أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الجديد في كتاب -مذكرات الأرقش- ميخائيل نعيمة















المزيد.....

الجديد في كتاب -مذكرات الأرقش- ميخائيل نعيمة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8290 - 2025 / 3 / 23 - 00:41
المحور: الادب والفن
    


يمكن أن يكون هذا الكتاب من أهم لكتب العربية، وذلك للمفاهيم الأخلاقية التي يطرحها، وللشكل الأدبي الذي جاء به، فهو يأخذ أكثر من شكل وتجنيس أدبي، منها كتاب فلسفي، أدبي، الرواية، مذكرات، وإذا ما علمنا أنه انجز في عام 1941، نتأكد من أسبقية "ميخائيل نعيمة" وتألق على صعيد المضمون والشكل، ف"مذكرات الأرقش" توازي كتاب "النبي" لجبران خليل جبران في طرحها الأخلاق وأفكاره إنسانية عن الحياة.
في بداية الكتاب يتحدث السارد عن دخوله مقهى عربي في مدينة نيويورك، ليجد "شين" صاحبه يشكو همومه ويتحدث عن "الأرقش" الرجل الذي خدمه لمدة ثلاث سنوات في المقهى وتفانى في عمله، لكنه غادر إلى جهة مجهولة وترك مذكراته، مما دفع السارد ليسأل "شين" عنها، رغبا في دفع أي ثمن في سبيل الحصول عليها، لكن "شين" الذي لا يعرف قيمتها ولا قيمة كاتبها، يعطيه المذكرات، وهو بدوره قام بنشرها وإيصالها لنا نحن القراء.
المذكرات
حافظ السارد على شكل المذكرات التي تناولها، من خلال عنونتها بالأيام، السبت، الأحد...، دون أن يؤرخ هذه الأيام، وأبقاها مجهولة التاريخ، وهذا أعطاها سمة إنسانية، عابرة لزمن، بحيث يجد كل من يقرأها أنها تجري في زمانه، وإذا علمنا أن الأرقش بلا اسم، وما "الأرقش" إلا لقب ناتج عن وجود رقط في الوجه، ولم يعرف حتى "شين" اسمه، نصل إلى أنه شخصية عالمة يتقبلها كل القراء إينما كانوا.
الاسم
الأسماء تحدد مكان الشخصيات وطبيعتها، فإذا ما قلنا "محمد" أمكننا معرفة جغرافية هذا الشخص، فهو أما عربي أو مسلم، ويقطن في الدول العربية أو الإسلامية، وإذا ما قلنا "هان" أمكننا معرفة أنه شخص صيني، أو من شرق آسيا، وهكذا، يتحدث "الأرقش عن أسمه بقوله: "فما بالهم ينفكون يسألونني عن اسمي واسم أبي وأمي وبلادي وعمري الخ الخ؟ فهل إذا عرفوا أن اسمي يعقوب أو زكريا أو يوسف انقلبت في عيونهم فما بقيت إنسانا مجهولا ولا بقي وجهي رقعة من الخشب نخرها السوس؟
أنا لا أعرف لذاتي اسما ولا أرضى أن أعرف باسم واحد، لأنني أولد ولادة جديدة كلما تولد في رأسي فكر جديد، وأفكاري تتولد بسرعة البرق" ص16، هذا المقطع يشير إلى عالمية "الأرقش" وإلى إنسانيته، فهو يرفض أن يُعرف باسم حتى لا يتقوقع في مكان بعينه، ويصر على أن يبقى (مجهولا) مشاعا كل الناس، إينما وحيثما كانوا، ونجده يشير إلى أنه صاحب طرح جديد، وأنه يحمل أفكارا جديدة تتوالد باستمرار وبسرعة.
الطبيعة/الكون
يتحدث "الأرقش" عن الكون كملهم له، كوحي يعطيه الحكمة: "أنا والنجوم ـ تلميذ وأستاذ ـ فيها رأيت مجد الله... أنا والنجوم عالمان لا متناهيان، والعالمان يؤلفان عالما واحدا لا متناهيا هو الأرقش، أما الناس فلا يفهمون أن من ينظر إلى النجوم يجب أن ينظر إليها بخشوع وصمت" ص22، تأمل النجوم وبصمت يجعل المتأمل يتماهى معها، بحيث ينسى نفسه ويتعلق/يتوحد بالسماء اللامعة، وهذا يشير إلى أن السماء مصدر (الوحي)/الإلهام.
الله عز وجل
يتحدث "الأرقش" عن الله وكيف يجب أن نعرفه/نجده/نخاطبه/نتعامل معه بقوله: والذين ينادون باسم الله من غير أن يدركوه بالتأمل والسكوت ـ من غير أن يجدوه في أنفسهم ـ إنما ينادون باسم لا مسمى له، ولو أن البشر عرفوا الله لما فسموه باسم عبراني ومسيحي ومسلم وبوذي ووثني، ولما أرهق إنسان دم إنسان، ولا بغض إنسان إنسان من أجل الله، وما انقسم البشر مللا ونحلا، إلا أنهم حاولوا المستحيل فحددوا الله الذي لا يحد بلغاتهم المحدودة، وقاسوا ما لا يقاس بمقاييس بشرية أرضية" ص26و27، في هذا المقطع نجد لله المطلق، الكامل، الشامل الذي لا يحد، ولا يمكن أن يكون لجماعة بعينها، فهو رب كل البشر، وكل المخلوقات، ورب الكون، وإذا ما تم تحديده/تخصيصه لجهة بعينها تم (حجبه) عن الآخرين، وأصبح إله محدود لهذه الفئة، ومخصص لها دون بقية الناس، وبقية لمخلوقات والكون.
ونلاحظ أن "الأرقش" يربط الإيمان بالله بعدم ارهق الدماء، وإذا ما أُرهقت الدماء فهذا مؤشر على أن تلك الجماعة لها إله خاص بها، إله منعزل عن الناس والكون.
الحياة
يرى "الأرقش" الحياة طمأنينة ليس أكثر، طمأنينة مستدامة، لهذا هو لا يتأثر بالحزن أو بالفرح: "أستفق يا ارقش، استفق، إنك لفي سبات، أفما عرفت بعد أن الحزن والفرح لواهي القلوب لا غير؟ وهل في الكون ما هو جدير بأن نحزن عليه أو أن نفرح له؟ لا حزن هي الحياة ولا فرح، إنها لطمأنينة أبدية، فطمئن" ص64، هذا الرؤية جعلت الأرقش يتعامل بزهد مع الآخرين، فعندما وجدة حقيبة فيها أكثر من ثلاثين ألف دولار سلمها إلى صاحبها وكأنه يعطيه كسرة خبز، ولم يقبل أن يكافأ على أمانته، وعندما مرض "سنحاريب" وزاره "الأرقش" ووجده لا يرغب بلقاه أهمل الأفكار السوداء، و(برر) لسنحاريب تصرفه، رغم ما فيه من جفاء، وحتى "شين" الرجل البخيل/المستغل الذي يريد ملك الدنيا وما فيها، ويعامل الأرقش بجلافة، نجد الأرقش يتبرع له بكل ما يملكه من مال، كل هذا يجعلنا نقول: إن "الأرقش" يمثل النقاء الإنساني، العطاء الإنساني، التفاني في خدمة الآخرين، فهو يجسد الآية القرآنية: "إنما نطعمكم لوجه الله، لا نريد منكم جزاء أو شكورا" بكل حذافيرها، وهذا يجعلنا نقول إن "الأرقش" هو نبي بعد "النبي" جبران خليل جبران.
النبي
الأنبياء يدعون إلى المحبة، والمحبة من الله، والله محبة، هكذا قال "نبي" جبران: "المحبة لا تعطي إلا ذاتها، أما أنت إذا أحببت فلا تقل الله في قلبي لكن قل أنا في قلب الله" يؤكد "الأرقش" على ضرورة المحبة بقوله: "إنما تحيون بعضكم ببعض، فكيف لا تحيون بعطكم لبعض؟ وإنما ترضعون كلكم الحياة من ثدي الأرض، فكيف لا تخجلون من أن تمزقوا الثدي الذي منه ترضعون" ص120، هذه الدعوة للحياة، تعني إزالة كل الخلافات/الأحقاد بين الناس، وجعلهم يتآلفون معا لخدمة بعضهم بعضا، وهذا دعوة غير مباشرة، لبث المحبة والتعاون والعطاء فيما بينهم.
الشهوة
خلقت الشهوة مع وفي الإنسان، وإذا ما انتصر على شهوته وسيطر عليها، وصل غلى مرتبة الملائكة، وإذا ما انزلق وخضع لها أمسى بمرتبة الحيوان، يتحدث "الأرقش" عن الشهوة والغريزة بقوله: "ما دامت إرادتك قاصرة يا أرقش عن أن تسير جسدك حسب هواك فاعلم أن بينك وبين المعرفة التي تنشدها نجادا ووهادا" ص95.
الكمال والحلول
وعن رؤيته للمعرفة/للحلول والوصول إلى ذات لله:
"سألت نفسي اليوم:
ماذا تريدين يا نفسي؟
فأجابتني
"أريد أن اعرف" وماذا تريدين أن تعرفي؟
قالت
"كل شيء"
قلت
لماذا تريدين أن تعرفي كل شيء؟
أجابت
لأنني أريد أن أتحرر من كل شيء
قلت
ألا تكون حرية بغير معرفة؟
قالت
"بل تكون عبودية
قلت
"ألا تكون حياة بغير حرية"
قالت
"بل تكون موت" ص124و125.
أجزم أن هذا الحوار يكفي ليكون طريق الخلاص لكل الناس، أفرادا وجماعات، فالمعرفة هنا تتجاوز معناها (العادي) وتصل إلى التماهي والحلول في ذات الله، من هنا كانت المعرفة مرتبطة بالحرية، بالحياة، وعدم المعرفة مرتبط بالموت، بالفناء وعدم الوجود.
الكتاب من منشورات مؤسسة نوفل للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الخامسة 1971.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المكان والإنسان في رواية -عين التينة- صافي صافي
- المنطقة العربية في كتاب -الوحدة العربية هل لها من سبيل- منيف ...
- جمالية الشكل والمضمون في كتاب -من حديث أبي الندى- إبراهيم ال ...
- سورية الجديدة (5) وما أرسلناك إلا قاتلا للسوريين
- نقد الذات في رواية شامة سوداء أسفل العنق
- الماضي في رواية جبل التاج لمصطفى القرنة: قراءة نقدية
- التحدي في -كفاح كفاح- كفاح الخطاب
- ية والواقع في رواية -العاشق الذي ابتلعته الرواية- أسيد الحوت ...
- الإنجليز وعملائهم في مذكرات صلاح الدين الصباغ
- المبدئي والمرتد في مسرحية الدكتاتور جول رومان، ترجمة عبد الم ...
- فلسفة الكرة وجمال الأدب: قراءة في عالم «الطريق إلى المرمى»
- بين فلسفة الكرة وجمال الأدب: قراءة في عالم «الطريق إلى المرم ...
- الشاعر في قصيدة -حملت حروفي- أحمد الخطيب
- سلاسة التقديم في بكائيات غزة ميسون حنا
- العالم في قصيدة -نصفان: مأمون حسن
- صلاح أبو لاوي في صباح الحرية
- الصراع في ومضة -الولد الجني- المتوكل طه
- صيغة السرد والمضمون -ال...هو/ القاروط/أيوب- في رواية -الكوان ...
- اليهودي في رواية -كوانتوم- أحمد أبو سليم
- الأسر والأسرى في كتاب -حسن اللاوعي- إسماعيل رمضان


المزيد.....




- الخطأ في نسبة الآراء إلى أصحابها في الكتب الكلامية
- أكاديمية الأوسكار تعتذر بعد صمتها تجاه الاعتداء على المخرج ا ...
- فيلم -الصرخة 7- هل ينجح في الحفاظ على سحره بعد أكثر من عقدين ...
- ترامب في مواجهة سميثسونيان.. حملة على التنوع وتاريخ الأميركي ...
- مستوحى من فيلم -فورست غامب-.. توم هانكس يظهر في فيديو موسيقي ...
- بعد أن أسقطت اسمه من بيانها الأول.. أكاديمية الأوسكار تعتذر ...
- التعامل الراشد مع تراث الأئمة الفقهاء.. ابن تيميّة وتراثه ال ...
- اسماء خاجه زاده مترجمة کتاب الشهيد يحيي السنوار
- أكاديمية السينما تعتذر لعدم ذكر اسم مخرج -لا أرض أخرى-
- أحمد داش ومايان السيد في فيلم -نجوم الساحل- بموسم العيد


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الجديد في كتاب -مذكرات الأرقش- ميخائيل نعيمة