واثق الحسناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8286 - 2025 / 3 / 19 - 01:08
المحور:
الادب والفن
الجوائزُ الادبيةُ ما بينَ الخطاب الأدبي والخطاب السلطوي.
د.واثق الحسناوي .
كثيرا ما نسمع أو نشاهد او نشارك في مؤتمرات وفعاليات حصاد الجوائز الادبية، التي تقدّم قيما مالية ومعنوية، اعترافا واشادة بعمل ادبي مائز ابداعي- ومنذ عام 1901 تقريبا- يستحق التكريم والثناء عليه، وقد تُمنح لشخص أو أكثر بحسب المستوى الابداعي ومعيار التقييم المختص في ذلك، ومنها جوائز أدبية الشعر والرواية، وجائزة نجيب محفوظ، وجائزة الخيال العلمي، وجائزة شاعر المليون، وجائزة أمير الشعراء، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة الملك عبد العزيز العالمية للترجمة، وجائزة القدس، ومنها الاجنبية مثل :جائزة نوبل في الادب وجائزة بلانيتا، وجائزة ابسن، والفاجورة، وجائزة رواية الربيع ،وجائزة روث ليلى للشعر، وجائزة ثيربانتس، جائزة كامويس،جائزة بوكر الأدبية، جائزة بوليتزر، وجائزة فرانتس كافكا... وكثيرا ما نُسرُّ بهذه الالتفاتات المائزة والحاضنة والراعية للمبدعين من الادباء، ومن مختلف الدول العربية، أو الاجنبية؛ كونها -وبحسب أهدافها المعلنة تسعى لانتشال عددٍ كبيرٍ من مبدعي عالمنا العربي من براثن الاهمال والنسيان او مطرقة التابوهات السلطوي وخطاباتها الدوغمائية. فهي توجّه ضوء كاشفها على المناطق المعتمة أو الملغّمة أو المسكوت عنها أو المقصيّة للمبدعين في العالم العربي .وبذلك هي حققت نجاحا فائقا بالجهد المادي والمعنوي، وخدمة مائزة للمجال الادبي والمبدعين عبر هذه المؤتمرات والاحتفاليات، والنشاطات والممارسات، والفعاليات الابداعية المهمة، التي تفعّل مِن عملية التلاقح الادبي والمعرفي بين المبدعين العرب، وتنشّط الحركة التفاعلية الادبية، وتطوّر من المستوى الادبي العربي عبر هذا التفاعل والتلاقح المستمر، فضلا عمّا تقدّمه من جوائز مالية تُعين الكتّاب وتشجعهم على التنافس الابداعي الشريف فيما بينهم، ولهذا العمل الجبّار الرصين الحصين، نرفع لها القبّعات، ونحني بكل سرور وتواضع، كونها تخدم انسانية الانسان، وتحترم ادبية الادب ، وتقدّر القيمة الابداعية للمبدع وفكره وذوقه الجمالي، وهي غاية كل مَن يعي إن احتضان العلماء والادباء والكتّاب والفنانين والناشطين المدنيين، جزءٌ من حقوق الشّعب-المبدعين تحديدا- على هذه المؤسسات الرسمية او غير الرسمية . وبالتالي هي تُحقق مستوى من العدالة الاجتماعية والادبية، وتُسهم في ارشفة الحاضر واحتضان التراث او ترميمه او اعادة صياغته بما يوفق طبيعة كل عصر، ولهذا فهي حلم وقِبلة كُّل كاتب أو اديب لأن يرتقي منصّتها العربية او العالمية، وهو يفخر بما قدّمه خلال فضاء هذه المؤسسات المعروفة على المستوى العربي، أو العالمي في النافذة التي يطلُّ من خلالها الاديب المبدع المحظوظ لاثبات وترسيخ ودعم وفرض هويته الادبية، لتكون جواز عبور ومرور للعربية او العالمية. ومن دواعي الفخر والسرور ان تحتضن بعض الحكومات العربية في بلداننا العربية مثل هكذا مؤتمرات وندوات ونشاطات، ومؤسسات تُعنى بالمبدعين العرب في مختلف الاختصاصات ، بشرط أن لا تُجير لصالح الخطاب المركزي السلطوي ، اذ ان بعض حكوماتنا العربية مازالت غارقة في اوهام الخوف من مداد القلم او لسان المثقف للأسف. فالكاتبُ أو الاديبُ أو الفنانُ هو المصباح الذي يُنير الامم والشعوب -إن ارادت الحكومات توظيفه لتلك الخدمة الرسالية السامية- كما فعل الانبياءُ والرسلُ والصالحين والوعاظ مِن قَبل، وبعضُ الحكّام في اسيا أو