|
أين يلتقي الماركسيون العرب والسلفية الاسلاموية
لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل
(Labib Sultan)
الحوار المتمدن-العدد: 8287 - 2025 / 3 / 20 - 17:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
1. نقطة اللقاء من يدرس الواقع السياسي الاجتماعي للعالم العربي يجد من بين امور كثيرة تسود المنطقة كالطغيان السلطوي ونظم الاستبداد السياسي وتفشي الفساد والاستبداد الحكومي والتخلف الاقتصادي والانتاجي والعلمي والثقافي التسلط الاجتماعي وغياب شبه كامل لمفهوم الانسان بحقوقه وحرياته ، واضطهاد المرأة والاقليات ، وغيرها من علائم التخلف وهي كثيرة جدا وتجدها في كل صوب ومنحى وحيثما نظرت. بحثت . وفي التحليل النهائي لأهم سبب لكل الظواهر اعلاه يمكن وضع فشل المجتمعات العربية في الاخذ بنموذج الدولة الديمقراطية الحقوقية ، والحكومة المنتخبة الخدمية الكفوءة اللتان اصبحتا نموذجا مترسخا لشكل الدول ونظم حكمها في كل اجزاء المعمورة تقريبا ، وهذن اتت كبديل لنموذج الدول المؤدلجة الديكتاتورية ونظم حكمها القامعة المستبدة. نعم ، اننا نعيش اليوم في عالم تسوده نموذج الدول الديمقراطية الحقوقية ، بتنوع درجات تطورها طبعا ، ومفهوم الحكومة الخدمية الكفوءة المنتخبة ديمقراطيا . تجده في كل دول العالم تقريبا ، ولكن لا تجد له اثرا في اهم واكبر الدول العربية ومجموعة صغيرة جدا من الدول الديكتاتورية ( منها روسيا وبيلاروسيا والصين وكوريا الشمالية من الدول ذات الاهمية، رغم ان الصين التي انفتحت على العالم اقتصاديا وتبنت السوق الحر الرأسمالي ونجحت اقتصاديا ولكنها لم تنفتح سياسيا وفشلت في تبنى المنهج الديمقراطي الحقوقي التعددي وللتعامل مع شعبها وفق احترام حرياته). وعدا الظواهر البارزة اعلاه في المنطقة ، توجد ظاهرة اخرى هامة وغريبة ، لا تجدها في اي بقعة اخرى في دول العالم ، عدا ربما الديكتاتورية اعلاه ، ويمكن ملاحظتها بسهولة في المنطقة العربية، الا وهي ظاهرة التقاء ثلاثة مدارس فكرية مختلفة ، شكلت عادة محوري اليمين واليسارفي العالم وتجدها دوما متضاربة في خطاباتها، ولكن تجدها في منطقتنا تتوحد بخطاب موحد تحت عنوان كبير هو "المعاداة لحضارة الغرب" ، هكذا تدعى ولكن واقعا يقصد بها الاسس والمبادئ الديمقراطية والحقوقية التي تقوم عليها الحضارة المعاصرة ، والتي نشات في الغرب الاوربي ولكن يمكن تسميتها اليوم واقعا " العالمية" كونها سادت العالم من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه رغم نشأتها من الغرب الاوربي منذ عصر التنوير الاوربي في تحرير العقل والانسان ليعي ويبني حقوقه وشكل نظم الحكم التي تضمن هذه الحقوق وتطبقها في الحياة. وامتدت هذه الاسس في القرن العشرين لتصبح نموذجا لاغلب دول العالم ومنه تصح تسميتها "بحضارة العالم المعاصر" باسسها التي يمكن اختصارها بثلاث مصطلحات :نظم الحكم الديمقراطية ، حقوق المواطنة المتساوية ، والحريات العامة لشعوبها، وهي نفس الاسس التي اتت بها الحضارة الاوربية " الغربية" من ناحية الجذور والمنشأ والممارسة. هذه الاسس والحضارة تختصرها الايديولوجيات الثلاث في المنطقة العربية بمصطلح " حضارة الغرب الزائفة" وتقول للناس يوميا ان ديمقراطيتها مزورة وحرياتها شكلية وزائفة وحقوق الانسان التي يتشدق بها الغرب ليست الا تجارة منافقة يروجها الغرب لخداع شعوبه داخليا ويستخدمها خارجيا ليقوم بالتدخل في شؤون