أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رسلان جادالله عامر - هل كانت ديكتاتورية اﻷسد حكما علويا أو بعثيا أو علمانيا؟















المزيد.....


هل كانت ديكتاتورية اﻷسد حكما علويا أو بعثيا أو علمانيا؟


رسلان جادالله عامر

الحوار المتمدن-العدد: 8286 - 2025 / 3 / 19 - 02:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مثل هذا الكلام ما يزال يتم تداوله على نطاق واسع داخل وخارج سوريا ﻷسباب وأهداف مختلفة، بل ومغرضة في العديد من الأحيان.
حيث كثيرا ما يقال في وصف "الحكم اﻷسدي"، "الحكم العلوي" أو "الحكم النصيري" أو "الحكم الأقلوي" أو "الحكم البعثي"، وفي أحيان غير نادرة "الحكم العلماني"، كما ويسمى نظام الأسد أيضا "حكما طائفيا، أو أقلويا، أو حزبيا"، أو حتى "علمانيا"، بل وفي بعض اﻷحيان يصبح اﻷمر عجائبيا إلى درجة يتم فيها تسمية هذا الحكم اﻷسدي بـ"الحكم النصيري العلماني"، بشكل يجمع بدرجة بالغة من غياب العقلانية بين العلمانية والطائفية الدينية معا.
وفي هذه المقالة الوجيزة، سنوضح ليس فقط أن حكم اﻷسد لم يكن لا علويا ولا أقلويا ولا بعثيا ولا علمانيا، وإنما كان حكما ديكتاتوريا وحسب.
وإضافة إلى ذلك سنبين الفجاجة المغالطية الضخمة التي يتم فيها استخدام مصطلحات مثل "الحكم اﻷقلوي" أو "الحكم الطائفي"!

ماذا يعني "حكم أقلية" أو "حكم طائفة"؟!
هذه المفاهيم يتم اليوم على الساحتين السورية والعربية في كثير من الأحيان استخدامها بشكل ميكانيكي جامد دون التمعن في مدى دقتها!
فإن كان هناك طغمة تستبد بالحكم وتستغل الطائفة التي تنتمي إليها، كالطغمة اﻷسدية، التي بنفس الوقت كانت تستخدم لتوطيد استبدادها حاشية واسعة من الطوائف والجماعات اﻷخرى في سوريا، فهل يعني هذا أن الأقلية أو الطائفة التي جاء منها اﻷسد المستبد بالحكم، وهي الطائفة العلوية، هي الحاكمة؟!
وهل كان العلويون عمليا هم من يحكمون كطائفة؟!
أو هل كانت طائفة العلويين هي فعليا التي تحكم كطائفة؟!

لنفترض -على سبيل الطرح- أن طائفة معينة تحكم، فمنطقيا ليس من العقلاني قطعا أن نقول أن الطائفة كلها تحكم بشكل مباشر، أي أنها تشارك كلها بالحكم بشكل مباشر!
ولنقارن ذلك مثلا بالديمقراطية، التي تعني "حكم الشعب"، فحكم الشعب هذا لا يعني قطعا أن الشعب كله يشارك بالحكم حكما مباشرا، وإنما حكم الشعب يعني اليوم فعليا أن هذا الحكم يتم بواسطة هيئة تمثل الشعب وتفوض من قبله، وتحكم وفق إرادته ولما فيه مصلحته!
بغير ذلك لا يمكن الحديث عن "حكم شعب"؛ أي باختصار، إذا كان من يحكم في شعب ما هو ديكتاتور، فهنا لا يمكن القول أن الحكم الموجود هو "حكم شعب" أو "حكم شعبي"!
فالديكتاتور الحاكم لهذا الشعب لا يحكم كممثل لشعبه، ولا بتفويض منه، ولا بإرادته وليس لمصلحته، فكل من التمثيل والتفويض والإرادة والمصلحة في حالة الديكتاتورية تكون مرتبطة كليا وحصريا بالديكتاتور الحاكم!

والكلام عن الحكم الطائفي أو "حكم الطائفة" مشابه، سواء كانت هذه الطائفة أقلية أو أغلبية؛ فلكي يكون مثل هذا الحكم الطائفي قائما حقا، فيجب أن تكون المنظومة الحاكمة ممثلة لطائفتها، أو مفوضة من قبلها، أو تحكم بما يتماشى مع إرادة هذه الطائفة، أو لما فيه مصلحتها!
فإن لم يكن الحاكم وزمرته ممثلين لطائفة معينة أو لم يكونوا مفوضين من قبلها بالحكم، أو كانوا لا يحكمون وفق إرادة أو لمصلحة هذا الطائفة، فهنا لا يعود من المنطقي الحديث عن هذه الحالة قطعا كـ"حكم طائفة" أو "طائفة تحكم" أو "حكم طائفي"!
ولا يعود من العقلاني الكلام عن "حكم أقلوي" أو "حكم أغلبوي"، بالمفهوم الطائفي للأغلبية واﻷقلية.
ومن المعلوم للجميع أن الحاكم الديكتاتور، لا يمثل في حكمه إلا نفسه، وليس طائفة ولا سواها، ولا يحكم بتفويض من أحد غير نفسه، ولا يحكم لمصلحة أحد سوا نفسه!
فالديكتاتور الحاكم، يمثل نفسه في الحكم فقط، ويفوض نفسه بالحكم بنفسه، ويحكم لمصلحته الخاصة وبإرادته الخاصة وحسب!
وبالتالي، فحكمه حكم ديكتاتوري وحسب، ويجب عدم وصفه بأنه حكم طائفي أو أقلوي أو أغلبوي أو قومي أو حزبي، أو ما شابه!

