أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - فيديوهات بيني 1993(مايكل هاينكه):الجزء الثاني من ثلاثية برود المشاعر














المزيد.....


فيديوهات بيني 1993(مايكل هاينكه):الجزء الثاني من ثلاثية برود المشاعر


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 8288 - 2025 / 3 / 21 - 17:09
المحور: الادب والفن
    


المشهد الأول في الفيلم:إطلاق النار على خنزير استعدادا لذبحه...ومن ثم الشاشة السوداء التي تعلن عن الاقفال التلفزيوني أو انتهاء البث.
بيني مراهق في السادسة عشرة من عمره،ونستطيع القول بأنه منكفا على العالم ومرتبط فقط بالبرامج التلفزيونية ،واشرطة الفيديو التي يستأجرها بكثرة،والفيديوهات الشخصية التي يصورها بنفسه.
صفة الانعزال لبيني هي ردة فعل اجتماعي للمحيطين من خلفه،فتقريبا كل من حوله عبارة عن جزر معتزلة تعيش في عالم أكثر من خاص وبالكاد يحدث فيما بينها شيء من التواصل،وربما هذا الذي اكسبه البرود العالي اتجاه كل شيء وربما حتى لتصرفات غير متوقعة على الاطلاق.
وهنا الاضافة مهمة،فتعلق بيني بهذا العالم المزيف لايشمل او يتضمن صفة التعلق فقط،بل اصبح يعتقد أن اي تصرف غير محمود العواقب سيقابل بعدم اكتراث،أو التملص السهل كما يحصل في عالم التلفزيون تماما..
لكن،ما هو الهدف من جمع مثل هذه التسجيلات...لماذا هو متعلق بمثل هذا العالم المزيف...؟
على الرغم من هجوم مايكل هاينكه الواضح والصريح على السينما الأمريكية،والسينما المزيفة بشكل عام وعلى ذلك المحتوى الاعلامي الكاذب والخادع،ولكن لايمكن القول عن عالم الفيديو الذي يعيش فيه بيني سوى انه عالم بديل عن واقع اجتماعي فرض عليه العزلة؟
التطرف هو انه يعيش ضمن مقتضيات هذا العالم الذي خلقه لنفسه...
يتعرف على فتاة مثل عمره وتبدو منكفأة عن العالم هي الأخرى،وبسرعة وباعتيادية يطبق عليها مشهد قتل الخنزير...
كان بإمكاننا التنبؤ بأن هذا الهدوء يخفي من خلفه عدوانية شريرة،ولكن في العمق أكثر فهذا الشاب ليس عدوانيا...انه يعيش في عالم فرض الواقع البارد عليه...وكانه انتقال ذهني ملتبس ومختلط بين عالم محسوس لايعيش فيه وعالم من صنع نفسه.
يقتلها بدم بارد وبشكل تلقائي:ثلاثة رصاصات كانت كافيه لإخراسها،ثم يقوم بستر عورتها لأنه ليس هناك أي ابعاد جنسية لمثل هذه الجريمة...هو يعيش دائما في لحظة انتقال بين عالمين،أما العالم الثالث،عالم الموت،فهو محاط بشيء من الضبابية...هو لايفكر فيه وكأنه لايستطيع ان يستوعبه.
اقتباس على لسنا بيني:عندما توفي جدي،كان في النعش عندما وصلنا الى هناك في التربة،فتحو النعش لكنه ظل عاليا،والدي دفعني إلى اعلى كي استطيع أن أرى جدي للمرة الأخيرة،لكني اغلقت عيني،كنت لازلت صغيرا غير قادر على النظر داخل النعش...؟
تكتمل حلقة عدم الاترباط،اخته ايفي تنكره فهي تعيش في عالم خاص لاتريده معها فيه بينما صديقه المقرب ريتشي يخونه ايضا...
كان عليه سابقا أن يشغل الكاميرا ليصور بالتفصيل جريمة قتل غير مفهومة،وكانها من ذلك العالم المتحرك بغير عقلانية،أو عشوائية،اتجاه كل ردات الفعل...
ردات الفعل هناك تصاغ بالطريقة التي اريدت بها ان تصاغ...
القتل هنا لاعلاقة له بفيلم كيسلوفسكي الشهير:قصة قصيرة عن القتل...القتل لاعلاقة له بغضب داخلي كامن
هو يحلق بعالمه الممكن،يندس في العزلة كانها اصبحت رغبة الآن...يقوم بحلق شعره حتى الصفر ليعلن تميزه الوجودي عن اللآخرين...
كاميرا هاينكه تصور لحظة الحلق بالتفصيل،أنها تؤكد وجود علاقات باردة من الممكن الارتباط بها...أنها علاقة الانسان بالأشياء التي من المستحيل أن تكتسب منها أي شيء سوى الجمود...
في هذا الفيلم التقشفي والذي يخلو من أي موسيقى تصويرية ينهمك هاينكه بعلاقة الانسان بالأشياء،تلك الاشياء التي تظهر بتكثيف وتركيز أكثر من المعتاد،مثل مشهد:
المنديل...مسح الحليب عن الطاولة...
الأشياء من الممكن ان تكون بديل،لكن هذا البديل ليس موضوعيا أبدا...أنه يحمل في طياته السلبية المطلقة..أنه يحمل ادعاء الأب جورج الذي ينعت ابنه على الدوام بأنه القطة الخائفة ومن هنا نفهم ان الوالد يدرك انكفاء ابنه الاجتماعي.
بيني يشاهد جريمة القتل التي قام بها وصورها أيضا بنفس البرود في حضور الأب...
باختصار،يقرر الوالدان التستر على الجريمة،والتخلص من الجثة بطريقة تبدو وحشية،وهذا التستر لايبدو بالنسبة لبيني أكثر من برود اجتماعي آخر....تملص من مقتضى اجتماعي يعاني منه شخصيا
يغيب بيني مع والدته في مصر التي لاتحمل معنى الاستشراق هنا بالشكل المحدد أو المحسوب المتوقع من قبل أي مخرج...فهذه الرحلة الى الشرق ليست بالمعنى الذي يحمله برتولوتشي الى الشرق.عاد الابن،وتخلص الوالد من الجثة من دون ان نرى الطريقة....لكن هناك مشهد مرعب:
بيني سجل على شريط الفيديو المحادثة التي جرت بين الأم والأب حول طريقة التخلص من الجثة...
ظلام لايقتله سوى الضوء المتسلل من فتحة الباب الذي بالكاد هو مفتوحنوهذه الاضاءة تنعكس على سرير،ومن خلف كل ذلك نسمع اصوات اتفاق الأم والأب للتخلص من الجثة.
بيني يمتلك الآن الأدلة الكاملة...دليل ادانته الشخصية،ودليل إدانة الآخرين
يقوم بيني بفعل الوشاية...يشي بوالدته وبأبيه مبررا ذلك بكلمة واحدة:
أنا آسف...
لكن الأكثر،هو عالم الفيديو الذي من الممكن ان يحدث فيه اي شيء...من وجهة نظري فعل الوشاية هو ليس إلا محاكاة لعالم افتراضي غارق فيه بيني حتى النخاع...
حتى ايفي لم نراها في الفيم سوى في مشهد حقيقي واحدا والباقي كان بأشرطة فيديو....
طبعا،هذا تعبير سوداوي مطلف،ولكنه مختلف مبدع عن برودة العلاقات البشرية.
انها نفس الفلسفة...لكن من زاوية غاية في الغرابة هذه المرة.



