أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - عصر الاستعمار و الهيمنة ينحسر بشكل مستمر















المزيد.....


عصر الاستعمار و الهيمنة ينحسر بشكل مستمر


آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8288 - 2025 / 3 / 21 - 17:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن التطور العلمي و التكنولوجي الهائل الذي تحقق في العقود الأخيرة أوجد معادلات جديدة تتحكم بالعلاقات بين الدول , هذا التطور أصبح هو المؤثر الأكبر و المتسبب الأساسي في انحسار عصر الاستعمار و الهيمنة بكل اشكالهما , هذه الهيمنة الاستعمارية التي تحكمت في طبيعة العلاقات بين الدول و الشعوب طيلة تاريخ البشرية .
لقد ساهمت ايضا حركات التحرر الوطني في إسراع عملية التخلص من الاستعمار و ذلك بجعل تكلفة فرض الهيمنة الاستعمارية و ديمومتها عالية جدا و لا تتناسب مع ما يمكن أن تكسبه الدول الاستعمارية , لكن تأثير مساهمة هذه الحركات كان عاملا ثانويا في انحسار عصر الاستعمار و الهيمنة .
من المؤكد أن بدون المنفعة الاقتصادية من عملية الاستعمار و الهيمنة تصبح هذه العملية ليست غير مجدية فحسب بل ستكون لا معقولة ايضا .
عبر التاريخ كانت اهداف أي استعمار أو هيمنة تنحصر في ثلاثة غايات :
الغاية الأولى من الاستعمار و الهيمنة : الحصول على المواد الأولية أو المنتجات الزراعية بأسعار متدنية قدر الإمكان .
مع مرور الزمن و حصول القفزات في التطور العلمي و التكنولوجي تراجعت القيمة السوقية لمعظم المواد الأولية كنسبة من القيمة السوقية للسلع المنتجة .
مثال على تدني القيمة السوقية للمواد الأولية , لو حسبنا كلفة كافة المواد الأولية لإنتاج قطعة واحدة من الرقائق الإلكترونية فقد تكون بضعة سنتات لكن القيمة السوقية لهذه الرقاقة قد تكون بضعة مئات من الدولارات , هنا نلاحظ أن قيمة المنتج يعادل الاف المرات قيمة المواد الأولية الداخلة في انتاجه .
مثال أخر , بدالة الكترونية حديثة سعة عشرات الاف المشتركين قيمتها ملايين الدولارات في حين أن اجمالي كلفة المواد الأولية الداخلة في انتاجها بضمنها كلفة الطاقة المطلوبة لصناعتها بضعة مئات من الدولارات , أي ان قيمة المنتج اكثر بألاف المرات من القيمة السوقية للمواد الأولية الداخلة في انتاجه .
يمكن التوصل الى أن القيمة السوقية للمواد الأولية تتدنى بشكل متسارع كنسبة من قيمة السلع المنتجة لكافة انواع السلع و ان هذه الحقيقة لا تقتصر على عدد محدود من السلع .
يعود السبب في تراجع قيمة المواد الأولية الى تصاعد أهمية و قيمة العمل الفكري المتجسد في السلعة , إذ إن قيمة العمل الفكري قد اصبح المصدر الأساسي لتحقيق القيمة السوقية للسلع و ليست المواد الأولية .
لا بد من الإشارة الى أن الثروات الطبيعية كالنفط و الغاز و المعادن الثمينة كالذهب و الماس أو المعادن النادرة ممكن أن تكون ذات قيمة سوقية جيدة لكن ضمن قدر محدود و مؤقت فالتطور الهائل و المستمر في العلوم و التكنولوجية سيجد البدائل بما يخدم الدول المنتجة على حساب الدول صاحبة الثروات الطبيعية .
الغاية الثانية من الاستعمار و الهيمنة : استخدام الأيدي العاملة الرخيصة المتوفرة في المستعمرات أو الأيدي العاملة المجانية كما كان الحال في عصر العبودية .
لقد اضعف التطور العلمي و التكنولوجي بدرجة كبيرة من أهمية الأيدي العاملة الرخيصة , فقد حلت الآلة المتطورة محل عمل الأنسان في الكثير من المجالات , و بذلك تراجعت اهمية ما تنتجه اليد العاملة البشرية .
الغاية الثالثة من الاستعمار و الهيمنة : السيطرة على الأسواق في البلدان الغير منتجة .
ليس صحيحا تصنيف الدول الى صنفين , الصنف الأول يضم الدول المنتجة و الصنف الثاني عبارة اسواق للسلع التي تنتجها دول الصنف الأول , للأسباب التالية :
** كيف تستطيع الدول من الصنف الثاني " دول الأسواق " , دفع ثمن ما تشتريه من سلع أو خدمات من دول الصنف الأول " دول الانتاج " , من المؤكد انها ستعجز عن دفع هذا الثمن بسبب تدني قيمة المواد الأولية التي قد تمتلكها .
** قبل النصف الثاني من القرن العشرين كانت قيمة المواد الأولية كنسبة من قيمة السلع المنتجة اعلى بكثير مما هي عليها الأن لذلك كانت الدول الغير منتجة و التي لديها مواد اولية تستطيع ان تكون سوق لدول أخرى , أما الان فقد تغيرت كل المعادلات التي تتحكم بالأسعار في السوق العالمية , و بالتالي لم تعد الدول الغير منتجة قادرة ان تكون اسواق لدول أخرى .
أما بخصوص ثروة النفط و الغاز فهنالك امرين هامين :
اولا : إن كمية النفط الذي تنتجه حاليا دول منظمة اوبك هي بحدود 25 مليون برميل يوميا و بسعر يتراوح بين 65 دولار و 85 دولار للبرميل , بعملية حسابية تقريبية بسيطة نصل الى ان القيمة السوقية الحالية لأجمالي النفط المنتج من قبل دول اوبك مجتمعة هي اقل من 1 % من اجمالي القيمة السوقية للسلع المنتجة عالميا , هذا يعني أن دول اوبك مجتمعة ممكن أن تكون سوق لأقل من 1 % من اجمالي السلع المعروضة في الأسواق العالمية .
ثانيا : وصول النفط و الغاز للأسواق العالمية له اهمية خاصة و حيوية جدا , لذا فأن اهتمام الدول الصناعية بضمان سلامة منابع النفط و الغاز من التخريب و الدمار المتعمد و ضمان سلامة طرق امداداتهما للأسواق العالمية تقع في قمة أولويات السياسة الأمنية و العسكرية للدول الصناعية , هذا أحد الأسباب وراء وجود اساطيل بحرية للدول الكبرى و بالأخص أمريكا التي لازالت تلعب دور شرطي العالم .
إن حدوث اي اضطرابات و مشاكل في امدادات النفط و الغاز الى السوق العالمية سينتج عنه ازمة في الاقتصادي العالمي الذي اصبح مترابطا و كأنه سوقا عالمية مشتركة واحدة .
من خلال قراءة سريعة للسوق العالمية الحالية نجد ان حوالي 95 % من السلع المنتجة في العالم تستهلك في البلدان المتطورة صناعيا و حصة البلدان الأخرى الغير منتجة هي بحدود 5 % من اجمالي السلع المنتجة عالميا , هذا يعني ان الدول المنتجة اصبحت هي نفسها دول اسواق و بذلك سقطت نظرية وجود صنفين من الدول , دول اسواق و دول انتاج .
باختصار , ان استعمار الدول من اجل الاستفادة من اليد العاملة الرخيصة فيها أو للاستحواذ على المواد الأولية أو لجعلها سوق أخذ يتراجع بشكل مستمر ليصبح من الماضي تدريجيا , خصوصا و العالم على ابواب عصر جديد , عصر الذكاء الصناعي و الروبوتات و سيصبح الحديث عن اهداف و غايات استعمارية لدولة ما حديثا غير واقعيا , و كأنه حديث عن اهداف وهمية لا وجود لها على ارض الواقع .
و عليه , إن لم تكن المنفعة الاقتصادية وراء الهيمنة و الاستعمار عندها لابد من البحث عن سبب معقول أخر , إن لم نجد فأن عصر الاستعمار و الهيمنة في طريقه الى الزوال , و هذا ما سيحدث .



