أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - نجاح محمد علي - العهد العالمي الجديد وأفول الكيان الصهيوني














المزيد.....


العهد العالمي الجديد وأفول الكيان الصهيوني


نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8291 - 2025 / 3 / 24 - 16:55
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


تشهد الساحة الدولية تحوّلات كبرى تعيد رسم خرائط القوة والتأثير، متجاوزةً النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، والذي كرّس الهيمنة الأمريكية على مقدّرات الشعوب، وضمن بقاء الكيان الصهيوني كأحد أهم مخرجاته الاستعمارية. إلا أن هذه المنظومة تتهاوى الآن، مع تصدّع الهيمنة الأمريكية وانحسار نفوذها، وظهور قوى جديدة تعيد تشكيل المشهد الدولي، بما في ذلك تصاعد محور المقاومة وتآكل شرعية الكيان الصهيوني داخليًا وخارجيًا.

لقد وصف الإمام الخامنئي هذا التحوّل باعتباره بداية لنظام عالمي جديد، يقوم على ثلاثة متغيرات رئيسية: تراجع الولايات المتحدة، انتقال مركز الثقل السياسي والاقتصادي إلى آسيا، وتوسّع جبهة المقاومة. هذه العوامل مجتمعة تُمهّد لانهيار الكيان الصهيوني، الذي يواجه تحديات غير مسبوقة على المستويين الداخلي والخارجي.

نهاية المشروع الصهيوني: شهادة التاريخ ورؤية المؤرخين الجدد

لم يكن الكيان الصهيوني مشروعًا طبيعيًا، بل وُلد من رحم الاستعمار الغربي، على أنقاض فلسطين التاريخية، بدعمٍ مباشر من القوى العظمى التي رسمت خرائط العالم وفق مصالحها الخاصة. غير أن هذا المشروع بات اليوم في مهب الريح، ليس فقط بفعل المقاومة، بل أيضًا نتيجة تناقضاته الداخلية، وافتقاره إلى مقومات الاستمرار.

المؤرخون الجدد في “إسرائيل”، ومن بينهم شلومو ساند، إيلان بابيه، وآفي شلايم، شكّكوا في الرواية الصهيونية الرسمية حول “حق اليهود التاريخي” في فلسطين، وفضحوا الأساطير التي قامت عليها الدولة العبرية.

شلومو ساند، في كتابه “اختراع الشعب اليهودي” (The Invention of the Jewish People)، يطرح نظرية مفادها أن معظم يهود العالم ليسوا من نسل بني إسرائيل، بل من شعوب دخلت اليهودية عبر التاريخ، ما يعني أن الأساس العرقي-التوراتي لدولة “إسرائيل” مجرد خرافة. وهو ما يقوّض الأساس الأيديولوجي للدولة الصهيونية ويفتح الباب أمام زوالها كنتيجة طبيعية لغياب الشرعية.

أما إيلان بابيه، في كتابه “التطهير العرقي في فلسطين” (The Ethnic Cleansing of Palestine)، فيكشف عن المجازر والتهجير القسري الذي مارسته العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين عام 1948، مؤكدًا أن قيام “إسرائيل” لم يكن سوى عملية إحلال استعماري عنيفة، لا تختلف عن مشاريع الاستعمار الاستيطاني الأخرى التي باءت بالفشل في جنوب إفريقيا والجزائر. وهو ما يعني أن هذا النموذج لن يصمد أمام التغيّرات المتسارعة.

من جهته، يؤكد آفي شلايم، في كتابه “الجدار الحديدي” (The Iron Wall)، أن العقلية الإسرائيلية قائمة على القمع والقوة المفرطة، وليس على أي مشروع سلام حقيقي، وهو ما جعلها دولة منبوذة عالميًا، حتى بين يهود العالم أنفسهم، الذين بات كثيرون منهم يرون في “إسرائيل” عبئًا أخلاقيًا واستراتيجيًا على اليهودية نفسها.

على الجانب الديني، فإن جماعة ناطوري كارتا، وهي حركة يهودية أرثوذكسية معارضة للصهيونية، تصرّح علنًا بأن “إسرائيل” كيان غير شرعي دينيًا، وأنه مناهض لتعاليم التوراة، التي تمنع اليهود من إقامة دولة قبل مجيء “المسيح المنتظر”. هذه الجماعة، رغم صغر حجمها، تمثّل مؤشرًا على الشرخ العميق داخل المجتمع اليهودي حول شرعية الكيان الصهيوني، وهو ما يعزز فرضية زواله.