الدول والشعوب تمهيدا لغزوها امبرياليا للاستيلاء على ثرواتها . هذا ما تعودت المنطقة على سماعه يوميا منذ منتصف القرن الماضي ولا زال لليوم، ولكن وخلال نفس هذه الفترة تبنت اغلب دول العالم هذه المفاهيم الاساسية لبناء دولها ونظمها الحاكمة ودخلت التحضر من بابه الاوسع وحصدت مكاسب عظمى ساهمت بانجاز قفزات كبيرة في تطورها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والاداري والتعليمي والخدمي والثقافي ،ووفرت استقرارلمجتمعاتها واطلقت له حريات الرأي والنقد والاعلام ، ووفرت لكل انسان في هذه الدول احترامه واحترام حقوقه بضمانات قانونية وحصانة دستورية لحقوقه وحرياته. وبعكس هذه الحركة الواسعة في العالم لتقبل فكر ومنتجات عصر النهضة والتنوير الاوربي، تجد في منطقتنا قداجتمعت المدارس الايديولوجية الثلاثة الماركسية العربية " واسمها الصحيح الماركسية السوفياتية" والقومجية العربية والسلفية الاسلاموية على معاداتها من خلال نقطة لقاء غريبة موحدة يطرحها الثلاثة للجمهور العربي الواسع بانها تمثل ثقافة وحضارة " الغرب الامبريالي العدواني" الذي يتربص ببلداننا العربية والاسلامية، وتكرر يوميا بان كل اسس هذه الحضارة كاذبة ومزورة وعدوانية ، فلا حقوق انسان ولاديمقراطية ولاحريات ولاهم يحزنون،جميعها كاذبة وزائفة وتستخدم لخداع شعوبها ( المسكينة طبعا فهي امية ولاتقرأ ولاتكتب ولا علم لها ولا معرفة كون الاخيرة مكورة محصورة في عقول مؤدلجينا العرب سوفياتيا ومعممينا الاخونجية) ، وان ترويج مفاهيم هذه الحضارة في المنطقة تخدم الغرب اساسا وضد مصلحة شعوبنا ، فهي وسيلة للغزو والسيطرة الغربية على دولنا ومقدراتنا ، هذه هي قصة الحضارة الغربية التي يسمعها الجمهور منذ نصف قرن تقريبا او اكثر في المنطقة وتتردد كل يوم على السن المؤدلجين المناضلين والمعممين المتقين سواء بسواء. بينما خلال هذه الفترة حققت الشعوب قفزات كبيرة بتبني المفاهيم الاساسية لهذه الحضارة التي وقفت وراء نهضة و تطور دولها وعمرانها وحياتها الثقافية والاقتصدية كما نراه مزدهرة اليوم ، بينما عندنا هي مذمومة منبوذة وغازية وامبريالية كما تطرحها الايديولوجيات الثلاث . لم يجتمع اليمين اليسار معا في اي بقعة في العالم الا نادرا، كما اجتمعا في منطقتنا دائما في نقطة لقاء بمعاداة اسس ومفاهيم الحضارة الغربية. فاليسار الوطني والمدني يقف معها بقوة كمنهج لتحرير العقل والانسان، واليمين الديني يجابهها كونها تقوض اسس الفكر الغيبي والحكم التسلطي باسم الدين والاعراف والتراث، ولكنهما عندنا اجتمعا معا احدهما يسميها فكر البرجوازية والامبريالية والاخر يسميها الالحادية الاستعمارية الكافرة. تلك هي نقطة لقاء اليسار الماركسي العربي واليمين الاسلاموي السلفي. انها قطة لقاؤها المشترك والتي ادت بترجمتها الواقعية لابعاد منطقتنا وشعوبنا عن حضارة العالم المعاصر، او بمعنى اخر، ادت لابقاء المنطقة بعيدة عن حضارة العالم المعاصر ومرتعا للنظم الديكتاتورية وتغول افكارالسلفية. والسؤال الذي يطرح نفسه : كيف يمكن تفسير ان يقف اليسار الماركسي العربي مع اليمين الاسلاموي القومجي العربي بنفس المعسكر المعادي لقيم ومفاهيم الحضارة الغربية التي اصبحت واقعا عالمية ؟ تجد مبادئها ووسائلها وقيمها تسود من اقصى جنوب القارة الافريقية واللاتينية والى شرق القارة الاسيوية وصولا للشرق اوربية من منشأها غرب القارة الاوربية ،ومن التحالف اعلاه بمعاداتها لم تطأ لليوم المنطقة العربية بقيت معزولة منكوبة متخلفة مبتلية بنظم القمع والديكتاتورية التي ساهمت باقامتها هذه الايديولوجات الثلاث بعد اقامتها اسوارا وسدودا عازلة حاجزة حول المنطقة ومنه بقيت متخلفة متأخرة وواقعا منكوبة . لابد من فهم كنه وجوهر وجذور هذا اللقاء وهذه الظاهرة الغريبة ، ولسبر غور امرها دعونا اولا نفهم ونقارن الفرق بين نفس هذه التيارات عندنا وعما هي عليه في العالم، فمنه يمكننا الخروج ببعض النتائج لفهم هذه الظاهرة العجيبة. 2. بماذا وكيف نختلف عن العالم لو تم فحص نظام اية دولة مستقرة في العالم اليوم ستجد انها تتبنى اهم مفهومين اتت بهما الحضارة المعاصرة (الغربية) وهما نظم الحكم الديمقراطية وقوانين تضمن حقوقا وحرياتا لمواطنيها ولمجتمعها من ضمنها حرية الاعلام والرأي وتشكيل الاحزاب والتجمعات الفكرية والعقائدية ، فهذه تضمن استقرار الحياة السياسية والاجتماعية ، ومنها تفسح الحيز للتطور الاقتصادي والاغناء الثقافي للدولة وللمجتمع بكل تفرعاته وتنوعاته. وكذلك ستجد ان الاحزاب والحركات الفكرية السياسية فيها تنقسم بين تيارين واسعين اليسار ( الوطني الليبرالي، والاشتراكي الديمقراطي الماركسي الخ) ، واليمين ( عادة القومي والديني الخ) ،وبينهما تيار مستقل يعمل كوسط او خليط بينهما يسعى كل منهما لكسبه لجانبه ، وهذه تقريبا نفس التيارات في العالم العربي ممثلة للاستقطابات الفكرية والعقائدية في المجتمعات المعاصرة ( مع فرق ففي العالم العربي يختفي تقريبا التيار الوطني التحرري او اللببرالي والاشتراكي الديمقراطي ومنه بقيت تيارات ايديولوجية ثلاثة ماركسي وقومي وديني). ولكن مع حدة الاستقطابات والخلاف العقائدي والفكري بين احزاب اليمين واليسار في كل دولة في العالم، تجد هناك ما يوحدها ويمثل اجماعها وهو التمسك بأهم مبدئين اتت بهما الحضارة الغربية في ادارة الدولة ، هما الاخذ بالنظم الديمقراطية، والتمسك بالحريات العامة والحقوق المتساوية المكفولة للمواطنين بقوانين اساسية مثبتة في دستور هذه الدول. ولو طفت بين دول العالم من الارجنتين والبرازيل الى جنوب افريقيا والسنغال والى ماليزيا والهند وكوريا وتايلند وتايوان واليابان، فلن تسمع خطابا، لا من اليمين ولا من اليسار ، يشكك ويطعن باسسها كالتي يسمعها المواطن العربي وترددها الاسطوانة العدائية لحضارة الغرب بانها مزورة وكاذبة من اليمين واليسار ، بل عكسه في العالم، التمسك بها من اليمين واليسار معا كونها تشكل ضمانة للجميع كي لايستأثر اي منهما بالسلطة ليقيم نظاما ديكتاتوريا قمعيا للمناوئين ،ومنه ترى الالتفاف والاجماع على أهم اسس الحكم في الحضارة الغربية ولا تسمع انها مبادئ تضليلية غربية تغريبية وكاذبة هدفها التضليل للسيطرة الامبريالية لخداع شعوبنا ولنهب ثرواتنا وغيرها مما يسمعه المواطن العربي كل يوم وكل ساعة من خطابات وطروحات الايديولوجيات الثلاث. وهناك ظاهرة مشتركة اخرى هامة جدا وملفتة لممارسة السياسة لاحزاب اليسار او اليمين في دول العالم، ان طروحاتها تحمل خطابا داخليا وطنيا بحتا ولا تتطرق لسياسة خارجية مناوئة او مؤازرة للغرب والامبريالية الا نزرا وبما يؤثر مباشرة على مصالحها الحيوية الوطنية، فتغيب نبرة الايديولوجيا ،كما هو دارجا في الخطاب السياسي العربي ، وتحل محلها لغة المصالح والخدمات ( تجد اغلب الخطاب اليساري الماركسي العربي متوجها من بدايته ادانة مؤامرات الامبريالية