|
السُّجُون الأمريكية - قطاع اقتصادي مُرْبِح
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8287 - 2025 / 3 / 20 - 12:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يندرج هذا المقال ضمن مجموعة من المقالات – غير المترابطة ببعضها ظاهريا – عن ماهية الدّيمقراطية الأمريكية انطلاقًا من أمثلة مُحدّدة ومتنوعة، تتراوح من عرض الكتب إلى الأشرطة السينمائية والبحوث والدّراسات، ويتناول هذا المقال السّجون الأمريكية كنموذج لتكثيف القمع المُؤسّساتي وكقطاع اقتصادي يُمارس العُبُودية لتعظيم أرباح الشركات الكُبرى، مما يحثنا على طرح تساؤلات عديدة حول الدّيمقراطية على المذهب الأمريكي. السجون صورة عن المجتمع شكّل تفشي جائحة كوفيد-19 في السجون الأمريكية مخاطر جسيمة على السجناء وعلى البلاد ككل، فيما تحدى السجناء القمع العنيف مطالبين بردٍّ إنسانيٍّ على معاناتهم، مما اضطرّ إدارة السّجون ( سجون المقاطعات أو المؤسسات الإصلاحية التابعة للولايات أو السّجون الفيدرالية) التي ترفض معالجة السجناء مجانًا وتُطالبهم بتسديد ثمن المعايدة والعلاج، إلى إطلاق سراح العديد منهم بشكل طارئ، للمساعدة في إبطاء انتشار الفيروس، وتزايدت مطالب السجناء بالرعاية والاهتمام، مع تسارع تفشِّي المرض، وواجهوا، في كثير من الأحيان، قمعًا عنيفًا، تمثل في التّقْيِيد بالأصفاد، ورش رذاذ الفلفل وإطلاق الرصاص المُغلّف بالمطّاط، وعمومًا تُدار السّجون في الولايات المتحدة، كما في العديد من مناطق العالم، باستخدام العُنف والقمع من الضّرب إلى حرمان السّجناء من الطعام، وعَزْلهم وحَشْرِهم في زنازين ضيقة ( الحبس الانفرادي )، ويُؤَدِّي اكتظاظ السّجون إلى تَفشِّي الأمراض المُعدية بُسرعة، فقد تفشى مرض السل وفيروس نقص المناعة البشرية ( HIV ) بشكل خطير في السّجون الأمريكية، في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، ولا تُشكّل السُّجُون خطرًا صحيًا على نزلائها فحسب، فقد يُصاب أفراد أُسَر السّجناء عند زيارة ذويهم في السّجن أو عند انتهاء محكومية السّجناء وعودتهم إلى الإختلاط بغيرهم، في ظل خراب ودمار منظومة الصّحة العمومية في الولايات المتحدة، وخصوصًا في المناطق الريفية... احتج المساجين على الوضع وقاوموا الظّلم، وتُعدّ انتفاضة سجن أتيكا ( نيويورك ) سنة 1971، إحدى أهم حركات تمرّد المساجين التي قادها المساجين السياسيون الزّنوج وحظيت بدعم خارجي هام، من أجل إصلاح نظام سجون ولاية نيويورك، وجابه حاكم ولاية نيويورك آنذاك ( نيلسون ألدريتش روكفلر - Nelson Aldrich Rockefeller - 1908 - 1979) تلك الإنتفاضة بالقمع الرهيب، وارتفعت شعبية هذا الملياردير من أُسْرَة روكفلر لدى اليمين الأمريكي ليُصبح نائب رئيس الولايات المتحدة جيرالد فورد من 1974 إلى 1977، ولم تتجاوز مطالب المساجين بعض الإصلاحات، غير إن فترة أوائل السبعينيات من القرن العشرين تميزت بالتّصعيد العسكري الأمريكي في فيتنام وكمبوديا ولاوس، وتميزت بالتدهور الاقتصادي الحاد المُتمثل في فقدان الوظائف وارتفاع عدد الفُقراء والمُشَرّدين في الشوارع، وبانتفاضات سكّان المُدُن، وتمثل ردّ الرأسمالية الأمريكية في تشديد إجراءات الشرطة، وتشديد القوانين والأحكام بالسّجن وإطالة مدة السجن، خصوصًا للسّجناء السّود وأصيلي