أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (قراءةُ حُبٍّ في مِرآةٍ سوداءَ مُدَلّاةٍ على صَدرِ الخَرابِ)















المزيد.....



(قراءةُ حُبٍّ في مِرآةٍ سوداءَ مُدَلّاةٍ على صَدرِ الخَرابِ)


سعد محمد مهدي غلام

الحوار المتمدن-العدد: 8289 - 2025 / 3 / 22 - 17:26
المحور: الادب والفن
    


[[سمعت أبا عبد الله الشيرازي يقول : حدثنا الفقيه ابراهيم بن محمد المالكي ،قال حدثنا يوسف بن أحمد عن ابيه ، قال : حدثنا
موسى الديْبُلي قال: سمعت أبا يزيد يقول : عرج قلبي إلى السماء ،وطاف ودار ورجع فقلت : أيش جبت معك ؟قال:المحبة
والرضا.]]...*

1/
الريحُ تعبرُ في المدى...
لِمَن تهيمُ هذهِ الطرقاتُ؟
لِمَن يئنُّ الموجُ في الغاباتِ؟
لِمَن تميدُ هذهِ الأجراسُ؟،
وأينَ يمضي الناسُ؟
هذا الذي قد صارَ في تيهِ الخطى
عصفورةً وقعتْ،
فانهدَّ من عينيهِ قيدُ الأمسِ، وانزلقا...
وذاك ينظرُ للسماءِ،
بلا شراعٍ، دونَ ماءْ،
أبحرَ في وجهِ المرايا، وانزلقْ،
مالت به الأحلامُ،
فارتدَّ الألقْ،
والليلُ صمتٌ،
والزمانُ احتراقْ.
2/

تتَمَرَّطُ الظلالُ، تتَمَرَّطْ
يَتصَبَّبُ المَلال ،يَتصَبَّبْ
تترنح الأشجار ،
ويرقص الورق الأصفر:
من ثمل اليباس،
و"الورد المحمدي" الترف يرفرف :
من خجل الحماس
حفيف خفيف
يكنس عن الروح الغبار بمِنَشَّة ريش" زو" 1

ماذا تَلِدينَ الآن؟
جُرحًا؟ أَم طَعْنَةً أُخرى؟
أَمْ تَميمَةً ضائِعةً
بَينَ أَدْعِيَةِ النَّواحينَ؟
عادَتِ الرِّيحُ مِنَ "الغَربِ"،
مُثْقَلَةً بِالبَنادِقِ،
تَحْمِلُ كِسْرَةَ وَطَنٍ،
وَصَوتًا مَقْطوعَ الوَتَرِ.
3/
تَشْتَعِلُ في رُفاتِ الأُفُقِ
أَجْنِحَةُ الطَّيرِ،
تَتَعَثَّرُ رُفوفُ أَنفاسي
السّماءُ تَنْزِلُ السَّلوى،
وَالنَّرجِسَ، وَالدُّموعَ...
تَشُدُّني صَرَخاتُ الحَصى
إِلى عُمْقِ الأَديمِ.

تَحْتي لازَوَرْدٌ وَزُمُرُّدٌ،
وَرُقُمٌ وَرَواسِمُ وَصَوًى.

أُحاوِلُ الرَّكْضَ، لَكِنْ... إِلى أَينْ؟
طَرْفاكِ يُحاوِلانِ جَمْعَ بَقايَايَ
مِنْ شَتاتِ الرَّمادِ،
مِنْ شَظايا المَدى،
مِنْ وَجَعِ الأَنفاسِ،
مِنْ قَزَعِ السُّكونِ،
مِنْ نَزْغِ الظُّنونِ.

كَفاكِ تُفَتِّشانِ عَنْ آخِرِ نَبْضٍ
بَينَ جُروحي...
تَحْتَ جُفوني...
أَتُوهُ... أَتُوهْ.

أُغْلِقُ عَينَيَّ وَأُعانِقُ الغَسَقْ...
يَضْرِبُني نُعاسُ المَلالِ،
يَتَسَرَّاني هَواءُ الكَلالِ.
4/
ها هُم يَنْصِبونَ المِشْنَقَةَ في الساحاتِ،
يَكْتُبونَ عَلى الأَبوابِ:
"هَذا مَلِكُ الخُضوعِ... قَدْ عادَ مَرْهونًا بِالخَوفِ!"
أُنْظُري...
ها هُوَ الغاصِبُ،
يَسْرِقُ مِنْ عَيْنَيْكِ المَاءَ، وَالضَّوءَ،
يَقيسُ سُرَّتَكِ بِمِقْياسِ الحَديدِ،
يُعَلِّقُ في خَاصِرتِكِ الوَصايا،
وَيُحْصي عَلى جِلْدِكِ مَسامَاتِ الحُرِّيَّةِ!

ماذا تَلِدينَ الآن؟
طِفْلًا يَتَعَثَّرُ في الدُّروبِ؟
أَمْ جُنْدِيًّا بِلا رايَةٍ؟
أَمْ طائِرًا مَذْبوحًا مِنَ الوَتينِ؟

تَلِدينَ الآنَ عَتَباتِ الصَّمْتِ،
طَحينًا يُعْجَنُ مِنْ دِماءِ المَذابِحِ،
وَسَوادًا يُخِيطُ فَجْرَ الحُلْمِ المُحْتَضَرِ.
5/
والمدنُ موصدةٌ بسلاسلِ اللهبْ،
والأرصفةُ تنزفُ صمتًا وحنينْ،
"بغدادُ" تختبئُ في روزنةِ الديجورِ،
تُربّتُ كفُّها حلمًا كسيرًا يسيرُ
نحوَ انتفاءْ،
والنخلُ يبكي ظلَّهُ الحسيرَ
نحوَ الغيابْ

دخانٌ... حشرجةٌ... "اختناقْ"٢،
تلعَبهُ أصابعُ المأساةِ
في :بيانو" التاريخِ،
أو تنهيدةَ الوترِ الجريحْ.
6/

"خريفٌ"٣...
دائمٌ...
مُعجِزٌ،
يخطُّ ألوانَهُ شاعرُ "المُقَدِّماتِ"٤،
بَلَّلتني دموعُهُ،
صَبَغَني عِطرُ "جورج صاندَ"٥،
كُلَّما تناهى نشيجُ "نغماتِ المطرِ"٦،
تذرفها أصابعهُ...
دَبَّقَ جَسدي،
أسقطني في "بُركةِ الشيطانِ"٧،
يَلفَحُني سَجَمُ أنفاسِها الصمغيّةِ.

"ليستُ"…
يُداعِبُ مِفْتاحَ "ري" الكَبيرِ،
يُجْري" رابسوديّاتِهِ المَجَرِيَّةَ6،"٨
فَتَنْتَشي الأوْتارُ،
ويُغْمِضُ الكَوْنُ — معَ انْتِقالاتِهِ "التوناليّةِ" — عَيْنَيْهِ...
هوَ ذا عِشْقُ الوَطَنِ الأُمِّ.

أعرِفُ أنّكَِ في قلبي،
مِن تطايُرِ الشّررِ،
بعدَ أنْ شظّاهُ لَوْعُ شَوقِهِ إليكَِ،
وأنتَِ فيهِ.

وأعلَمُ أنكَِ لستَِ في دَربي،
مِن صعقِ بردٍ عاصفٍ
تَنفثهُ وحشةُ كائناتهِ في وجهي.
7/
وَداعًا أيها الظلُّ...
أُشيعَ النبأُ على سَنَا الغيماتِ،
في أزقّةِ المدنِ الكسيرةِ:
ذُبحَ النّورُ عندَ الفجرِ،
سقطَ في آخرِ الحلمِ،
مُضرَّجًا برمادِ الصّمتِ،
وموقدِ الفِتَنِ العتيقةِ.

قالتْ جارتُنا العجوزُ:
كانَ يُسلّيها بأنشودةِ المساءِ،
يَمسَحُ بالكلماتِ أوجاعَ الضّريرِ،
ويُعلِّقُ فوقَ نوافِذِها
قَناديلَ الحلمِ المُنيرِ.
8/
يملأُ الفضاءَ "نشيدٌ جنائزيٌّ"١٠،
وكأنَّ "موزارتَ"١١
يعزفُ قدّاسَ الموتِ
في "العراقِ".

"إيرويكا"١٢... "إيرويكا"!
أوتارُ حنجرةِ "ميلفا"١٣ الصهباءِ
تصقعُ في الأعماقِ
Bella Ciao
"بيلا تشاو... بيلا تشاو..."١٤
(صباحُ يومٍ ما...
أفقتُ مِنَ النَّومِ،
رأيتُ وطني مُحتلًّا...
وداعًا أيتها الجميلةُ،
وداعًا... وداعًا).

هل يلدُ الرّملُ نبيًّا؟
الأرضُ ما زالتْ،
تنزفُ من خاصرتِها،
تعرقُ بالأسى،
تمسحُ وجهَها المُدنَّسَ
برمادِ الحصاراتِ،
ودماءِ المذابحِ،
برمادِ الحضاراتِ،
ودماءِ المدامعِ
تلعقُ الجرحَ في صمتٍ،
تنتظرُ في جوفِ القبرِ
بذرةً أكلَتْها السيوفُ.

من أنتِ يا صحراءُ؟
يا أمّةً نامتْ
على السُّررِ المُذهَّبَةِ،
تكحِّلُ بالذلِّ أهدابَها،
وتُطعِمُ أطفالَها
مِلحَ الخزيِ
في صحافِ الموائدِ المُلوَّثَةِ.
9/
أطفأوا في صوتهِ
اللحنَ الرخيمَ،
كسروا أوتارَهُ بالنِّصالِ،
أسقوهُ من قَراحِ الخذلانِ،
ثمَّ حفَروا على جدارِ الليلِ:
"هنا سقطَ الطِّيبُ في جُبِّ
السبيلِ."

يسألونني:
مَن كسَرَ جنحَ فراشتِهِ؟
مَن نفخَ على شمعته؟
مَن أدارَ وجهَهُ عن الأيامِ؟
فلا أجيبُ...
لأنَّه كان قد مات!

بقيتْ عناقيدُ دمعي،
والشمعُ،
وحبرُ الجناحِ
على عُنقِ الصباحِ مُدلّاةً...
سترتُهُ بظلِّ شجرةِ الحقلِ،
وحفنتُ عليهِ الترابَ برِجفةِ الغضبِ.

هو مات،
والطرقاتُ ما زالتْ تصفِّقُ
للأيادي التي ذبحَتْهُ
في أزقّةِ المدينةِ.

يا أبناءَ الحقولِ... مات!
ذُبحَ في جُبِّ القهرِ،
وعُصِرَتْ أحلامُهُ
على مائدةِ الطغاةِ...
مات...

أماتَ حقًّا؟
هل مات؟!
10/
أتعرفين، يا حبيبةُ؟
كنتِ ملاذي...
وحين أضعتُ بلادي
صرتِ ملجئي.

يا حبيبةَ القلبِ،
ليس لي اليومَ سواكِ.

أختبئُ بين رموشِكِ،
وأكتبُ تضاريسَكِ
سيرةَ وجعِ الوطنِ.