تفكك داخلي وأزمات متصاعدة

إلى جانب فقدان الشرعية التاريخية، يعاني الكيان الصهيوني من أزمات بنيوية تهدد وجوده، لعلّ أبرزها:
1. الانقسام السياسي والاجتماعي:
يعاني “المجتمع الإسرائيلي” من انقسامات غير مسبوقة بين التيارات الدينية والعلمانية، وبين اليمين المتطرف وما تبقى من تيارات ليبرالية. التظاهرات الحاشدة ضد حكومة نتنياهو، والتوترات بين الجيش والمستوطنين، كلها مؤشرات على هشاشة الداخل الإسرائيلي.
2. الأزمة الديموغرافية:
رغم كل محاولات الاستيطان والتهجير، فإن معدلات النمو السكاني الفلسطيني، داخل الخط الأخضر وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، تفوق بكثير معدلات النمو بين اليهود. هذا يعني أن إسرائيل، حتى لو استمرت ككيان، ستجد نفسها في وضع تصبح فيه الأغلبية السكانية من غير اليهود، مما يجعل مفهوم “الدولة اليهودية” غير قابل للاستمرار.
3. العزلة الدولية:
لم تعد “إسرائيل” تلقى الدعم المطلق الذي كانت تحظى به سابقًا. تراجع التأييد لها في الجامعات الغربية، تنامي حركات المقاطعة (BDS)، وازدياد الإدانات الدولية لجرائمها في غزة والضفة، كلها عوامل تُظهر أن الزمن لم يعد يعمل لصالحها.
4. تصاعد المقاومة:
منذ الانتفاضة الأولى وحتى يومنا هذا، لم تتوقف المقاومة الفلسطينية عن تطوير أدواتها وأساليبها، وصولًا إلى حالة “عرين الأسود” في نابلس، وتصاعد عمليات المقاومة في الداخل المحتل، مما جعل الاحتلال يدرك أن السيطرة المطلقة لم تعد ممكنة.

النظام العالمي الجديد وانهيار “إسرائيل”

يُجمع العديد من المحللين الاستراتيجيين على أن أفول الهيمنة الأمريكية يعني تلقائيًا زوال “إسرائيل”، باعتبارها مشروعًا استعماريًا قائمًا على الدعم الغربي. ومع تحولات النظام العالمي، حيث تبرز قوى جديدة مثل الصين وروسيا وإيران، وتعيد الدول العربية النظر في علاقاتها الإقليمية، يصبح الكيان الصهيوني في عزلةٍ غير مسبوقة.

الإمام الخامنئي لطالما أكّد أن “إسرائيل لن تعيش أكثر من 25 عامًا”، ورغم أن البعض رأى في هذا التصريح مجرد خطاب سياسي، إلا أن الوقائع تثبت أن عمر الكيان الصهيوني أصبح محدودًا بالفعل. الأزمات الداخلية، والتغيرات الدولية، وتصاعد المقاومة، كلها عوامل تُسرّع عملية التفكك والانهيار.

إن مشهد النهاية لم يعد مجرد توقعات، بل حقيقة تلوح في الأفق، حيث يواجه الكيان الصهيوني أزمات وجودية لا حلول لها. النظام العالمي الذي أنتجه بات يتلاشى، ومعه سيختفي هذا الكيان المصطنع، ليعود الحق إلى أهله، وتسود معادلات جديدة في المنطقة، تتناسب مع موازين العدل والتاريخ، وليس مع مصالح القوى الاستعمارية.



#نجاح_محمد_علي (هاشتاغ)       Najah_Mohammed_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “وراء الرسائل: حسابات إيران وترامب”
- إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية: التعاون النووي والتحدي ...
- الساحل السوري: التطهير الطائفي مستمر بصمت والشرع بلا مساءلة
- الإبادة الجماعية بحق العلويين في سوريا: مسؤولية الجناة ومخاط ...
- سوريا: إبادة العلويين بصمت مريب
- المجازر ضد العلويين : صفحة جديدة من المأساة السورية
- الجيش الصهيوني يخطط لعمليات اغتيال مركزة: استراتيجية جديدة ل ...
- العلاقة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في ظل العملية العسكري ...
- وهم الوثوق بأمريكا: تعلموا الدرس من زيلينسكي
- المتغطي بالأمريكان عريان: المثال الأوكراني نموذجًا
- أوجلان يدعو للسلام: هل تتراجع تركيا عن العراق؟
- زيارة لافروف إلى إيران في الإعلام الروسي: تحالف استراتيجي أم ...
- صراعات الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الدولة العميقة بعد إعا ...
- تقدير موقف: العلاقات العراقية-الإيرانية والتحديات الأمنية وس ...
- جسر الثقافات: الاحتفال بالتعايش والحوار في مهرجان الانسجام ب ...
- تقييم قمة الرياض وتأثيراتها على إيران والعراق ومحور المقاومة
- خطة لنقل جميع سكان قطاع غزة إلى شمال سيناء كخيار مفضل
- المهمة الحيوية لإعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة
- هل ايران متورطة في طوفان الأقصى..؟!
- اتفاقية عدم اعتداء سعودية ايرانية مطلوبة قبل إعلان التطبيع م ...


المزيد.....




- سرايا القدس تعلن إطلاق رشقة صاروخية على مستوطنات غلاف غزة
- مشادات كلامية بين نتنياهو ونواب المعارضة أثناء كلمته في الكن ...
- روسيا تطور درونات لتدمير المروحيات العسكرية والطائرات المسيّ ...
- لأول مرة، عيادة بريطانية تستخدم الذكاء الاصطناعي لمعاينة الم ...
- إسرائيل تطلق سراح مخرج فلسطيني حائز على جائزة أوسكار
- رئيس وزراء كوسوفو يقع في فخ مخادعين روسيين ويفضح ما يحضره ال ...
- مجلة -وايرد-: إدارة ترامب تتجه لإقالة مجموعة من العلماء في م ...
- مكتب نتنياهو ينفي تلقية أي تحذير بشأن -الأموال القطرية-
- موسكو تعلق على توقيف مولدوفا لرئيسة غاغاوزيا
- -تجربة أولية-.. قناة إسرائيلية تتحدث عن ذهاب دفعة من الغزيين ...


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - نجاح محمد علي - العهد العالمي الجديد وأفول الكيان الصهيوني