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القارة السابعة 1989(مايكل هاينكه): هناك درجات للارتباط بالحي ...
- فراولين 1986(مايكل هاينكه):ميلودراما ألمانية
- من هو إدجار ألن 1984(مايكل هاينكه): الفيلم المختلف في مسيرة ...
- بين معلمة البيانو لمايكل هاينكه 2001 ومعلمة البيانو لألفريدة ...
- انحرافات 1983(مايكل هاينكه):وجود ويوتوبيا
- بدلة للعرس 1976(عباس كيارومستاني):.الله ستر
- اللاموس-lamminge1979(مايكل هاينكه):مسارات تدمير الذات
- بعد ليفربول 1974:الفيلم التلفزيوني الأول لمايكل هاينكه
- عن مايكل هاينكه وثلاثة مسارب للبحيرة 1976
- الحياة ولا شيء آخر1992:كيارومستاني الذي يبحث عن مصير ابطاله
- استعراض ترومان1998(من اخراج بيتر وايلدر وتمثيل جيم كاري): تل ...
- 1900(برناردو برتولوتشي)-1976: فيلم عن الصعود والسقوط الطبقي
- الريح ستحملنا 1999(عباس كيارومستاني):ارتجال الحياة
- تذاكر 2005(عباس كيارومستاني): فيلم عن التذكرة التي نحجزها في ...
- القمر 1979(برناردو برتولوتشي): انه حب اوديبي ولكن ليس بالمعن ...
- البجعة السوداء(دارين آرنوفسكي) 2010 : اوبرا تشايكوفسكي تحولت ...
- حياتي في ذلك الزمن الذي قضيته مع انتونين ارتو 1993:مسرح القس ...
- تجربة 1973(عباس كيارستمي):اللقطة هي الحياة
- أليس 1990(وودي ألن):صراع
- سبتمبر 1987(وودي ألن): .اليد الالهية واضحة جدا


المزيد.....




- سلاف فواخرجي: بشار الأسد ليس طاغية ونتوسم خيرا بأحمد الشرع
- تغريدة مثيرة عن الدراما المصرية في القنوات السعودية.. هل تصل ...
- مصر.. إعلامي شهير ينتقد قرار رئيس الوزراء عقب إعلان تشكيل لج ...
- إعلامي مصري يدعو للحنين إلى الماضي ومشاهدة الأفلام بالأبيض و ...
- -أحاديث بجانب المدفأة- حول فيلم -الخنجر- من إنتاج RT
- -مئذنة علي-.. روعة العمارة السلجوقية في أصفهان الإيرانية
- د. مرضية سراج.. طبيبة اثرت في ثقافة الاثار والمقاومة
- -إذا كنت لا تتقن الغناء فلا تعاقر الخمرة وتسكر-.. 6 من أشهر ...
- في عيد ميلاده.. قصيدة لافروف -هيئة السفراء- بلسان فنانين وري ...
- لافروف والفن الخفي.. قصة رسومات جمعها دبلوماسي سنغافوري


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - فيديوهات بيني 1993(مايكل هاينكه):الجزء الثاني من ثلاثية برود المشاعر