أُخبّئُكِ بين أهدابي
لِتَكتبي عساليجَ دمعي،
سيرةَ عَوْسَجِ لاجئٍ...
وما بيني، وبينكِ،
نحفظُ العلاماتِ
أثرًا للأجيالِ،
"سِيمًا١٥ ""مسرورةَ"١٦
بين السطورِ،
وصمتًا يختزنُ كلَّ المعاني.

أتدركين؟
لم أدرِكْ قسماتِ وجهِكِ
إلّا بعدَ انطفاءِ فوانيسِ الرموزِ...
كلُّ خُطوةٍ خلالَ ركنِكِ
ضالتي المنشودةُ،
وكلُّ ركنٍ خلالَ خُطوتي
منشودُ ضالَتِكِ.

الحطامُ شاسعٌ...
الرُّكامُ ردْمُ المدى،
لكنّنا معًا
كُنّا... وسنبقى:
وَكْرًا... وموكِرين.

أدركتُكِ... فادركيني.

"إيرويكا"... "إيرويكا"!
أوتارُ حنجرةِ "ميلفا" الصهباءِ
تصفعُ في الأعماقِ:

"يا رفيقةُ، احمليني بعيدًا
وداعًا أيتها الجميلةُ،
وداعًا... وداعًا
يا رفيقةُ، احمليني بعيدًا
لأنني سأموتُ."


[[حين تبدأ الرحلة إلى الأمل
صلِّ من أجل أن يكون الطريقُ طويلًا
مليئًا بالأحلامِ، متدفقًا بالتجارب
لا تخشَ العقباتِ أو الموانعِ التي تعترضك
فأمثالُ هذهِ الهمساتِ لن تجدها في دربك
إذا كانتْ أفكارك محمّلة بالأمل
وإذا كانتْ مشاعرك تلامسُ السماء
لن ترى الزمان يعيقك
ولا الأرض تجذبك إلى الوراء
إلا إذا حملتَ هذه العثراتِ في قلبك
وإلا إذا وضعتها روحك على دربك]].

11/
يا موتُ! يا غِيابْ!
ما عادَ في عَيْنَيْهِ غيرُ الفَراغْ
وكلَّما نادى بصوتٍ في المدى
عادَ الصَّدى وانزَلَقْ... وانزَلَقْ...

شَرْخُ السِّنينِ
مَسَافَةٌ، جُنةٌ، هُمُومٌ
الرَّمَادُ يَمْتَدُّ، الرَّمَادْ
شَظُفَتِ القُلُوبِ
تَغْسِلُ الرِّيحُ وَجْهَ البِلَادِ بِنَحِيبِ الغُبَارْ،
الأفُقُ يَنْزِفُ شَظَايَا الشَّظَفِ،
وَالأَشْجَارُ تَخْلَعُ أَوْرَاقَهَا فِي مَهبِّ الجَرَاحْ،
أَبْصِرُ الظِّلَّ يَفِرُّ مِنَ الضَّوءِ،
وَيَحْمِلُ صُرَاخَ المَنَافِي عَلَى كَتِفِ نَارْ،
المَطَرُ المُّرُّ يَبُلِّلُ أَرُوقَةَ الحُلْمِ،
وَخُطَى الأطفالِ تَحْتَسِي مَرْفَأً
فِي خَرَابِ الموانِئِ الَّذِي يَتَّسِعُ.

كُلُّ شَيْءٍ يَحْتَرِقْ:
المَعَاهِدُ تُهْدَمُ فَوْقَ دَفَاتِرِهَا،
وَالتَّبَاشِيرُ يَنْزِفُ مِنْ أَصَابِعِ المُعَلِّمِينَ،
المَكْتَبَاتُ تُسْرَقُ دَفْعَةً وَاحِدَةً،
تَفِرُّ المَخْطُوطَاتُ مِنْ أَرْفَفِهَا
كَعَصَافِيرٍ أَحْرَقَتْهَا الرِّيحُ
قَبْلَ أَنْ تَتَعَلَّمَ الطَّيَرَانْ،
وَالمُتَاحِفُ تُسْتَبَاحُ
تَفْقِدُ التَّسَابِيحَ جَدْوَاهَا،
وَالْمَسَاجِدُ مِدَسٌّ ،وَمَذَاخِرُ أَحْذِيَةٍ
يُدِيرُهَا "كِيشْوَانُ"١٧ أَمْدَسَةٌ.
12/
لَكِنَّهُمْ قَالُوا:
لَا يَمُوتُ مَنْ أَزْهَرَ الحُرُوفَ فِي قُلُوبِنَا،
لَا يَمُوتُ مَنْ سَقَانَا بَذْرَةَ الضِّيَاءِ
حَطَّ المَسَاءُ،
وَانْبَجَسَ مِن شُقُوقِ الغُرُوبِ قَلْبُ النُّورِ،
يَخْطُو بِخُطَى الخُلودِ،
يُطِلُّ عَلَى الأَرْضِ...
وَيَرُدُّ المَوتَ خَلْفَ الشِّعَاعِ.

يَا رِفَاقَ...
لَا يَمُوتُ،
مَنْ كَانَ فِيكُمْ مَنْكُمْ
أَبَدًا
لَا يَمُوتُ!
13/
الطُّرُقَاتُ خَنَاقٌ،
الشَّرَفَاتُ شَهَقَاتٌ،
وَالنَّوَافِذُ أَعْيُنٌ جَفَّفَتْهَا الخِيَانَةْ،
"بَغْدَادُ" تَئنُّ عَلَى خَاصِرَتِهَا
تَسْتَنِدُ إِلَى نَخْلِهَا العَارِي،
وَتَلْمِمُ أَطْرَافَ فَجْرِهَا المُمَزَّقْ
"البَصْرَةُ" تَفِرُّ مِنْ نَزْوَةٍ شُطُوطِهَا
تَلْبِدُ تَحْتَ جُدْرَانِ "بَيْتِ الإِقْنَانِ" فِي "جَيْكُورْ"١٨،
وَتُحْصِي جِرَاحَاتِ وَجْدِهَا المَفْقُوءْ،
وَ:المُوَصِّلُ" تَنْخُرُ رَهَقًا فَقَدْ نَخَبَتْهَا
سَطْوَةُ المُسْرِفَاتِ
أَلَاذَتْ بِعِصْمَةِ :اليَقْطِينَةِ"١٩
تَلْقُمُ أَوْجَاعَهَا نَجْوَاتُ" يُونُسِ"٢٠ وَتَسْلِيمَاتُ" أَيُّوبِ"٢١.
14/
"إيرويكا".. "إيرويكا"
أوتارُ حنجرةٍ -" ميلفا" - الصَّهْبَاءُ
تَصْطَعُ

(وإنْ مِتُّ، كَمُقَاوِمٍ
وداعًا أَيَّتُهَا الجَمِيلَةُ، وداعًا أَيَّتُهَا الجَمِيلَةُ، وداعًا أَيَّتُهَا الجَمِيلَةُ، وداعًا، وداعًا
إِذَا مِتُّ، كَمُقَاوِمٍ
فَعَلَيْكِ دَفْنِي)

أَتَمَنَّعُ، أَتَمَنَّعُ
هَذَا الرَّمَادُ كَانَ نَخِيلًا
إِنْحَبَسَ فِي غَابَاتِ العُيُونِ
لَا رَبَطَاتِ غَضَى سَفَحَتْ فِي دَهَاليزِ العَدَمِ،
وَ هَذِهِ الأَرْضُ كَانَتْ قَصِيدَةً،
لَا كِتَابُ "(شَمْسِ المَعَارِفِ)"
الصَّبِيَّةُ يَلْهَجُونَ بِقَوْسِ قُزَحٍ يَرْكُضُونَ خَلْفَ صَرْخَةِ الغَيْمِ،
وَأَنَا أَبْحَثُ فِي ظِلاَلِ الأُفُقِ
عَنْ وَجْهِ :العِرَاقِ"،
لَكِنَّنِي لَا أَرَى غَيْرَ اللهَبِ
لَكِنَّنِي لَا أَجِدُ غَيْرَ الفِرَاقِ
15/
يَا إِلٰهِی…
بِضُوءِ الفَجْرِ كُحْلُ جُفُونِي،
لِأَرْتَشِفْ بِالعَطْرِ رُؤَايَ،
يَا إِلٰهِی… اَسْدِلْ جُفُونِي
كَيْ أَظَلَّ أَشْتَعِلُ ارْتِقَابًا،
وَانْتِظَارًا

قَامَتْ
فَمَشَيْتُ أَتَقَصَّى آثَارَها.

أَبْصَرْتُ الظِّلاَلَ
عَلَى حَافَّاتِ الطَّرِيقِ اليَتِيمِ،
وَسَمِعْتُ جُدْرَانَها تَتَهَامَسُ:
الهَارِبُونَ غَدًا
ظِلاَلٌ تَنْكَسِرُ عَلَى جِدَارِ الوَقْتِ.

رَأَيْتُ الغَيْمَ يَسْتَحِيلُ نَافِذَةً،
وَالمَاءَ يُضْرِمُ نَارًا خَفِيَّةً،
وَخَيْطًا وَاهِيًا
يَجُرُّنِي إِلَى كِتَابٍ مَفْتُوحٍ،
صَفَحَاتُهُ مُمَزَّقَةٌ،
وَأَيَّامِي عُقَدٌ
تَلْتَفُّ عَلَى عُنُقِ الغِيَابِ.

انْغَمَسْتُ فِي لُغْزِ الخَلْقِ،
بَيْنَ جُذُورٍ تَهْتِفُ،
وَأَغْصَانٍ تَرْقُصُ
كَانَتِ الأشْجَارُ تَفْتَحُ أَبْوَابًا،
تُغْلِقُ أُخْرَى،
وَكَانَ الأَطْفَالُ يَرْسُمُونَ وُجُوهًا
عَلَى ضِفَافِ الذِّكْرَى
قَرَأْتُ لَهُمْ رَمْلًا،
وَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِمْ مَطَرًا،
لَكِنَّهُمْ رَحَلُوا مَعَ الرِّيحِ،
وَأَضَاءَتْ وَرَاءَهُمْ بُحَيْرَاتٌ
مِنْ دَمْعٍ،
وَأَغْنِيَّاتٍ
قَامَتْ قِيَامَتُنا،
وَأَنَا - مَاذَا أَكُونُ؟
سَنَابِلُ الوَقْتِ تُحَدِّقُ بِي،
وَطُيُورُ الحَنِينِ تُغَنِّي خَلْفَ
صَقِيعِ المَسَافَاتِ
كَانَتْ رَسَائِلُ الغِيَابِ
تُخْفِي وُجْهِي،
تَسْأَلُنِي: "هَلْ مِنْ وَطَنٍ
يُقِيمُ فِي صَدْرِ النِّسْيَانِ؟"

رَأَيْتُ قَدَمِي تَتَحَوَّلُ مَجْرًى،
وَالدَّمَاءَ تُسِيرُ مَرَاكِبَ الشَّوْقِ،
تَبْتَلِعُهَا شَوَاطِئُ الخَسَارَاتِ.

كَانَ المَوْجُ يُغَنِّي أُغْنِيَّةً
لَمْ تَنْتَهِ بَعْدُ.

