أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إسلام حافظ - مصر بين القمع السياسي والانهيار الاقتصادي: شعبٌ يدفع الثمن وسلطةٌ ترفض التغيير














المزيد.....


مصر بين القمع السياسي والانهيار الاقتصادي: شعبٌ يدفع الثمن وسلطةٌ ترفض التغيير


إسلام حافظ
كاتب وباحث مصري

(Eslam Hafez)


الحوار المتمدن-العدد: 8287 - 2025 / 3 / 20 - 00:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها مصر، بات واضحًا أن السياسات الاقتصادية والسياسية المتبعة لا تخدم سوى فئة محدودة من المجتمع، بينما تتفاقم معاناة الأغلبية العظمى من الشعب. الخطاب الرسمي لا يكف عن الحديث عن "الإنجازات" و"الإصلاحات"، ولكن الواقع المعيشي يكشف عن صورة مختلفة تمامًا، حيث أصبح الغلاء الطاحن والفقر المدقع جزءًا من الحياة اليومية للملايين.

الاقتصاد المصري يعاني من أزمات متراكمة، بداية من الديون الخارجية المتزايدة التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، مرورًا بعجز الموازنة المستمر، وصولًا إلى الانهيار شبه الكامل للعملة الوطنية. في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن زيادة معدلات النمو، نجد أن هذه الأرقام لا تعكس سوى أداء القطاعات التي تخدم الرأسمال الكبير، بينما تبقى القطاعات الحيوية التي تلامس حياة المواطن العادي في حالة تدهور مستمر. فإيرادات الدولة من القطاعات الرئيسية، مثل قناة السويس، تتراجع بشكل ملحوظ، والاستثمارات الأجنبية التي يتم الترويج لها ليست سوى بيع لأصول الدولة ومقدراتها، مما يزيد من التبعية الاقتصادية للخارج.

التضخم المتصاعد أصبح العدو الأول للمواطن المصري، إذ ارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني، في وقت باتت فيه الأجور راكدة لا تواكب هذا الارتفاع المهول في الأسعار. وبدلًا من البحث عن حلول حقيقية تضمن العدالة الاجتماعية، تلجأ السلطة إلى تحميل الفقراء مزيدًا من الأعباء عبر سياسات رفع الدعم وتقليص الإنفاق على الخدمات الأساسية. لا يُمكن لمواطن يتقاضى الحد الأدنى للأجور أن يواجه أسعار السلع والإيجارات التي تتضاعف بشكل مستمر، بينما الحكومة تلجأ إلى فرض المزيد من الضرائب والرسوم غير المباشرة التي تُثقل كاهل الفقراء وتُضاعف من أرباح الأثرياء.

على الجانب السياسي، لا تزال السلطة تُحكم قبضتها على المجال العام، حيث يُمارس القمع الممنهج ضد أي صوت معارض أو حتى مُنتقد. السجون ممتلئة بمعتقلي الرأي، بينما تُحكم القوانين والإجراءات القمعية الخناق على أي محاولة للحراك السياسي. الانتخابات أصبحت مجرد مسرحية هزلية معدة سلفًا، حيث يتم إقصاء المنافسين الحقيقيين وإفساح المجال أمام مرشحين شكليين لخلق وهم التعددية. المعارضة الحقيقية مُحاصرة، والإعلام الرسمي والخاص المُسيطر عليه من الدولة لا يعكس سوى صوت واحد، هو صوت السلطة التي تدّعي الإنجاز بينما تُمارس الفشل على أرض الواقع.

الجيش، الذي يُفترض أن يكون مؤسسة سيادية معنية بحماية البلاد، أصبح فاعلًا اقتصاديًا ضخمًا يُهيمن على السوق ويُقصي القطاع الخاص، مما يقوّض أي فرصة لاقتصاد تنافسي حقيقي. فبدلًا من أن تُدار الدولة وفق رؤية اقتصادية علمية، تُحكم وفق مصالح فئة ضيقة تستفيد من بقاء الوضع الراهن كما هو. لا يمكن الحديث عن اقتصاد صحي في ظل وجود مؤسسة تسيطر على مفاصل الاقتصاد دون أي رقابة أو شفافية.

