أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين الصالحي - مشروع احمد عفيفي الشعري















المزيد.....



مشروع احمد عفيفي الشعري


بهاء الدين الصالحي

الحوار المتمدن-العدد: 8285 - 2025 / 3 / 18 - 12:01
المحور: الادب والفن
    


أحمد عفيفي
المبدع في ذلك الجيل أنه قد صاغ ألمه أولا ثم طوع اللغة لتكون معبرا للعالم ليعكس ذلك الجيل رؤيته للعالم شعرا وبذلك يتحقق مفهوم التنوير حيث الواقع هو المبتدأ ولكن الخطاب الشعري قادر على تجاوز ذلك العالم ليستخرج من اللغة أقصى طاقة تعبيرية لها، يتبنى ذلك في قصيدة دمعة نبي لتحمل تلك القصيدة وحدة السياق فلم تعد وظيفة النبي هي الإرشاد بل العطف والأسى على الخلق وذلك لتحول قابيل لقاعدة أخلاقية سائدة من خلال طرح فكرة السببية ما بين نداء بداية القصيدة ونهايتها: دمعة النبي على طرف ملكوت السماء تشبه طوفانا لأن الحق صار سلعة تباع بعد بيع الحسين برغيف، هنا نسبية الأخلاق ومساحة التراجع عبر ذلك المجتمع وبذلك يحمل البعد المجازي ليكون النبي هو ذلك الشاعر الذي يحمل نبؤاته عبر لغته ولعل ذلك الإستنتاج بالإدانة الأخلاقية لذلك العصر من خلال المقابلة الوصفية حيث من يتوضأ بدماء المسيح هومن يلمع جزمة يزيد، المقابلة والجمع في الإستجابة للقاتل والمقتول والحق والباطل ، ولكن اللغة والقدرة على التصريف هنا في( الكربلة) باكية في يوم رن الجرس، وكأن تحويل كربلاء من تاريخ ذي دلالة ثابتة تاريخيا إلى حالة قابلة للتكرار كمصدر رئيسي من مصادر الفعل الإنساني المتكرر، المبدع في ذلك الجيل أنه خلق سياق لفظي متميز قائم على تتابع الصور وفق مفهوم التوالد المعنوي حيث تتوافق المترادفات لخلق الإيقاع لعمق الأزمة التي إستدعت دمع النبي. ألفاظ مثل( طاجن لبن - الشادوف- السواقي) وهي مفردات تتعلق بمفهوم إنتاج الحياة اليومية ثم إعادة إنتاج التناص مع الأية القرأنية المتعلقة بعطاء السماء لمريم حالة ولادتها لعيسي ، (فكلي واشربي وقري عينا) ليتوفر لدى عقل المتلقي مفهوم الفرج وإنبساط الرزق ولكنه أتى بذلك التناص كنوع من اللغة الفنية الراقية حيث المقابلة بين تلك الصورة الذهنية المتداولة ورؤية الشاعر القادر على تحريك العالم من خلال رؤيته: هز النخيل سقط معاني.
حذف حرف الألف من الفعل أسقط ليكون الحذف للإيجاز كذلك حرف الياء الوارد في التصغير ليورد لنا معنى كامن مفاده: حتى مصادر الخير في العالم قد تضاءلت، ليصبح البطل الرئيسي في ذلك البعد الإبداعي هو الشخصية الإنسانية بعيدا عن إنتظار السماء حيث فكرة الرصد لذلك الغياب التام للفعل الإنساني من حيث ترتيب الأبيات كسياق فرعي داخل القصيدة حيث هز النخيل فتساقطت المعاني وهي إنتاج عقلي وليس مادي ، ثم إعادة التطور الموروث من قصة مريم ثم يقرر غياب ذلك التصور على أرض الواقع حيث القتامة وإنعدام الأمل ،فالمدى مقفول على بابك هناك ليستعير الشاعر بذلك بنية السببية الكائنة في العمل الروائي مع مهارة الإيجاز اللغوي لأن السماء ساكتة لن تمدك بملائكة حيث أنك أنت المنوط بك الفعل، وبذلك تنتفي صفة الوجدانية المفرطة ليصبح نثار الصور عبر القصيدة صدي رئيسي للعالم المبعثر حوله ، ولكنه أمسك بلجام اللغة حيث تترادف الصور والكلمات المؤدية للإغراق في سياق معين لتكون القصيدة بعدا تثويريا دافعا لفكرة الثورة.
وكذلك التصريف اللغوي حيث الجموع المبتكرة(نصول) وكذلك صياغة الفعل المضارع العامي في ثوب شبه فصيح من حيث المهارة في بناء الجملة : الغنوة تتلحن وطن/ والعشق بيحدف دموع /يشرب من النيل عطشي/ يرميه لتحت /بيمسمروا.