اوربا أو المنطقة العربية، الذين دوّن التاريخُ اسماءهم بأحرف من نور وذهب، ورفعتهم الشعوب والامم كشارةِ فخرٍ وعِزٍّ ورمزٍ للنور والتطور والتحرر. إلا ان هذا الجهد الكبير لا يمكن ان يُشيّد أو يقام أو يرسّخ على دعائم ركيكة أو ضعيفة تدفعه الى الانهيار مستقبلا ، لتخلخل البناء والوحدات الداخلية التي تشكّل هذا الكيان، بسبب بعض الاخطاء أو الشوائب أو التوجهات التي تنتابه. ومن أخطر هذه الشوائب او الاغلاط او التوجهات، أن يكون اختيار المبدعين عن بعد عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وبحسب العلاقات الشخصية او التوجهات الايديولوجية للأسف أو تكرار الشخصيات ذاتها في معظم المؤتمرات والفعاليات، وهذا يَحرم عدداً كبيراً من المبدعين الشباب أو الهواة مِن أخْذ حقوقهم في المشاركة، وقد يشعرهم بالإحباط، كما حدث مع الكثيرين في عالمنا العربي للأسف . كذلك تحوّل بعض هذه المؤسسات الراعية أو الحاضنة أو الممولة للجوائز الادبية الى مؤسسات ربحية نفية شخصية ايديولوجية وعلى حساب رصانة العمل الادبي وادبيته واخلاقيته، وهو ما لا نقبله اطلاقا. فضلا عن بعض المشاكل المالية أو المهنية والعلمية؛ لذا نوصي هذه المؤسسات التي تتبنى مشروع الجوائز الادبية العربية أو العالمية _ وهي مشكورة_ ان تتبنى آلية الكترونية تقيّمية علمية مهنية موضوعية رصينة، تُعطي كلَّ ذي حقٍ حقه، وترعوي حالات الاخطاء في السنوات الماضية، وإلّا تنحاز لأيٍّ شخصية أو جهة أو جماعة أو بلد ما. فعالمنا العربي يكتظُ بالكثير من المبدعين الذين تسلّط عليهم مَن تسلّط مِن الوصوليين والانتهازيين، أو اقصتهم السلطاتُ الدوغمائية أو الاصولية .لذلك نوصي بأن يكون مستوى الجوائز يليق بقامة كل متقدِّم او مبدع وأن ُتخصص المهرجانات والجوائز في مجال عمل خاص، دون التداخل والتداخل والتشكّل والتشاكل المُخِل، على حساب جودة ونوعية العمل واختياره، اذ نجد كثيراً من المهرجانات تدعو –مثلا- الكتّاب في مختلف المجالات.! فهل يُعقل انّها ستنجح في أن تكون حيادية وموضوعية ومنصفة في اختيارها للفائزين بالجوائز، ومن مختلف الاختصاصات؟، وكيف نضمن عدم تدخل السياسة او الدين او رأس المال الفاحش او التدخلات الخارجية في عملية الاختيار؟ نحن لا ندعم مثل هكذا مؤسسات تغبن وتبخس حقوق المبدعين بالتدليس والتبخيس، اسوة بالمؤسسات التي تتبناها الحكومات المركزية او الاصولية الى تتبني مثل هكذا مؤسسات تكون بوقا لها او نافذة لتمرير افكارها الايديولوجية، تُجيِّر عملها لصالح السلطة، فأيُّ خطابٍ تتبناه السلطةُ من قريب او بعيد، هو خطاب اعور -بحسب تعريف غرامشي للمثقف العضوي- اذ لابدَّ أن يحابي أو يجامل السلطة على حساب المتلقي والنوع والمعيار الادبي، كون السلطة تمثّل رأس المال بالنسبة له، وبالتالي دائما ما يمتلك صاحب المال العمل ويتصرف فيه من قريب او بعيد. كذلك لا ندعو الشركات الاستثمارية الى تبني هكذا مؤتمرات وفعاليات، كونها ستجعل من الحصول على الجوائز عملية استثمارية مادية خالصة على حساب الجودة والنوع والفرادة والبداعة، بعيدة كل البعد عن الحِس والذوق والجمال والابداع الادبي. ومن الاخطاء التي تقع فيها المؤسسات –ايضا- تبينها لعدد من الاشخاص لعدد من الدورات بشكل متكرر . ولا يُخفى –ايضا- المشاكل الشّخصية بين الادباء انفسهم أو مع المسؤولين الرّاعين لهذه المؤسسات، لاختلاف المعايير وقلّة المقادير، وكثرة المحاذير التي تعتمدها هذه المؤسسات، والتي يُفترض أن تكون عادلةً ومحايدةً وأدبيةً خالصة.
#واثق_الحسناوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