لؤي الخليفة
الحوار المتمدن-العدد: 8286 - 2025 / 3 / 19 - 13:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لطالما كانت ادوات التخويف والاحباط من اكثر الوسائل فاعلية في ايدي الانظمة الحاكمة المستبدة لتشديد قبضتها على الشعوب وخلق مجتمعات خاضعة مستسلمة للواقع غير قادرة على التفكير في التغيير. فالخوف يمنع الفرد من التمرد والاحباط يقتل الامل في امكانية تحسين الاوضاع مما يجعل من الشعوب اسهل قيادة وتوحيها , وتعتمد الانظمة القمعية في عملية التخويف وسائل عدة قد تكون اهمها وسائل الاعلام والدور الذي تضطلع به في تضخيم الاخطار واثارة الرهبة من الفوضى او من عدو خارجي كما تستخدم ايضا الخطاب السياسي والديني لترسيخ الخضوع عبر تصوير السلطة الحاكمة كضرورة حتمية لحماية الامة اضافة الى استخدام هذه السلطة القوانين القمعية باجهزتها الامنية المختلفة لاسكات الاصوات المعارضة . اما الاحباط فهو الوجه الاخر لهذه السياسة , حيث تفرض واقعا اقتصاديا متدهورا يضطر فيه المواطن ويجبره الانشغال بتامين قوت يومه بدلا من التفكير في التغيير , ناهيك عن اضعاف التعليم لمنع نشوء اجيال قادرة على التحليل والتساؤل , فيما يجعل من الفساد والمحسوبية قاعدة يفقد من خلالها الفرد ايمانه بالعدالة او امكانية تحقيق النجاح ما يؤدي الى مزيد من السلبية والاستسلام . عندما تسود سياسات التخويف والاحباط يدخل المجتمع في حالة من الركود الفكري والاجتماعي , حيث يقتل الابداع والمبادرة , ويصبح الاستسلام هو الخيار الوحيد , كما ان الشعوب التي تعيش تحت وطاة الخوف المستمر تصبح اكثر تقبلا للاستبداد واقل قدرة على المقاومة . وهنا يجب على هذه الشعوب ان تحكم عقلها البرهاني لا النصي القائم على المنطق والتجربة والتحليل النقدي القادر على مقاومة هذه الاساليب باعتماد الادلة لا العواطف والتشكيك بالسرديات المهينة والتفكير بالبدائل والبحث عن الحلول وعدم الاعتماد على العقل النصي والتلقين الذي يجعل الفرد تابعا وخاضعا للدعاية الدينية والسياسية . وازاء ذلك يمكننا القول ان بناء مجتمع قوي ومتحرر يتطلب تعزيز الامكانيات والقدرة على التفكير النقدي واعادة احياء الامل في امكانية التغيير , اذ طالما استمر الخوف والاحباط في تشكيل وعي الشعوب , ستظل هذه الادوات فعالة في تكريس الاستبداد ويقضي على فرصة بناء مجتمع مستقل واكثر عدلا وحرية .
#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