فالفعل: تتلحن ، التاء هنا زادت بحيث زادت جماعية الإرادة في فعل الوطنية، ثم يحذف هنا ،ذلك خلق إيقاعا مستمرا في عشوائية التواصل ودليل عطش الروح أن تلك الحالة قد إنعكست على فعل البطل رمز الإرادة والخصب ليصبح مرادفا للعطش، والفعل( مسمر) هنا مغرق في العامية ولكن تصريف الفعل من حيث إيجاد حرف العطف وكذلك في صيغه الفعل المضارع دلالة أن المسيح ليس المعرف دينيا بل كل من سار سيرة في مسألة الحق والشفافية ليتوائم الشاعر و/المسيح /النبي ، من خلال كشف الغطاء حول فكرة أن الجوع الكائن في هذه الأرض قد خلق نوعا من الإزدواجية للجمع ما بين المتناقضات كنموذج إنساني حوته تلك القصيدة حيث مفهوم النموذج الإنساني كما عبر عنه دكتور محمد غنيمي هلال في كتابه النماذج الإنسانية في الدراسات الأدبية المقارنة الصادر عن دار نهضة مصر 2004، حيث يصور الإزدواجية المعمقة للبعد النفسي( لأننا نشرف على الشخصية من الداخل لا من الخارج وإلقاء التبعة في السلوك سواء على مستوى نشاتهم في الأسرة أو فساد الأنظمة الإجتماعية ) ويورد كلمة الفيلسوف نيتشة عن دستوفيسكي (إنه الوحيد الذي عرفني شيئا في علم النفس)
الوجدان الشعري هنا موظف لخلق حالة من التواصل الإنساني ما بين مشاهد الطبيعة وذلك على سبيل الإدانة لتلك الإزدواجية الكائنة في سلوك البشر حيث (الشادوف) وهو مفرده تراثيه يخشع بكل دلالة لكلمة من توافق عاطف للقنا، وقد تكرر ذلك في (الغنا - القنا - ضيا....)
سفر الممفقودات
ما هي علاقتنا بالأمكنة ؟ إنها إطار للوجود حيث نستمد وجودنا الحقيقي من خلال التماهي مع صدق الواقع حيث مفهوم السكون والأخر ، سواء كان ذلك الأخر داخلنا أم خارجنا ، وبالتالي تفقد الذات فكرة المقارنة مع الأخر لإستمداد الشرعية هنا تصبح الشرعية مناط رؤية الذات للذات حيث خلق الوعي ، ولعل فكرة العنوان الوارد بصيغة تراثيه كما وردت في العهد القديم والجديد ولكن الجيد في ترتيب معاني الفقد كصدى لتشظي ذلك العالم ولكن الشاعر هنا يقرر رزنامة النهوض إلا بإتجاه الحلم حيث لم يبقى لك سوى ذاتك التي تتكئ عليها في مواجهة العالم حيث يتم توظيف هلامية المكان لتحدد الذات عبر رقيها وليس حيوانيتها من خلال توظيف كلمه داروين عالم النباتات الشهير وصاحب نظريه التطور: تكوين بطيء / دارون كذب.
وتأتي كذلك اللغة الإسطورية لتكرر معنى وجودي أراد الشاعر ترسيخه: أنت ذاتك فإبحث عن ذاتك داخل ذاتك ، ولكن المكان يبدأ طيفه من خلال لا مدى التحقق: وممر طولي من المدى لحدي المدى.
أي مدي يتحدث عنه الشاعر هنا إلا مساحة الرؤية ما قبل التحقق لتبدأ الهلامية في التلاشي لصالح التحقق ، لأن الطين خلق مع صوت إلتحامه وكأن إيقاع الرحيل المحتوم بالشغف قد حقق إلتحاما ما مصحوبا بالبكاء كشوق الحبيب المشتاق لحبيبه على الغياب الطويل، ولكن ذلك الإلتحام مع ألمه فقد كان نذير الحرية، في الإصحاح الأول أستعار الشاعر مدلولات اللغة التراثية لأن النشيد أو الإصحاح هو نغمة الميلاد ولأن النشيد مرتبط بالصوت الداخلي وهو مرتبط كذلك بفكرة الشغف لكل ما هو مجهول ولكنه منجذبا بالمعنى الذي ينشده وهو بذلك يبحث عن إجابة لما تنشده روحه عبر الموجودات لتكون ولاية الإنسان الحقة ، هنا المجاز في كلمة الولي فلم تأتي هنا بمعناها الصوفي الشهير بل بالمعنى اللاهوتي داخل الذات الإنسانية ، ولكن الحلم إبن لرحلة الألام ليرثى رحلة ألامه خلالها: اههه ثم صار سيدنا الوالي معنى الالم.
وكأنه يعارض قصيدة زهير بن أبي سلمى: تعب كلها الحياه فما أعجب إلا من راغب في إزدياد.
ثم نأتي للإصحاح الثاني ويبدأ بمعنى الحياة ، وكلمة معنى مرتبط بماده عانى أي عاشها بمعاناة، هنا يصبح المكان غير محدود حيث زمن التحقق ثم زمن الألم كذلك غير محدود: يمضي بنا كمد الطريق إلى المدى. علما بأن توظيف المدى هنا رابط معرفي ما بين الاصحاح الاول والاصحاح الثاني ففي الاول لمعاناة البحث عن الذات وتكرار المدى في الاول يشيء بنوع من ضبابية الرؤية حال معاناة ولادة الذات ولكن التناص مع رموز القهر عبر التاريخ مثل الحجاج المتوافق مع دمويته حيث الصورة المركبة القادرة مع تجسدها على تعميق المعنى الأسمي لفكرة قهر الحرية النابعة من قهر الذات فالناس في العراق يستمعون لخطبته على المنبر ولا زال دماء أبنائهم تسبح عبر الفرات وهو على بعد أمتار من منبره.