#آدم_الحسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد نو روز في حضارات وادي الرافدين
- ماذا بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا .. ؟ ( 2 )
- ماذا بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا .. ؟ ( 1 )
- لغات حضارات وادي الرافدين ( 2 )
- لغات حضارات وادي الرافدين ( 1 )
- طبيعة الجيوش النظامية و أهدافها ( 2 )
- طبيعة الجيوش النظامية و أهدافها ( 1 )
- إيضاحات من فيزياء الكم
- بعد المجازر في الساحل السوري , سوريا الى أين ...؟
- الأدوات الناعمة لفرض زعامة الغرب على العالم
- نحو عالم متعدد الأقطاب يعزز النهج الوطني للدول ( 2 )
- نحو عالم متعدد الأقطاب يعزز النهج الوطني للدول ( 1 )
- نتائج الانتخابات في المانيا و مسارات التغيير في أوربا
- الترامبية بين الشطحات و العقلانية ( 2 )
- الترامبية بين الشطحات و العقلانية ( 1 )
- سوريا الى أين ...؟
- الترامبية حركة شعبوية أمريكية جديدة ( 4 )
- الترامبية حركة شعبوية أمريكية جديدة ( 3 )
- الترامبية حركة شعبوية أمريكية جديدة ( 2 )
- الترامبية حركة شعبوية أمريكية جديدة ( 1 )


المزيد.....




- ترامب يوجه صفعة لشخصيات مثل كامالا هاريس وكلينتون بمذكرة وقع ...
- ويتكوف: -بوتين صلى من أجل ترامب- عقب محاولة اغتياله
- ألعاب نارية ومشاعل تضيئ سماء كردستان العراق في احتفالات عيد ...
- الحكومة البريطانية ترفع مؤقتا القيود المفروضة على رحلات الطي ...
- ويتكوف: لقاء ترامب وبوتين قد يتم في الأشهر القليلة المقبلة
- -بيلد-: انهيار سلطة فون دير لاين في ظل رئاسة ترامب
- ويتكوف: الحل في غزة يمر عبر نزع سلاح -حماس- وإجراء انتخابات ...
- ويتكوف: الشرع تغير وسوريا ولبنان قد يوافقان على تطبيع العلاق ...
- الذكاء الاصطناعي يرد على مقال -لا تقلل أبدا من شأن السعودية- ...
- السعودية.. فيديو حسرة سائق بعد سرقة -كفرات- سيارته برمضان يث ...


المزيد.....

- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - عصر الاستعمار و الهيمنة ينحسر بشكل مستمر