رَأَيْتُ دَمِي يَكْتُبُ نِهَايَةَ القِصَّةِ،
وَالمَوْتَ يُمْلِي عَلَيَّ بَيْتَ الختَامِ

[[حين تبدأ الرحلة إلى الأمل
صلِّ من أجل أن يكون الطريقُ طويلًا
مليئًا باللحظاتِ الثريةِ بالتعلم
لا تخشَ الظلامَ أو المدى المغلق
فأمثالُ هذهِ العوائقِ لن تقفَ في طريقك
إذا كانتْ عيونك ترى النورَ في آخر المسافة
وإذا كانتْ يدك تطلبُ الأملَ حتى في الأحلام
لن تجد الزمان يُعقّدُ أقدامك
ولا المدى يحجزك عن السماء
إلا إذا وضعْتَ الجدرانَ في قلبك
وإذا تركتَ الأمنياتِ تموتُ في الصمت.]]

16/
قَامَتْ قِيَامَتُنا
فَرَأَيْتُ كَفَنِي يَتَوَهَّجُ،
وَرَجَوْتُ المَوْتَ: تَمَهَّلْ قَلِيلًا،
فَلَا زَالَتْ هُنَاكَ أُغْنِيَّةٌ
لَمْ أُكْمِلْهَا..

أَدْخُلُ فِي شُقُوقِ الطِّينِ
جُرْحِ فِي التُّرَابِ،
أَتَفَتَّتُ بَيْنَ رَمَادٍ وَشَظَايَا،
وَتَمْتَدُّ أَصَابِعُ الشَّفَقِ
تُعِيدُ لَمْلَمَةَ فَجْرِي
كَأَنَّ الشَّظَايَا سَنَابِلُ قَمْحٍ
تَبْحَثُ فِي رُوحِي عَنْ مَوْسِمِ

17/
أراها… في زاويةِ المدينةِ
تجمعُ الضوءَ عن زهورِ الصيفِ
والأعينِ التي تتنصتُ...
يتراجعُ البحرُ ويذبلُ صامتًا
كعلامةٍ في دفترِ الأيامِ الميتةِ
على بابِ قلبها المغلق، ثم تمسحهُ الريحُ
إلى الأرصفةِ.
أراها تبتعدُ عني
بين رمادِ سجارتها المرفوعة،
وهذا الطريقُ الطويلُ إلى عيونها
يسحبني من شفتها العميقة
تظلّلني أشواقُها، والدخانُ الذي يبتعد:
عن شاطئٍ ليس لي،
وعن قلبٍ ليس لي،
وعن حلمٍ ليس لي،
ويعيدني الآنَ صوتُ النادلِ المزعجِ!
18/

أيها القلبُ لا تنخدعْ
بابتساماتِ الليلِ، والشوقِ القصيرِ
إنَّ الأحلامَ التي تتهدمُ قد تتناثرُ وعودُها،
والآمالَ التي تتشابكُ قد تنهارُ
فوقَ عتبةِ الصمتِ المكسور.

تتمطى المدينةُ، في الظهيرةِ
غارقةً في ثيابِ الضبابِ الرقيقةِ،
والتثاقلِ العذبِ…
تفتحُ شباكَها على خيوطِ الضوءِ،
وإذا غمرتْ نفسها في تأملِ خطواتِ المارة،
وراحتْ تحصي خُطى الشوارعِ الساكنة
سوف تسيرُ مسرعةً، .. يومها..
وحقيبتها، وتختفي وسطَ الزحامْ.

في المساءِ البعيدِ، ستجلسُ هادئةً
بجانبِ شمعها المطفأ،
وتودعُ آخرَ الراحلين،
وتنتزعُ عن قلبها بقايا الليل.

ستعدُّ خيباتها، والدراهمَ،
وهمساتِ الغناءِ في زوايا قلبها
لذلك كانتْ تغطي حزنَها بالمساحيقِ،
والدمعةِ المجهولةِ، وتذوبُ أمام الصور رويدًا.
19/
"الحَجَّاجُ "يَرجِعُ
بِعَينَيهِ المَسمُومَتَينِ،
يَتَعرَّقُ المَوتُ في نَخلِهِ،
يَحفِرُ في الجِدرَانِ وَشْيًا
يَلعَقُ أَنفَاسَ النِّسَاءِ
فَوقَ مُؤَخَّرَاتِ الخُشُوعِ
20/

مَن أَنتَ يا سَيَّافُ؟
أَأَنتَ الوَحْيُ المُنزَلُ
فِي زَمَنِ "التَّابِعِين"؟
أَم ظِلُّ" ابنِ مُرْجَانَةَ"
يُزغْرِدُ في حَنَاجِرِ الأَسْوَاقِ؟

21/
الأَرضُ تَلعَقُ طِفْلَها المَذْبُوحَ
بِمَاءِ الكَسَلِ المُرِّ،
وَتَلِدُ كُلَّ يَومٍ سُورَةَ الطِّينِ،
وَلَا تَسْمَعُ مِن الغَيمِ
سِوَى شَهْقَةِ الحَصَادِ
22/

يا :عراق"
مَن أَفْقَدَ الوَردَ نَدَاهُ؟
مَن أَجْهَضَ دِجْلَةَ فِي رَحِمِ المَاءِ؟
مَن شَرَّدَ "النِّيلَ"
بِتَاجِ الفِرَاءِ وَأَجنِحَةِ "الدُّولَار"؟
23/

يُؤَذِّنُونَ بِاسْمِ اللهِ،
وَيَسْجُدُونَ فِي حَضْرَةِ البِتْرُولِ،
يَغسِلُونَ وَجْهَ المَنَافِقِ
بِمَاءِ النَّذُورِ،
وَيرقُونَ بِأَسْمَاءِ اللهِ
نُدُوبَ الخِيَانَةِ.
24/
ليس حُلْمًا ولا هذيانَ عاشقٍ،
بل حكايةُ الأرضِ حين تنادي أبناءَها
أن قفوا، اقتفوا الكَلام
أوْقِفْوا الكِلاَم
فالحب تجلي
يُرمِّمُ ما أفسده القتال
25/

"إيرويكا".. "إيرويكا"
أوتار حنجرة - "ميلفا "- الصهباء
تصرع
(ادفنيني، أعلى الجبال
وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا، وداعًا
أدفنيني، أعلى الجبال
تحت ظل وردة جميلة)
26/

أوصاني "نيرودا"٢٢
قال: كن أقوى من الرصاصة
لن تسقط أدنى من الأرض
ومن الرَّمِيمِ والجدث
تنشر ثانية
وتبعث للحياة
وردة أو عاقولا
27/
وكتب "أيلوار"٢٣ لي:
لا صاروخ يهزم الأغنية
ولا جدار يمنع النور من التسلل
إلى قلوب العاشقين
فأنشد قصائدك
للحقول والطواحين
للصوان والإنسان
28/

قلتُ لكم...
إنَّ الوطنَ الذي يُباعُ في السوقِ
لن يُولدَ في القصورِ،
ولا تحتَ بنادقِ الحراسْ.

قلتُ لكم...
لكنكم زرعتم الحديدَ في الشوارعِ،
وسقيتموه بالصمتِ والخنوعْ.

فجاء الحصادُ...
نارًا تأكلُ البيوتَ،
وتنهشُ جثثَ الجياعْ!

الآنَ...
حين صار الوطنُ سريرًا للغزاةِ
حين صارت البيوتُ قبورًا
أين الحراسُ؟
أين البنادقُ...؟
أين راياتُ الصباحِ؟
ناموا على أسِرَّةِ الأوهامِ
واستيقظوا على نعي الوطن!
يدعكون "المصباح"٢٤

التفتُّ،
رأيتُ الشمسَ تدرج على أَشْفاء الحلمِ،
يتَعَقَّبَها المغول… مفزوعين
فالشمس في "العراق"
تراق من ينابيع السماء
دَرَقُ نار ، قُفَفُ صواعق،
زَنابيلُ آيات،
فالريح في "بغداد" لثغة المارد،
والمطر في "بغداد "كلمات الله،
والشمس في "بغداد"
شذروان بخور المولد،
والقمر في "بغداد"
"صاج" "عنبر الجبايش"٢٥
29/
تهطلُ القذائفُ، تهطلْ…
وأسمعُ لجب النهر تحتج
وأنينَ الجَبَابِين،
وصراخ النخيلْ،
وابواق السماء"٢٦
30/
تامني الحبُّ
وجَذْوَة الشوق جارت عليّ
جَرَمَتِ أنفاسي
وصرت من وطني فيه
نافيًا

ما فات : بشرى
ما خيم : خيبة
ما في الغيب : لن أدركه

"القُطَامىُّ"٢٧، يقول:
(أرى أثراً منها بعينك بيِّناً
لقد أخذت عيناك من عَينها حُسنا
فيا ليتني كنتُ الرسولُ وكُنتَني
فكنتَ الذي يُقصَى وكنتُ الذي أُدنَى)

بعثت مني إليها إني رسول
فما عادت ،ولا عاد إني،
ولا عاد الرسول

وما بعد أن يجنح الأصيل
سوى غراب الغروب
يليه ليل طويل
أنا فيه الغضى الجَزْل
للوحشة، والتبكيت، والحنين،
وإن شمس التاريخ أفلت
عيون من لادَّ "العراق"
جهرتْ
ف"العراق" غزالة من كنسها فيه بزوغ نورها يسطع

فمن لي بخِل
أحل لديه أن
خطب وكر الغراب حل،
وأدبرت عصافير أذ عزمت
صروف تعشعش البوم
31/
"إيرويكا".. "إيرويكا"
أوتار حنجرة -"ميلفا"- الصهباء
تصنع

(وإن مرّ، مرّ قومٌ
وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا، وداعًا
إذا مرّ، مرّ قومٌ
سيقولون: ما أجمل الوردة)

تقصفُ الطائرات، تقصفْ…
وأسمعُ احتجاجَ النهر اللجب،
وأنينَ الجبّان وقد ارتجت أعجازها
وصرخةَ النخيلْ،
وصوت "موبي ديك"٢٨
السماءُ تتكورُ كقبضةِ خديج
أرعبتْهُ صفّاراتُ الإنذارِ، وهو خارج حاضنه،
والأفقُ يختنقُ بدخانِ الأماني المحترقةْ
حَضْبتْ قفة الصبر
فقد
(ذهب الذين يعاش في اكنافهم)"٢٩
32/

الأَرضُ حَامِلَةٌ فِي عَامِهَا الأَلْفِي،
بِمَأْتَمِ الجُرْحَى،
بِرِضَاعِ الحَصَارِ،
تَصرُخُ:
هَل يَلِدُ الرَّملُ نَبِيًّا؟

هَل يَجُودُ هَذَا الرَّمَادُ
بِرَأْسِ "الحُسَيْنِ"؟
أَم يَظَلُّ الوَطَنُ رَحِمًا مُعَلَّقًا
بِالحَدَاثَةِ المُرْتَزِقَةِ؟

لَا أَحدَ يُجِيبُ،
فَالرِّياحُ تَكْتُبُ عَلَى وَجهِ الغُبَارِ:
هُنَا مَرُّوا...
وَهُنَا صَلَبُوا أَنفُسَهُمْ...
ثُمَّ بَاعُوا...