والنيوليبرالية والليبرالية العالمية لاشغل ولا عمل لديها غير التآمر على الامة العربية وترجع لها اسباب التخلف والبطالة والفقر وسوء الادارة والقمع والفساد الخ مما يسمعه الناس يوميا ،فهي المسؤولة عنه ) . تجد عكسه في دول العالم ان خطاب الاحزاب مكرسا اساسا لمعالجة القضايا الداخلية التي يجابهها الناس وطرح برامج وحلول واقعية لها تمثل وجهة نظر وبرنامج اليسار او اليمين الاجتماعي، وغالبا ما تركز على تطوير الاقتصاد ورفع مستوى المعيشة اضافة لقضايا توسيع دائرة الحقوق والحريات وبرامج الكفالة الاجتماعية، وتتبارى كل منها يحاول اقناع السكان ان حلوله هي الافضل لهم ويطلب وقوفهم معه وانتخابه لتحقيقها في الواقع. لا تجد مخاطبة السكان مثلا ان مشاكلهم سببها خارجي بل تحدده داخليا ، وليس بالتبشير الدولي المؤدلج ان سببها اميركا عند اليسار او الاتحاد السوفياتي عند اليمين ، كما في العالم العربي، فهذه المخاطبة المؤدلجة يرفضها الناس كونها لا تمثل لهم حلا ومعاداة الامبريالية لا تجلب لهم الخبز او الحرية او التخلص من فساد السلطات وتعسفها. وحتى الحكومات المنتخبة في العالم يمينا او يسارا فهي تسلم امر ادارة شؤونها الخارجية لوزارة اولمؤسسة الامن القومي لادارتها وفق المصالح الوطنية العليا للدولة والمجتمع فقط وليس لاعتبارات ايديولوجية يفرضها حزب فائز من اليمين اواليسار، فالسياسة الخارجية محكومة بتعظيم مصلحة الدولة ومصلحة المجتمع وخاضعة لتقييم الاعلام والرأي العام والبرلمان يمنع وضع مصلحة ايديولوجية فوق المصلحة الوطنية العليا في علاقاتها الدولية، فمهمتها تعظيم مصالح دولها وشعوبها وليست مواقف مؤدلجة تضر بها. ولو قارنا الخطاب السياسي الشعبي في منطقتنا لوجدت ان المواقف المؤدلجة الخارجية تشكل على الاقل ثلاثة ارباع الخطاب السياسي للاحزاب العربية اليمينية واليسارية معا ( عادة تبدأ بعزف ادانة النهج الامبريالي العالمي واضيف لها لاحقا النهج النيوليبرالي ومخاطر العولمة والقطبية وتنتهي بادانة عدوانية اميركا والغرب الامبريالي وتآمره على قضايا شعوبنا وامتنا العربية الاسلامية ، ويتم بشكل مختصر تناول القضايا الداخلية التي تخلوا عادة من حلول وبرامج ملموسة، بل تأتي مقتصرة على شعارات ومطالبا، فالاهم ان تضع اسبابها على الامبريالية ، ومنه يخرج المواطن العربي بحل هو ان لا حلول لمشاكله قبل الانتصار على الامبريالية والصهيونية ، ولن تقوم لشعوبنا قائمة قبل الانتصار عليهما ، فهي الداء وهي التي تقف وراء كل مشاكل مجتمعاتنا ودولنا وتخلفنا وتأخرنا، ومنه تكتسب اهمية قصوى مجابهة المخططات الامبريالية ، وافشال المؤامرات التي يحيكها الغرب والصهيونية...والخ. تسمع هذه القوانة من الانظمة الديكتاتورية ، ومن المعممين على منابر الجوامع والحسينيات ،وملتحي الدواعش ، كما وتسمعه ومن موميات الناصرية والبعثية ببدلات عسكرية، وتسمع نفس هذا الخطاب من الافندية مثقفي الماركسية السوفياتية العربية . وللامانة التاريخية ، ان الفئة الاخيرة هي التي قادت هذا الخطاب في المجتمعات العربية ومنه تتاغمت السلفية ووجدته النظم البعثية والناصرية مفيدا لتغطي على قمعها وفشلها. ولو فحصنا بدقة خطاب هذه الايديولوجيات الثلاثة ستجد ان الخلاف يقتصر على التعابير، مثل استبدال مصطلح الامة العربية بالاسلامية، ونضال الطبقة العاملة ضد الامبريالية عند الماركسيين الى نضال جماهير الامة العربية ضدها عند العفالقة والناصريين، والى الى جهاد الامة الاسلامية ضد الغرب الكافر، ودونها فالخطاب بينهم موحد بداية ومحتوى ونهاية يحمل نفس الدعوة لمحاربة فكر ومنهج الحضارة الغربية والديمقراطية ويضع اللوم على الغرب لتخلف شعوبنا، وليس على التخلف الفكري والحضاري لها طبعا. كيف اجتمع اليمين واليسار في العالم العربي معا بنفس الخطاب ونفس الموقف العدائي من الحضارة الغربية ( واليوم هي العالمية واقعا)؟ وكيف اصبح تقليدا ان فاتحة خطابها ادانة لسياسات الامبريالية في العالم وخاتمته واحدة ، ومحتواها ان الغرب يتربص بنا ويحذر من مؤامراته ، وما شعاراته وادعاءه بالديمقراطية وبحقوق الانسان سوى كذبا وتضليلا ،بل انها الغطاء للتآمر الغربي الامبريالي على منطقتنا (الرافهة المرفهة والغرب يسعى لتدميرها)، وكيف اجتمعت موحدا بوضع ازر وسبب تخلفنا عليها يتكرريوميا في خطاباتها وطروحاتها؟ هذا سؤال يجرنا الى البحث اعمق في الجذور والاصول لهذه الظاهرة تحت. 2. لماذا نختلف مع العالم يضع اليسار الماركسي العربي ان هناك سببان لتخلف المنطقة هما الاسلام السلفي والامبريالية. فالاسلام دين البداوة ويسيطر على وعي الناس ويشكل ثقافتهم ومفاهيمهم الاجتماعية والتي تعود باصولها لالف وخمسمائة عام ، وهو ما يمنع التحضر والتقدم في المنطقة ، وهو امرا محقا دون شك،ولكن نفس هذا اليسار الماركسي الذي يتهم السلفية انها تعادي التحضر ، يتبنى هو نفسه الخطاب والطروحات المعادية للحضارة الغربية ، مكررا كالببغائية الاصل في التنظير من المصدرالسوفياتي ذو النمط الديكتاتوري التسلطي باسم الطبقة العاملة بمعاداة نفس هذه الحضارة الديمقراطية التي تعاديها السلفية الاسلاموية. بل ولدقة تاريخية اكثر، كانت له الريادة في الترويج الشعبوي الواسع في المنطقة قبل بزوغ قوة وانتشار فكر وثقافة التيار السلفي منذ الثمانينات ، مروجا ان ديمقراطية الحضارة الغربية مزورة وحقوق الانسان كاذبة وحرياتها مزيفة وانها حضارة تخدم الطبقة البرجوازية الحاكمة وانها اساسا خادعة لشعوبها مضللة للطبقة العاملة والخ ،وهو نفس خطاب السلفية الاسلاموية تقريبا التي تتقول بنفس المقولات . ولم يسأل الماركسيون العرب انفسهم يوما الا يوجد خطأ في لقاء الخطاب هنا ؟ لم يسأل احد منهم هذا السؤال. واقعا حصر التيار الماركسي العربي مهمته في ترديد ببغائي للخطاب السوفياتي المعادي لحضارة الغرب لاسبابه الخاصة الامبراطورية في صراع الحرب الباردة الامبريالية وتبنى الطروحات السوفياتية انها هي الماركسية ومنه ساهم مع السلفية في خلق حاجز ثقافي ونفسي وفكري وحجب شعوب منطقتنا وعزلها عن مفاهيم الفكر الحقوقي الديمقراطي الذي قامت وتطورت على اسسه الحضارة الغربية المعاصرة ، وهي اساسا فكر يساري تحرري من سطوة الاديان والسلفية والطغيان ، بدأت جذوره منذ عصر التنوير، ومنها خرجت مدارء الليبرالية والاشتراكية والماركسية لتعمل في جو الحريات والديمقراطية ، واقامت دولها ونظام ادارة مجتمعها على اسسه وفتحت افاق التحضر لعصر جديد للانسانية يسير بمنهججها التحرري، منهج اليسار بوضع حقوق الانسان والمجتمع وحرياتهما اسس الحكم والسلطة ويخرجها من يد الحكم التسلطي للاباطرة والسلاطين واليوم من الديكتاتوريين ، ويأتيك من يدعي انه مثقف يساري ماركسي ( وواقعا هو ببغائي سوفياتي الصنع والانتاج ) يردد اقاويل الديكتاتورية الشمولية السوفياتية ولايعي او يخجل ان يقف مع اصحاب اللحى ، ومع منظري الديكتاتوريات