لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 8288 - 2025 / 3 / 21 - 22:12
المحور:
الادب والفن
عندما يسألونني كيف تنبأتْ رواية علي السوري بما يحدث في سوريا..
أجيب: لأنني حافية، لم ألبس يوماً تعصباً لدين أو قوميّة.
المجازر بحق الطائفة العلوية كانت طعنة أخرى في القلب، لأنها تدلّ على استمرار قدرة شظايا تاريخ العرب الدامي على قتلنا.
الحزن حق لنا، أحزنُ على السوريين غير الحزانى في هذه الأيام.. كم يكبتون في لاوعيهم من الصراعات وكم سيدفعون الثمن من صحتهم النفسية.
***********
"فقد أدت 54 عاماً من حكم الأقلية إلى تهجير 15 مليون سوري"…صدقوا أولا تصدقوا هذا ما قاله وزير الخارجية (السوري).
لقد احتاجت مجازر الإبادة الوحشية الجماعية التي ذهب ضحيتها الآلاف من أبناء الثقافة العلويَة، ومئات جرائم التطهير العرقي الفردية المستمرة إلى توقيع، فقرر "وزير الخارجية (السوري)" توقيعها.
يا للعار
اليوم أيضاً قام هذا “ السياسي غير الطائفي” بمعايدة أمهات شهداء “ظلام طغيان الأسد”، متجاهلاً الألم السوري بمختلف ثقافاته والدماء التي تشوه رمضان سوريا من أبناء الثقافة العلويّة.
يا للعار
***********
عندما يسألك طائفي:
-أين كنتم من 14 سنة؟
إذا عمره أقل من 32 لا تجاوبوه، فهو ضحية الطائفية التي زُرعت فيه من 1400 سنة، من 14 سنة كان ولداً عندما كنّا نحن مهجرون ومنبوذون.. عندما كنتم فقراء وبسطاء تدفعون أرواح أولادكم في حروب مع القاعدة لحماية جميع السوريين.
إذا عمره أكثر من 32: قولوا له: كنا نرى ما يحدث اليوم، فالرض النفسي المنتقل عبر الأجيال حقيقة.. و ليست أول المجازر المرتكبة في حق العلويين عبر التاريخ..
هل تعرف لماذا سكن العلويون الجبال؟
- لأن الهمج أقصوهم منذ العصر المملوكي (1250-1517):مع فتاوى ابن تيمية.. ثم ذبحوهم و كفروهم في مجزرة التل* و غيرها.. وهو ذات السبب لماذا المسيحيون في بلادنا أقلية…
التأسلم السياسي دمغ طبعة على كل من حوله، محاولاً قمع أي مختلف وسحق أية أقلية عبر تاريخه.
أين كان من “يحكم” سوريا اليوم من 14 سنة؟ وماذا فعلوا؟
في الماضي ظل من المجازر بحق الثقافة العلويّة ما بقي في ذاكرة الرض النفسي المنتقل عبر الأجيال.. لكن اليوم سنعيش حزننا كاملاً.. وسنكمله بالتوثيق المفصّل لما حدث في الفضاء الأزرق والعالمي..
لن نصمت أبداً و لن تتحول صور أحبتنا إلى أرقام…
اكتبوا قصصهم، انشروا صوراً و فيديوهات عنهم..
لن تفلح عندها جمل المتثاقفين بأنهم لم يكونوا يعرفون..
هل يجرؤ أي منهم على زيارة قرى الساحل السوري المحترقة المستباحة؟
هل يعرفوا أن العلويين والمسيحيين والأقليات الأخرى في الساحل وحمص يعيشون رعباً حقيقياً في كل لحظة؟
هل تريدونهم ألا ينادوا بالتقسيم ولا بالحماية الدولية؟ كيف؟
***********
طائفي أخرق، من يعتقد أن السنة الآن يحكمون، المصيبة أن السلفيين الجهاديين هم من يحكم سوريا اليوم، و هم من يدقون الخوازيق بين أبناء البلد الواحد.
ستفتح يوماً سجون أدلب..وستبكون الفظائع أمامكم وتقولون كما قال من سبقكم عن سجن صيدنايا: لم نكن نعرف.
كيف عرفنا نحن وهجرنا الأوطان؟ في الطب النفسي عندما يكون الحاكم نرجسي تتوقع الحرب الأهلية، لكنه عندما يكون معادٍ للمجتمع، تتوقع زوال البلاد.
هل تعرفون ماذا يقول الأمريكيون من حولي اليوم، يقولون أن “المتثاقفين الكذبة في هذه الأيام يتخيلون أن للأقليات عروشاً لأنهم يغارون من تحررهم.. إذاً الحل هو في أن يتحرروا و يحرروا عقول من حولهم.. لا أن يقتلوهم!”.
ياللعار…
***********
مجازر التطهير العرقي بحق العلويين، فضحت كارثتين لا توقف لهما:
الأولى: وجود التكفيريين الجهاديين من القاعدة والطائفيين المغيبين في الجيش "السوري" بوفرة.. -هؤلاء لا يمثلوا أهل السنة حذارِ أن يدافع أي عاقل عنهم-
وهذا يعني أن الجيش أصبح مصدر خطر على مكونات كثيرة في الشعب السوري آجلاً أم عاجلا".
