مقداد مسعود
الحوار المتمدن-العدد: 8286 - 2025 / 3 / 19 - 20:50
المحور:
الادب والفن
بيتنا الأول، محلة (بريهه)، الغرفة التي فيها سرير معلمي الأول، خريج نكرة السلمان محمد مسعود، تتكدس الكتب والصحف والمجلات. عند الجانب الأيسر مِن سريرهِ، على الحائط، صورة كبيرة مغطاة بقماش أخضر. يومها كنت في الصف الأوّل الابتدائي، مدرسة الجمهورية النموذجية. بعد وضوئها لصلاة الفجر، أمي تتوجه إلى الصورة.. ترفع الغطاء، وتمسد وجها يسطع النور منه، وتناجيه أنْ يكون وسيطا لها عند الله، وينجي ولدها البكر من حوت السلمان. حين انتهينا من صلاتنا، أمي وأنا، رجوتها أن أرى صاحب الصورة، صعدتُ سرير أخي، وبشفتيّ وبدموعي ناجيتُ وجهاً كريماً مشعاً في الصورة.. وبكل طفولتي، التي ما زلت أصون طراوتها، تذللت ُ له وتوسلتُ أن يعيد معلمي الأول لنا. من يومها وصاحب الصورة في عقلي وقلبي ودليلي في الحالكات. ومن يومها تتسع الصورة في روحي وأستعين بنهجه وبلاغته، فأراني ملك الرحاب التي لا تحدّ. في 1973 سألتُ أمي، لماذا لم تؤطر الصورة بزجاج وإطار أجمل؟ غاصت عيناها في عينيّ؛ فأطرقتُ خجلاً، وبعد أن أجهزتُ تماما على اللومي بصرة في كوبي الأزرق سألتها متردداً، لماذا الصورة مغطاة دائما؟ صمتتْ.. ثم أخذتْ نفسا عميقا من سيكارة بغداد وهمستْ لي : الوضوء شرط الرؤية. بالجهة المقابلة للصورة: صور فهد.. سلام عادل.. جيفارا
الآن ونحن في هذا الشهر المبارك في 1446.. 17 / 3/ 2025.. يغمر روحي قبل أذنيّ صوت من ذلك العلو الشاهق : سلامي عليك وأنت ما زلتَ تمعن النظر إلى وجهي..؟
#مقداد_مسعود (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