يعلن الشاعر موقف جيله من واقعه مجسدا من خلال إيقاع اللغة الأسطورية التي تحقق عدة سياقات معرفية متميزة لأنها تحقق عدة مميزات بيانية:
* تجسد تلك الدلالات من خلال الوعي التاريخي بشخصيات مثل الحجاج وهانيبال وكذلك شخصيات أسطورية مثل إنكيدو ليقدم لنا بيتا أشبه بالصاعقة ليقدم لنا مترادفات جديدة لمفهوم الوعي متوافقا مع البيت الذي جاء في البيت الذي جاء في الإصحاح الأول : الوعي أصبح مفردة/ والفكرة من لحم الوجود. ليقرر ذلك الوعي تلك الجملة الإعتراضية الواردة في الإصحاح الثاني ما بين هلاليتين يقرر الفصل لدى عين القارئ والإشعار بأهمية ذلك المقطع: (ربما نسي الاوائل وصف شيء ما) لتكون تلك الجملة الإعتراضية خارج السياق كرابط معرفي ما بين الإصحاحين ليكون البيت الثاني من الإصحاح الثاني نوعا من إثارة الوعي والمفارقة المؤدية لنشدان الوعي حيث خطابان ،حيث شمر ذلك المجهل في القصيدة والمعطوف على الحجاج وانكيدوا ليقف وعي الشاعر مضادا له في بيت بين هلاليتين أيضا: (حتى وقفت له على باب المسجد) ثم يلغي ضمير المتكلم ويقرر خطابا آخر غير المتوقع لذلك المشهد المعتاد ، وهنا يشير الشاعر بصراحة الفرسان لمعارضته لأمل دنقل في قصيدته الخالدة وبيته الأشهر :المجد للشيطان معبود الرياح.
العلاقة المتناقضة بين الذات المتحققة عبر إدراك المدى، المتمردة على حدود المكان بكل جبريته حيث يتم تأويل ذلك على مستوى وعي ذلك الجيل الذي خبر العالم من خلال بعده الافتراضي وشبكته العنكبوتيه والتي حررت وعيهم من علاقات المكان وجبريتها ليصبح المكان داخل الذات أكبر من المكان على الارض وبذلك يستطيع الإنسان تحقيق إنسانيته الأولى منذ عهد الذر الوجودي وليس الديني بمعناه المصطلحي ليكون الشيطان هنا رمزا للتمرد حتى يتحقق للعدم نهايه من خلال تمزيق جبرية المكان.
أما في الإصحاح الثالث يتحقق للشاعر درجة عالية من تضفير الصورة بعمق دلالات الالفاظ وكذلك القدرة على توظيف اللغه التراثيه حيث الموت كقدر مستغلا الوزن التاريخي للبيت الشهير : غاب واحتجب وأضمر السبب. فيقول سار وإنتشر باح او وشا. وهنا يشير لفكرة إعتداد الإنسان بذاته وتضخم تلك الأنا فصار العدم لأن الموت أصبح صناعة تشبه صناعة غزل الانسجه ولكن الكاتب يرصد تلك المفارقة: وسنين عجاف/ تاكل سنيني الخضر من عمة إمام. ليكون إمام ذلك المغني الشهير الذي غنى للثوره أم الإمام بمعنى خطيب المسجد وهو في هذه الحالة ينتقل للخطاب التبريري الذي يستجلبه فقهاء السلطة عبر منابرها وهو أمر مرتبط بفكرة الحجاج الذي يخطب على منابر بغداد وقد قتل رجالها ودمائهم تسبح عبر دجله وكأن متحققان متناقضان يشهدان بكذب الحجاج ، هنا يستمد ذلك البيت قوته من وعي ذلك الجيل الذي تحقق في أجواء الحرية كطفرة تاريخية تحققت في يناير 2011 فقد شكلت وعي ذلك الجيل لتصبح جدلية الوعي لدى ذلك الجيل أن وعيا تحقق بعد ميلاد عسير ولكن حربا ضروس جاءت لإزالة معالم ذلك الوعي عبر المثقف التبريري الدعائي الذي يمقته ذلك الجيل.
التناص مع القران الكريم وتقنية بيانه كنوع من المهارة اللغويه في الشعر كله ولكن خاصة في الإصحاح الرابع من خلال عدة معاني خالدة وبذلك يصل الشاعر لمرحلة إعادة إنتاج اللغة من خلال تجديد السياق على سبيل السخرية من الظالمين عبر التاريخ: ربما يود العاشقون لو أنهم لا يصلبون. ذلك التمني المستحيل الذي يشعرك بقدرية الصلب كعقاب لاقاه المسيح على قول بني إسرائيل ، وذلك إعادة إنتاج للمعنى القرآني: يود الظالمون لو لم يبعثون. هنا إستدل بالنتيجة المتضمنة على الفعل والفاعل المؤدي للنتيجة ثم يأتي بالطواسين التي إفتتح بها القران الكريم ثلاث صور منها أولها سورة الشعراء ، والقصص. هنا تقنية لغوية شديدة الروعة إستعان بها الشاعر دلالة على تمكنه من أدواته وهي تقنية القسم كمبتدأ والنتيجة كخبر من خلال صيغة تقريرية خالية من أدوات الإشارة دلالة على التحقق واليقين، يأتي الشاعر بأربعة أبيات كفواصل يقسم فيها بمن توضأ بدماء الحسين وهنا كناية عن ذلك القتل العبثي الذي مارسه يزيد كعلم على فعلته التي أدانها التاريخ ثم يقسم بلوركا لشمول الدم عبر العالم وذلك بالتعبير عن لوركا شاعر الحرية العظيم الذي أدان بشعره ديكتاتورية فرانكو ، هنا توظيف البسملة اللغوية بعيدا عن مدلولها الديني لأن اللغة على الرغم من أنها هبة الهية حيث علم الله الانسان البيان كما في أوائل سورة الرحمن ولكن الحاجات الإنسانية هي التي بلورت مفاهيم ومعاني وألفاظ اللغة ثم جاء القران بلغة القوم معجزا إياهم في بيانها وليس في لفظها لأنها لو كانت مقدسة لنزلت قبل محمد صلى الله عليه وسلم وهنا تتوافق البسملة مع القسم في عظم ما يفتتح به وكأنه قسم به عظيم.
