أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الفتلاوي - فتوى الدفاع الكفائي.. هل كانت الحل الأمثل لدرء فتنة انهيار الدولة العراقية














المزيد.....


فتوى الدفاع الكفائي.. هل كانت الحل الأمثل لدرء فتنة انهيار الدولة العراقية


عقيل الفتلاوي
صحفي وباحث

(Aqeel Al Fatlawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8287 - 2025 / 3 / 20 - 19:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما اجتاح تنظيم داعش أجزاء واسعة من العراق في صيف عام 2014، بدا المشهد وكأن الدولة العراقية على وشك الانهيار. مدن كبرى مثل الموصل وتكريت وأجزاء واسعة من الأنبار سقطت خلال أيام قليلة، فيما تراجعت القوات الأمنية وسط انهيار في المعنويات وسوء في الإدارة العسكرية. كان العراق يواجه أخطر تهديد وجودي منذ تأسيسه، إذ لم يكن سقوط هذه المدن مجرد حدث عابر، بل كان مقدمة لمشروع خطير يهدف إلى تقسيم البلاد وإغراقها في أتون حرب طائفية طويلة الأمد.
في ظل هذا المشهد القاتم، جاء نداء المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، المتمثل في فتوى الدفاع الكفائي، ليكون نقطة تحول جوهرية في مسار الأحداث. أطلق المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، في خطبة الجمعة يوم 13 حزيران/يونيو 2014، دعوته إلى العراقيين القادرين على حمل السلاح للانخراط في صفوف القوات الأمنية، دفاعًا عن الوطن والمقدسات. لم تكن الفتوى مجرد بيان ديني، بل كانت استجابة سريعة ومسؤولة لواقع يهدد كيان الدولة العراقية برمته.
لم تمضِ أيام حتى تدفق الآلاف من الشباب إلى مراكز التطوع، حيث تشكلت نواة قوات الحشد الشعبي التي أصبحت لاحقًا جزءًا مهمًا من منظومة الدفاع العراقية. لم يكن هؤلاء المتطوعون مجرد أفراد يحملون السلاح، بل كانوا ممثلين لروح المقاومة المجتمعية ضد مشروع تدميري أراد تحويل العراق إلى بؤرة للصراعات الطائفية والإرهابية. لقد منحت الفتوى بعدًا معنويًا كبيرًا في لحظة كان اليأس يسيطر فيها على الشارع العراقي، وأعادت الثقة بإمكانية التصدي لهذا الخطر الداهم.
لكن السؤال الذي طرحه البعض حينها: هل كانت هذه الفتوى الحل الأمثل لتجاوز الأزمة، أم أن هناك بدائل أخرى؟ للإجابة عن ذلك، لا بد من النظر إلى السياقات الأمنية والسياسية التي أحاطت بالبلاد في ذلك الوقت. كانت المؤسسات الأمنية مفككة، والتدخلات الخارجية تلقي بظلالها على المشهد، فيما كان العراق يفتقر إلى جيش قوي قادر على المواجهة. لذلك، لم يكن أمام المرجعية الدينية سوى اتخاذ موقف سريع يوقف هذا الانهيار، ومن هنا جاء الدفاع الكفائي كضرورة تاريخية وليس خيارًا يمكن تأجيله.
لم تقتصر أهمية الفتوى على البعد العسكري فقط، بل أسهمت في توحيد صفوف العراقيين في مواجهة خطر مشترك، بعيدًا عن الانقسامات السياسية والمذهبية التي حاولت بعض الجهات تأجيجها. كما أن المرجعية أكدت منذ اللحظة الأولى أن هذا الدفاع ليس دعوة للحرب الطائفية، وإنما لحماية جميع العراقيين، بغض النظر عن انتماءاتهم. حتى أن السيد السيستاني شدد في أكثر من مناسبة على ضرورة التزام المتطوعين بضوابط الحرب وعدم التعدي على الأبرياء أو التورط في انتهاكات، وهو ما جعل الفتوى تحافظ على بعدها الإنساني والأخلاقي.
في المقابل، لا يمكن إنكار أن الفتوى وما تبعها من تشكيل الحشد الشعبي أثارت بعض الجدل، خصوصًا من ناحية العلاقة بين هذه القوات والمؤسسات الرسمية، ودور الفصائل المسلحة في المشهد السياسي بعد انتهاء الحرب على داعش. ومع ذلك، فإن الفتوى في حد ذاتها لم تكن دعوة لتشكيل كيان موازٍ للدولة، بل كانت حلاً ظرفيًا فرضته الظروف الطارئة، وقد أكدت المرجعية مرارًا على ضرورة دمج المتطوعين في المؤسسات الرسمية وعدم استغلال تضحياتهم لتحقيق مكاسب سياسية.
اليوم، وبعد مرور أكثر من عقد على صدور فتوى الدفاع الكفائي، يمكن القول إنها لعبت دورًا محوريًا في إنقاذ العراق من مصير مجهول. فبفضلها، استعاد العراقيون زمام المبادرة، وتم تحرير الأراضي التي احتلها داعش، وعاد شيء من الاستقرار إلى البلاد. ورغم كل التحديات التي واجهتها البلاد بعد ذلك، إلا أن هذه الفتوى ستظل واحدة من المحطات التاريخية التي أثبتت فيها المرجعية الدينية في النجف الأشرف أنها ليست مجرد مرجع روحي، بل قوة وطنية تعمل على حماية العراق من الفتن والمخاطر التي تهدد وجوده.