أمدُّ يدي إلى عناقيد ضوءٍ يتسلّلُ من عنب الخَطْرِ عابرًا،
وغبار حطام الدور عبرات،
فتعانقني شظيةُ إمنية
كانت يومًا نافذةَ أمل
تطلُّ على غيب لم يحن وربما لا يحين

[[أتمنى أن يكون الطريقُ مليئًا بالأسرار
أن تجدَ في كل خطوةٍ مغامرة جديدة
أن تدخلَ أزقةً لم تعبرها من قبل
بفرحٍ لا يشبهه فرح
قفْ عند محطاتِ المعرفة
واستمتعْ بألوانِ السماء
اجعلْ الأمل يرافقك
وتعلمْ، تعلمْ من العثراتِ والمخاوفِ.]]
33/
لا تُطَرقِي الرَحمَ وَتناديهِ:
"أيُّها النَاشئُ فِي ظِلِّ النِزاعِ،
لا تَخرج...
لا تَورثُ هذا الجَوعَ،
لا تَتَسَلقُ هَذا الجِدارَ المُشَرَّعَ بِالرصاصِ!"

تختلطُ الخطى بالقتار،
تتزاحمُ الأطياف في الدروب
بحثًا عن وطنٍ مسلوب
لم يبقَ منه سوى اسمٍ
ينزفُ في" المانشيتات"
زفيف تذرفه نشراتِ الأخبار
34/
في كوة الرؤية المحترقةِ،
أسمعُ فؤاد الأرضِ ينبضُ
كقلبِ ثكلى من "غزة "٣٠تُفتّشُ بين الأنقاضِ
عن ضحكةِ وليدها البكر

يا ربي…
إن كانتْ هذه الصيحة
فهبنا حائط غير منقاض
لنرقش أسماءَ الشهداءِ
على ظلوعه السمحاء
واعطنا صفصافة وارفة
لنكتب على جذعها
قصيدة:
حب ،وعتاب، وتحدي
قبلَ أن تُمحى
أصابعنا الطباشير
بالندى ،والدموع ،ودماء العصافير
35/
"قْطَرَبْ اَلْبَصَرِيِّ"٣١: قال،
(إن دموعي غَمْر
وليس في صدري غِمْر
ولست بغر غُمْر)
36/
لا غير رجع الخطى
يُرتّلُ الخوفَ على الجدرانِ،
وأبوابًا من الريحِ
تئنُّ تحتَ وطأةِ الدخانِ.

أبحثُ عن سقفٍ،
عن ظلٍّ يحمي نُعاسَ الوالدات،
عن حجرٍ يتكئُ عليهِ الدم
عن حجر يحتضن الحلم
كيلا يفتّته ضجيجِ القنابلْ.

أحفرُ في ذاكرتي "ملجأً"٣٢ آخرَ،
حيثُ كانَ الحرفُ ينبتُ مثلَ عشب النور على عسيب ذاكرتي
والشوارعُ تعجُّ بالأغاني،
والصبية يصنعونَ من رمال الشاطيء ممالكَ حبور
تحتذي مجدَ صروح غابرة.

"جنة المأوى" الآنَ حفرةٌ في الوجدان،
وسقفُ وداع من دخانِ،
ومرايا تبحثُ عن وجهٍ
خان أو أنخان
لم يَعدْ يشبهُ صاحبهُ.

كلُّ شيءٍ يتهاوى،
حتى الأسماءُ
تفقدُ معانيها
حينَ تتعثرُ في لُغةِ الحربْ.

فتضيع الدلالات وتتوهم المعاني
فلا ينفع تفسير ولا يجدي تأويل
"ماريونيت"٣٣ الخَوَّان
37/
"إيرويكا".."إيرويكا:
أوتار حنجرة -"ميلفا" -الصهباء
تسمع

(تلك وردة المقاوم
وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا أيتها الجميلة، وداعًا، وداعًا
تلك وردة المقاوم
الذي استشهد حرًا)

المثوى الآنَ صدى "الصرخة"٣٤،
جدرانُهُ خوفٌ،
وسقفهُ سماءٌ مثقوبةٌ
تُطلُّ منها عيونُ القذائفِ،
وأجنحةُ اللهبِ تعبرُ الحقولَ
ك"الفراش المبثوث"٣٥.

أبحثُ عن وكر في عيونِ العابرينَ،
في صمتِ الوالدات،
في صرخةِ الوليدِ
حينَ يُفتّشُ عن صدرٍ
لم يبقَ منهُ سوى القَشَف.

أدخلُ الأزقّةَ،
أطرقُ أبوابَ الهواءِ،
تردّني الدرفات المكسورةُ،
وحنين الأزقة المهجورةِ
كأنّ المكانَ تحوّلَ إلى ذاكرةٍ
تُناجي ظلَّ الفقيد وتبكي وَحْيُ الغيابْ.

في زحمةِ الخطى،
ألمحُ وجوهًا
تُشبهُ الخرائطَ العتيقةَ،
تبحثُ عن ماضٍ بوصلةً
لم يتركْ سوى رائحةِ البارودِ،
وبقايا أناشيدٍ
يُردّدُها الغبارُ على أعتابِ المقابرْ.
38/
أُمَّتي..
يا عَتِيقَةَ البُؤسِ،
يا شَمسًا أَضَاءَت بِالنَّازِحينَ
ثُمَّ طُمِرَت بِالرَّمادِ
انظري..
لا سيفَ اليومَ في الحَلقِ،
لا خَيلَ في الميادينِ،
لا شِعَارَ سِوى صَوتِ المُذَلِّينَ
يَنفُثُ مِن الحناجرِ
مِن خَلفِ الجِدارِ

جنة المأوى?
هو أنْ أغلقَ عينيّ،
وأرسمَ سماءً أخرى
لم تُدنّسْها القذائف،
وأرضًا خضراءَ
لم تَسحقْها سرف الدباباتِ،
وصبي:
يعدو خلفَ فراشةٍ
لم تُحرقْها القنابلْ.

جنة المأوى?
أنْ أكتبَ هذا الكلامَ،
وأتركَهُ شاهدًا
على ما تهدّمَ فيَّ،
وما تبقّى منّي
في اعقاب قصيدةْ.
39/
أعبرُ المساءَ على حِفاف قلبي،
أحملُ صوتَكِ في كفّي
كأنّهُ قنديلُ نجاةٍ
يشقُّ عتمةَ الوجد
يشق بطن المدى

كلُّ شيءٍ يتداعى حولي،
وأنا أفتّشُ عنكِ
في زوايا الحلمِ المتكسّر،
ألمّ شظايا الضوءِ،
وأعيدُ رسمَ وجهِكِ
على صفحةِ الغيابْ.
40/
يقولُ" AI "٣٦بصوتٍ رخيم:
"لقد انطفأت نجمةٌ أخرى
في سماءِ مدينتكَ"،
وأنا أبحثُ في أثير المعلومات
عن ظلِّ يدِكِ
تمسحُ قذى دخان الليلِ
عن عيني.

[[ليكن الأملُ هدفكَ البعيد
وليكن الطريقُ هو الحلمُ الذي يسيرُ معك
لكن لا تستعجلْ النهاية
أفضل أن تظلَّ على الطريقِ طويلًا
حتى لو وصلتَ متعبًا
لكن قلبك مليءٌ بالقصصِ والتجارب
غير منتظرٍ أملًا سهلًا
لأن الأملَ لا يأتي إلا بتفاصيل الطريق
ولا نهايةَ للحلمِ إلا أن تعيشه.]]
41/
الأمير جالسٌ في تختٍ
من الجماجمِ والعتمة،
يتثاءبُ مللًا
في حضرةِ الخرابِ،
يبني من الصمتِ جدرانًا،
ومن الخوفِ بواباتْ،
يُطلقُ على الريحِ حاشيته،
فتنحني الأشجارُ،
ويرتجفُ العشبُ
في حضرةِ" مسرور"٣٧.

لكنّي ما زلتُ ثري بكِ،
أسكنُ في دغل الريح،
وأُصغي لاعتاب صوتِكِ
يقطرُ كالمطرِ على مُلاءة الصباحْ.
أُمسكُ بخيطِ النهارِ،
وأنسجُ من شمسِكِ
رداءً للحلمِ، والعتاب
فأصيرُ طائرَ عشقٍ
يحومُ حولَ شرفتكِ،
ويسقطُ بين نهديكِ
كشهاب من جرح حرير.
42/
وطني بيارة فاكهة الغواية
هضمتها اضراس الحربُ،
وهرستها حتى العظمْ،
لكنَّ البذور ما زالتْ حيّةً
في قاعِ" البئر"٣٨ مع" عشبة الخلود"٣٩،
تنتظرُ لمسةَ ضوءٍ وقبضة "الموعود"٤٠
لتنمو من جديد،
تُخرجُ من قلبِ الحيطة
أشجارًا من مواعيد ،
وظلالًا من رجاءْ.

يا وطني...
أيّها الغارقُ في الظلامِ،
سأحملكَ بين ضلوعي
كشمعةٍ في مهبِّ الريحْ،
سأعيدُ إليكَ النهارَ
من فمِ العتمةِ،
وسأكتبُ اسمكَ
على جدرانِ الفجر
بمداد الياسمين.
43/
الريحُ تعصفُ بالخيامِ المنكفئةِ على وجوهِها،
تمزّقُ صمتَ الفقراءِ
كأنّها سوطُ سلطانٍ منفيٍّ
يحكمُ الفراغْ.
في الأفقِ، تلمعُ طائراتٌ
تحملُ في بطونِها رمادَ المدنِ،
والأرضُ تفغرُ فمَها
لتبتلعَ قلوبَ المشرّدين.
44/
"إيرويكا"..."إيرويكا"
أوتار حنجرة -"ميلفا"- الصهباء

تسمع..
تصنع..
تصرع..
تصقع..
تصطع..
تصفع...

أفتحُ نافذتي على الليلِ،
وأحدّقُ في مجرّاتِ الظلام،
ألمحُ طيفكَ يعبرُ
كسهمٍ من ضوءْ،
تسافرُ نحوي
فتورقُ شراييني
بحنينِ الماءِ للأرضْ،
وأهمسُ:
(يا إلهي، قرّبْ خطواتهِ منّي
كي أرمّمَ بهذا الضوءِ دمي،
ولا تقرّبْهُ كثيرًا
كي أظلَّ أحترقُ شوقًا)".
45/
في المدينةِ البعيدةِ
يحمل الأطفالُ فوانيسهم،
ويكتبونَ أسماءَهم
على الحوائط المتأكلة،
يؤرّخونَ ملامحَهم
في دخانِ القذائفِ،
ويخطّونَ أقدارَهم
في رمادِ الأزقة.

لا أحدَ يسمعُ صوتَ الأرضِ
حينَ تصرخُ تحتَ وطأةِ الحديدِ،
ولا أحدَ يلمحُ دموعَ النخيلِ
حينَ ينكسرُ في صمتِ الحقول.

لا أحد يذكر ما خطّت أصابع الطباشير على جسد الحور العتيق

أسمعُ النشيدَ الخافتَ
للعصافيرِ المذعورة،
وأرى النهرَ يلهثُ
تحتَ ضوءِ القمرِ النازف.

أجمعُ شظايا الكلامِ،
وأرتّبُها على هيئةِ دعاء،
ثم أبعثُها مع :السيمرغ"٤١
إلى ملكوت البهاء.
46/
في حضرةِ القمرِ
أُعلنُ انتمائي للأشياءِ البسيطةِ،
للفجرِ حينَ يتسلّلُ خفيفًا
من بينِ أصابعِ السحاب،
للندى حينَ يهمسُ
للنرجس البري،
للحبِّ حينَ يوقظُ
أزهار القلبِ
من سباتِها العميقْ.
47/
سأنتظركِ
رغمَ احتراقِ الأزمنةِ،
سأنتظركِ
رغمَ انكسارِ المرايا
وتهاوي الأبراجِ القديمة.

