أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الشهبي أحمد - عبارات ملهمة: قراءة نقدية وتحليلية في أعماق الكلمة والوجود للكاتب جواد العوالي














المزيد.....


عبارات ملهمة: قراءة نقدية وتحليلية في أعماق الكلمة والوجود للكاتب جواد العوالي


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8287 - 2025 / 3 / 20 - 08:00
المحور: الادب والفن
    


في عالم تتآكل فيه الكلمات تحت ثقل التكرار والرتابة، حيث تفقد معناها الأصلي وتتحول إلى مجرد أصداء باهتة، تأتي المجموعة القصصية عبارات ملهمة للكاتب المغربي جواد العوالي، لتعيد الاعتبار للكلمة بوصفها أداة قادرة على اختراق الأعماق وتحريك الأسئلة الكبرى. رغم أن المجموعة لا تتجاوز الثمانين صفحة، فإنها تفتح أمام القارئ أبواب تأمل عميقة، حيث يتحول السرد إلى وسيلة لاستكشاف تناقضات الوجود الإنساني، بكل ما فيه من ألم وأمل، حيرة ويقين.

تمتاز المجموعة بأسلوبها السردي المتنوع، حيث يتنقل العوالي بسلاسة بين السرد التقليدي والتدفق الوعيي، مما يمنح النصوص بعدًا ديناميكيًا يجذب القارئ إلى عالمها الخاص. الشخصيات التي يقدمها ليست مجرد أبطال لحكايات، بل هي انعكاسات لصراعات داخلية متأججة، تكشف عن لحظات ضعف وقوة، هزيمة وانتصار. في بعض القصص، يتحول حدث بسيط—كلمة يسمعها أحدهم صدفة، أو ذكرى تعود فجأة—إلى لحظة فارقة تعيد تشكيل وعي الشخصية، وتجعلها تواجه ذاتها على نحو جديد. هذه القدرة على التقاط التفاصيل العابرة وتحويلها إلى مفاصل أساسية في تطور الحبكة هي واحدة من أهم نقاط قوة المجموعة.

لغة العوالي تشكل عنصرًا بارزًا في تميز هذه التجربة، حيث تمزج بين التكثيف الشديد الذي يجعل كل جملة تحمل ثقلًا معنويًا، وبين التدفق الشاعري الذي يفتح النص على فضاءات تأويلية متعددة. بعض الجمل تضرب كالرصاصة، وأخرى تنساب برهافة تجعلها أشبه بنصوص تأملية تعبر حدود السرد التقليدي نحو الفلسفة والشعر. ففي أحد المقاطع، يصف الكاتب الألم بأنه "وشم يطبع الروح"، وفي آخر، يشبه الأمل بطائر الفينيق الذي ينهض من رماد الخيبة. هذه الانزياحات اللغوية تمنح النصوص عمقًا خاصًا، وتجعلها تترك أثرًا طويل الأمد في ذهن القارئ.

لكن هذه القوة اللغوية قد تصبح أحيانًا نقطة ضعف، حيث يجنح الكاتب في بعض المواضع إلى التكثيف المفرط، مما يجعل بعض المقاطع تتطلب قراءة متأنية لفك رموزها، وهو أمر قد لا يناسب جميع القراء، خاصة أولئك الذين يبحثون عن سرد أكثر وضوحًا ومباشرة. هذا التوجه الرمزي، رغم قيمته الأدبية، قد يجعل بعض القصص تبدو أقل تماسكًا على مستوى البناء السردي، إذ تغيب في بعض المواضع الحبكة التقليدية لصالح التأملات اللغوية والفلسفية.

إحدى نقاط القوة الأخرى في المجموعة هي التفاعل الذكي مع التراث العربي والإسلامي، حيث تظهر الآيات القرآنية والأبيات الشعرية ليس كزخارف لغوية، بل كعناصر حيوية تتداخل مع مصائر الشخصيات وتؤثر على قراراتها. هذا الحضور التراثي يمنح النصوص بعدًا ثقافيًا أعمق، لكنه في الوقت نفسه قد يحدّ من انفتاحها على قارئ غير مطلع على هذه المرجعيات. ورغم أن العوالي لا يقع في فخ التبجيل الأعمى للموروث، إلا أن بعض القراء قد يرون في هذا التوظيف نوعًا من التقييد لحرية التأويل.

