربية المقهورين بإيضاح حقيقة القهر في العالم وضرورة تغييره و سبل تحقيق ذلك، أي الإنطلاق بتغيير نظرة المقهورين لعملية القهر و تخليصهم من الأوهام و الأساطير التي صورها و صنعها النظام القديم .
هذه مقدمة عامة لنظرية " باولو فريري " حول " التحرير التربوي " كوسيلة لتحرير المجتمع , نموذج يقع خارج سياق النموذج الليبيرالي المتوحش الذي حول التربية و التعليم إلى سلعة و الذي ترزح تحته منذ سنوات منظومتنا التربوية في تونس التي تجري عملية تخريبها بتوجيهات مباشرة من مجالس إدارة المؤسسات المالية و الثقافية العالمية الخاضعة لهيمنة القوى الإمبريالية , و ستلي هذه المقدمة مقالا حول أهم الخطوات البيداغوجية التي يعتمدها التحرير التربوي لتربية الحرية و الأخلاق و الديموقراطية و الشجاعة المدنية لدى المعلم و المتعلم على حد السواء .



#حبيب_الزموري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب العمال يتوجه بنداء إلى الشعب التونسي وقواه المدافعة عن ا ...
- بيانات وتجمّعات عمّالية وهيئات قطاعية… هل تحرّكت “ماكينة” ال ...
- 14 جانفي 2011 / 14 جانفي 2023، من الثورة قادمون وإلى الثورة ...
- الشعبوية في تونس تختلق التاريخ في توطئة دستورها
- سراب الاستفتاء في صحراء الانتقال الديمقراطي
- المتاجرة بالقضية الفلسطينية جزء لا يتجزّأ من المتاجرة بمطالب ...
- الشعبوية في تونس : موجة عابرة في المسار الثوري أم طور جديد م ...
- من الصخيرة إلى واشنطن: حكومة معادية لشعبها، عميلة للدوائر ال ...
- الدّيمقراطيّة الشّعبيّة، البديل الممكن والضّروري لاستكمال ال ...
- الائتلاف الطبقي الحاكم الرجعي في تونس وتجديد الوكلاء منذ 201 ...


المزيد.....




- سرايا القدس تعلن إطلاق رشقة صاروخية على مستوطنات غلاف غزة
- مشادات كلامية بين نتنياهو ونواب المعارضة أثناء كلمته في الكن ...
- روسيا تطور درونات لتدمير المروحيات العسكرية والطائرات المسيّ ...
- لأول مرة، عيادة بريطانية تستخدم الذكاء الاصطناعي لمعاينة الم ...
- إسرائيل تطلق سراح مخرج فلسطيني حائز على جائزة أوسكار
- رئيس وزراء كوسوفو يقع في فخ مخادعين روسيين ويفضح ما يحضره ال ...
- مجلة -وايرد-: إدارة ترامب تتجه لإقالة مجموعة من العلماء في م ...
- مكتب نتنياهو ينفي تلقية أي تحذير بشأن -الأموال القطرية-
- موسكو تعلق على توقيف مولدوفا لرئيسة غاغاوزيا
- -تجربة أولية-.. قناة إسرائيلية تتحدث عن ذهاب دفعة من الغزيين ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حبيب الزموري - التعليم لا يكون محايدا , فإما أن يكون تعليما للحرية أو تعليما للاستبداد فأي تعليم نريد ؟