أمريكا الجنوبية، بذريعة "استعادة الأمن والنّظام"، مما زاد من اكتظاظ السّجون ومن حدّة القمع داخلها، لأن السّجون تُشكّل نماذج مصغرة للمجتمع الذي جَرَّم مُعارضي العدوان على الشّعوب ( فيتنام) وجَرّم النّضال من أجل الرعاية الصّحّية والمُساواة في الحقوق المَدَنِية. مجمع السجون الصناعي يُقدّر حجم القوة العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية بحوالي 170 مليون شخص، يحمل أكثر من نصفهم سجل اعتقال أو إدانة يمنعهم من العمل، فضلا عن الشبان والشابات ذوي التعليم المتواضع الذين لن يشغلوا أنواعًا معينة من الوظائف، وإذا تمكنوا من الحصول على عمل فسوف يكون عملًا مؤقتا وهشًّا وبراتب منخفض، وربما بدوام جُزئي، ويمثل جميع هؤلاء صَيْدًا سهلاً للشركات التي تستغل الفئات الأكثر هشاشة لزيادة أرباحها، فضلا عن تشغيل المساجين بشكل شبه مجاني، ويبلغ عدد السجناء والمسجونات حوالي 2,6 مليون ومعظمهم من الطبقة العاملة الأكثر تهميشًا ومن الفقراء والسود والملونين، لذا، يجب وضع حدٍّ للقوانين القاسية والعنصرية التي تستفيد منها الشركات التي تستغل المساجين لزيادة حجم أرباحها... اشتهرت الباحثة والجغرافية والأستاذة الجامعية الأمريكية السوداء روث ويلسون غيلمور (Ruth Wilson Gilmore - وُلِدَتْ سنة 1950) ببُحوثها حول "المُجَمّع الصناعي بالسّجون" وهي تناضل من أجل إلغاء عُقوبة السّجن بمفهومها الحالي، واستبدالها بأشكال أخرى تعود بالنّفع على الأفراد المحكومين وعلى المجتمع، واعتبرت إن ارتفاع عدد السُّجون وعدد المساجين لم يكن رَدًّا على ارتفاع معدّلات الجريمة أو تفشِّي العنف أو تجارة المخدّرات، بل جزءًا من استراتيجية سياسية اقتصادية انبثقت من سلسلة أزمات اقتصادية، خلّفت فائضًا من العمالة غير المستغَلَّة والأراضي ورأس المال وقدرات الدولة، وتم تخصيص جزء من هذا الفائض لإنجاز "أكبر مشروع لبناء السجون في تاريخ العالم"، وفق تقرير رسمي لولاية كاليفورنيا التي تضم أكبر عدد من المساجين في الولايات المتحدة، وفق بيانات صدرت خلال شهر شباط/فبراير سنة 2022، وتعتبر "روث ويلسون غيلمور" إن المُجَمّع الصناعي السِّجْنِي هو منظومة قَمْعية شاملة ابتكرتها الرأسمالية لاستغلال عمل ملايين البشر من خلال تنظيم اجتماعي شبيه بمرحلة العُبُودية، ودرست الباحثة نظام سُجُون ولاية كاليفورنيا، حيث ارتفع عدد نزلاء سجونها بنسبة 500% بين ثمانينيات القرن العشرين ومنتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وفق ما ورد في كتابها "الغولاغ الذّهبي" ( 2007)، وشرحت في كتاب آخر أشرفت على إعداده بمشاركة عدد من الباحثين اليساريين من أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وغيرها (جغرافية إلغاء العبودية: مقالات نحو التحرير - Abolition Geography: Essays Towards Liberation - 2023 ) العلاقة بين النضالات العالمية ضد الرأسمالية والعنصرية والاستعمار، ومُناهضة العُنصرية والعبودية في الولايات المتحدة، ودعوة للتفكير في مغزى السجن والعقاب وتأثيره على مختلف شرائح المجتمع... تُعرّف روث ويلسون غيلمور المُجمّع الصناعي السجني بأنه منظومة تتألف من الموظفين النظاميين والمدنيين الذين يعملون في كل مكان: من الشوارع والمحاكم، إلى السجون وبرامج ما بعد الإفراج، ومجموعة من