القمعية البعثية والناصرية ، بل اعتبره انتصارا له انه كسبها لمجابهة الامبريالية وفق الوصفة السوفياتية. انه يدعي اليسار وواقعا قام بقيادة خلق حاجز فكري مع هؤلاء في مجتمعاتنىا ووصف هذن الحضارة اليسارية انها كاذبة وزائفة وعدوانية ومنافقة وغير اخلاقية والخ من هذه الالقاب، يسمعها الناس من اليساري الماركسي العربي كما ومن الملتحين والمعممية من السلفية الاسلاموية وبنفس الموقف والعداء من الحضارة العقلية الاوربية المنشأ االحقوقية المنهج والافاق. واذ ان الحركات السلفية تستفيد من الفرق الهائل في النفوذية الاجتماعية لايصال مفاهيمها السلفية المترسخة تاريخيا من خلال الدين وشبكة تضم الافا بل عشرات الالاف من الجوامع والحسينيات بمعمميها تخاطب الناس من خلالها بما هو مألوف لها دينيا غيبيا ليصبح سياسيا لتوظفه ضد حضارة الغرب العقلية الحقوقية، بينما على العيار الماركسي العربي ان يجهد ليكسب رفيقا واحدا ،ثم يجهد ليلقنه مبادئ السوفيت في معاداة مفاهيم حضارة الغرب الاوربية (تحت باب معاداة الامبريالية كما يطرحها السوفيت ولكنها واقعا هي معاداة نظام ديكتاتوري لفكر الحريات والديمقراطية ) ليلتقي في ترديدها مع القومجية والسلفية ، والنتيجة اشتراك اليسارية الماركسية العربية والقومجية والسلفية الاسلاموية في عزل منطقتنا عن حضارة العالم ومفاهيمه التحررية ، ومنها ترى تصاعد دور السلفية باستمرار ، وتراجع المنطقة المستمر للوراء ، يقف اليسار واليمين معا بخطاب ذو جوهر واحد بمعاداة الحضارة الغربية وتجلياتها الديمقراطية والحقوقية والثقافية الانفتاحية على العالم كما نراها في بقية دول العالم النامي اضافة للمتقدم. نحن جزيرة متخلفة منعزلة عن العالم يلتقي فيها اليسار واليمين على معاداته. ولو قمنا بتحليل اعمق لهذا القضية المتناقضة ( اي ان تدعي انك يساريا وبنفس الوقت تعادي الحضارة العقلية الاوربية تحت مسمى مجابهة الامبريالية الغربية وهو نفس الخطاب تماما للاصولية الاسلاموية) والرجوع للجذور لوجدنا انها تعود للخطاب والتأثير الايديولوجي الكبير للسوفيت في المنطقة ودور اليسار الببغائي لطروحاته التي حولت وحصرت دور اليسار الماركسي العربي لمقارعة الغرب الامبريالي لتكون هي المهمة الاساس له في المنطقة ، اما نظمم الديمقراطية والحريات وحقوق انسان فهي هرطقة غربية كاذبة ومفاهيم برجوازية تستخدمها الامبريالية كأدوات لخداع الشعوب. اصبحت هذه القوانة الاسطوانة الشغل الشاغل والمهمة الاساس للاحزاب الماركسية والشيوعية العربية، ان مهمتهم بالاساس هي خارجية ، لمواجهة الامبريالية الاميركية، ومن هذا الاساس انطلقوا وبرروا توجيه السوفيت لهم، للتحالف مع ناصر ومنه انتقلت هذه القوانة ليرددها القومجية الناصرية الاشتراكية والبعثية التي اصبحت نظمهم الديكتاتورية القمعية تقلد النظام السوفياتي وتردد بالاشتراكية وتحالف العمال والفلاحين ، كما رأينا خلال الستينات والسبعينات ، محتفلين باقامة جبهة واسعة مناوئة للامبريالية مع نظم ديكتاتورية قمعيةلناصر وصدام واسد ، ولم تسمع طوال هذه الفترة من تقول من الماركسيين العرب بالديمقراطية والحريات كمسائل اساس يطرحها اليسار لتطور دولنا ومجتمعاتنا، بل تسمع عن الانجازات التقدمية لهذه لنظم الديكتاتورية لمجرد قربها من السوفيت لاغير ، وانضم للجوق لاحقا السلفية الاسلاموية بعد صعودها من فشل القومجية في ترديد نفس هذه القوانة بالوقوف امام الغزو الفكري