يعيدنا الكاتب لفكره الزمن وإمتداده عبر الإصحاحات كلها حيث مفهوم المدى : بأسم الذين سيكتبون عن المدى المنسي من زمن العرب. كلمه المدى هنا تعني رؤية عبر الزمن هو أمر يستدعي نوعا من الوعي بالزمن في ثلاثيته : ماض - حاضر- مستقبل، في سيولة مفرطة تخلط بين الثلاثة ولكن الشاعر يكسر مسألة التوقع المعتادة بعد كل بسملة بعظيم أن الفرج سيأتي وفق مفهوم التبشير بالخير النابع من التراث الديني حيث لا أمل في صباح جديد حيث يغزو الشيب والقتل حتى الإحتدام، وكأن تلك الإصحاحات الخمس ينشد الشاعر عبرها رحله الألام التي تنتهي بحنين جارف في دنيا تعبد ألف صنم، ليكون السؤال الهام ماذا يربط تلك الإصحاحات الخمسة لتكون محاولة الإجابة كالتالي:
١ الدلالة المكثفة العكسية للأبيات حيث يعكس الأمر مساحة المرارة الكائنة في حلق ذلك الشادي وذلك لتحقيق الصدمة لدى المتلقي بإكساب الألفاظ غير المتوقع منها في سياقها: الذل كل الذل للصبح الذي يخشاه مصاص الدماء. تكرار كلمة الذل فعل إجرائي يدل على عمق الممارسة لذلك الفعل وتاريخيتة وكذلك تكثيف المترادفات داخل ذات المعنى مستخدما واو العطف أربع مرات متتاليه لتعميق الجرح هنا ، وذلك تكثيف ليس بغرض سوداوية المشهد ولكنه عرض للواقع بكل تناقضاته ومأسيه من أجل خلق نوعا من الإزاحة لنمط الخطاب التبريري الذي يمارسه الإمام وريث الحجاج.
٢ توظيف التراث الانساني عبر أنوبيس ذلك المقدس لدي المصريين، وانكيدو في الميثولوجيا البابلية، هانيبال في الفينيقية والحجاج كقاده حرب ، حيث المضمر في التعبير من حيث إفتراض علاقات غير منطقية لأول وهلة فما هي علاقة سنيني الخضر وهي ملكي لغة، بعمة الإمام حيث يقرأ ذلك الوصف على عدة محتويات حيث ينسب للإمام فضل نهبه من حيث الإتباع المزيف للوعي والمضيع للحقوق.
٣ الجمع ما بين العامية والفصحي في مجمل الألفاظ والتصريفات اللغوية وذلك من أجل خلق لحمة التدافع والترتيب لتلك الحالة التي تعتري الجميع من حيرة وضبابية تجاه ذلك المشهد الذي يعانيه جيل الشاعر والذي يأبى الإنصياع ولكن توصيف المأزق هوالباب الملكي لتجاوزه وبالتالي تتجاوز الألفاظ مدلولاتها لأنها ألقت ضوءا كاشفا على مجموعة من التشابكات المخلخلة للوعي.
٤ الرفض المطلق لمقولات تمجيد التراث من باب النوستاليجيا الممزوجة بالتدين الشكلي ليكون الواقع المرئي بتيار الوعي المتحقق لدى ذلك الجيل تحققا وجوديا من خلال الفعل بحيث يصبح وعيه مدخله لقراءة ذلك التراث من خلال ذلك البيت الرائع في الاصحاح الثاني: ما اكثر الزيف المؤله في أساطير الاوائل/ (ربما نسي الاوائل وصف شيء ما). هنا دور المعرفه المتجددة في صناعه الذات القادرة على نقد القديم وإعادة بناء ذلك الوعي الجديد الخاص به ،تلك قضية ذلك الجيل الذي يمثله أحمد عفيفي وغيره.
قص ولزق
طقوس التعرف الأولى على العالم في قصيدة لصق وقص وهي اللعبة المشهورة التي تعلمناها في صغرنا وتقتضي بوجود نموذج مسبق متسق الأركان يقوم اللاعب بهدمه ثم إعادة بنائه من جديد ، وهنا الجديد في تلك القصيده حيث تتدرج اللغة من البساطة حتى التعقيد بفعل وجود السهل الممتنع مع الايقاع الحركي وكثافة الأفعال المتشابكة ما بين جميع الضمائر في اللغه حيث : هو وهم وانا ونحن ..... الخ. حيث إجادة ذلك الجيل تطويع اللغة لخلق بنية قلقة معتمدة على فكرة اللغة الأسطورية، هنا لابد من تحديد أبعاد المشهد حيث الذات في مواجهة العالم وكذلك رضا الذات عن مفردات العالم من خلال إستخدام دلالة سقراط ذلك الفيلسوف اليوناني الذي طرح الأسئلة المقلقة لذلك السكون المسيطر تحت قناعة صلاحية نظام حكم المدينة للصالح العام ، وكذلك وكأن الشاعر يتقمص سقراط ليحقق نوعا من إستلاب وعي الجماهير بما للأسم من دلالة في التاريخ البشري وبذلك يعيد بناء الكلمات في سياق التوظيف الاجتماعي:
سقراط/ الشاعر يريد. إعادة تعريف الناس ، والناس هنا بمعنى الراي العام والبيئة الحاكمة لوعي الفرد فيريد إعادة إنتاج مفهوم الكتلة الجماهيرية الصماء التي يحكمها السلطان بتشكيل وعيها عبر أدواته ، ليصبح سقراط هو منصة الشاعر على العالم والإستدعاء هنا ليس على إعادة طرح مقولات سقراط الفيلسوف ولكنه سقراط الإنسان الذي لو بعث لم يكن ليعجبه ذلك الواقع المتهرئ هنا دور المبدع في رؤية ذلك الخلل في الواقع حيث الصورة بتشبه للواقع والواقع يشبه للترقيع ، هنا إعادة إنتاج اللفظ العامي حيث العجز عن مقاومة النموذج فيلجأ المرء للإضطرار بجمع التناقضات ثم يعود لمفهوم الرؤية كفعل ملازم للذات والتي تعتنق مقولة البيروني: أجافيكم لأعرفكم وهنا ضروره المفارقة وضرورة الحياة.