الموظفين الذين يكسبون عيشهم من خلال إعداد القوانين وتنفيذها ومتابعة أنظمة العقاب، وكذلك الشركات والمُستثمرين الذين يقرضون الولايات والبلديات لبناء أو تحسين أنظمة الاحتجاز الخاصة بها، ويشمل نظام السّجون كذلك الشركات التي تبيع السلع والخدمات للولايات والبلديات والحكومة الفيدرالية (من خدمات الطعام إلى أجهزة مراقبة الكاحل وما بين المرحلَتَيْن)، لإبقاء الناس محتجزين أو لإبقائهم تحت المراقبة بعد خروجهم من السّجن، فضلا عن الأموال التي تتدفق من الخزائن العامة، وتتحول إلى أجور ورواتب وفواتير خدمات عامة، وتشغيل الكهرباء، وما إلى ذلك، كما يشمل "مجمع السجون الصناعي" السجون الخاصة التي تُديرها الشركات بدافع تعظيم الرِّبْح وعلى أي حال، لا يمكن دراسة نظام العقوبات والسّجون بمعزل عن مكانتها في الإقتصاد السياسي لأي بلد، في ظل الرأسمالية العالمية، وتلاحظ "روث غيلمور" وغيرها إن السجون الخاصة موجودة بالفعل. لكنها لا تقود النظام، فقد يكون نظام السجون ومراكز الاحتجاز عامًا، لكنه ليس أقل استغلاَلًا أو أقل فتكًا بالأشخاص المسجونين والمجتمعات مما هو عليه في الأماكن التي تم فيها التعاقد على جزء من النظام مع شركات خاصة. يتكون المجمع الصناعي السجني من عناصر أساسية هي الأرض والعمل ورأس المال النقدي، وقدرة الدولة على تنظيم هذه العناصر، من خلال بناء سُجون كبيرة لاستيعاب التدفق الهائل من العمالة غير المستخدمة أو العاطلة عن العمل والأراضي التي كانت زراعية أو صناعية قبل أن يتم إهمالها، ورأس المال النقدي الذي يستثمر في السّجون تستنتج روث ويلسون غيلمور إن مُجمّع السجون الصناعية برمته، والنظام الاجتماعي الذي يتطلبه، لا يقبلان الإصلاح أو الترميم، غير إن النضالات والمطالب لا تُمثّل قطيعةً تامةً وفوريةً مع نظام السجون والشرطة، بل تطالب بإلغاء هذا الشّكل من العُبُودية في السّجون ( العُبُوديّة المُعاصرة)، كخطوة نحو التحوّل الاجتماعي... الإضراب الوطني للسجناء ( آب/أغسطس 2018) بدأ السّجناء حركةً إضراب في سجون 17 ولاية أمريكية يوم الحادي والعشرين من أغسطس/آب 2018 ( ارتفع عدد السجون المشاركة بعد بدء الإضراب الذي تقرّرَ أن يستمر حتى التاسع من أيلول/سبتمبر 2018) بعد سبعة وأربعين عامًا من اغتيال جورج جاكسون – عضو قيادة حركة "الفُهُود السُّود"، والقائد والمُنَظِّر الرئيسي لحركة إضراب سجن آتيكا بنيويورك سنة 1971– وتراوحت حركة الإضراب بين الاعتصامات والتوقف عن العمل والمقاطعات، والإضرابات عن الطعام، في أعقاب دعوة لإصلاح نظام العقوبات، وتحسين ظروف المعيشة، وزيادة فرص الحصول على برامج إعادة التأهيل، ووضع حد لما يسميه منظمو الإضراب "عبودية العصر الحديث"، والحصول على أجْرٍ حقيقي مقابل العمل الذي يقومون به ( بدل 13 سنتا عن ساعة عمل) وإلغاء قانون إصلاح التقاضي في السجون الذي يمنع السجناء من استئناف بعض الشروط في المحاكم القانونية، ووضع حد للإفراط في إصدار الأحكام، وخاصةً على السود والسمر، وخاصةً الفئات الأكثر تهميشًا، وتجدر الإشارة إن السود يُمثلون حوالي 12,5% من السكان الأمريكيين و 43% من المسجونين ويُشكل سُكّان الولايات المتحدة نحو 5% من سُكّان العالم فيما يُمثل مساجينها أكثر من رُبُع مساجين العالم، ويتم استغلالهم في تعبئة اللحوم ووظائف مراكز