أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - قراءات














المزيد.....


قراءات


فتحي مهذب

الحوار المتمدن-العدد: 8285 - 2025 / 3 / 18 - 07:44
المحور: الادب والفن
    


قراءة الأستاذ محمد بسام العمري

لنص الشاعر فتحي مهذب( وأنت تتساقط عضوا عضوا.)

**تحليل هذه القصيدة يتطلب تناول العديد من الجوانب الأدبية والفنية والنفسية والفلسفية والاجتماعية والتفكيكية التي تتجلى في النص. القصيدة تعكس تجربة إنسانية وجودية عميقة، حيث تمتزج فيها مشاعر الانكسار، الموت البطيء، والصراع مع الذات ومع العالم الخارجي. وسنقوم بتفكيك النص وفق المحاور التالية:
اللغة المستخدمة في القصيدة تحمل طابعًا شاعريًا مكثفًا، يعبر عن تجربة وجودية متأزمة. نجد في النص توظيفًا قويًا للصورة الشعرية، مثل "تطل طفولتك الهرمة" و"يدوي صرير الأرجوحة في قاع أذنيك"، حيث يعبر عن الهشاشة الداخلية للشخصية، مما يعزز التأمل العميق في الذات. كما أن الأسلوب اللغوي في القصيدة يتأرجح بين السرد الشعري والرمزية العالية.
القصيدة مليئة بالرموز، مثل الأرجوحة التي تُصوّر الهشاشة النفسية والتذبذب بين الحياة والموت، والأعصاب التي تجسد المعاناة النفسية والضغط الداخلي. القمر المتعب من "معتقلات الغيوم" يمثل الانهيار الذاتي والوجودي. تُستخدم هذه الرموز كوسيلة للتعبير عن التجربة الإنسانية المليئة بالتناقضات بين الحياة والموت، الأمل واليأس.
من منظور نفسي، النص يعكس حالة من التفكك الذاتي، حيث نجد الشخصية تعيش تجربة الانهيار الداخلي والتفكك النفسي، كما في عبارة "وأنت تتساقط عضوا عضوا". هذه الصور تعكس تحلل الذات وفقدان السيطرة على الحياة. الشخص هنا يواجه مشاعر قوية من اليأس والقلق، حيث يصور الانتحاريون الذين يقفزون من "شرفة رأسك" القلق المتراكم والتفكير في الهروب من الواقع عن طريق الفناء.
القصيدة تعبر عن أزمة وجودية عميقة، حيث تفكر الشخصية في الموت كوسيلة للخلاص من شرور الحياة والجواسيس والأسئلة المحيرة. التفكير في "قبر على طراز سلجوقي" يعكس رغبة في الهروب من عبث الحياة المليئة بالأسئلة الوجودية التي لا تنتهي. العلاقة بين "اليقين البائس" و"الجنون والانتحار" تعكس الصراع الفلسفي الداخلي الذي يعيشه الإنسان في محاولته لفهم معنى الحياة والموت.
القصيدة تطرح تساؤلات حول المجتمع وتأثيره على الفرد. استخدام صور "المنتحرون" و"الكنيسة" و"المسلمات" يشير إلى حالة من الصراع الدائم مع المجتمع المحيط، حيث تُعتبر هذه الصور رموزًا للصراعات الدينية والسياسية التي يعاني منها الإنسان. النص يُظهر كيف يتأثر الفرد بالضغوط الاجتماعية والسياسية التي قد تؤدي به إلى الانهيار أو الانتحار، مما يعكس واقعًا قاسيًا يعاني منه الأفراد في مجتمعات مليئة بالصراعات.
من منظور تفكيكي، يمكن فهم القصيدة كنص مفتوح مليء بالتناقضات. المكان والزمان يختفيان في "جبة اللاشيء"، مما يعكس التفكيك الكامل للواقع. الشخصيات والأحداث تتحلل تدريجيًا، مما يترك القارئ في حالة من عدم اليقين حول الحقيقة والخيال. النص يفتح الباب لتفكيك مفاهيم مثل الهوية، الموت، والعلاقات الإنسانية، حيث تتداخل الرموز والصور في تكوين رؤية متشظية للواقع.
القصيدة تحمل طابعًا جماليًا متفردًا من خلال الصور الشعرية القوية التي تعبر عن مشاعر القلق والانهيار. توظيف الصور البصرية مثل "تابوتك العذب" و"فرسك الضريرة" يخلق توازنًا بين المعاناة النفسية والجمال الفني، مما يضيف بعدًا جماليًا إلى النص. كما أن استخدام الاستعارات والرموز بشكل متكرر يعمق المعاني ويمنح النص طابعًا فنيًا متفردًا.
النص يعكس صراع الفرد مع المجتمع والسلطة. الصراعات التي يصورها الشاعر تتراوح بين القضايا الاجتماعية والوجودية. الجواسيس، الأسئلة، والمتناقضات، كلها تمثل العوائق التي يواجهها الإنسان في رحلته نحو الحقيقة واليقين. النص يطرح أسئلة فلسفية حول دور الفرد في المجتمع وتأثير الضغوط الاجتماعية على العقل البشري.
قصيدة فتحي مهذب "وأنت تتساقط عضوا عضوا" هي نص معقد يتطلب قراءة متأنية لفهم أبعاده العميقة. من خلال مزج الرمزية بالتفكك النفسي والفلسفي، يقدم الشاعر صورة مأساوية للشخصية الإنسانية في صراعها مع الذات والمجتمع.

