أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيه القاسم - ليس هذا الذي انتظرناه















المزيد.....


ليس هذا الذي انتظرناه


نبيه القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 8286 - 2025 / 3 / 19 - 08:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس هذا الذي انتظرناه كلّ هذه السنوات


شَهْقةُ الفرَح التي غمرتنا مع انفجار الجماهير العربية في تونس مُطيحة بحُكم زين العابدين بن علي في بداية عام 2011 وانتقالها إلى ليبيا ومصر وسوريا مبشِّرة ببداية ربيع عربي قادم سرعان ما عَلِقت في حلوقنا وسدّت المنافذَ إلى رئاتنا مع بداية الانقسامات بين المُتَحَكِّمين في مصير الشعب كما في ليبيا والسودان واليمن فتمزقت البلاد وسادت الفوضى، ومع ظهور حركات دينيّة أبرزها "داعش" تسعى لإعادة التاريخ مئات السنوات، ديدنها القتل والذَّبح والاغتصاب والتهجير وكل ذلك باسم الدين ومن أجل إعلاء مكانة الدين وإقامة الخلافة الإسلاميّة في سوريا والعراق.

وبذلك تحققت رَغَبات وخطط وزيرة خارجية الولايات الأميركية المتحدة كونداليزا رايس التي عرفناها باسم "الفوضى الخلّاقة".
وكانت السنوات الأربع من الأقسى في حياة العراقيين والسوريين ممّا قاسوه من أفعال داعش، فقُتل مَن قُتل وتهجّرَ من طُرد، وغادرت الملايين بيوتها ووطنها طالبة النّجاةَ حيثما تجدُ مَن يستقبلها ويرعاها. وانقسم الناس في البلدين كلٌّ حسب انتمائه الدينيّ: سنّي، شيعي، علوي، نصيري، درزي، مسيحي، كردي، أزيدي. والكلّ يكفّر الكل ويحتكر الله له والجنّة لأتباعه، فلم تعد لكلمة "العروبة" و "أمّة عربية واحدة" أي بريق. وبالتغلّب على "داعش" و "النُّصرة" وباقي التنظيمات الجهاديّة وإضعافها وطَرْدها من مواقعها، ظلّ الشَّعبان العراقي والسوري يُعانيان من الانقسام الديني ما بين الانتماء للشيعة، أو للسنّة، أو للمسيحية أو للعرب، أو للأكراد، وظلّ ظلم النّظام السوري وبشار الأسد يزيد من أعماله الإجراميّة ويُهجّر مواطني بلاده، ويملأ السّجون بمَنْ يجرؤ على التَّفوّه بأيّ لفظة شاكية.
وكانت البُشرى بثورة الشعب وانهيار وتراجع الجيش السوري واحتلال المدن الواحدة بعد الأخرى وهرب بشار الأسد من قصره ومن دمشق ليجد الملجأ الأخير في موسكو.
ورغم التّساؤلات والشكوك والتّخوّفات والمُتابعة لكلّ خطوة للحُكّام الجُدد ظلّ الأملُ بغَد أفضل لسوريا وأهلها.
وكانت فرحتُنا بمتابعة احتفالات الشعب السوري بالذكرى الرابعة عشرة لانطلاق ثورته ضدّ حكم بشار، وقَصَدْنا التّغاضي نوعا ما عمّا كُنّا نسمعُ عن الأعمال الإجرامية التي حدثت في مدن وقرى الساحل السوري حيث يُقيم أبناءُ سوريا من العلويين، حتى صدَمَتنا المشاهدُ التي نراها في مختلف المواقع من أعمال داعشيّة يقوم بها سوريون ضد أخوتهم السوريين من الطائفة العلوية، وتلك التّسجيلات المُرعبة والمُثيرة للفزَع والخوف والقلق ممّا ينتظر السوريين. فإمام من أئمة دمشق في خطبته أمام المئات من المصلين داخل المسجد يُعلن "أن دمشق لا يمكن أن تبقى مُدنّسة من الكفّار، ويجب أنْ تكون لأهل السنّة فقط.
وهلّل العشراتُ وكبّروا تأييدا له، ولم يقف واحد من المَوجيدين ليعترض أو يُنبّه لخطورة أقوال الشيخ.