الغربي للديار الاسلامية للقضاء على الاسلام . وباجتماع هذا الخطاب الموحد للقوى الثلاث اصبح منذ ذلك الوقت خطابا جيناتيكيا يتولد اوتوماتيكيا جينيا لدى هذه الايديولوجيات الثلاث في المنطقة . ولعل من نقاط التناقض ايضا في طروحات وممارسات اليسار الماركسي العربي انه يرفع شعارات المطالبة بالحريات والديمقراطية ليميز نفسه عن القومجية والسلفية ، اوعندما يتعرض لقمعها الديكتاتوري، ولكنه سرعان مايناقضها واقعا بترديد القوانة السوفياتية ان ديمقراطية الغرب مزورة وحرياتهم كاذبة وادعائهم بحقوق الانسان تجارة ..الخ..ويكفي ان النظم القومجية الديكتاتورية تسخر من مطالباتهم بالحريات والديمقراطية قائلة لهو "نقيمها متى ما اقامها الاتحاد السوفياتي " وعلاقاتنا مع السوفيت متينة ونحن لسنا اقل منهم ديمقراطية ونظامنا بقيادة حزب ثوري قائد مثلهم، فما بالكم تطالبونا وهو لايطالبنا ، وانتم بنفسكم لاتطلبون منه مما منا طالبون. لا بد ان نتوقف عند ظاهرة توضح الفرق بين طروحات الماركسيين العرب والماركسيين في اغلب دولا العالم الذين توقفوا عن عزف القوانة السوفياتية ، وتجدهم يلتفون ويدافعون عن الديمقراطية ومؤسساتها في بلدانهم ولايتهموها انها مزيفة وكاذبة ،بل ونشاطهم يتجه لتعميق الديمقراطية والحريات وطرح برامج لها وللعدالة الاجتماعية لصالح الطبقات الفقيرة من خلالها، اي انها جمعت الماركسية والديمقراطية وتخلت عن القوانة السوفياتية الدعائية ضد الديمقراطية في مجتمعاتها. لم يع الماركسيون العرب هذه الحقيقة لليوم، وبقوا يرددون نفس القوانة السوفياتية بالامس وهي نفس الدعاية البوتينية اليوم ، يرددونها كالببغائية حول حضارة الغرب، ومنه التناقض الفاضح بين طرح شعار تطالب الديمقراطية والحريات بيد والاخرى تعزف للجمهور سمفونية انها في حضارة الغرب كاذبة ومزورة وخادعة للشغيلة ، ولا احد يعلم كيف يمكن ان يفسر المرء هذه الشعوذة ان تدعو شعبك للمطالبة بالحريات والديمقراطية وانت تلعنها انها كاذبة ومزورة حيثما هي قائمة وفاعلة في العالم ، وخصوصا في الغرب ، حيث هو موطنها وتحرير العقل والانسان منذ عصر التنوير. انها حقا شعوذة سياسية وفكرية لامثيل لها والدليل عليه تطابقها مع خطاب وطروحات النظم الديكتاتورية القومجية والحركات الاسلاموية السلفية.
4. حان وقت الاصلاح والانفتاح لقد حان الوقت ليراجع التيار الماركسي العربي التخلص من هذه الشعوذة المنافقة المتناقضة وتلاقيه مع التيار السلفي بنفس الخطاب ، اليس هو ان تدعو للصلاة وانت تلعن المصلين، ترفع شعارا بالديمقراطية والحريات انت تلعنها في خطابك وتردد نفس خطاب السلفية للناس انها حضارة مزيفة سافلة . حان الوقت للتخلص من هذه الشعوذة الغريبة، لِمَ لا يأخذ ماركسيونا من الاحزاب الشيوعية في فرنسا وايطاليا واسبانيا مثلا ويتبنون ان الديمقراطية والحقوق والحريات في الغرب هي مكاسب للشغيلة كما هي لكل شعوبها وتنهي الاسطوانة السوفياتية الديكتاتورية ، ويراها العالم في اخر بقاياها لليوم في كوريا الشمالية مثلا. لابد للتيار الماركسي العربي لتخلص من هذه الشعوذة الفاضحة وان يخطو ليقوم بما قامت به اغلب الاحزاب والحركات الماركسية والاشتراكية في العالم ، بتبني نظم الديمقراطية والحريات الغربية وان مهمتها مجابهة الرأسمالية وزيادة وزن برامج العدالة الاجتماعية من خلال برلمانات هذه النظم الديمقراطية وطرح وتمرير برامج لتحسين ظروف عيش الطبقات الفقيرة، اي