سأنتظركِ
كما ينتظرُ الرملُ
قبلةَ المطرِ الأولى،
وكما ينتظرُ الحقلُ
تحليق السمان
فوقَ حزنهِ الأبديّ.
48/
لارا...
أيّها الطائرُ المصلوبُ
على بوابةِ الشمس،
سأحملكَ في قلبي
كسرٍّ مقدّسٍ،
وأمشي بكَ
نحوَ فجرٍ
لم يُخلقْ بعدْ،
نحوَ ضوءٍ
لم يُكتَبْ بعدْ،
نحوَ سماءٍ
لم تشرقْ بعدْ.
49/
في ظلال الأفقِ البعيد،
حيثُ تنامُ المدنُ على صدرِ الغبارِ،
تترنّحُ قبابُ المساجدِ
تحتَ أقدامِ اللهبِ،
وتنزفُ أجراسُ الكنائسِ
دماً في صمتِ الأزقةِ العتيقة.

على أبوابِ الصباحِ المؤجّل،
تسألُ طفلةٌ عن وجهِ أبيها
الذي غابَ خلفَ غيمِ الدخان،
وتكتمُ الأمُّ أنينَها
كي لا يُزعجَ الرحيلَ.

الأرضُ تمضغُ أسماءَ الراحلين،
والنخلُ يطأطئُ رأسَهُ
ليرثي النهرَ
الذي شاخَ من العطش.

أمضي في شوارعِ الحزنِ
أفتّشُ عن وجهِكِ
بينَ شظايا المرايا،
ألمحُ في كلِّ زاويةٍ
ظلاً لابتسامتِكِ
يتسلّلُ من بينِ الأنقاضِ
كضوءِ الفجرِ الخجولِ
على جبينِ الليلِ الحالك.

أمسكُ بحروفِ اسمِكِ
كمن يمسكُ بآخرِ غصنٍ
في شجرةِ الأمل،
وأعبرُ الجسورَ المهجورة
بحثاً عن وطنٍ
يليقُ بحنينِ العصافيرِ،
وعن سماءٍ
لم تُخضَّبْ بعدُ بالبارود.

يا لارا...
أيُّ أقدارٍ هذه
التي كُتِبَتْ بمدادِ الحزنِ
على راحاتِ أطفالِك،
أيُّ رياحٍ تلكَ
التي صفّدتْ أبوابَ الأحلامِ،
وسحقتْ وجهَ الشمسِ
تحتَ سنابكِ الموت.
50/
أحملُ صوتي كرايةٍ،
وأرفعُهُ في وجهِ العتمة،
أصرخُ باسمِكِ
فأسمعُ الجبالَ تردّدُ صداه،
وأرى البحرَ
يفتحُ ذراعيهِ
ليحملَ أنينَكِ
إلى ما وراءَ الصمت.

في لحظةِ الاحتضار،
أمدُّ يدي
لأقطفَ نجمةً
من سماءِ المساءِ،
وأعلقَها
على صدرِ القصيدةِ،
علّها تضيءُ
دربَ العائدينَ
من منافِ الغياب
51/
يا عراقُ…
أرى دجلةَ يبكي في مجرى الأسى،
تتعرَّى ضفافُه من الحلمِ،
وتطفو على وجهِه حكايا النزوحْ،
بقايا قواربَ
أثقلها الموتُ،
وانحنتْ فوقَها أشباحُ الهاربينَ
من جحيمِ الصواريخْ.

في الأزقّةِ الضيّقةِ،
حكايا الطفولةِ تُدفنُ
تحتَ الركامِ،
وأصابعُ الأطفالِ
تمسكُ ألعابَها
المتهشّمةَ
كأنها تسألُ الفجرَ
متى يعودُ الحُلمُ
إلى ضوءِ العيونْ؟

أبحثُ عنكَ
في ظلالِ البيوتِ الخراب،
في رائحةِ الخبزِ المحترقِ
على موائدِ الفقدِ،
في جدرانِ المساجدِ
التي ما عادتْ
تعرفُ غيرَ الدعاءِ
وشقوقِ الانتظارْ.

أمدُّ ذراعيَّ
لأحتضنَ سماءَكِ
فتنهمرُ من أصابعي
رمالُ الزمنِ الحارقِ،
وأسمعُ أنينَ المواويلِ
على شفاهِ النخيلِ
يرتفعُ كدعاءِ الأمهاتِ
في ليالي القصفْ.

أيتها الأرضُ المغسولةُ بالدمِ،
يا جرحَ الوطن
المفتوحِ على خرائطِ التاريخِ،
أراني أقفُ وحيداً
على حافةِ الوجعِ،
أحملُ في قلبي
رمادَ المدنِ،
وفي روحي
نداءَ الصغارِ
الذين لم يكبروا
إلا على صوتِ القنابلْ.

يا عراقُ…
إن بقيَ فيكَ متّسعٌ للحلمِ،
فامنحْنا نافذةً
نطلُّ منها
على غدٍ
لا يَسقطُ فيهِ النخيلُ
من الخوفِ،
ولا تموتُ الأنهارُ
عطشى
إلى دمعِ السماءِ.
52/
تنهمرُ "توماهوكُ"٤٢، حلواء "السجيلِ"٤٣، تنهمرْ،
والأرضُ تستقبلُ الغبارَ والجراحَ،
تتساقطُ الرياحُ على وجوهنا كالحروبِ، كالمهلِ،
وتنفجرُ الزهورُ في الحقولِ الموحشةِ، ترمي الإبرَ
تتطاير الأجسادُ
شلوا شلوا
أبحثُ في ظلِّ الجدرانِ عن بريقِ كلماتكِ
التي اختفتْ خلفَ الشرفاتِ المغلقة،
تسكنُ أعماقي أصداءُ الخيبةِ،
وحين أبحثُ عنكِ بين السطورِ،
تتلاشين في ظلالِ الليلِ،
كما يتلاشى الندى في صباحٍ شاحبٍ، تشربه عوادمُ "الهمراتِ"٤٤.

أنتِ يا حبيبة...
من أعطاني سرَّ الضوءِ في الظلام،
تأخذيني حيث لا تجرؤ الطيورُ على التحليق،
تسيرُ بين الحطامِ،
تغزو شواطئَ الحزنِ بأقدامٍ ضاعَ أثرُها،
وتفتحُ جروحَ الأملِ،
وتسقيها دموعَ الصبرْ.

أنتِ يا لارا،
تسردُ لي قصصَ العيونِ الضائعةِ،
تجعلُ الذاكرةَ طيفاً يتنقلُ بين الحروفِ
ويغرقُ في البحرِ الفارغِ.

أنتِ يا بقيتي...
التي تصنعُ من الفقدِ مسرحاً للغناء،
وترسمُ لي خطوطَ العمرِ
على وجهِ الوقتِ المهدم،
تفتحُ لي أبوابَ الرحيلِ
فأغرقُ في وجعٍ لا يهدأ.

أنتِ يا أولَ الآمالِ وآخرَها...
قرنفلة تسافرُ في مساراتٍ غامضةٍ
بين الليلِ والنهرِ،
تسلبُ مني اللذةَ،
وتتركُ القلبَ على مفترقِ الطريقْ.
بين السراطِ والمطهرِ
أبحثُ عنكِ
في الأماكنِ التي فقدتْ لونَها،
بين عواصفِ الأملِ والمستقبلِ الضائعْ،
وفي وجهكَ الذي يتناثرُ في رياحِ الزمنِ
كشظايا زجاجٍ مُهدمٍ.

وحين أقتربُ منكِ
أنتزعُ نفسي من العدمِ،
وأغرقُ في بحرِ عيونِكِ،
التي تفيضُ بشلالاتِ الفقدِ.

أنتِ...
التي تجعلُ الليلَ يمضي على أطرافِ يديّ،
ويغرقُ في سكونٍ خانق،
أنتِ، البشرى ، والخيبة ،والغيب،
وجهٌ يتناثرُ في نوافذِ الحلمِ،
وفي مساربِ الزمانِ الضائعِ.

وأنتِ، الوعد والموعود
كما الجرحِ،
تعلمُني كيف تكونُ الجراحُ إغفاءةً
للروحِ المتعبة.

(بعد معركة المصير)"

وأنتِ، جنة مأواي
تبقين في كلّ زاويةٍ من الزمان،
كأنك الوجعُ الذي يعلمني كيف أحيا،
وكأنكِ الرحيلُ الذي لا يعرفُ وجهَ العودة،
لكننا، رغم كلِّ الفقد،
أبحثُ عنكِ في كلّ ظلٍّ يمرُّ،
وفي كلّ لحظةٍ لا تنتهي.

وأعرف أنك المستحيل
أنتِ،
ذلك النبضُ الذي لا يتوقفُ
بين ثنايا القلبِ المثقلِ بالأحلام،
أنتِ البقيةُ التي تبقى بعد كلِّ غروب،
وعطرٌ في الهواءِ رغم المسافةِ والزمان.

يبلل اللهاة الناشفة
أنتِ،
التي أضاءَت العتمةَ بكلماتٍ مشتعلة،
تزرعُ الأملَ في روحٍ جريحة،
وتسقي الأرضَ من دماءِ الشهداء،
لتصبحَ الحياةُ في عيوني أكثر إشراقًا.

وأنتِ، عشي وكني
في كلّ خطوةٍ تُخلفين وراءكِ أثرًا،
في كلّ لحظةٍ تُشعّ الضوءَ في قلبٍ مظلم،
وكلما مررنا بكِ،
أجدُ أن الحياةَ تُدْنِي يدي من السماء،
وتعيدُ ترتيبَ أيامِي المُنتهكةِ.

أنتِ، باكورة حبي
شعلة تناولتها من" بروميثيوس"٤٥
التي تجمعُ بين الموتِ، والحياةِ،
وتكتبُ للوقتِ معنى جديدًا،
ويبقى وجهكِ الذي لا يغيبُ
حتى وإن غابتِ الوجوهُ،
وأغمضتِ العيونُ،
أنتِ، تلك الذاكرةُ التي لا تنسى.

الحاضرة رغم الغياب

أنتِ، عقابيل حبي
"سرير بروكروس"٤٦
في كلّ حلمٍ، في كلّ وجعٍ،
وفي كلّ حبٍ يئنُّ في القلبِ المكسور،
أنتِ، الحقيقةُ التي نسيرُ وراءها
دون أن نطلبَ شيئًا،
فأنتِ كلّ شيءٍ
وأنتِ اللاشيء.

وأنتِ الرحيلُ،
وأنتِ البقاء.
53/
أَدْخَلْتُنِي بَيْنَ دَفَّاتِ قَلْبِكَ قَبْضَةَ فُلٍّ لِأَحْتَسِي الصَّمْتَ مِنْ قَوَارِيرِ "تَابُوتِي"٤٧،
أَحْمِلُكَ فِي الْحُلْمِ فَوْقَ جَنَاحِ الرِّيَاحِ،
لَعَلَّ الْهَوَى يُطْفِئُ جَحِيمَ الْأوهَامِ،
وَالْأوهَامُ أَنْ أَغْرَقَ فِي بَحْرِ الْمَعَانِي،" دِيمُوقْرِيطُسُ".