الثانية: الرغبة القاتلة ل الطائفيين من الأكثرية العددية السنية بحكم سوريا ولا يهم من الحاكم وكيف.. وهذا نتيجة متوقعة لحكم ديكتاتوري سابق -عرف يربي- ..
وجب تطمين هؤلاء الطائفيين بطريقة مباشرة.. بأن لا أحد في المجتمع الممول ولا من الأقليات وخاصة العلويين سيسمح لأحد غير سني بالحكم.
وبما أننا في زمن شرح البديهيات:
مجازر النظام طبعاً كانت عار أيضاً والدم السوري حرام.. وما فعلته القاعدة بالسوريين والعرب والعالم خلال الأعوام السابقة كان حرام أيضاً وعار.. دم أي إنسان هو حرام.
الإنسانيّة في أن تجهر بالحق تبعاً لوضعك وظروفك، و إلا اصمتْ.
أنتم تؤيدون جرائم الإبادة الجماعية لإخوتكم في الوطن، أو تحولون مصابهم إلى تهكم وتذكير بالماضي..هل تعرفون ما يعني هذا؟
تخيل أنك في عزاء طفلك، يأتي جارك: يقف على الباب ليضحك أو يقول لك: لماذا لم تواسيني في عزاء طفلي من عشر سنوات؟
جثم النظام السابق على حيوات الجميع بالخوف والتهديد والزمن يعيد نفسه و سيظل يعيد..
وأكثر ما يؤلم وسط كل هذا الحزن، أننا نحتاج لشرح معنى الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.
***********
منع الصحافة الأجنبية من الدخول لتصوير المجازر، جرائم التطهير العرقي، الدماء، والحرق في الساحل السوري الذي مازال مستمراً إلى الآن..
يدفنون الأبرياء في مقابر جماعية.. يرعبون الناس ويمنعونهم من الحديث.. منعوا التصوير، والهمج لن يقولوا ما يفعلون بالصوت والصورة الآن.
ريف الساحل أولاً.. كلكم ثانياً إن لم تمنعوا ما يحدث، أقلها طالبوا بدخول الإعلام.. الإعلام المستقل سيحمي من بقي.. لا تخافوا، بل على العكس ارفعوا صوتكم وإلا تمشون في الجنائز أبداً…
متثاقفو الزمان: لا يقدر جبنكم أو طائفيتكم على إدانة المجازر ، هل يستطيع نفاقكم التحرري بالمطالبة بإعلام مستقل قبل قتل المزيد وتزوير الحقائق؟
ومن يطالب بأهمية تغيير الدستور، ها ، نراه على الأرض والناس تموت.. أي كلمة حق تحكيها، قد تسهم في إنقاذ بريء.
سنقول للأجيال: هجم الهمج على القرى البسيطة فأحرقوها، وقتلوا الآمنين العزل في بيوتها لأنهم من الثقافة العلويّة، في مجازر تطهير عرقي يندى لها الجبين.
هجموا على بيوت العلويين في الساحل، هددوهم بالسلاح، سرقوهم وأهانوهم، بصقوا على شعور النساء السافرات و جعلو الشباب العلوي المدني يعوي…
انشروا الأخبار ولو بأسماء مستعارة.. مع الشعر، الموسيقا والغناء، فالسوريون الطيبون أحباب الحياة لطالما أحبوا الفن والغناء.. ثقافتنا ثقافة حياة.. ثقافتنا ثقافة حياة.
***********
يجب أن تتحول الطوائف إلى ثقافات، في ذلك بداية الحل.. ولا يمكن لمتأسلم تحقيق ذلك.
ومع كون ثقافتنا ثقافة حياة.. ولأن ثقافتنا ثقافة حياة، فلا أعياد في سوريا هذا الشهر.. سامحونا.
لن نحتفل فوق الدماء، فوق الظلم، القتل، التطهير العرقي والمجازر..
لن نبني فوق استمرار الاضطهاد، نهب البيوت، حرق القرى، والتنكيل بالأبرياء..
ليس فقط لأن للحزن حق علينا، بل إن البناء فوق أي من هذه الآلام، سيتسبب آجلاً أم عاجلاً بانهيار ما نصنع، وكوارث أخرى تدمر الأوطان.
لا نيروز، لا عيد معلم، لا عيد أم ولا فطر هذا الشهر..
لقد أفطرنا جميعاً في السابع من آذار.. ولمّا نعلن الحداد، فهل حقاً سقط الاستبداد؟
يتبع…
*مجزرة التل في حلب (1516):حدثت هذه المجزرة خلال الغزو العثماني لمدينة حلب عام 1516. قُتل فيها آلاف من الأبرياء من الثقافة العلوية، حيث جمعت رؤوس الضحايا وشُكلت منها تلة كبيرة وسط المدينة، مما أعطى المجزرة اسمها "مذبحة التل”.
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