المزاوجة ما بين العنوان والمعنى المتداول عبر النص حيث مفهوم اللعبة والغياب الحقيقي للإرادة حيث يتناغم ذلك مع مفهوم القهر وعدم التحقق فيصبح الفرد مضطرا على التوائم مع النموذج المسبق المفروض دون إرواء للروح، وبالتالي تنبع مهارة الشاعر في توظيف دلالة فعل القص وهو مرتبط بفكرة الإستبعاد واللصق ،وهو مرتبط بالتوفيق القسري وكليهما منافي لفكرة الحرية ولكن نهاية القصيدة ينقلنا لثلاثية القص/ اللزق/ النص. ليمارس الجدل الثلاثي ما بين النص الذي يحاول إستلهام روح سقراط التي تلبسها الشاعر من خلال مفهوم الرؤية ومن وضوح الواقع وإنفصال الواقع عن الحلم حيث جاءت فكرة الأسئلة كنوع من التقييم وقلقلة الثوابت تمهيدا لإستبعادها والإحلال التدريجي للإجابات التي تقدمها الذات القلقة المسلحة بواقعها ليكون البيت الأخير : النص بيشبه للواقع/ والواقع مش محتاج لمقص..... يجعلنا نعود لملامح النص كمعادل لفكرة الرؤية وكأن الأزمة نفسها إنعكست من الواقع: والنص التايه /جوا بلاد اصلا مش نص....
الممتع في ذلك الديوان أنك لو جمعت مفردات النص الحاكمة المتناثره عبر الديوان لتجمعت لدينا قصائد مكتملة وهو أمر يعكس مساحة الوعي لدى جيل الشاعر لما لا وقد صنع ذلك الجيل ثورة عجز جيلين قبلهما صنعها. مهارة اللاعب باللغة حيث تغير سياق الكلمه عبر البيت الواحد: طراطير عايشين /عايشين طراطير. هنا يثور التساؤل حول حكمة التكرار حيث الطرطرة في الأولى واقع معاش ثم يعيد التقديم الفعل على الوصف هو أمر يدل على فكرة الأنسحاق.
وكذلك تصريف اللغه لافاده المبالغه : فالعدم الواعي عملها وباع. هنا فاء السببيه ثم ذلك البناء المركب حيث اكتسب العدم صفة إنسانية حيث يعي ويمارس عملية البيع والشراء ، هنا إضافة الفاء وال التعريف خلق نوعا من ترسيخ الغياب التامل رؤيه وسيطرة العبث على العالم.
رقصات القديس فستو
عبقرية العامية في قدرتها على النحت للمصطلحات من أجل التقليل من الأشخاص مع دلالة التقييم فإصطنع لفظه فستك، وفستو لفظة جاءت على سبيل السخرية وبالتالي يمكن إعتبار ذلك الوصف رفض مبطن لتقديمات الغرب من طرح لمعالجة واقعنا ، نعود لمأزق اللغه عند أحمد عفيفي أنه ينزع القداسة عن النماذج المسيدة وفق لعبة القص واللزق ويعيد إنتاج العالم من وجهة نظر ناسوتية مستخدما اللغة اللاهوتية في ظاهرها ليحررها من القداسة التي فرضها عليها الطغاه وكأنه يمارس لعبة سقراط نقض الكائن لإزاحته من أجل تفتح زهور الحقيقة، ثم يركز على نبوءة الشاعر صاحب الرؤية القادرة على بناء لاهوته سعيا لحريته المقدسة، من خلال ألية تكرار الكلمة عبر المقاطع الثلاثة المحددة وسط هلاليتين من أجل خلق سياق الفعل المتكرر الذي فقد قيمته حتى إحتل غيره محله ، وكانه يرفض فكره تنميط الفعل الإنساني ففي البدء كانت الكلمة/ النغم والوتر، ولما قضى العود مخزن الوتر والوطر هنا هي الحاجة وهو توظيف للسياق القراني على سبيل الاستدلال اللغوي: (فلما قضى زيدا منها وطرا زوجناكها) ، لتتلاشى الكلمة لصالح عزف الموت ولكن التداخل من خلال مدلولات الالفاظ فكيف يعزف الخفر وهو تعبير مصري محض حيث تحول قطاع الطرق في مصر لحراس للاقطاعيات تحسبا لشرهم فتكون بذلك قطاع الخفر، ولكن ما هي مدلول كلمة قيصر هنا إلا أنها تفيد بتعظم مستويات السلطة وأن تكون بنادق القيصر هي سلاح العزف ليكون الوتر هنا معنى مرادف للموت ، والترتيب الخاص بالفقرات الثلاثة التي سيقت على أنها أسس القصيدة المرادفة للكون، وكان تلك القصيدة هي نقد للخطاب الغربي الذي نمط واقعنا ومارس عليه أكثر درجات التشويه المعنوي.