المجموعة، رغم جمالياتها السردية، تثير تساؤلًا حول مدى توازنها بين الطرح الفلسفي والواقعية السردية. في بعض النصوص، يبدو أن الرمزية المكثفة تطغى على التجربة الإنسانية المباشرة، مما قد يخلق حاجزًا بين القارئ والنص. لكن في المقابل، فإن هذا التوجه يمنح المجموعة فرادة تجعلها مختلفة عن كثير من الأعمال القصصية المعاصرة، حيث ترفض أن تكون مجرد حكايات تُقرأ ثم تُنسى، وتسعى بدلًا من ذلك إلى أن تكون محفزًا للتفكير، تجربة تترك أثرًا طويل الأمد.

عبارات ملهمة ليست مجرد مجموعة قصصية، بل هي دعوة لاكتشاف أبعاد جديدة في اللغة والوجود. إنها نصوص لا تقدم إجابات جاهزة، بل تطرح أسئلة تدفع القارئ إلى إعادة التفكير في ذاته وفي العالم من حوله. ورغم بعض التحديات التي قد يواجهها القارئ مع أسلوبها الرمزي، فإنها تظل تجربة أدبية تستحق التأمل، وتثبت أن الكلمة، حين تكون نابضة بالحياة، قادرة على اختراق أعمق زوايا النفس البشرية، نتمنى للكاتب جواد العوالي مزيدا من التألق والابداع في سماء الأدب العربي.



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ياسمين الخريف- لأحمد الشهبي: قراءة نقدية وتحليلية في المتاه ...
- عبارات ملهمة: تأثير الكلمة على أعماق الوجود الإنساني - قراءة ...
- كيكو: اغتصاب الطفولة في ظلّ ثقافة الإفلات من العقاب – مأساة ...
- تحديات الكتابة والنشر في عصر الرقمنة: أزمة قلة القراءة وصعوب ...
- غزة: الجريمةُ التي تُعيدُ تشكيلَ ضمير العالم
- الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية: تصعيد وتغيرات استراتيجية ت ...
- انحدار الذوق في البرامج التلفزية: بين الاستهلاك السطحي وإشكا ...
- عتمة قمم: بين حب مستحيل وواقع ثقافي متجذر- قراءة نقدية لرواي ...
- 23 مارس 1965: جراح لم تندمل وأسئلة لم تُجاب
- هل يعيد التاريخ نفسه؟
- أين اختفت النخب المثقفة؟
- حين يصير البيت عرضاً والكرامة سلعةً في سوق التيك توك
- -السلطة الرابعة في خطر: حين يتحوّل التنظيم الذاتي إلى فخّ لل ...
- التاريخ يصرخ.. لكن من يصغي؟
- -المؤمراة من صنعنا -


المزيد.....




- فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يطلب الإذن باجتماع مشتر ...
- بجولات سياحية.. بريطاني يعرف العالم بإرث المسلمين في لندن
- -تشوه التاريخ-.. برلماني روسي يدعو لحظر المسلسلات التلفزيوني ...
- إطلالة على الأدب الأفريقي المكتوب بالبرتغالية.. جيرمانو دي أ ...
- إعلان مفاجئ بشأن آخر حلقة من مسلسل -معاوية-!
- عدنان ديوب و-العهد-: البحث عن الفردوس المفقود في الدراما الش ...
- بعد مسيرة حافلة.. محمد سامي يودّع الدراما التلفزيونية ويعلن ...
- العلاقات الروسية-العربية.. حوار ثقافي وإنساني يتجدد على مائد ...
- دليلك السياحي إلى اكتشاف ألبانيا.. الجوهرة المخفية في غرب ال ...
- نقابة المهن الموسيقية بمصر توقف منح تصاريح الغناء لهيفاء وهب ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الشهبي أحمد - عبارات ملهمة: قراءة نقدية وتحليلية في أعماق الكلمة والوجود للكاتب جواد العوالي