الاتصال وصناعة التجهيزات المنزلية وملابس وخوذات الجنود، ولا حق لهم في الإضراب، ولا يتمتعون بأي نوع من الحماية، ويتم عزل أي "مُتمرد" في الحبس الانفرادي. انطلقت الدّعوة إلى الإضراب خلال شهر نيسان/ابريل 2018، بعد "أعمال عُنف" في مؤسسة إصلاحية بولاية ساوث كارولينا، أسفر عن مقتل سبعة سجناء وإصابة سبعة عشر آخرين بجروح خطيرة، وتوفي ستة من السجناء السود من إجمالي سبعة قَتْلى، ولم يُصبْ أي حارس بأَذَى، وأصدرت شبكة مُناصرة المساجين ( Jailhouselawyer ) خلال الأسابيع التي تلت ذلك، قائمة بعشرة مطالب، من بينها إصلاح نظام العقوبات، وزيادة فرص الاستفادة من برامج إعادة التأهيل، والحق في التصويت، وإنهاء "عمل السخرة في السجون"، بدعم من العديد من المنظمات الحقوقية والمُثقفين التقدميين، واختارت تاريخ إضراب سجن آتيكا الذي قُتل خلاله جورج جاكسون برصاص الحُرّاس الذي ادّعوا إنه كان يُحاول الفرار من السّجن، وكان إضراب آب/أغسطس 2018، أكبر تحرك للسجناء منذ إضراب السجون سنة 2016، بمشاركة ما لا يقل عن عشرين ألف سجين في إحدى عشرة ولاية، وهو أكبر إضراب عن العمل في السجون في تاريخ الولايات المتحدة، قبل إضراب 2018، وما هذه التحركات سوى أمثلة قليلة على الاحتجاجات المنسقة التي اندلعت منذ تمرد سجن نات تيرنر في مقاطعة ساوثهامبتون بولاية فرجينيا، سنة1831، وإضرابات العمل سنة 2010 في جميع سجون ولاية جورجيا، بالإضافة إلى إضرابات الطعام في سجن بيليكان باي سنتَيْ 2011 و 2013، والإضرابات العديدة ضدّ الأجور المنخفضة - أو العمل بدون أجر، في بعض الحالات - والتشريعات الفيدرالية القمعية التي صُمِّمَتْ لتقييد قدرة السجناء على رفع دعاوى قضائية فيدرالية لانتهاك حقوقهم الدستورية. دعمت المنظمة الدّولية لعمال الصناعة في العالم" ( IWW ) هذا الإضراب ، وسبق أن ساهمت في خلق لجنة تنظيم العمال المسجونين ( IWOC ) ونظمت حملة ضد العملَ بأجر منخفض أو غيرَ مدفوع الأجر، و كانت منظمة النساء العاملات في مجال حقوق المرأة (IWOC) من أوائل الدّاعمين لإضراب سنة 2018، إلى جانب أكثر من 150 منظمة أخرى ساهمت في تنظيم مظاهرات تضامنية في أهم المُدن الأمريكية... في مقابل ارتفاع درجة وعي المساجين وتعدّد حركات الإحتجاج الجماعية المنظمة تضغط شركات السجون الخاصة في جميع أنحاء الولايات المتحدة على المشرعين – خصوصًا منذ 2022 - لتشديد قوانين العقوبات وإبقاء المساجين لفترات أَطْوَلَ والتشدّد في الإفراج المَشْرُوط، وإلغاء "ائتمانات تخفيف الأحكام"، لزيادة عدد المساجين الذين تستغل هذه الشركات جهدهم لزيادة أرباحها، خصوصًا من السّود والفُقراء، وعلى سبيل المثال، تُدير شركة كورسيفك (شركة كوريكتيونز كوربوريشن أوف أمريكا سابقًا)، إحدى أكبر شركات السجون في العالم، أكثر من سبعين سجنًا ويأمل الرئيس التنفيذي لهذه الشركة "تعديل قانون إصلاح الأحكام ( مما يُؤدّي إلى ) زيادات ملحوظة في أعداد السجناء"، وارتفاع معدلات الإشغال في السجون التي تديرها شركة كورسيفك الذي أدى إلى "نتائج مالية هامّة" للمستثمرين الذين يتَرَبَّحُون من عَمل المساجين ومن خدمات الإتصالات مع عائلاتهم ومن التحويلات المالية والتلفزيون ومُعدّات الترفيه واستهلاك المساجين وما إلى ذلك، حيث يمكن للشركات أن تفرض رسوماً لا نهاية