وهذا ما كان عليه حال نظام اﻷسد، الذي كان حكما ديكتاتوريا أسديا محضا، ولم يكن حكما علويا، ولا أقلويا، ولا بعثيا، ولا علمانيا!
فاﻷسد لم يكن في الحكم يمثل الطائفة العلوية، ولا يحكم بتفوض منها، ولا يحكم وفقا لإرادتها، ولا لأجل مصلحتها!
والكلام عينه يمكن قوله عن علاقة حكم اﻷسد بحزب البعث، حيث أن اﻷسد لم يكن يمثل هذا الحزب في حكمه، ولا يحكم بتفويض من هذا الحزب، أو وفق إرادته أو لتحقيق مصلحته!
وإنما كان اﻷسد يحكم لمصلحته الخاصة، ولم يكن في حكمه ممثلا إلا لنفسه، وكان يحكم بتفويض من نفسه لنفسه، وكما يريد ويشاء!
فبأي منطق يمكن القول بناء على ما تقدم من توضيح أن الحكم اﻷسدي كان حكما علويا أو بعثيا، أو أقلويا أو علمانيا؟!

حكم اﻷسد الديكتاتوري، كان حكما أسديا ديكتاتوريا وحسب!
ولكن الأسد بحكم أصله العلوي استغل صفته هذه ليستغل بها عصبية الانتماء التقليدية الطبيعة الموجودة عند العلويين بأقصى قدر ممكن لتثبيت وترسيخ استبداده!
و في هذه العصبية الطبيعية لم يكن العلويون كطائفة مختلفين عن أبناء أية طائفة أخرى في عصبيتهم هذه لا كما ولا نوعا!
أما طائفة العلويين نفسها، فقد كانت تحت نير حكم الأسد مقموعة مثل غيرها، ومهمشة بما لا يقل عن غيرها، ومستغـَلة أكثر من غيرها؛ وفعليا نظام اﻷسد حطم الهيكلية الذاتية التقليدية لهذه الطائفة، وأعاد هيكلتها بما يخدم مصلحته، وجعل نفسه فيها النواة ورأس الهرم، بل وحتى الإطار، وفي عملية إعادة الهيكلة هذه، لم تعد الطائفة العلوية فعليا طائفة علوية، بقدر ما أصبحت "جماعة أسدية"، والأدق "جماعة وظيفية" موظفة لصالح الأسد، وخزانا بشريا مسيطرا عليه ليستمد منه اﻷسد المادة البشرية اللازمة لمخططاته!
وفي كل ما كان يفعله اﻷسد، كان هو وطغمته المتسلطة وحدهم المستفيدين منه، أما الطائفة العلوية فعدا عن استغلالها الواسع والحاد كحطب في مطبخ سلطان اﻷسد، فهي علاوة على ذلك كانت وما زالت تتحمل وزر طبخاته الخبيثة!

وبالنسبة لحال حزب البعث، فهو لم يكن قطعا أفضل، وفعليا اﻷسد لم يٌبق من حزب البعث إلا الهيكل التنظيمي وحسب، فيما تم إفراغ هذا الحزب من عقيدته وقيادته وكوادره، وألغي دوره السياسي، وجرى تحويله إلى مورد بشري وتنظيمي إضافي لخدمة الديكتاتورية اﻷسدية، ليستخدم من قبلها كمنظومة استخبارات وضبط اجتماعي رافدة، وكواجهة سلطوية، تستطيع هذه الديكتاتورية أن تتمظهر بواسطتها بمظاهر الوطنية والعروبة والاشتراكية والتقدمية والمدنية، بغية التغطية على جوهرها الديكتاتوري القبيح الشرس!