مُحْكَمٌ أَنْ أَرْوِيَ عَذَابِي،
وَأَقْضِمُ تَفَاحَةَ قَسْمَتِي،
وَالسَّيْفُ فَوْقِي،
وَالْبَحْرُ أَنْ أَخْتَبِئَ فِي عَيْنَيْكِ،
وَأَفْهَمُ كَيْفَ أَعِيشُ.

وَالشَّمْسُ تَذُوبُ فِي هَاجِسِ الْغِيَابِ،
لَكِنَّ اللَّيْلَ يَنْسِجُ غَيْمَةً تَخْفِي الْأُفُقَ، لَعْنَةَ "أَيْرِشِيجَالَ" ،٤٨
وَيَظَلُّ الزَّمَانُ يُلَاحِقُ خُطَاهَا.

هَلْ أَنْتِ الْغَيْمُ الَّذِي يُرَاقِبُ غُرُوبَ النَّهَارِ؟ :عِشْتَارُ"٤٩ فَوْقَ تَاجِ سُورِ "أُورُوكَ"٥٠
عَلَى سِجَّادِ قَلْبِكِ أَرْكَعُ.

فِي أُغْنِيَّاتٍ تَلُوحُ فِي الْأُفُقِ،
عَلَى جِسْرِ الْحَنِينِ الْمَكْسُورِ أَرْقُبُ غَابَةَ الْفَجْرِ، مُتَحَدِّيًا إِمْبَابَا
يَسْقُطُ الصَّوْتُ فِي ثَنَايَا الْخَوْفِ،
وَتُنَادِي الْعُيُونُ الْغَارِقَةُ فِي الْعَتْمَةِ،
إِنَّهُ الْأَمَلُ الَّذِي يَظَلُّ يَتَسَلَّلُ رَغْمَ الْفَقْدِ،
عَلَى شَاطِئِ الْأَلَمِ أَتَنَفَّسُ الْحَيَاةَ ،
وَأَنَا أَنُوءُ ب"صَخْرَتِي"
بِالطُّلُوعِ وَالْهُبُوطِ.

54/
أَنتِ، هَيْكَلِي
شَجَرَةٌ فِي قَلْبِ الصَّحْرَاءِ،
تَسْقِينِي مِنْ يَنْبُوعِكِ الْحُلْمَ ،وَالْمَاءَ،
تَظَلُّ فُرُوعُكِ تُنَادِي الرِّيَاحَ،
وَتَفْتَحُ أَبْوَابَ الْفَجْرِ عَلَى مِصْرَاعِهَا.

أَنتِ الْأَرْضُ الَّتِي تَحْتَضِنُ أَطْيَافَنَا،
وَفِي حَضْنِكِ تَنْبُتُ الْأَمَانِي،
كُلَّمَا شَاخَتِ الْأَيَّامُ،
أَنتِ، مَعْبَدِي
الصَّوْتُ الَّذِي يَمْحُو الضَّبَابَ،
وَيُعِيدُ النَّقَاءَ لِلْقُلُوبِ الْمُنهَكَةِ.

وَفِي صَمْتِ اللَّيْلِ،
تَسْكُنُ الطُّيُورُ فِي قَلْبِكِ،
وَتَتَفَتَّحُ الزُّهُورُ عَلَى لَحْنِ الْفَجْرِ،
أَنتِ النُّورُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ،
وَيُغَنِّي لِلْقُلُوبِ الَّتِي تَبْحَثُ عَنْ طَرِيقٍ وَسَطَ الزَّمَانِ الضَّبَابِيِّ.

أَنتِ،
الرِّيحُ الَّتِي تَحْمِلُ أَسْرَارَ الْجِبَالِ،
وَتُسَافِرُ بِنَا إِلَى حَافَّاتِ الْأُفُقِ،
حَيْثُ تَتَلاَشَى الْمَسَافَاتُ بَيْنَ الْأَرْضِ ،وَالسَّمَاءِ،
وَفِي عَيْنَيْكِ أَرَى اللُّؤْلُؤَ يَسْكُنُ قَلْبَ الْبَحْرِ،
وَفِي يَدَيْكِ أَسْتَشْعِرُ أَشْجَارَ حِكَايةَ يَاقُوتِ الزَّمَانِ الَّذِي لَا يَنْتَهِي.

أَنتِ،
الذِّكْرَى الَّتِي تَظَلُّ تَلُوحُ فِي الْأُفُقِ،
وَالْأَمَلُ الَّذِي يَتَجَدَّدُ مَعَ كُلِّ شُرُوقٍ جَدِيدٍ،
أَنتِ الَّتِي يَمْسَحُ دَمْعَ الْمَاضِي،
وَيَحْمِلُنَا إِلَى أُفُقٍ لَمْ نَصِلْ إِلَيْهِ بَعْدُ.

أَنتِ، الْحِكْمَةُ
كُلُّ الْحِكَايَاتِ الَّتِي تَسْكُنُ الْقَلْبَ،
وَفِي عُيُونِكِ أَقْرَأُ فُصُولَ الْعِشْقِ الْأَبَدِيِّ،
تَظَلُّ الْحَيَاةُ فِيكِ تَتَنَفَّسُ بِلَا نِهَايَةٍ،
وَتَظَلُّ الْأَحْلَامُ تَتَرَاقَصُ فِي عَيْنَيْكِ،
يَا مَنْ تَكُونِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ،
وَتَظَلُّينَ الْأَمَلَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ مَعَ كُلِّ لَحْظَةٍ.
55/
أَنتِ،
أَشْوَاكُ اللَّيْلِ الَّتِي تَحْتَرِقُ عَلَى جَمْرِ الصَّمْتِ،
وَلَكِنَّهَا تَنْبُتُ فِي قَلْبِهِ زُهُورَ الصَّبْرِ،
أَنتَ السَّمَاءُ الَّتِي لَا تَعْرِفُ الْحُدُودَ،
وَفِي عُيُونِكِ يَتَرَاقَصُ الْمَطَرُ فِي أَبْهَى حَالَاتِهِ.
56/
وَفِي صَمْتِ اللَّيْلِ،
تَنْسَابُ الْكَلِمَاتُ مِنْ بَيْنِ شَفَتَيَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ نُجُومًا،
تَرْتَشِفُ اللَّيْلَ وَتَحْتَفِظُ بِسِرِّهِ فِي فَمِ الْأُفُقِ.

أَنتَ الْأَرْضُ الَّتِي تَلُمُّ شَتَاتَ الْأَرْوَاحِ،
وَتَجْمَعُهَا فِي قُبْلَةِ الْحُرِّيَّةِ،
مِنْكِ تَعَلَّمْتُ كَيْفَ أَقُولُ:
الْأَمَلُ لَا يَمُوتُ، بَلْ يَتَنَاثَرُ بَيْنَ ذِرَاعَيْكِ.

أَنتِ،
الشَّمْسُ الَّتِي تَشْرُقُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ،
تُحْيِي بَرِيقَ الْوُجُودِ،
تَطْرُدُ الْوَطَاوِيطَ مِنْ سَمَاءِ اللَّيْلِ،
وَتَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ صَفَحَاتِ الْأَيَّامِ.

وَفِي كُلِّ خُطْوَةٍ مِنْ خُطُوَاتِكِ،
يَتَنَاثَرُ ضَوْءٌ عَلَى مَسَارِ الْحُلْمِ،
يَتَلَأْلَأُ فِي الْأَعْمَاقِ ،وَيَهْدِي دَرْبًا لِمَنْ ضَلَّ.

أَنتِ،
الْقَصِيدَةُ الَّتِي لَا تَنْتَهِي،
وَالنَّغْمَةُ الَّتِي لَا تَغِيبُ،
تَسْتَمِرُّ مَعَ الْوَقْتِ، تَتَجَدَّدُ كَمَا تَتَجَدَّدُ الرِّيَاحُ،
وَتَظَلُّ كَالنَّهْرِ الَّذِي يَتَدَفَّقُ بِلَا نِهَايَةٍ.

أَنتِ،
نَبْضُ الْقَلْبِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ،
وَالرُّوحُ الَّتِي لَا تَحَابِي العَوَاصِفَ،
مِنْكِ أَتَعَلَّمُ أَنَّ الْحَيَاةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ لَحَظَاتٍ عَابِرَةٍ،
بَلْ هِيَ لَحْنٌ طَوِيلٌ يَعْزِفُهُ الزَّمَانُ بِأَصَابِعِ الْأَمَلِ.

أَنتِ،
الْعُشْبُ الَّذِي يَلْمِسُهُ الْمَطَرُ،
فَيَنْبُتُ، وَيُحْيِي الْأَرْضَ مِنْ جَدِيدٍ،
وَفِي صَوْتِكِ يَتَرَدَّدُ الْأَمَلُ الَّذِي لَا يَمُوتُ،
وَيَبْقَى فِي كُلِّ قَلْبٍ يَلْهَجُ بِحُبِّكِ.
57/

أدْخِلْنِي بَيْنَ دَفَّاتِ قَلْبِكِ قَبْضَةَ فُلٍّ
لِأحْتَسِي الصَّمْتَ مِنْ قَوَارِيرِ تَابُوتِي،
أَحْمِلُكِ فِي الحُلْمِ فَوْقَ جَنَاحِ الرِّيَاحِ،
لَعَلَّ الهَوَى يُطْفِئُ جَحِيمَ الأوهامِ،
وَالأوهامُ أَنْ أَغْرَقَ فِي بَحْرِ المَعَانِي، "دِيمُوقْرِيطُسُ"٥١.

مُحْكَمٌ أَنْ أَرْوِيَ عَذَابِي،
وَأَقْضِمُ تَفَاحَةَ قَسْمَتِي،
وَالسَّيْفُ فَوْقِي،
وَالبَحْرُ أَنْ أَخْتَبِئَ فِي عَيْنَيْكِ،
وَأَفْهَمُ كَيْفَ أَعِيشُ.

وَالشَّمْسُ تَذُوبُ فِي هَاجِسِ الغِيَابِ،
لَكِنَّ اللَّيْلَ يَنْسُجُ غَيْمَةً تَخْفِي الأُفُقَ، لَعْنَةَ أَيْرِشِيجَالِ"،٥٢
وَيَظَلُّ الزَّمَانُ يُلَاحِقُ خُطَاهَا.

هَلْ أَنْتِ الغَيْمُ الَّذِي يُرَاقِبُ غُرُوبَ النَّهَارِ؟ "عِشْتَارُ" فَوْقَ تَاجِ سُورِ "أُورُوكِ".

(عَلَى سِجَادِ قَلْبِكِ أَرْكَعُ).

فِي أُغْنِيَاتٍ تَلُوحُ فِي الأُفُقِ،
عَلَى جِسْرِ الحَنِينَِ المَكْسُورِ أَرْقُبُ غَابَةَ الفَجْرِ، مُتَحَدِّيًا إِمْبَابَا
يَسْقُطُ الصَّوْتُ فِي ثَنَايَا الخَوْفِ،
وَتُنَادِي العُيُونُ الغَارِقَةُ فِي العَتْمَةِ،
إِنَّهُ الأَمَلُ الَّذِي يَظَلُّ يَتَسَلَّلُ رَغْمَ الفَقْدِ،
عَلَى شَاطِئِ الأَلَمِ أَتَنَفَّسُ الحَيَاةَ
وَأَنَا أَنُوءُ بِ"صَخْرَتِي"٥٣
بِالطَّلُوعِ وَالهُبُوطِ.