وفي شريط فيديو ثان يُهدّد المتحدث كلّ الكفّار بأنّ مصيرَهم محتوم وأجسادَهم ستُسلخ وتُنَظَّف وتُطهى على النار لتكونَ وجبة شهيّة للمؤمنين، ويكشف عن صينية تمتلئ بأعضاء إنسان، ويمسك بجمجمة، تبدو لفتاة صغيرة يُحرِّكها ويتلمظ بطَعْمها اللذيذ مُهدّدا.
وتردّدتُ بالكتابة حول هذا الموضوع الحَسّاس في هذا الوقت بالذّات، رغم أنّ الواجبَ يفرض على كلّ عربي واعٍ ومثقّف ويهمّه مصير ومستقبل شعبه وأمّته ووطنه، وخاصّة المسلم، أنْ ينبريَ لهذه المواقف الدّاعشيّة المُخيفة المُفتّتة والمُمزقة لشعبنا وأمَّتنا.
لكنّ قراءتي لمقالة الكاتب راشد عيسى من أسرة جريدة "القدس العربي" يوم 17.3.2025، وليعذرني على الاقتباس من كلماته، التي جاء فيها :" كان التلكؤ في تصديق المجزرة مفهوماً، فلا أحد يريدُها، خصوصاً الإدارة السورية الجديدة، التي ضربت المَثل ببراغماتيتها في سبيل الحصول على اعتراف دولي، إلى أنْ جاءت الأخبار من أسماء نعرفها ونثق بمصداقيتها، التي راحت تتحدّث عن قرى وأهل وأسماء، ومن بينها المُعارضة والمعتقلة السابقة هنادي زحلوط، التي نعت إخوةً ثلاثة لها أعدِموا ميدانياً، كما جاء في منشور لها على فيسبوك. فهذا صوت موثوق، يحكي قصة شخصية غير منقولة. ومع الأخبار وصلت فيديوهات عديدة، من بينها واحد كان الأفظع، لأم سورية أمام ثلاث جثث (لابنين وحفيد لها) مُلقاة أمام البيت، فيما يجادلها قاتِلوهم بحوارٍ مُخزٍ: «هذول ولادك.. نحن عطيناكم الأمان، بس أنتم غدارين»، و"استلمي ولادك». حوار مهين، لا لأنه طائفي وحسب، بل لأنه لم يراع أقدس المَشاعر وأكثرها نبلاً. هل هناك أكثر توحّشاً من أن يُقتَل أبناءٌ أمام والدتهم، ويُترَكون جثثاً مكشوفة في الطريق، ثم يُشرِعُ القَتَلة بـ «مُكايدة» الأم!
ويُتابع "كما أنّ الدّخول إلى حيّ ومحاولة قَتْل كلّ مَنْ فيه هو صورة مُصغّرة عن رغبة أشمل، قد يُسهم في تسهيلها ثقافةٌ تكفيريّة عند بعض الفصائل".
ويسأل "لماذا قُتل شبان مَدنيّون على الفَور حتى قبل أن يُجيبوا عن سؤال إن كانوا علويين أم لا؟ وحتى قبل أنْ يُسألوا إن كانوا مع النظام أم ضدّه، إن كانوا عسكريين أو مدنيين.."
قراءتي لمقالة راشد عيسى حرّرتني من التردد وكتبتُ فله الشكر الكبير.
وإذا كنتُ قبل مدّة كتبتُ مُحذِّرا من دَجَل الشيوخ الجَهَلة ومن الفَتاوى التي يُدَبّجونها ومن التّعدي على الدين الإسلامي والرسول الكريم بنِسْبَة كلّ ما يقولون للرّسول ممّا لا يُعْقَلُ أنْ يكون الرسول قد تفَوّه به، كما حذرتُ من المُنجِّمين العملاء الذين يعملون على تخويف الناس بالمصائب التي ستحلّ بهم*، فماذا سأقول عن هؤلاء الشيوخ اليوم الذين يُنكرون حقَّ أيّ إنسان غير سنّي في أنْ يُقيم في دمشق، وقد يمتدّ التّحريمُ والمَنْع على كلّ القطر السوري والوطن العربي، وأيّ كلام يُمكنني أنْ أقول لمثل الذي يتلمظ ويتفاخر بطعامه الأشهى من جَسَد الكافر أو الكافرة التي ليست من دينه أو طائفته؟!
وأيّ أمان سيشعرُ به العلوي والدّرزي والكردي والمسيحي وغيرهم في ظل حُكم داعش جديد أشدّ وأقسى وألأم.
هذا ما على المسؤولين في سوريا في الحكم والمُجتمعات المختلفة وفي كلّ أقطار الوطن العربي أن ينتبهوا له ويتصدّوا لمَن يُفكّر به قبل أن يحدثَ الذي نخافه ويكون الطوفان وتكون سوريا غيرها التي نعرفها.