وننتقل للترنيمة الثانية والتي تعبر عن مأزق المبدع حيث يحيا في فراغ من العدم القدري ، وهنا دلاله تكرار كلمة العدم فنيا في بناء القصيدة ولكن مأزق ذلك المبدع أنه يعاني النغم حيث تعبيره عن الشعر المبعوث من موسيقى الكون الكامن داخل وجدان الشاعر ليواجه قدر المعرفة في زمن الجهل لتكون نهايه المبدع حيث الإقتطاع من ذاته. ثم يختم بترنيمة القمر بأن أعطيناك القمر ، كنوع من إعادة البيان القرأني كنوع من التذكير بالنعمة الموهوبة للشاعر حيث أنه صار ينشد معذبا بمعرفته، حتى صار قمرا إهتدى به ويهتدي به الضالون عبر الليل الكامل على حدود الوجود، ومن هنا نبحث عن صدى الترنيمات الثلاث عبر الرقصات الواردة عبر القصيده وكأنه يعيد سالومي التي رقصت للملك الذي جعل يوحنا المعمدان يحيى قربانا لها كي تعطيه جسدها. ولكن التحليل الحركي للقصيده في رقصتها الأولى تحدد لنا بنية درامية قوامها ثلاث : الشاعر الذي أدرك بمصباح معرفته مساحة المعاناه للسيد المسيح كرؤية قياسية لمعاناة الشاعر في واقعه ، ولكنه ليس المسيح الديني بل المسيح المعذب بمعرفته والذي يتماهى الشاعر معه، ثم فستو ذلك الراقص على دماء المعذبين ليكون الوتر الحاضر في تلك الترانيم الثلاثة شاهد على تلك اللقطة الثلاثيه: قال المسيح الهدد/ آن الوتر أنة/ فستو على باب البلد/ شايل مرقص في يوم الملحمة.
هنا يغني أحمد عفيفي مسيحه وليس المسيح تلك الصورة القديمة عبر التبرير المسيحي لفكرة الإستعمار وهو بذلك يسير على نهج الرائع محمد عفيفي مطر الذي كتب عام 67 حول ذلك المعنى ، ويؤكد ذلك المعنى الذي توصلنا إليه أنه مسيح الشاعر القابل للوجود حيث المدد القادر على تهيئة ذات الشاعر لرؤية مشهد مرقس القادم مع فيستو ، هنا يتجاوز فكرة القديس الحواري مرقس صاحب الانجيل ليقرر أن المسيح نفسه قابل للتواجد من خلال فكرة المدد. تعدد المستويات الزمنيه عبر تلك الرقصه الاولى فالحاضر هو الأصل في الصورة ولكنه الحاضر الرائي لقدرة الماضي على حكم المستقبل ليكون صلب المسيح بعدا مجازيا ويعاد إنتاج ذلك المشهد: لمى البلح يا مريمة تاني /راح تولدي/ ألفين مسيح/ بس المخاض مش فرض. حيث قدرة الشاعر على إستخدام المفرده التاريخية لخدمة الحاضر وهنا يقوم بخلق مساحة ما بين الحاضر والماضي من خلال ترك مساحة الحرية القادرة على إنتاج نمطا لإنسانية المسيح في مواجهة مرقس القادم على يد فيستو ، والفارق ما بين المعنى الدلالي والمعنى المصطلحي كبير لتصبح الترنيمات الثلاثة هي البنية الجنينية لكل الرقصات ليكون البعد الرئيسي لفعل الصلب متوارث عبر الاجيال لتكون الثلاثيه الجديده حيث صلب الشاعر المبدع الانسان عبر فتوى شيخ ولكن من نفذ فعل الصلب عسكر وهم أداة للشيخ ليكون فعل توظيف للتبرير الديني للسلطة القائمه فتحول الشيخ إلى قاتل ثم نعود لنرى ذلك الفيستو راقصا على نغمة العدم، لتكمل الثلاثية حيث يتوافق ذلك الفيستو ليصعد فستو على إيقاع كتابة العسكري للأوديسة بسونكي( وهو مقدمه البندقيه الذي يستخدم عند الألتحام المباشر) وهنا إشارة ضمنية لأن من يكتب التاريخ المنتصر بسلاحه وبالتالي نرى المدد وقود الشاعر في مواجهة السونكي كاتب التاريخ ، ويلي ذلك صعود الفستو، لتنتهي الرقصة الاولى بعباره دالة نجح فيهاالكاتب بتحويل اللغة الدارجة إلى لغة شعرية بالغة السمو وذلك من خلال توظيفها لصالح المعنى:
التل مل من البكاء / على الخل /والخل عمره ما روى عطشان. عالج تلك العبارة بالتشكيل الحركي الخاص بروعه اللغه العربيه بكسر الخاء الأولى وفتحها في الثانية وهي تقنية المربع. ثم نأتي للرقصه الثانيه وهي مترتبة على الترنيمات الثلاثة أيضا من خلال توظيف المفردات الثلاثة الواردة بها وهو أمر سنرد إليه في نهاية قراءة الرقصات التالية ، حيث يسعى في كل رقصة لتبرير دخوله للحظة التاريخية ولكن قسوة الإيقاع التاريخي كاملة في وعي ذلك الجيل بحكم تتالي المشاهد التاريخية للإغتيال النفسي ولعل فكرة الموائمة ما بين تاريخ التضحية ممثلا في الحسين تلك الذكرى الرافدة للملحمة ويجمع في المشهد أن فستو يمارس التدين الشكلي من خلال التسبيح على الأسفلت حيث الذين أسكتوا صوت الحق ممثلا في الحسين مثلما أجهض الجند ثورة 25 يناير، ولكن روح النبي دعمت صوت الحق ممثلا في الحسين وهنا تبدو روعه العاميه في : شامخ لاشاخ ولا نخ.
واللفظة الاخيرة عامية تم توظيفها في سياق شموخ الحسين أمام جند يزيد الذين إستنسخ منهم العصر الحديث كثيرا ليعقد المقارنة بين موت الحسين /القيمة. ليموت المعنى، والفعل (حزو) مرادف لفعل الموت وقطع الرقاب من خلال متتاليات الصعود في إتجاه الغياب: حزو /الجلال /القصيدة/الغنا / الوتر /العندليب / الربح.
لتكون رقصه فيستو الثانيه على مذبح الفضيلة ليكون إستدعاء تلك البنية النفسية حيث تتلاحم الإستعارات من التاريخ لتوازي تلاحم الحوادث في الواقع ، وبذلك يتم إستدعاء التاريخ وفق الحالة بحكم أصالة الشاعر /المبدع /المثقف. الذي يعتبر التاريخ أداة من أدوات المقاومة وإدانة نموذج القهر ممثلا في العسكري: العسكري قرب/ كل الجموع تفرقوا أو تركوه/ وفستو يعلي لحد النعيم.
الرابطة وفق تتالي البيوت الشعرية يؤدي لصعود نجم فيستو على هيكل العسكر.
الرقصه الثالثه يبدأها فيستو ليصبح هو محور الأحداث ليكون الشاعر محورا في الرقصتين الأولى والثانية وفستو يعلو على جثة الحسين والمسيح ليصبح قانونه هو العباب، تلك المترادفة التي تعني السيل الجارف والنهر الهادر ولكن المبدع في بداية تلك الرقصة يدرج عدة تصريفات لكلمة (مخر) حيث مخر العباب أي إخترق بسرعة النهر الجاري وأخترق السيل وقدم العباب بعد حرف عطف ليؤكد على سطوة ذلك الفيستو ثم مآخر والأخر لحد المنتهى، لتكون حركة فيستو المفردة بتحقق النبوءة التي يسوقها الشاعر في صورة مريم العذراء وليست مريم البتول بل هي مريم/ مصر حيث أن مسيحنا غنى غناءا منتجا للثورة، وينهي تلك الرقصة بإعادة إنتاج تلك العبارة الشهيره للسيد المسيح ما لله لله وما لقيصر لقيصر، ليأتي مسيح جديد قادر على فعل الغناء، والغناء هنا فعل مجازي لتكون النبوءة أن لنا دم قيصر فلم يعد الامر يحتمل فكره الحياد.
المشترك في الرقصات الثلاثه:
١ إعادة إنتاج الخطاب المصاحب للنص القراني :هزي إليك بجذع النخله يا فاطمه/ شدي إليك إذار مريم سلما. ليستعير نمط الخطاب المريمي لتصبح مريم فاطمة وكلاهما في مسيرة الألام واحد ثم الغناء بلغة أقرب للأمثال والحكم( فطم الرجال علي كفاحك فاطمة).
٢ توظيف المشترك المعرفي التراثي لصالح الحاضر في صياغة خطاب الثورة.
٣ العلاقة الجدلية ما بين طرفين يتصارعان في الواقع كلا مستعينا بخطابه الخاص ،فستو في مقابله الشاعر.
أبين زين
التيمة الشعبيه وإعادة توظيفها حيث العباره الشهيره أبين زين علي لسان العرافات وصارت تيمة رئيسية لدى العامة حيث يرصد المتناقضات التي تتوافق مع العناوين الفرعية للقصيدة ، حيث الإستعارة لمفهوم النسج ولكن العلاقة بين الشاعر وواقعه تحكم الأنسجة الخمسة مع مزيد من الإدانة لمساحة التناقض الكامن في بنية الواقع ويتبدي ذلك في خواتيم الانسجة والتي تبرز عدة سياقات معرفية كدفقات وجدانيه أشبه بالبكاء:
١ أزمة الإبداع كمشروع مجتمعي حيث يغني الشاعر بفكره ورؤيته للكون ولكن كمان العدم السائد بدون أوتار ولا أقواس وعندما نحتهم الشاعر من دمه وجدنا أن العيب ليس في الغناء ولكن فيما نغنيه لأن الإطار الذي يدور فيه الغناء محكوم بالماضي : أول حكايتك كان /وآخرها قال توته.
٢ العلاقة ما بين صوت الغناء الخافت ومصاعب الحياه بصراعاتها التي تشبه الرحي (وهي كتله صخريه مكونه من جزئين بالأعلى فتحة يلقى فيها حبات الأذرة لطحنها وتحويلها إلى دقيق) هنا تحويل الرحي كحركة وكنتيجة إلى مقابله حالة الطحن بحالة إنسحاق الغناء لصالح الصراع المادي ليختم النسيج الخامس بعبارة تقريرية منتهية بعلامة تعجب: والمعركه في الذات فناء! أي ذات هنا سوى صراع المثل داخل المبدع وقدرته على التكيف مع مفردات الواقع لتذوب ذاته لصالح الحقيقة كشغف.