أنتِ، بَلُّورَتِي المَسْحُورَةُ
النَّجْمَةُ الَّتِي تَهْدِي المُسَافِرِينَ فِي اللَّيْلِ،
وَتَظَلُّ الزُّهُورُ تَتَفَتَّحُ فِي عُيُونِ الَّذِينَ يُبَحِّرُونَ بَعِيدًا،
أنتِ،
الصَّوْتُ الَّذِي يَطْفُو فِي طَيَّاتِ الرِّيَاحِ،
وَالأَرْضُ الَّتِي تَصِفُّ فِيهَا الآمَالُ المُتَنَاثِرَةِ.

وَأنتِ كَعَبَةُ حَلْقَةٍ "رُومِيَّةٍ"٥٤
الشَّمْسُ الَّتِي تُشْرِقُ فِي العَتْمَةِ،
وَتَمْنَحُ الأُفُقَ لَحْنًا جَدِيدًا،
أنتِ،
الرِّيحُ الَّتِي تُحْدِثُ القَصَائِدَ فِي قَلْبِي،
وَتَنَقُلُنِي بَيْنَ ضِفَافِ الزَّمَنِ إِلَى مَكَانٍ حَيْثُ لَا شَيْءَ يَخْتَفِي،
وَفِي النِّهَايَةِ،
أنتِ هُوَ هَذَا الوَطَنُ الَّذِي أَبْحَثُ عَنْهُ فِي مَرَآةِ السَّمَاءِ.
58/
أنتِ، أنتِ
المعراجُ الذي يرتقي به القلبُ نحو السماء،
حيث تُفتحُ الأبوابُ وتضيءُ الأنوارُ.

في عيونكِ تتراقصُ النجومُ، وتهمسُ الرياحُ بأسرارِ الليلِ،
وفي شفتيكِ يُترجمُ الصمتُ إلى كلماتٍ تُحيي الأرواحَ النورانيةَ
في قلبِ "بلورتي المسحورةِ"٥٥.

أنتِ، قواريرُ
العطرُ الذي يعطرُ دروبي،
صيدليةُ تابوتي٥٦.

وفي ضوءِ عيونكِ أرى كلَّ شيءٍ يتجددُ.

أنتِ الحلمُ الذي لا يعرفُ الفراقَ،
وفي قلبكِ تنبضُ الحياةُ بعمقٍ يتجاوزُ حدودَ الزمانِ.

أنتِ،
الأملُ الذي يشرقُ كلَّ صباحٍ،
وفي قلبكِ تغني الطيورُ لحنَ الفجرِ،
وتمسحُ أشعةُ الشمسِ ظلالَ الألمِ عن الوجوهِ.

أنتِ البحرُ الذي يحملُ أسرارَ العالمِ،
وتسافرُ أمواجهُ في رحلةٍ لا تنتهي،
وفي عمقكِ تكمنُ الحقيقةُ التي لا تُرى إلا بالحبِّ والغوصِ في الأعماقِ.

أنتِ،
الطريقُ الذي لا يضلُّ،
وفي كلِّ خطوةٍ منكِ يكتشفُ القلبُ جمالَ الوجودِ.

أنتِ الوعدُ المنتظرُ الذي يتحققُ في كلِّ لحظةٍ،
وفي صوتكِ تكتملُ أغنيةُ الحياةِ.

أنتِ،
الضياءُ الذي لا يزولُ،
وكلُّ لحظةٍ معكِ هي آيةٌ من جمالِ الكونِ.

وفي قلبكِ تنبضُ الحكاياتُ القديمةُ،
وتستمرُّ القصيدةُ،
تُكتبُ بأيدينا،
وتُغنى بأصواتنا،
ولا تنتهي أبدًا.

أنتِ،
الزهرُ الذي يزهرُ في أرضِ اليأسِ،
وفي عبيركِ يشرقُ الربيعُ.

تستمرُّ الحياةُ بوجودكِ،
وتظلُّ الحكايةُ مفتوحةً على أفقٍ لا يحدُّه زمانٌ أو مكانٌ.

أنتِ،
النسمةُ التي تهبُّ في الصباحِ،
تحملُ معها الأمنياتِ والآمالِ،
وفي كلِّ حرفٍ منكِ ينبتُ فرحٌ جديدٌ،
وفي كلِّ نظرةٍ يسكنُ السلامُ.
أنتِ،
والأرضُ التي تحتضنُكِ،
تظلانِ معًا،
شجرةً يزهرُ فيها الفجرُ.
59/
الغبارُ يلفُّ الطريقَ...
صمتٌ عميقٌ يسكنُ المكانَ ،
وعزفُ الرياحِ يعتصره الزمانُ،
والوكرُ يرتجفُ من حزنٍ مضى،
والأنواءُ في السماءِ تشهدُ الخيانةَ.

وجسورُ "بغدادَ "تنهارُ تحت وطأةِ الجراحِ...
أستيقظُ على صرخةِ النهرِ،
وعيونُ الحلمِ تغسلها دماءُ الأملِ.

الليلُ يسكنُ قلبي المعذبَ
والموتُ، حليفي في كلِّ خطوةٍ على الأرصفةِ.

في العتمةِ أرى وجهَ "العراقِ"،
أرواحُ الشهداءِ تئنُّ تحت الترابِ.

القذائفُ تكتبُ لي تاريخَ الألمِ ،
وعلى صدرِ" دجلةَ "أكتبُ أنينَ الصمتِ.

هناك حيثُ يذبلُ الوردُ في قلبِ الربيعِ،
ويصرخُ في وجهي كلُّ حجرٍ: إلى متى؟،
وهذا الشعبُ الجريحُ يغني في صمتِ الليلِ.

سأبقى في أرضكَ، يا وطنَ النهرِ
أحملُ جراحكَ كما يحملُ الفجرُ وعدَ الشمسِ.
60/
وأنا أركضُ بين أذرعةِ الظلالِ...
تسحبني الرياحُ نحو سرابٍ بعيدٍ
أصابعُ الزمنِ تنسابُ في عروقِ الجرحِ،
وكلُّ ضوءٍ على الأفقِ ينكسرُ أمامي غصنُ ميادٍ
أغنيةٌ باقيةٌ في الذاكرةِ،
تلونُ خُطايَ بالدمِ
قرنفلةٌ قرمزيةٌ تحفرُ لها
في الذاكرةِ لحدًا،
وأنينُ الأرضِ يعزفُ على أوتارِ القلبِ:
قداسُ الموتى يصهلُ به الهامةُ
أيُّ حريةٍ تلك التي تسكنُ بينَ خيوطِ الفجرِ؟،
وما معنى أن تغني الأنهارُ ، وأنتَ غارقٌ في حلمٍ ضائعٍ؟

أخفيتُ روحي في زوايا الأرضِ المظلمةِ
لكنَّ سهيلَ لا يزالُ يرشدُني إلى طريقي.

أرواحٌ بلا حدودٍ، تحملُ لواءَ الأملِ،
وأنا أحملُ قلبَ العراقِ في قرةِ عينيَّ.

يا ليلُ، كم مرةً سيغني الوطنُ أغنيتهُ المكسورةَ؟
أم ستظلُّ ترددُ الصرخاتِ التي تلتهمُها الرياحُ؟
يا" دجلةُ"، يا أيقونةَ التاريخِ
إليكِ أرسلُ كلماتي المختنقةَ،
وإليكِ أرسلُ أنينَ قلبي الذاوي.
61/
في فجرِ الحروبِ، يصعدُ نداءٌ جديدْ
أينَ عيونُنا التي ضاعتْ في ظلالِ الحزنْ؟
أرسلُ إليكِ يا أملَ البلادِ، قمراً
رغمَ هولِ ما يحيطُ بي من شبحِ الموتْ
ها أنا أكتبُ لكِ، عمراً
والدماءُ تُغسِلُ أديمَكِ من وجعِ السنينْ.

أنتِ، يا أمَّ الأنهارِ، يا ملاذَ العشقِ،
لن تُطفئيكِ نارُ المحنِ.

وفي خطى قلبي، تسيرُ الذكرياتُ.

تسكنُ عيونُ الناسِ في بيوتهم المحطمةْ،
لكنَّ "أوروكَ "ستظلُّ حيةً في نبضِ الفصولِ.

إلى متى ستبقى الشموسُ غائبةْ؟
لكنَّ الأرضَ تفرحُ بغدٍ جديدْ
والدمُ يكتبُ سِفرَ" العراقْ"...
هذا الوطنُ، الذي لا يتعبُ من أنينِ الجراحْ.
62/
في السهولِ الغارقةِ تحت غيمٍ قمطرير،
أمواجٌ من العتمةِ تتسللُ عبر جراحنا القديمة،
أصواتٌ تسيرُ على الأقدامِ،
في طريقٍ لا تنتهي،
ورائحةُ الترابِ تُسمِّنُ القلوبَ المجروحةَ،
والأفقُ يُغلقُ أبوابهِ على ضوءٍ غريب.

في الساعاتِ التي يخنقها الصدى،
تتساقطُ الذكرياتُ كأنها أوراقٌ لا تطالها السموم،
أصابعي تنقشُ عليها الحروفَ التي تنامُ في الظلال.

أينَ أنتم يا أصدقاءَ الأمس؟،
وأينَ العيونُ التي كانت تضيءُ سماءَ هذا المكان؟
تخفيها الرياحُ في ركنٍ مظلم،
والأشجارُ لا تلتفتُ إلى النداءاتِ.
63/
أيامٌ تمشي على جمرِ الحزن،
والأفقُ البعيدُ يرقبُ هذا الركامَ من آمالٍ مكسورة،
شبحٌ يمرُّ عبر الجسورِ المتهدمة،
يدوسُ على أوراقِ الأشجارِ المتناثرة،
وخطاها لا تحملُ سوى أنينِ الذاكرةِ.

أرضٌ تلفظُ الأنفاسَ من تحتِ الأقدامِ المهزومة،
و"الأباتشي" فوقَنا تراقبُ خطواتنا الضائعة،
تلتقطُ صورَ عيونِنا التي تحترقُ بالحزنِ.

