على هامش حياة معاوية وذويه

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

الحوار المتمدن-العدد: 8292 - 2025 / 3 / 25 - 18:47
المحور: الادب والفن
    

ليس في الجدل الطائفي المحتدم حول المسلسل التلفزيوني الرمضاني الذي يتناول حياة معاوية ابن أبي سفيان ما يهمني، ولكن على هوامش حياة معاوية وأبنه يزيد وأحفاده من يزيد معاوية وخالد وعبد الرحمن، ما يستدعي التناول والحديث.

معروف أن أبا سفيان قاد ومول حروب قريش ضد النبي محمد، فيما حارب ابنه معاوية الأمام علي بن أبي طالب، وتلطخت أيادي يزيد ابن معاوية بدماء آل محمد.
كل هذا معروف ولكن غير المعروف على نطاق شعبي جوانب أخرى، مثل من هي زوج معاوية وأم يزيد، وكيف كانت تقيّم زوجها معاوية ابن أبي سفيان، وغير معروف أيضا موقف أبناء يزيد من أبيهم ومن السلطة.

ام يزيد هي ميسون بنت حندل أو جندل باختلاف المصادر، وفي ما تزعم بعض المصادر أن ميسون من عائلة مسيحية أرثوذكسية، فان مصادر اخرى تهمل هذا الجانب من شخصية زوجة الخليفة الإسلامي، وأم ابنه الذي تولى الخلافة من بعده، لكن جميع المصارد تتفق على انها من عائلة بدوية، وتكاد تجمع على انها كانت برمة بحياة المدينة، ربما لعدم رضاها عن زوجها معاوية.

وتنسب إلى ميسون قصيدة تعبر عن موقفها غير المندمج بحياة المدينة وتعلقها بالحياة البدوية، وفي القصيدة بيت يحط من قيمة معاوية ويصفه بالعلج:

وخِرقٰ من بني عمي نحيفٰ
أحبُ إليّ من عِلجٍ عليفِ

ويقال ان هذا البيت كان سببا في طلاقها من الخليفة المُهان. لكن ابنها يزيد لم يمتلك زهد أمه في الحياة الحضرية وما فيها من سلطة، وارتكب في سبيل الحفاظ عليها، مجزرة كربلاء التي قتل فيها الحسين ابن علي وعديد من آل البيت النبوي.

على عكس يزيد جاء ابناه معاوية وخالد، اللذين كانا أشبه بجدتهما من أبيهما وجدهما، حيث زهد معاوية ابن يزيد بالسلطة بعد فترة قصيرة من توليه الخلافة وتخلى عنها، أما شقيقه الأصغر خالد فقد كان في شغل كامل عن كل ما يتصل بالسلطة، وتركزت أهتماماته على العلوم والآداب، وكان عاشقا يقرض الشعر، لذلك رفض تولي الخلافة بعد تخلي شقيقه معاوية عنها، أمر فتح الباب أمام أموي آخر هو مروان ابن الحكم للاستيلاء على السلطة وتوريثها لأبنائه وأحفاده.

أحب خالد بن يزيد بن معاوية رملة بنت الزبير بن العوام وتزوجها. وله فيها قصيدة مشهورة قال فيها:

أحب بني العوام طراً لأجلها
ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا.
[ومعروف أن جدّة خالد ميسون كانت كلبيّة]

وفي بيت أخر من القصيدة خاطب خالد رملة قائلا:

فإن تُسلمي نُسلم وإن تتنصري
يحط رجال بين أعينهم صُلُبا.
[صُلًب جميع صلبب]

ولم تكن رملة مسيحية، لكنه أعرب في القصيدة عن أستعداده لأعتناق المسيحية إن هي اعتنقتها.

وليس هذا بغريب على شخص مثقف ـ وفق مقاييس زمنه ـ أهتم بالعلوم، الكيمياء على وجه الخصوص، ودعم ترجمة نظرياته المعروفة ذلك الحين من المصادر غير العربية، ألى جانب إهتمامه بالأدب، وينسب له ديوان شعر.

ولخالد ومعاوية أخ ثالث هو عبدالرحمن بن يزيد شاركهما في الزهد في السلطة. وربما شكل عمر بن عبدالعزيز أمتداداً لهذا الثلاثي في مرحلة لاحقة، لكنه أختلف عنهما بممارسة السلطة بطريقة المصلحين المتصوفين وتوفي شابا، وفاة مشكوك فيما إذا كانت وفاة طبيعية أم نتيجة اغتيال بالسم وقف خلفه أفراد من الأسرة الأموية الحاكمة!

#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات