صباح بشير
أديبة وناقدة
(Sabah Basheer)
الحوار المتمدن-العدد: 8289 - 2025 / 3 / 22 - 21:30
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
في رحاب الفكر التّنويريّ، يبرز كتاب "الفلسفة النّسويّة في مشروع ماجد الغرباوي التّنويريّ"؛ للدّكتور محمود محمّد علي؛ كمرجع يسلّط الضّوء على رؤية ماجد الغرباوي في قضايا المرأة والمجتمع.
صدر هذا الكتاب في استراليا عن مؤسّسة المثقّف العربيّ ودار الوفاء (2020م)، ويقع في مئتين وخمس وخمسين صفحة، يغوص بنا في أعماق فكر الغرباوي، مستكشفا رؤيته للفلسفة النّسويّة وقضايا المرأة ضمن مشروعه التّنويريّ.
تناول المؤلّف بأسلوب تحليليّ مواقف الغرباوي من النّسويّة الغربيّة والعربيّة ومنطلقاتها ما بعد الكولونياليّة، والأسس الفكريّة للنّسويّة ما بعد الاستعمار، مستجليا أبعادها الفكريّة والثّقافيّة ومذاهبها، محلّلا مواقفه من قضايا المساواة والحريّة والحقوق، وعلاقة الحركة الإسلاميّة بالمرأة، والتطرّف الراديكالي، وعناصر الوعي النّسويّ وتكوينها. ولم يكتفِ بذلك، بل تطرّق إلى العلاقات بين الجنسين والدّور البيولوجي للمرأة، قدّم تساؤلات حول عالميّة قهر المرأة واضطهادها، ومفهوم النّظام الأبويّ وأصوله وتأثيره في التّربية، وغيرها من المواضيع الّتي ناقشها باستفاضة.
في هذا المقال، أقدّم لكم خلاصة لأبرز ما احتواه هذا الكتاب الّذي تميّز بمنهجيّة واضحة، مكّنت المؤلّف من كشف النّقاب عن رؤية الغرباوي وتقديمها للقارئ بأسلوب مباشر، مع التّركيز على لبّ الأفكار والمفاهيم الّتي تناولها.
استهلّ الكاتب رحلته الفكريّة بتتبع نشأة الفلسفة النّسويّة، الّتي ظهرت كردّ فعل طبيعيّ لتحدّيات العصر الحديث وقضايا المرأة، موضّحا أنّه مع التّحوّلات الصناعيّة والحروب العالميّة، برزت الحاجة إلى إعادة صياغة دور المرأة في المجتمع، ممّا أفضى إلى ظهور الفلسفة النّسويّة السّاعيّة إلى فهم العالم من منظور أنثويّ، وقد تبلورت هذه الفلسفة عبر ثلاث موجات متعاقبة، بدءًا من القرن الثّامن عشر، وصولا إلى ذروتها في القرن العشرين، وتنوّعت تياراتها الفكريّة بين الماركسيّة واللّيبراليّة والاشتراكيّة والرّاديكاليّة، الّتي اتّفقت جميعها على تحقيق العدالة والمساواة للمرأة.
يرى المؤلّف أنّ ماجد الغرباوي هو من أبرز المفكّرين الّذين أرسوا دعائم الفلسفة النّسويّة، إذ قدّم رؤىً فريدة تستحقّ الدّراسة المتعمّقة، ويصفه بباحث نهضويّ عميق الفكر، يسعى إلى تجديد الوعيّ من خلال تحرير الخطاب الدّينيّ من أسر التّراث، وتقديم قراءة نقديّة للنّص الدّينيّ، بهدف إرساء قيم الحريّة والتّسامح في مجتمع مدنيّ متقدّم.
يقول: ينطلق ماجد الغرباوي من مشروع تنويريّ يهدف إلى إقامة مجتمع مدنيّ متحضّر، ويرى أنّ جوهر النّسويّة يكمن في تحرير وعي المرأة، ويشدّد على أنّ حقوقها تستمدّ مشروعيتها من إنسانيّتها، وأنّ المساواة الحقيقيّة تتطلّب عدالة تراعي خصائصها.
يرى أيضا أنّ الدّين تجربة روحيّة تعزّز قيم التّسامح، وأنّ الأحكام الشّرعيّة نسبيّة قابلة للتّجديد، ويختم بالإشارة إلى أهمّيّة تحرير العقل الجمعيّ من ذكوريّته، وتمكين المرأة من تأكيد إنسانيّتها بعيدا عن التّكريس اللّاشعوريّ للأنوثة.
يستهلّ الفصل الأوّل، "الأسطورة ومحدّدات الوعي"، باستقصاء علاقة المرأة بالدّين والأساطير والفلسفة، سعيا لفهم مكانتها في المجتمع المعاصر ضمن سياق عالميّ. يناقش موقف الغرباوي من الأسطورة فيقول: إنّ الأسطورة والفلسفة تعكسان تساؤلات الإنسان المصيريّة، فالأسطورة لغة رمزيّة تستدعي وعيا بالواقع الموضوعيّ وفهما للنّسق الثّقافيّ، حيث تتداخل الفنون والدّين والميثولوجيا في علاقة جدليّة، راسمة حدود التابو والمحرّمات.
فيما يتعلّق بمحدّدات الوعي المؤثّرة في علاقة الرّجل بالمرأة، يرى الغرباوي أنّها تتجلّى في خمسة عوامل: دهشة الرّجل أمام طبيعة المرأة الفسيولوجيّة، وقلق المصير الوجوديّ المشترك، والأسئلة الوجوديّة الّتي تلازم الإنسان، والثّقافة الّتي تشكّل وعيهما الجمعيّ، والخطيئة الّتي لازمت المرأة في الوعيّ الذّكوريّ.
يرى أنّ وعي المرأة مرتهن لوعي الرّجل ضمن أطر ثقافيّة وأخلاقيّة ذكوريّة، وأنّ تأليه المرأة قديما، كان مرتبطا بدورها كمصدر للحياة، لا باعترافٍ بإنسانيّتها.
كما يطرح سؤالا محوريّا: أين تتجلّى إنسانيّة المرأة في الأساطير القديمة؟ فتقديس "الأم الإله" لا يعني التّسليم بإنسانيّة المرأة، بل بتجسيدها لمصدر الحياة. ويؤكّد أنّ حريّة المرأة واستقلاليّتها مرهونة بالإقرار بإنسانيّتها، وهو ما سعت إليه المرأة منذ القرن التّاسع عشر.
يشير إلى أنّ المرأة عبّرت عن إنسانيّتها من خلال التّعليم والكتابة، كما تجسّد في أسطورة "إيزيست"، مؤكّدا أنّ الإنسانيّة تتجلّى في النّشاط والحضور الثّقافيّ والاجتماعيّ.
عن قضيّة المرأة والفلسفة يقول: واجهت المرأة عبر تاريخ الفلسفة إقصاءً وتهميشا، حيث رسّخ أفلاطون وأرسطو ونيتشه وغيرهم تبعيّتها للرّجل، وسلبوا وجودها الأنطولوجيّ، ورغم قسوة الخطاب الفلسفيّ، ناضلت المرأة عبر التّاريخ لتأكيد ذاتها، واستثمرت الفرص المتاحة، كما تجسّد في ملكة سبأ ورموز الأساطير، مؤكّدة حضورها وقوّتها في مواجهة الهيمنة الذّكوريّة.
في الفصل الثّاني "تحرير الوعي" يناقش فكرة الغرباوي بأنّ الفلسفة النّسويّة هي تحرير وعي المرأة، وإعادة تشكيله وفق رؤية إنسانيّة عادلة، عبر نقد مكوّنات الوعي وتفكيك منظومة القيم الأخلاقيّة الّتي تبرر اختزال المرأة. ويرفض التّعريفات الأخرى الّتي تركّز على المساواة أو الثّورة ضدّ موازين القوى الجنسيّة، معتبرا أنّها تجلّيات للوعيّ وليست جوهر الفلسفة النّسويّة، داعيا إلى تأسيس فلسفة نسويّة عالميّة، تتجاوز الظّروف الثّقافيّة والاجتماعيّة، مستندا إلى مبادئ إنسانيّة مشتركة، مع التّركيز على تحرير وعي الرّجل والمرأة على حدّ سواء.
أمّا الفصل الثّالث: " النّضال واسترداد الحقوق المنهوبة"، فيتطرّق إلى رفض الغرباوي للنّسويّة اللّيبراليّة والرّاديكاليّة والماركسيّة، معتبرا أنّ مشكلة المرأة تكمن في الوعي، لا في البنى الفوقيّة أو الصّراع الطبقيّ، فهو يرى أنّ المساواة المطلقة ليست عدلا، بل يجب مراعاة خصوصيّة المرأة، ويدعو إلى تحرير الوعي من عقدة المظلوميّة، وتأهيل الرّجل والمرأة إنسانيّا بدلا من الانفصال أو الصّراع الطّبقيّ، دون تجاهل لدور الدّين والأخلاق في تهذيب السّلوك.
في الفصل الرّابع وهو بعنوان " رموز الحركة النّسويّة في العالم"، يثمّن الغرباوي جهود رموز النّسويّة العالميّة والعربيّة، معتبرا أنّ قضيّة المرأة تاريخيّة، ويرى أنّ بعض الكتابات النّسويّة مقيّدة بأيديولوجيّات ممّا يحدّ من تأثيرها، يذكر أسماء بارزة مثل "سيمون دي بوفوار" الّتي ركّزت على استعادة وعي المرأة إنسانيّا، بينما ركّزت الأخريات على المطالب المشروعة كالمساواة، مثل: هدى شعراوي، ونوال السّعداوي وغيرهن.
يقول: إنّ موقفه من الرّموز النّسويّة يتحدّد بأهدافها، وينتقد دعاة التّحرّر المطلق، ويدعو إلى رفع الوصاية عن المرأة، مع مراعاة خصوصيّتها الأنثويّة.
في الفصل الخامس "الحركات الإسلاميّة والمرأة": يناقش نظرة هذه الحركات للنسويّة الّتي يجدها تنبع من مرجعيّات تختزل المرأة وتصادر حقوقها المتراجعة في ظلّ تطبيق الشّريعة من قبل بعض الحركات، ويعتبر أنّ الخلل يكمن في عدم فهم إشكاليّة المرأة، والاقتصار على قضايا شكليّة كالحجاب دون الاعتراف بإنسانيتها، أو تمكينها وتغيير التّصورات الخاطئة عنها.
يشير إلى أنّ النّصوص التّراثيّة كرّست النّظرة الدّونيّة للمرأة، وأنّ القرآن لم ينصّ على دونيّة المرأة.
"المنطلقات الفكريّة لنسويّة ما بعد الكولونياليّة": في هذا الفصل يطرح فكرة نقد الهيمنة الإمبرياليّة وتداعياتها الثّقافيّة والاجتماعيّة، وتحرير الثّقافة النّسويّة من إسقاطات الثّقافة الغازية، وضرورة تأسيس مرجعيّات نقديّة مستقلّة، وتفكيك الخطاب الكولونيالي، وتهشيم الوعي المستلب واستبداله بوعي يستمدّ حقيقته من القيم العقلانيّة، فالحريّة والوعي والعقلانيّة هي منطلقات فكريّة أساسيّة لنسويّة ما بعد الكولونياليّة، ويجب أن تستخدم لنقد الذّات والآخر، وتأصيل منظومة قيم تنسجم مع البيئة الاجتماعيّة والثّقافيّة.
في الفصل السّابع، يعرّف "قهر المرأة" بأنّه حالة نفسيّة سلبيّة تنشأ عن مواقف ظالمة، سواء كانت ذاتيّة أو موضوعيّة، وتتعدّد الأسباب الموضوعيّة لهذا القهر، وتشمل الحروب والأنظمة السّياسيّة القمعيّة، العادات والتّقاليد المجحفة والمنطق الذّكوري المتسلّط، العنف الأسريّ والتّحرش الجنسيّ، واستغلال المرأة في التّطرّف.
أمّا الأسباب الذّاتيّة فتتضمّن اللّامبالاة وضعف المرأة، الثّقافة الجنسيّة والوعي السلبيّ، وتنمّر الأنثى الّذي يشير إلى ردّة فعل المرأة الناّتجة عن انطباع سلبيّ تجاه الرّجل، حيث ترى في سلوكه محاولة للسّيطرة عليها، ممّا يؤدّي إلى سلوكيات استفزازية تصل إلى حد التنمّر والانفعال غير المنضبط، ويخلق حالة من الكآبة والقهر، ما يؤثّر على علاقتها بزوجها بشكل سلبيّ.
يقول: هذا السّلوك هو نتيجة لضبابية الرّؤية واغتيال العاطفة للعقل وتجاهل الأسباب الموضوعيّة المؤثّرة، رافضا تفسير هذه الظّاهرة وفقا لنظريات "فرويد".
يناقش الفصل الثّامن " مكوّنات الوعي النّسويّ وارتهانات تشكيله"، الفلسفة النّسويّة الّتي تسعى لتحرير وعي المرأة وإعادة تشكيله وفق رؤية إنسانيّة عادلة، تستدعي حضور المرأة على مسرح الحياة وتقرير مصيرها بنفسها، واستعادة شخصيّتها ومركزيّتها، ويدعو إلى تفكيك بعض الموروثات التّراثيّة البائسة، والعودة إلى ركائز الكتاب الكريم، القائمة على العدل والإنصاف.
" فلسفة النّظام الأبويّ في تربيّة المرأة"، في هذا الفصل يرى الغرباوي أنّ النّظام الأبويّ هو نظام هيمنة فوقيّة وانقياد طوعيّ، يشمل سلطة الأب والسّلطات الدّينيّة والسّياسيّة والاجتماعيّة، وكلّ ما يرمز له الأب من تعالٍ سلطويّ وفوقيّ، يفسّر كيف يقوم هذا النّظام على قيّم العبوديّة، ويعتقد أنّ النّرجسيّة هي سبب طغيان الذّكر وتماديه في اضطهاد المرأة، وأنّ صورة المرأة في وعيه هي الّتي تحدّد أساليب وطرق تربيتها، وأنّ الحداثة قد حرّرت المرأة من رهاب الفقر والعوز، وأنّ التطوّر الحضاريّ وقيم الحداثة الثّقافيّة فتحت آفاق التطوّر النّسويّ.
في الفصل الّذي يليه يبرز موقف الغرباوي من الفلسفة النّسويّة عند كلّ من رفاعة الطّهطاوي ومحمّد عبده، فيقول: إنّ رفاعة الطهطاوي كان رائدا في حركة تحرير المرأة، حيث دعا إلى تعليمها ومساواتها بالرّجل، وقدّم مشروعا نسويّا يتضمّن فهما مختلفا للدّين، أمّا محمّد عبده فيمثّل مرحلة جديدة في تاريخ النسويّة العربيّة، حيث عمل على إصلاح الفقه والأحكام الشّرعيّة، ودعا إلى فتح باب الاجتهاد، وإعادة فهم النّصوص وفقا للمتغيّرات الزّمانيّة والمكانيّة.
عن موقفه من الفلسفة النسويّة عند كلّ من عبد الوهاب المسيري ويمني الخولي يقول: إنّ المسيري قدّم في كتابه "قضية المرأة بين التّحرير والتمرّكز حول الأنثى" رؤية نقديّة للنّسويّة، حيث رفض ترجمة (feminism) إلى نسويّة، وانتقد اتّجاهات نسويّة ما بعد الحداثة، الّتي يعتقد أنّها قد تحوّلت من حركة تدور حول فكرة الحقوق الاجتماعيّة والإنسانيّة للمرأة، إلى حركة تدور حول فكرة الهويّة. أمّا يمنى طريف الخولي فقدّمت في كتابها "النّسويّة وفلسفة العلم" رؤية أكثر انفتاحا، فهي تعتقد أنّ ما بعد الحداثة أتاحت للنّسويّة أن ترتفع إلى مستوى النّظريّة والفلسفة الصّريحة.
بعد ذلك يناقش عضويّة المرأة الفاعلة في المجتمع، وعدم حصولها على حقوقها المفترضة بسبب النّظام الأبويّ الّذي يهمّش الأنوثة، وسعيها الدّائم لتغيير مظهر سطح الأرض (اللاندسكيب Landscape) بطريقة مختلفة عن الرّجل، فالجغرافيا النّسويّة على حدّ قوله، تسعى لاستعادة المرأة الإنسان إلى جوار الرّجل الإنسان من خلال البراهين والحجج إلى القبول الإنسانيّ بحقوقها، فالنّسويّة نظريّة ذات بعد سياسيّ، والدّولة وسياساتها ومؤسّساتها تؤثّر على العلاقات بين الجنسين، كما أنّ تفرّد الرّجل بمفاصل الدّولة يكرّس الوعي الذّكوريّ، الأمر الّذي ينعكس سلبا على المرأة، لذلك.. فالنّسويّة مدعوة لمواصلة تفكيك الخطاب الذّكوريّ ورصد انحيازاته، فالفارق البيولوجيّ بين الجنسين مردّه لعقدة الذّكر من الأنثى، وقد تمّ تكريس ذلك في التّشريعات والسّياسات المتحيّزة للذّكر.
في الفصل الّذي يليه يتطرّق إلى رأي الغرباوي في المدارس النّسوية الثّلاث (الإصلاحيّة، المقاومة، المتمرّدة) الّتي تعالج قضايا المرأة من زوايا مختلفة، فيقول: إنّها تتقاطع وتتكامل فيما بينها، وأنّ المشكلة النّسويّة هي مشكلة ثقافيّة ووعي، والحلّ يبدأ من وعي المرأة والرّجل.
كما يرى بالوظيفة البيولوجيّة للمرأة أنّها السّبب وراء تصنيفها، فالرّجل ينظر إليها كجسد وطبيعة بيولوجيّة مغايرة. هذا الفارق البيولوجيّ كان وراء ثنائيّة "رجل/امرأة" و"ذكر/أنثى"، لكنّه لم يُفهم على أسس إنسانيّة، بل أرسى ثنائيّة صلبة ولّدت أحكاما قاسية، وهذا الفارق لا يبرّر حصر أدوار المرأة في حدود الأسرة والأمومة، فما هذا الحصر إلّا نتاج للمنطق الذّكوري والنّظام الأبويّ.
يناقش بعد ذلك سوء فهم الخطاب الدّينيّ للمرأة، ويعلن تأييده للثّورة النّسويّة المتوازنة الّتي تدعو إلى المطالبة بحقوق المرأة، كما يرفض النّسويّة الرّاديكاليّة المتطرّفة الّتي تدعو إلى تفكيك المجتمع وإلغاء المرجعيّة الإنسانيّة، ويرى أنّ الثّورة النّسويّة الحقيقيّة هي ثورة فكريّة وثقافيّة تهدف إلى إعادة تشكيل الوعي على أسس إنسانيّة.
يتطرّق بعد ذلك إلى موقف الغرباوي من قضيّة حجاب المرأة، حيث يرى أنّ الحجاب قد تطوّر من مفهوم ديني للاحتشام إلى طقس اجتماعيّ، وأنّ موقف المرأة من الحجاب يتراوح بين التّزمّت والتّهتّك، وأنّ الحجاب ليس بالضرورة دليلا على الالتزام الدّينيّ، ويصنّف دوافع ارتداء الحجاب أو نزعه إلى خمسة أنواع: التّديّن، العادات والتّقاليد، التمرّد الأنثويّ، التّحرّر الراديكالي، والمكانة الاجتماعيّة.