الأوضاع الاجتماعية كذلك تسير نحو مزيد من الاحتقان. فمع تفشي الفقر وتآكل الطبقة الوسطى، يزداد الإحساس بالظلم واليأس بين الشباب، الذين باتوا يرون أن مستقبلهم مسدود في بلد لا يوفر لهم فرصًا حقيقية. لا عجب أن أعداد الراغبين في الهجرة، سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية، تتزايد يومًا بعد يوم، حيث لم يعد لدى الكثيرين أي أمل في تحسين أوضاعهم داخل الوطن.

السلطة التي تتحدث عن "الإصلاحات الاقتصادية" لا تفعل سوى إغراق البلاد في مزيد من الديون والتبعية للخارج، والسلطة التي تتحدث عن "الاستقرار السياسي" لا تفعل سوى سحق أي محاولة لتغيير ديمقراطي حقيقي. لا يمكن لدولة أن تنهض عبر القمع والاستبداد، ولا يمكن لاقتصاد أن يتعافى عبر التوسع في الديون وبيع الأصول الوطنية. الحل الوحيد هو التغيير الجذري في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق إلا عبر نظام ديمقراطي حقيقي، يمنح الشعب الحق في تقرير مصيره، بدلاً من تركه رهينة لسلطة فاشلة لا ترى سوى مصالحها الضيقة.



#إسلام_حافظ (هاشتاغ)       Eslam_Hafez#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معاوية مؤسس الاستبداد الأول في تاريخ الإسلام
- -رمضان في السجون المصرية: آلاف المعتقلين بين القهر والحرمان-
- مجزرة الدفاع الجوي: عشر سنوات على الجريمة والعدالة الغائبة
- مذبحة بورسعيد.. جريمة العسكر التي لن يغفرها التاريخ
- -المنفى وطنٌ من رماد-
- إضراب ليلي سويف: صرخة أمٍّ في وجه الظلم
- 25 يناير: أنشودة الحرية التي لا تموت
- -عصر السيسي الذهبي للنساء: أكذوبة تُخفي القمع والاستغلال-
- -القمع خلف ستار التحرر: معتقلات المنازل ومعاناة المرأة السعو ...
- -نظام السيسي: شعارات للبرمجة وقمع للحرية... مصر تحتضر في ظل ...
- إحنا بتوع التحرير..!
- -الظلم لا يدوم... وصوت الحق أقوى من السجون-
- نظام السيسي: استغلال الضرائب لتكريس الفشل الاقتصادي
- -2024: عام القمع والإخفاء القسري في مصر-
- رسالة الي الوالي..
- ثورة يناير: الحلم الذي لن يموت
- خطر الجولاني على سوريا: هل ينتظر السوريون نفس مصير المصريين ...
- القصور الفاخرة مقابل العيش الكريم.. كيف يرسخ النظام فجوة الط ...
- -حين ينكر الواقع نفسه: عن الدم والمال... والأيدي البيضاء-
- شوارع المحروسة


المزيد.....




- بمناسبة عيد الأم.. نانسي عجرم في صور دافئة من تكريم أمهات ال ...
- روبوتات مستوحاة من -حرب النجوم- تستعرض مهاراتها أمام البشر ف ...
- غزة: الجيش الإسرائيلي يعلن بدء عملية برية شمال القطاع
- إدارة ترامب: -حماس- اختارت الحرب وتتحمل المسؤولية كاملة عن ت ...
- -تتضمن تهديدات-.. وزير خارجية إيران يكشف عن مضمون رسالة ترام ...
- واشنطن تعلن الإفراج عن محتجز أمريكي لدى طالبان في أفغانستان ...
- شَعر الإنسان: أداة فنية تعبر عن هشاشته وقوته في آنٍ واحد
- تونس.. مسيرة منددة باستئناف حرب غزة
- أوربان: لسنا الوحيدين من يعارض انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد ا ...
- شويغو: روسيا ستدعو الولايات المتحدة لحضور اجتماع أمني دولي ف ...


المزيد.....

- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إسلام حافظ - مصر بين القمع السياسي والانهيار الاقتصادي: شعبٌ يدفع الثمن وسلطةٌ ترفض التغيير