لها بمعدلات مرتفعة للغاية ثم تقوم بتقسيم الأرباح مع وكالات الإصلاح الحكومية والفيدرالية، وحققت شركات الإتصالات إيرادات بقيمة 46 مليار دولارا في كافة السجون الأمريكية، وجنت ولاية مينيسوتا – على سبيل المثال – 1,3 مليون دولارا سنة 2022، من العقد المبرم مع مزود الهاتف في السجن، و 160 ألف دولارا من رُسُوم تحويل الأموال إلى المساجين و 48,5 ألف دولارا من رسوم بث الموسيقى و 31 ألف دولارا من مُشاركة الصّور على أجهزة الإتصالات سنة 2023 وفق منظمة "وورث رايزز" التي قادت حملة لتوفير مكالمات هاتفية مجانية للمساجين... آفاق تتوقع شركات السجون الخاصة والمصالح التجارية أن تستفيد من حملتها لوضع ملايين المهاجرين تحت المراقبة الإلكترونية، وأن تتضاعف أرباحها خلال فترة الرئاسة الثانية لدونالد ترامب الذي عَيَّنَ أحد مسؤولي جماعات الضغط السابقين في مجال السجون مستشارًا قانونيًا رئيسيًا له، وتعيين "بام بوندي" مُدّعيا عامًّا وهو من جماعة الضغط في مجموعة ( GEO ) إحدى أكبر شركات السّجون في العالم، مما رفَعَ قيمة أَسْهُم أكبر شركات السجون الخاصة في العالم وتُشرف شركة ( GEO ) على نظام المراقبة الإلكترونية، من أساور الكاحل وأجهزة تتبّع نظام تحديد الموقع ( GPS ) وتقنيات التعرف على الوجه التي تستخدمها الحكومة، وتأمل تخزين المعلومات عن ما لا يقل عن خمسة ملايين مهاجر، فضلا عن عشرات الملايين من الأمريكيين وساهمت الشركة في إعداد ميزانية إدارة الحدود والجمارك التي سوف ترتفع بنحو 35 مليون دولار سنة 2025، لإخضاع ملايين الأشخاص للمراقبة الإلكترونية، وتوفر شركة ( BI Incorporated ) التابعة لمجموعة ( GEO) ترسانة المراقبة الخاصة بهيئة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) بشكل أساسي، وفازت سنة 2020، بعقد لمدة خمس سنوات، بقيمة 2,2 مليار دولارا، لإدارة برنامج المراقبة المكثفة التابع لهيئة الهجرة والجمارك الأمريكية، ومنذ ذلك الحين، تضاعف تقريبًا عدد الأشخاص الخاضعين للمراقبة من خلال البرنامج، وهو ما يُعدّ مكسبًا هامًّا لمجموعة ( GEO ) لأن هامش الربح في هذا البرنامج يبلغ 50%، وقد يرتفع خلال فترة رئاسة دونالد ترامب... أوضح تقرير صادر عن مجلس النواب الأمريكي خلال شهر حزيران/يونيو 2024، إن النواب من مُعدِّي التقرير اقترحوا زيادة قدرها 30 مليون دولار لبرنامج مراقبة هيئة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) للعام 2025، ليرتفع من 320 مليون دولار سنة 2024 إلى 350 مليون دولار سنة 2025، مما يُؤكّد تأثير الشركات الخاصة في صياغة سياسات إنفاذ قوانين الهجرة، وفق المركز الوطني للعدالة للمهاجرين ( منظمة حقوقية وقانونية ) كشفت تقارير من صحيفة "ذا أبيل"، سنة 2022، أن شركة "سمارت كوميونيكيشنز" كانت تقدم رحلات بحرية في منطقة البحر الكاريبي لعمداء الشرطة ومسؤولي السجون الذين اشتروا تقنيات الشركة، واستضافة مسؤولين حكوميين لتنمية أعمالها للإتصالات الإلكترونية في السجون، منذ أكثر من 15 سنة، وقد ترتفع أرباح الشركة، رغم القضايا المرفوعة ضدّها، لأن رئيسها ( جون لوغان) مُقرّب من دوائر دونالد ترامب يُعَدّ قطاع تكنولوجيا السجون الذي تحتكره شركتان – منها شركة "سمارت كوميونيكيشنز" - كالبريد الإلكتروني ومحادثات الفيديو وبث الموسيقى، وكلها