*نشرت كلمتي تحت عنوان "دَجَل مُنجّمين وغَباء شيوخ وصمْت المثقّفين" على صفحتي في الفيسبوك وفي جريدة الاتحاد وعلى موقع الحوار المتمدن ورأي اليوم وجريدة المثقف العراقية يوم 17.10.2024



#نبيه_القاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمود درويش في حواره مع الذات
- -منزل الذكريات- لمحمود شقير مقابل -الجميلات النائمات- لكاواب ...
- لذكرى البروفيسورة الروسيّة أولغا فرولوفا المحبّة لشعبنا ولغت ...
- لذكرى البروفيسورة المستشرقة الروسية أولغا فرولوفا
- المُبدع الفلسطيني محمود شقير يحلم بعالم أجمل وناس أطهر من ور ...
- دجل منجمين وغباء شيوخ وصمت المثقفين والمسؤولين
- حول رواية -فرصة ثانية- لصباح بشير
- قصة -وأخيرا ماتت أمي-
- أسعد الأسعد و -جَمر الذكريات-
- في الذكرى العاشرة لغياب الشاعر سميح القاسم ومساهمته في تطور ...
- في الذكرة الثالثة والثلاثين لرحيل الكاتب يوسف إدريس
- الرؤية المختلفة لباسم خندقجي في روايته -قناع بلون السماء-
- إلى توفيق زياد في ذكرى غيابه
- محمود شقير في حفل تكريمه لفوزه بجائزة فلسطين العالمية للآداب
- رواية -راكب الريح- والتّألّق في إبداع يحيى يخلف
- عاطف أبو سيف في روايته - مُشاة لا يَعبرون الطّريق-
- معين بسيسو الفاسطيني الذي لم يلق الراية
- أشرف إبريق و -للحديث نظير-
- في رواية -عازفة البيكاديللي- لواسيني الأعرج المكان هو الأساس ...
- واسيني الأعرج في روايته عن مي زيادة


المزيد.....




- -إنه بخير-.. بروس ويليس يحتفل بعيد ميلاده الـ 70
- نتنياهو يواجه غضبا شديدا مع تفاقم الانقسامات في إسرائيل جراء ...
- اليوم العالمي للسعادة: هل يختلف مفهومها بين الشعوب؟
- سلسلة غارات جوية مكثفة تستهدف مواقع تابعة للحوثيين في العاصم ...
- وزيرة الخارجية الألمانية في بيروت: نرفض -أي احتلال إسرائيلي ...
- سوريا.. اللجنة الأمنية في اللاذقية تجتمع مع وجهاء وأعيان الد ...
- روبيو: تاريخ القرن الـ 21 سيتمحور حول الولايات المتحدة والصي ...
- البيت الأبيض يتهم إدارة بايدن بقتل 8 ملايين دجاجة
- فيدان يلتقي حسين الشيخ في أنقرة
- قائد فرقة غزة السابق: الجيش وصل لأقصى حدود قدرته على إجبار ح ...


المزيد.....

- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيه القاسم - ليس هذا الذي انتظرناه