٣ اكتمال سلسلة النشوة في علاقة ثلاثية في النسيج الرابع حيث يطرح مصطلح النسج حيث الجمع ما بين المفردات وقدرته على الإنصهار في بناء واحد وهو أشبه بسياقات الرؤية بحثا عن المعنى الغامض المكون من الإيمان بالرب /الغيب /عبر مقامات الأولياء. في الرؤية للوجود وذلك تأسيسا على أن العلماء ورثة الأنبياء ونظرية الولاية والفقيه كبند معرفي يتوافق مع نبوءة الشعر. ثم يختم باللحن كتجسيد حي للمعنى الذي تم نسجه من ذواءبات الشاعر.
٤ أيها الصمت المقدس الذي يحمل في طياته جنين الواقع ولكن التعبير اللغوي حيث قدرة الشاعر على صياغة الجملة كوحدة أساسية: صهد السكات. فالسكوت هو الصوت الغامض ولكن إكسابه صفة مادية مرتبطة بحرارة الشمس وهو أمر يحسن ماديا لتكون خاتمة النسج الثالث حيث الثلاثية: الأنثى الخالدة /ذاكرة الوجع/ والذين يبكون من قسوة حرارة وألم السكات وإستدعاء فلسفة الألم الذي خلق الوجع ليكون البوح كبعد تحريضي على الثورة لتكون الاوطان بالأنثى والبوح بالأنثى ليكون البوح نوعا من الطاعة.
٥ ناتي الى فلسفه النسج الثاني على أن الحركة التصاعدية في بناء الوعي وهنا فلسفة إستدعاء ذلك الشكل الفني في فكرة تدرج الرؤية وتوظيف العرافة كفلسفة كامنة بضمير الإنسان حتى وإن رفضها نمط التدين الشكلي، وعلاقة ذلك النمط في التراجيديا اليونانية حيث خلق الصورة الكلية في إيقاع حركي متناغم مع تطوير الدلالات المكنونة عبر الكلمات وتضاعيفها في ثقافة المتلقي حيث الناي في يد الشاعر /رب الغناء /وعرشه غنائه حيث مقام البياتي وقد حذفت الياء للتخفيف في إبداع يملأه الخفر والحياء كنبتة للإبداع تتبرعم في وجدان الشاعر.
٦ ثم نأتي للنسيج الأول وهو قائم على رصد عناصر المشهد الأولي لذلك الواقع الذي تمت عنونته (بتبت يد أبي لهب) وهنا نستشف من المستغيث بتلك الآية المحملة بدلالتها المعرفية بحكم بعدها التاريخي ، والمستغيث يتماس بفكرة الدعوة والتبشير ، هنا يختفي الشاعر عازف الكلمات رب الألحان خلف تلك الإستغاثة التي ساقها على لسان محمود درويش روزنامة الثورة في عصرنا الحديث.
والمقارنه هنا ما بين نهاية أول نسج وأخر نسج تحمل لنا الرسالة النهائيه التي أراد الشاعر تقديمها لنا:
تبت يدا أبي لهب وتب ، ثم صوت الرحي غالب ، أول حكايتك كان وآخرها قال توته، وهو أمر يعكس مساحة الأزمة على مستوى التشخيص الأولي فهو عازف على ناي الوجع يريد الفرار من ماضوية واقعه.
هل نستطيع القول بان احمد عفيفي يقدم مشروع لجيله باكمله من خلال ابداعاته أم أنه صوت يتناغم مع منظومة جيل بأكمله صنع وعيه ومارس حريته وهو مصمم على إمضاء ذلك الشغف بالحرية إلى الأبد.



#بهاء_الدين_الصالحي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنتهي الدرس يأوكرانيا
- نجيب محفوظ للناقد ابداعا
- غزة أريحا ثانية
- مصطفي نصر ٢/ه
- مصطفي نصر عالم من الإبداع١٥
- صلاح چاهين وعصره
- تقديس اللغة
- بعد ان يموت الملك
- وكانت إمرأة قراءة في ادب محمد الجابري
- المجد للشباب
- طه مقلد ابداع لن يمون
- سيد النماس
- عالم يطن في اذني قراءة في ادب مروة مجدي
- العالم الروائي لمحمد المراكبي
- مصطفي نصر وابراء الذمة
- الذات عبر الشعر رؤية وجودية
- السردية الفلسطينية
- ز وز سلامة وردة في دوحة قصيدة النثر
- عز الدين نجيب المثقف العضوي
- غزة والعالم


المزيد.....




- منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر بأمر من نقابة الموسيقيين
- ملتقى سينما الشباب الرمضاني الخامس
- مخرج موصلي باع سيارته وأنتج أول فيلم أكشن ويطمح لفتح دار سين ...
- مَن هو أبو إسحاق الحويني؟ وما هي رحلة تحوّله من دراسة اللغة ...
- مشاهد أكشن في الدار البيضاء.. كل ما تريد معرفته عن فيلم جون ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة تثير التوتر بين نجمتي فيلم -سنو وا ...
- -لام شمسية- يثير ضجة كبيرة بمشهد صادم عن التحرش بالأطفال
- الصرفند.. قرية شاهدة على نكبة الفلسطينيين تتحول لوجهة رمضاني ...
- رمضان في البرازيل.. اعتكاف وتكثيف للأنشطة والعبادات
- الفنان جمال سليمان موضوع جديد للجدل بين السوريين، فما القصة؟ ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين الصالحي - مشروع احمد عفيفي الشعري