مُتاحة على الأجهزة اللوحية التي يجب على السجناء شراؤها، مصدر دخل مرتفع وقد حققت إيرادات الرسائل وحدها (برسوم 50 سنتًا لكل رسالة بريد إلكتروني) إيرادات لشركة سمارت كوميونيكيشنز تجاوزت 25 مليون دولار سنويًا اعتبارًا من سنة 2022. خاتمة: إذا ما أردنا قياس درجة الدّيمقراطية واحترام الحُرّيات وحقوق الإنسان في أي بلد، وجب أن نُحقّق في أساليب تعامل السّلطة والمجتمع مع الشرائح التي حَرَمَها القانون أو جهاز القضاء من حُريتها، ومن بين هذه الشّرائح المُصابون بأمراض عقلية الذين يتم عَزْلُهم، والمُعاقون ( ذوي الإحتياجات الخاصة) الذين لا مكان لهم في هذه المجتمعات، ويُشكّل المساجين أهم هذه الشرائح التي يتم حرمان أفرادها قانونيا ( بقرار قضائي، "باسم الشّعب") من حريتهم، فيتم عزلهم وراء جدران عالية وأسلاك شائكة تُحيط بمناطق لا يُطبّق القائمون عليها القانون، على رداءته، ولذا فإن معاملة هذه الشرائح المسلوبة من حريتها، تعكس حقيقة الدّيمقراطية في أي بلد، بما فيها، وربما في مُقدّمتها الولايات المتحدة...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عرض شريط -فتْيان النِّيكل- ( Nickel Boys ) للمخرج -راميل روس
...
-
ملامح الإقتصاد الأمريكي سنة 2025
-
ذكرى وفاة كارل ماركس ( وُلد يوم الخامس من أيار 1818 وتوفي يو
...
-
متابعات – العدد الخامس عشر بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من آ
...
-
تونس بين خطاب -الإستقلالية- واستمرار واقع التّبَعِيّة
-
الحركات النسوية ومسألة الإنتماء الطبقي
-
متابعات – العدد الرّابع عشر بعد المائة بتاريخ الثامن من آذار
...
-
حرب اقتصادية تَقُودُها الدّولة
-
بعض مفاهيم الإقتصاد السياسي
-
موقع الهند في منظومة الهيمنة الأمريكية – الجزء الثاني
-
موقع الهند في منظومة الهيمنة الأمريكية – الجزء الأول
-
متابعات – العدد الثّالث عشر بعد المائة بتاريخ الأول من آذار/
...
-
ثقافة تقدّمية: هاياو ميازاكي، مُبدع الرُّسُوم المُتحركة
-
تبديد أوهام القروض الصغيرة للفُقراء
-
بانوراما الإنتخابات في ألمانيا
-
فلسطين - تواطؤ أمريكي مُباشر
-
متابعات – العدد الثّاني عشر بعد المائة بتاريخ الثّاني والعشر
...
-
فخ الدُّيُون الخارجية- نموذج سريلانكا في ظلِّ سُلْطة -اليسار
...
-
الإستعمار الإستيطاني، من الجزائر إلى فلسطين
-
متابعات – العدد الحادي عشر بعد المائة بتاريخ الخامس عشر من ش
...
المزيد.....
-
هوية مشتبه به بقتل فتاة جامعية يكشفها تحليل DNA قرب سريرها
-
الإمارات الأولى عربيا ولبنان الأخير..قائمة الدول الأكثر سعاد
...
-
فيديو يُظهر حريقًا هائلاً قرب مطار هيثرو بلندن
-
تونس: إقالة رئيس الوزراء كمال المدوري وتعيين سارة الزعفراني
...
-
ما قد لا تعلمه عن صدام حسين.. ملخص سريع بذكرى غزو العراق
-
الجيش السوداني يسيطر على القصر الرئاسي في الخرطوم (صور+فيديو
...
-
اكتشاف علمي جديد بشأن الطاقة المظلمة يتناقض مع نظرية النسبية
...
-
تونس.. سعيد يعفي المدوري من رئاسة الحكومة ويعين سارة الزعفرا
...
-
ترامب يتهم - نيويورك تايمز- بتلفيق خبر حضور ماسك لإحاطة بالب
...
-
المكسيك.. مصادرة أطنان من الكوكايين في مياه المحيط (فيديو+صو
...
المزيد.....
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|