وبالتالي، يمكن القول بثقة وبحزم أنه من الخطأ أو الغلط التامين وصف ديكتاتورية الأسد بأنها "نظام حكم علوي" أو "نظام حكم بعثي"، فهي "نظام حكم أسدي"، أسدي وحسب، وهذا النظام كان من الخبث بأنه تمكن بشكل واسع وشديد من استغلال الطائفة العلوية وحزب البعث، والعديد غيرهما من اﻷطراف اﻷخرى على الساحة السورية، حيث تلاعب مثلا بالمسالة الطائفية، وعمل على تنمية التعصب والتوتر الطائفيين، ليتسنى له تنصيب نفسه في موقع حامي اﻷقليات، وحامي العلمانيين، من خطر اﻷغلبية المتعصبة المتطرفة عليهم (وفق الزعم غير المعلن لهذا النظام)؛ كما استغل القضية الفلسطينية أيضا.
هذا عدا عن استخدام هذا النظام لبطانة وحاشية كبيرة وشبكة واسعة من مختلف الطوائف والجماعات في سوريا، ممن كانوا يشتركون معه في خبث المصلحة، ويضعون أنفسهم خدما ومَوال له ﻷجل هذه المصلحة!

أما الإصرار على وصف ديكتاتورية اﻷسد بأنها "حكم علوي" أو "حكم أقلوي"، أو "حكم بعثي"، أو القول عنها بأنها "حكم علماني"، وما يشبه ذلك!
فهذا كله إما جهل بمنطق اﻷمور، أو تجاهل متعمد لحقائق اﻷمور، أو حكم عليها بمنطق العصبية والتعصب الطائفيين اللامنطقي، أو غرق في مستنقع الديماغوجية التي يصنف فيها نظام الحكم وفقا للمنتمى الطائفي للحاكم، سواء كان ذلك المنتمى فعليا أم شكليا، وفي مثل هذا المنظور الغوغائي على سبيل المثال سينقلب نظام الحكم الفرنسي العلماني إلى "نظام حكم مسيحي"، ﻷن الحاكم بمنظور أصحاب هذا المنظور "مسيحي" كما يتصورون!

إن الاستمرار في تسمية ديكتاتورية الأسد المجرمة بمسميات لا تنطبق جوهريا عليها، هو فعليا تجريم للأصحاب الحقيقيين لهذه المسميات، وهو إجرام كبير بحقهم قد يكون متعمدا أو غير متعمد، وهذا الإجرام يجب أن يتوقف، ويجب الكف عن لصق الوصمة الأسدية، سواء جرى ذلك بكثرة أو بقلة، بالطائفة العلوية أو بالأقليات أو بالبعثيين أو بالعلمانيين، أو غيرهم من الجماعات السورية، فهؤلاء كلهم من الطغمة الأسدية والأسدية أبرياء تماما.

*

‏18‏/03‏/2025
سوريا - السويداء



#رسلان_جادالله_عامر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديالكتيك العَلمانية
- ما هي العلمانية؟
- التناقض الجوهري بين الدولة المدنية الديمقراطية ونظام المحاصص ...
- ما هي -الدولة المدنية الديمقراطية-؟
- الكتابة عن الحب والجنس في موضع جدل
- إشكالية الاختلاف، دور النظام الاجتماعي وإمكانية الحل
- ما هي -ما بعد العلمانية-؟
- بناء الثقة والأمن: البريكس والنظام العالمي
- إثنان من كارل ماركس
- العملية الحربية الخاصة وتغيير النظام العالمي
- عبد عدوه لا ينصر أخاه...
- كيف تتعامل العلمانية مع المسألة الجنسية؟
- تحليل الحمض النووي يثبت أن القديس لوقا هو من يقولون أنه هو
- الطائفية بين عصبية الطائفة وتردي المجتمع
- قصة حب ميهاي إمينيسكو وفيرونيكا ميكلي
- الديكتاتورية.. تقزيم الشعب وتأليه الزعيم
- مشكلة الزي بين المرأة العصرية والمؤسسة الدينية التقليدية
- مزامير على إيقاع فلسطيني
- هل للدين أهمية في العالم الحديث؟
- يا روح لا تتوقفي.. هيا انزفي


المزيد.....




- غزة والحوثيون وترامب.. كاتب إسرائيلي كبير يشرح ماذا حدث؟
- مكالمة بوتين وترامب تشعل الجدل: هل تلوح فرصة للسلام أم استمر ...
- الكرملين: كييف تحاول تقويض جهود السلام
- ترامب يعرض تملّك منشآت طاقة أوكرانيا
- ملتقى الإمارات الرمضاني.. تسامح وتعايش
- الجيش اللبناني ينتشر في حوش السيد علي
- لامي يتراجع عن تصريحاته بشأن إسرائيل
- شويغو: هناك عقبات تعقد التسوية السلمية في أوكرانيا
- -أ ب- عن مصدر: كندا بصدد إجراء محادثات مع الاتحاد الأوروبي ل ...
- السلطات الأمريكية الاتحادية تبحث عن زعيم عصابة في لوس أنجلوس ...


المزيد.....

- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رسلان جادالله عامر - هل كانت ديكتاتورية اﻷسد حكما علويا أو بعثيا أو علمانيا؟