#عقيل_الفتلاوي (هاشتاغ)       Aqeel_Al_Fatlawy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعًا يا أبا حمزة صوت العزة الذي لن يصمت
- هل العالم على أعتاب حرب عالمية ثالثة الشرق الأوسط ساحة الصرا ...
- هل تصبح إسرائيل جارة للعراق
- التحركات العسكرية الأمريكية بين التمويه والإستراتيجية الخفية
- إغلاق قناة -الحرة : قراءة في الدوافع والتداعيات
- التطهير العرقي في سوريا
- ترامب وسياسة العقوبات وتأثيرها على الاقتصاد العراقي والعلاقا ...
- الأمطار الأخيرة في محافظات العراق تكشف هشاشة البنية التحتية. ...
- توظيف الذكاء الاصطناعي في الكتابات الصحفية: ثورة في عالم الإ ...
- الساحل السوري بين نيران الفوضى وشبح الإبادة الجماعية
- العراق وأزمة الغاز الإيراني: بين الضغوط الأمريكية وخيارات ال ...
- وجع المعدان.. ( الآهات السومرية )
- شلع # قلع
- حداد على وطن خانه الجميع
- جاذبية نيوتن .. وجاذبية ارض كربلاء ..
- ,, ليلة الحادي عشر من محرم ليلة عصيبه على عقيلة بني هاشم ,,.
- الغباء السياسي


المزيد.....




- هوية مشتبه به بقتل فتاة جامعية يكشفها تحليل DNA قرب سريرها
- الإمارات الأولى عربيا ولبنان الأخير..قائمة الدول الأكثر سعاد ...
- فيديو يُظهر حريقًا هائلاً قرب مطار هيثرو بلندن
- تونس: إقالة رئيس الوزراء كمال المدوري وتعيين سارة الزعفراني ...
- ما قد لا تعلمه عن صدام حسين.. ملخص سريع بذكرى غزو العراق
- الجيش السوداني يسيطر على القصر الرئاسي في الخرطوم (صور+فيديو ...
- اكتشاف علمي جديد بشأن الطاقة المظلمة يتناقض مع نظرية النسبية ...
- تونس.. سعيد يعفي المدوري من رئاسة الحكومة ويعين سارة الزعفرا ...
- ترامب يتهم - نيويورك تايمز- بتلفيق خبر حضور ماسك لإحاطة بالب ...
- المكسيك.. مصادرة أطنان من الكوكايين في مياه المحيط (فيديو+صو ...


المزيد.....

- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الفتلاوي - فتوى الدفاع الكفائي.. هل كانت الحل الأمثل لدرء فتنة انهيار الدولة العراقية