يشير إلى أنّ الحجاب قد يوحي بنظرة أرستقراطيّة، ويجب على الفقيه أن يأخذ بعين الاعتبار دور المرأة في الحياة، ويرى أنّ الحجاب يتنافى مع مبادئ النّسويّة، وأنّه تضحيّة بجزء من الحريّة مقابل سلامة الحياة الاجتماعيّة.
"الغرباوي.. وماذا بعد؟"، في هذا القسم يجيب الغرباوي على سؤال حول مستقبل الفلسفة النّسويّة، فيركّز على النّسويّة العرب-إسلاميّة، ويدعو إلى موقف متوازن من الفكر الغربيّ مع الحفاظ على الهويّة العربيّة، وتبنّي "النّسويّة الفاضلة" كنموذج يجمع بين المبادئ الإنسانيّة والقيم الأخلاقيّة، والانخراط في حركات التّحرّر لتفكيك المجتمع الأبويّ وتحقيق المساواة، وتطوير الوعيّ النّسويّ لتمكين المرأة من ممارسة دورها الحضاريّ، ويؤكّد على أهمّيّة القراءات النّقديّة والبحث المستمرّ في هذا المجال.
وبعد.. يتبيّن أنّ كتاب "الفلسفة النّسويّة في مشروع ماجد الغرباوي التّنويريّ" ليس استعراضا لآراء مفكّر، بل هو دعوة للتّفكير النّقديّ والتّأمّل في قضايا المرأة والمجتمع، حيث يقدّم رؤية لمشروع فكريّ يسعى إلى تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين، ويؤكّد على أهمّيّة تحرير العقل الجمعيّ من ذكوريّته وتمكين المرأة، ويترك للقارئ مساحة للتّفكير في هذه القضايا الّتي تهمّ كلّ فرد في المجتمع.
في الختام.. هذه لمحة عن ماجد الغرباوي، المفكّر العراقيّ الّذي انطلقت رحلته الفكريّة من أستراليا، بعد أن استقرّ فيها وحصل على جنسيتها، بدأ مسيرته المهنيّة في مجال التّدريس، ثمّ تولّى رئاسة تحرير مجلّة "التّوحيد" وسلسلة "روّاد الإصلاح".
في عام 2006، أسّس "مؤسّسة المثقّف" الّتي تُصدِر صحيفة "المثقّف"، وتقدِّم جوائز تقديريّة للمبدعين والمثقّفين والمرأة.
صدر له العديد من الكتب، منها: التّسامح ومنابع اللّاتسامح، النّصّ وسؤال الحقيقة- نقد مرجعيّات التّفكير الدّينيّ، أنسنة التّراث وعقلنة النّصّ الدّينيّ، مقتضيات الحكمة في التّشريع، نحو منهج جديد لتشريع الأحكام، المقدّس ورهان الاخلاق، تراجيديا العقل التّراثيّ، المرأة وآفاق النّسويّة، مدارات عقائديّة ساخنة، تحرير الوعيّ الدّينيّ، مضمرات العقل الفقهيّ، الفقيه والعقل التّراثيّ، مواربات النّصّ، الهويّة والفعل الحضاريّ، جدليّة السّياسة والوعيّ، رهانات السّلطة في العراق، المرأة والقرآن- حوار في إشكاليّات التّشريع، إخفاقات الوعيّ الدّينيّ، الضّدّ النّوعيّ للاستبداد- استفهامات حول جدوى المشروع السّياسيّ الدّينيّ، تحدّيات العنف، إشكاليّات التّجديد، وغيرها من الكتب.
#صباح_بشير (هاشتاغ)
Sabah_Basheer#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