مايمكن تسميته نهج دمقرطة الماركسية ، وابعادها عن فكر وممارسة الديكتاتورية المؤدلجة سوفياتيا ، فالشعوب كما وحركات اليسار تعي ان ممارسة الحقوق والحريات الديمقراطية وتعميقها خير من طروحات ايديولوجية تقيم نظما ديكتاتورية تحت شعارات ماركسية. ان على اليساريين العرب الانفتاح على العالم وحضارته بمفاهيمها واسسها وتجاربها الديمقراطية والاصلاحية ، لا سبها وشتمها وتشويهها تحت مسميات متوارثة سوفياتية ، وأولى خطوات الاصلاح هو التخلص من هذه القوانة السوفياتية بمعاداة حضارة الغرب الديمقراطية ،ومنها انهاء هذه الشعوذة الغريبة المعيبة التي تتناغم مع خطاب الجماعات السلفية. حان الوقت لوقفة موضوعية مع اليسار الماركسي العربي وعلاقته الديمقراطية ، وبدونه نحن نتعامل مع الماركسية السوفياتية في العالم العربي التي تتميزبالديكتاتورية وبمعاداة اسس ومفاهيم الحضارة العقلية التي اقامها الغرب وانهاء ونقد تراثها السوفياتي الذي دفعها للتحالف معالنظم الديكتاتورية العربية بالامس ومشاركة الخطاب المعادي للحضارة الديمقراطية مع الاسلاموية السلفية. انها دعوة كي تتبنى حركات اليسار في العالم العربي باحزابه معركة الديمقراطية والحقوق والحريات بذات الاسس والمفاهيم المؤسسة للحضارة الغربية وحضارة العالم المعاصر ومنه تساهم في كسر جدران العزلة وانهاء ثقافة الكره لحضارة الديمقراطية في العالو التي تسود المنطقة واجتمعت عليها ولليوم الايديولوجيات الثلاث. انه امر معيب حقا للتيار الماركسي العربي ان يردد خطاب السلفية ودعايات وطروحات البوتينية لليوم ويسمي نفسه يسارا.
#لبيب_سلطان (هاشتاغ)
Labib_Sultan#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ستقود بريطانيا انقاذ العالم مجددا من الفاشية
-
حلول الريفيرا والمناجم وخيال السريالية الفاشية
-
شهادة بولادة محور ترامب - بوتين
-
قراءة الغرائز السياسية في ترامب شو
-
مطالعة في نشأة الديانات الابراهيمية
-
عرس لبنان ودلالاته الكثيرة
-
دستور جولاني
-
أرفع راسك فوق انت سوري حر*
-
صورتين للصين
-
مداولة في وقائع اسقاط نظام الاسد
-
ظاهرة هوكشتاين
-
مخطط ترامب للانقلاب
-
الولائية مشروع لاجهاض حل الدولة العلمانية ( تشريح محور المقا
...
-
بحث في دهس الولائية على الوطنية (تشريح محور المقاومة ـ2)
-
تشريح محور الممانعة والمقاومة
-
حول كتابين في معرض بغداد الدولي
-
تحليل بوتين
-
بحث حول تراجع العلمانية في العالم العربي-2
-
بحث حول تراجع العلمانية في العالم العربي
-
في دحض الشعبويات المتاجرة بالقضية الفلسطينية
المزيد.....
-
هوية مشتبه به بقتل فتاة جامعية يكشفها تحليل DNA قرب سريرها
-
الإمارات الأولى عربيا ولبنان الأخير..قائمة الدول الأكثر سعاد
...
-
فيديو يُظهر حريقًا هائلاً قرب مطار هيثرو بلندن
-
تونس: إقالة رئيس الوزراء كمال المدوري وتعيين سارة الزعفراني
...
-
ما قد لا تعلمه عن صدام حسين.. ملخص سريع بذكرى غزو العراق
-
الجيش السوداني يسيطر على القصر الرئاسي في الخرطوم (صور+فيديو
...
-
اكتشاف علمي جديد بشأن الطاقة المظلمة يتناقض مع نظرية النسبية
...
-
تونس.. سعيد يعفي المدوري من رئاسة الحكومة ويعين سارة الزعفرا
...
-
ترامب يتهم - نيويورك تايمز- بتلفيق خبر حضور ماسك لإحاطة بالب
...
-
المكسيك.. مصادرة أطنان من الكوكايين في مياه المحيط (فيديو+صو
...
المزيد.....
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|