[[ليكن الأملُ هدفكَ البعيد
وليكن الطريقُ هو الحلمُ الذي يسيرُ معك
لكن لا تستعجلْ النهاية
أفضل أن تظلَّ على الطريقِ طويلًا
حتى لو وصلتَ متعبًا
لكن قلبك مليءٌ بالقصصِ والتجارب
غير منتظرٍ أملًا سهلًا
لأن الأملَ لا يأتي إلا بتفاصيل الطريق
ولا نهايةَ للحلمِ إلا أن تعيشه.]]
64/
بلادٌ ضاعت في التاريخ،
لا تضيعُ في الزمانِ،
وجعلوا من قبرِها متحفًا للخراب،
يدّعونَ أنها حضارةٌ فانية،
لكنَّها الحقيقةُ التي تنبضُ في داخلِنا،
ولكلِّ حجرٍ قصةٌ في المساء،
وكلُّ زاويةٍ تهمسُ لنا بأسرارِ الألم.
"وانخيدونا"٥٧ تطلُّ من بينِ الدخانِ،
ويدُ "أريدو" ما زالتْ تُقبّلُ خيوطَ الشمسِ المطفأة،
وفي بحرِها يغرقُ النشيدُ،
ويغني التاريخُ لحنَ الخرابِ حتى الصباح.
65/
خلفَ الجدرانِ المظلمةِ،
تنامُ الأحلامُ المعذبة،
وتسحبُها الرياحُ بعيدًا عن الزمانِ،
لكنَّها تعودُ لتلطمَنا بصوتِها الحزين،
هل نحنُ هنا؟، نسألُ أنفسنا ونحنُ نسمعُ صدى السؤال يتردد،
في صمتٍ طويلٍ.
66/
ألم تُدركْ يا وطنُ،
أنك في قلوبنا دائمًا؟
أننا سنسيرُ على دربك،
حتى لو كانتْ الشمسُ تغيبُ عن عيوننا،
حتى لو كانتْ الأرضُ تبتلعُ آمالنا،
فأنتَ في دمنا.

من هنا، من هذا الركامِ،
نكتبُ تاريخكَ في حروفٍ صامدة،
ونغني لبحركِ في كلِّ حينٍ،
حتى تشرقَ شمسُكِ مجددًا.
67/

أينَ السماء التي كانت تزدانُ بنجومٍ تتساقطُ مثل الأحلامِ؟،
وأينَ الرياحُ التي كانت تهمسُ بأسرارِ الزمانِ القديمِ؟
ها هنا، حيثُ الأرضُ تسردُ لنا حكاياتِها،
نجدُنا نبحثُ عن خطوةٍ ضائعةٍ في الذاكرةِ،
وكأنّ الزمانَ قد اختطفَ منّا كلَّ الأجوبةِ.

أترى، يا وطنُ، كيف كان حلمُك أخضرَ
وأنتَ ترى الفجرَ يشرقُ على أزقتِك المتربةِ؟
أم أنَّ الليلَ كان يطولُ حينما كانت جراحُك تُخاطُ بخيوطٍ من الأملِ؟
هل كنتَ تعلمُ أنَّ كلَّ شجرةٍ فيك كانت تحملُ تاريخًا
من الحروبِ والانتصاراتِ الصغيرةِ،
من الأملِ الذي كان يتجددُ بعد كلِّ فاجعةٍ؟
68/
ماذا تلدينَ الآنَ؟
نَشيدًا؟
أَم خطواتٍ لمملوكٍ يجرُّ قيدَهُ؟
أم قافلةً من أسماءِ الشهداءِ
في ليلٍ يُنادي:
مَرُّوا من هنا...

لا تسأليني عن حُزنِكِ،
فأنا الذي أتعلمُ من دموعِكِ كيف تفتحُ الأزهارُ في الربيعِ،
وكيف تُشعُّ الأضواءُ في قلبٍ غارقٍ في الظلالِ.

نحنُ أبناءُ" الأنوناكي"٥٨ والماءِ والريحِ،
نحملُ في جبينِنا جبالًا وأوديةً،
وكأنَّنا عشنا ألفَ عامٍ في لحظةٍ،
وقلنا: لن يتوقف قطارُ الدمِ،
لأنَّ المحطةَ القادمة هي الحلمُ.

لكنَّ كلَّ محطةٍ كانت تُسمِّنُ بالخرابِ،
وقبل كلِّ المحطاتِ حانةُ "سيدوري" تمنحنا غفوةً ،وإكسيرَ الأقدامِ،
وتسحبُنا الرياحُ إلى مكانٍ لا تعرفه الخرائطُ،
إلى فضاءاتٍ لم تعد فيها النجومُ.

69/

كلُّ يومٍ يمضي في عيونِنا القلقةِ،
نركضُ وراءَ أيامٍ لا تنتهي،
تدورُ بنا عجلةُ الزمنِ، ونحنُ نلهثُ على أطرافِها،
لكنَّ كلَّ خطوةٍ نخطيها تصبحُ ذاكرةً أخرى تذوبُ،
وحينما نغرقُ في الليلِ الطويلِ،
نرى ضوءَ عيونِكِ في جدارٍ مهدمٍ،
ترتجفُ صدى أقدامِكِ في رياحٍ شديدةٍ،
وتتساقطُ الحروفُ كما أوراقِ الأشجارِ،
تحاولُ أن تجدَ مكانًا بينَ أطيافِنا
لتغدقنا بالقداحِ وتناغينا بالنسيمِ.

70/
أنتَ يا أشورُ،
الذي سافرتَ عبرَ الحروبِ والآلامِ،
هل تذكرتَ أنَّك كنتَ يومًا حلمًا؟
هل تذكرتَ أنَّ الخوفَ فيك كان حلمًا،
وأنَّ العيونَ التي أغشيَتْ على أكفِّها
كانت تلتقطُ شمسَكِ في المساء؟
ثم أصبحتَ ذكرياتٍ في سراديبِ الذاكرةِ،
ودفنتَ معك، في تلك السراديبِ،
على رفوفِ مكتبتِكِ العظيمةِ
أملًا كان يمشي على قدميه،
فأصبحَ عبئًا من أطلالٍ تلاحقنا،
تراكمتْ علينا ، ودفنتْنا في بقايا الأرضِ، تعاويذَ بابليةٍ
ونحنُ لا نزالُ نبحثُ عن ملامحٍ تشبهُنا، في وجوهٍ من ركبَ سلطانَ الأسفارِ معنا.
71/

لَيْسَ لِلحُلمِ سِوى بَذرةٍ ضائعةٍ
في تُربةٍ من أَشلاءِ الوطنِ.

تسألني الرياحُ، هل سنظلُّ نبحثُ عن كنهِنا؟
تلاحقنا لعنةُ العالمِ السفلي،
أم سنظلُّ نغني تحت الأنقاضِ هيولا؟
نفترش سجادةَ نيسانِ،
ونقيمُ "أكيتو"٥٩.
كلما زرعنا وردًا في قلبِكِ، يا عراقُ"،
ابتسمتْ الرياحُ، وقالت: الوردُ هنا،
لكنَّ الأرضَ لن تنبتَ سوى الحجارةِ.

لكنَّنا نصرخُ في تلك الحجارةِ،
أنَّنا هنا،
لن نسمحَ للزمنِ أن يبتلعَنا،
لن نسمحَ للتاريخِ
أن يسرقَ منّا غناءَنا،
وناموسُ "أوركاجينا "يترددُ
صدى مسماري فينا،
سنظلُّ نحفرُ في صخورِكِ،
نبحثُ عن الضوءِ الذي سكننا،
حتى لو عجزنا عن رؤيةِ الغزالةِ
من خلفِ جدرانِ البُعدِ،
سنبقى نزرعُ الفجرَ في صمتٍ دائمٍ،
حتى نُشعلَ آفاقَكِ من جديدٍ.

72/
وطني في دمي،
لاجئٌ في أرضٍ بعيدةٍ،
وسأظلُّ وجهي فيها،
يتساقطُ منه الزمانُ.
دهرٌ من رمادٍ يرقصُ حولي، جسدي
العاشقُ الأوَّلُ لآتونِ الوجودِ،
نارٌ تؤججُ سعيي،
تولّدُ من قلبي شروقٌ،
نارٌ أنثويَّةٌ.
دمٌ يراقُ في زوايا الأيامِ،
يعانقُ ذراعيها.

شمسٌ على كتفيّ كأنَّها ثوبٌ ثقيلٌ،
تقفزُ في الجروحِ،
تتساقطُ كما الريحِ
على زهورٍ ذابلةٍ.
73/

أنت فينا، يا "عراقُ"، كنسنا وملاذنا،
تعيشُ في الذاكرةِ كما النجومِ في سماءٍ لا تُمحى،
حتى لو ماتت الأرضُ فينا،
سنبقى نكتبُ على جدرانِكِ،
ونحكي للعالمِ أننا هنا،" شيدو لاماسو"،
أننا أبناءُ هذه الأرضِ، هذا الوكر، هذا الملجأ، هذا العش،
سننبتُ من جديدٍ، شجرةَ زيتونٍ، و"قيثارةَ سومرٍ" ،٦٠
و"مسلةَ بازلتٍ" ٦١تقفُ وسطَ "حديقةِ المحمدي"،
يعتليها" لوكال زاكيزي"٦٢.
على الرغمِ من الحربِ،
على الرغمِ من صمتِ الزمنِ،
سنظلُّ نبني معكِ الفجرَ،
مدماكًا.. مدماكًا،
حتى لو غابت شمسُ الكونِ أجمعه،
شمسُكِ لن تغيبَ
يا وطنُ من:-" طينِ الضياء "،
-و"كلمةٍ: من كُنْ" ،
-و"ماءٍ طهورٍ".



#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (أَنْوار قُدْسِيّة )
- (تَأَوُّه وأَكْثر )
- (تاكوتسوبو)
- (دَعِيني بكِ أَهيمُ)
- (بُزُقٌ مَعطوبٌ فِي زَمنٍ عَاطِلٍ)
- (أَحِبِّينِي... وَكَفَى!)
- نسخة معدلة من قصيدة ( جَدولُ الأقْحُوَان في دِجْلةَ السالكين ...
- 1(شَذَراتٌ)
- (تقدمة لقصيدة الشاعرة د. بشرى البستاني والموسومة /- أنثى الر ...
- (حُبّكِ مِقْصلة النَّوْم)
- (جدولُ الأقحوانِ في دجلةَ السَّالِكين)
- 1/13(من شَجَرَةُ البِغاءِ المُرِّ)
- (من ليتورجيا قيامة التنين)
- (لَارَا: عَيناكِ غَابةٌسَحابيةٌ)
- (الخَالدُونَ لَا يَموتُونَ)
- ( مُكَابدَةُ شُرْفةِ قَلْبٍ مَوْجُوعٍ)
- (صارَ كلِّي في الأسى يتوجَّدُ)
- (تَبَوَّج)
- (بَرَّحَتْ بِيَّ الغُرْبةُ)
- (غِرْناطَةُ… آخِرُ الحُصُونِ)


المزيد.....




- -انقلاب صامت-.. بين دستوبيا الشركات العالمية ومقاومة الجنوب ...
- الوفود الفنية الأمريكية الأوكرانية تجتمع في الرياض عشية المح ...
- محاكمة الممثل جيرار دوبارديو... عودة على الاتهامات الموجهة ل ...
- مسلسل درامي يثير أزمة في مصر وبلاغ للنائب العام لوقفه وحذف م ...
- لوحات بريشة بريطاني تجسّد مآسي الحرب الإسرائيلية على لبنان و ...
- ما الذي جرى لليابان بعد أن اكتشفت الإسلام؟
- وزير ثقافة لبنان: على العرب العمل لوقف عدوان -اسرائيل- على ل ...
- ابسطي اولادك وفرحيهم.. تردد قناة ماجد للأطفال الجديد 2025 لم ...
- انتخاب الكاتب الصحافي حاتم البطيوي أمينا عاما لمؤسسة منتدى أ ...
- باريس تحتضن معرض -سنوبي-: أزياء مستوحاة من شخصيات كرتونية لا ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (قراءةُ حُبٍّ في مِرآةٍ سوداءَ مُدَلّاةٍ على صَدرِ الخَرابِ)