كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 8289 - 2025 / 3 / 22 - 00:05
المحور:
الادب والفن
( فتاة في مصنع تدوير )
فجأة وجدتني في معمل تدوير العلب
مكممة ومغلولة..
اتوا بي مع اكياسها المنتفخة
كبسوها
وانا اشاهدهم بحزن ورعب
كانت عيناي ناضجتين بالضحكات
وجيوبي برسائل عشق لم ترسل
جسدي من الزبد
ورمانتاي لم يمسسهما احد.
كانت العلب تتصدع ،تستطيل ،تتكور ،تنحني ،تتقعر ، تستقيم، تتقطع.
كنت نقشت على زندي المبيض قوسا يتوتر،نبلته افعى.
لست من هواة اللدغ
لكني قلّدت امرأة في مجلة.
لم يكبسوني مثل العلب الملونة المتنوعة الاخرى
انزلوني عبر سلم
الى غرفة مظلمة
كنت اسمع الزئير
وعويل الوحوش
ووقع اقدام الاشباح
نسيت استغيث بامي
او بالرب
وامتدت اياد بلا اجساد
قلعت شعري ،وجفني
ثم دفعتني لغرفة اخرى
سلبت رسائلي واحرقت
هبطت سلما آخر
ذبحوا ضحكاتي ،وصهروا اقلامي ورموشي ،ودفاتري المدرسية
هبطت سلما ثالثا
كانت الظلمة مكثّفة
والصمت تلال
بتروا احدى رماناتي ، وحركوا الافعى في زندي
شرعت بلدغي
بعدها سحبوني لمصنع فرعي
فطليت بالقير والرهبة
ونفشوا وجهي بالطلاسم.
حين رأيت النور اخيرا
حين اصبحت حرة
هربت مني المرايا
والناس والاشباح
منذ قرون وانا اهيم في المدن والفيافي
لعلي اجد وحشا او بشرا لا يفزع مني.
من قرون وانا ابحث عني.
21 مارس 2025
+++++++++++
(مصانع العلب)
علب فاخرة
للانتصارات المزيفة
علب جاهزة
للسلوكيات المصابة بازمة التدوير
علب منشطة
للفراش الذي مل من رتابة السيقان ليلا
علب نابضة
للهتافات التي لن نمل منها ، التي في عنق زجاجة
علب لتفريخ علب لكل الحلول الملغمة
التي تستأصل ازماتنا الروحية
علب لسجادات الصلاة التي لم تنقذ تفسخنا
علب للانتفاضات الخاسرة
علب للتقاليد البالية التي نتمسك لها بشراسة
علب للخساسة
علب لترشيح التخلف
علب لتنشيط الطائفيات
والذبح بالخناجر المعكوفة
علب لتسميم ارواحنا
بالاوبئة الجماعية
علب للنواح على شبابنا مزقتهم الالغام ولم نحتفظ لهم بذكرى
علب دليل على دول شرّحت ويصعب الاهتداء اليها
كلها مزينة بالجمال ومغرية
ومذيلة بالارشادات الطبية التجارية
لكنها جميعا
جميعا هي تخطت حاجز الصلاحية
ولم تعد تواكب العصر.
21 مارس
2025
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