وأنت تتساقط
عضوا عضوا
تطل طفولتك الهرمة
من زجاج عينيك
تطفر الدموع من كتفيك المقوستين
يدوي صرير الأرجوحة
في قاع أذنيك
الأرجوحة التي أقمتها من حبال أعصابك
من ذهب ضحكاتك الحلوة
وأنت تدخل في محاق
مثل قمر أنهكته معتقلات الغيوم
يبدو الزمن ملطخا بأطواق الدم
على جلدك المغضن
تفكر في قبر
على طراز سلجوقي
لترتاح قليلا من الأشرار والجواسيس
من الأسئلة التي تمطر بغزارة
في الخلوة
وأنت تتساقط عضوا عضوا
يقفز المنتحرون
من شرفة رأسك
مدججين بأحزمة ناسفة
يهددون المارة النائمين
بتدمير كنيسة المسلمات
واعتقال ستين مترا من القلق اليومي
وأنت تسلم مفاتيح الحياة
لغيرك من الوافدين الجدد
الذاهبين إلى الوراء
بأقدام متفحمة
يحملون تابوتك العذب
ليضيء نواويس العميان
يحملون قلقك الفلسفي
كما لو يحملون آنية من السيراميك
بيننا السحرة يفتحون النار
على طيور الهواجس
وأنت تقاتل الثور الأسود
في مرتفعات الشك
لإنقاذ يقينك البائس
من الجنون والإنتحار
وأنت يحاصرك الآخرون
بقذائف آربجي
تخونك عينان من القش والغبار
يلتهم فرسك الضريرة
قطيع متناقضات
بينما المكان والزمان يختفيان
في جبة اللاشيء
وأنت تودع المرئيات
من شباك الطائرة
يهبط ملاك أحمر من الأتوبيس
ليلتقط عظامك المهشمة
ثم يختفي.

فتحي مهذب تونس.



#فتحي_مهذب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشمس
- إذا تمكنت من العيش مرة ثانية
- أنتظرتك طويلا يا سلمى
- النجم الطارق
- أكاذيب
- مطرزات من الغيوم الفاقعة
- الكلمات والأشياء
- لم تفلت الخيط أبدا
- رسالة إلى سلمى
- مقاربات
- في الميزان
- ما وراء المحدود
- شرفتي ضيقة وصوتك شاسع
- آه لو تعلمين يا باربرا
- يوم ميلادي
- إذا تمكنت من العيش مرة ثانية.
- روحك التي بمترين ونصف
- ماذا نسيت في كثافة المرئي؟
- عمق الحفرة يا قبار
- مملكة لوتريامون الضائعة


المزيد.....




- ليوبولد سيدار سنغور رمز الأدب والسياسة في أفريقيا الحديثة
- بين الطبيعة الفريدة والتقاليد..مصور يبرز ثقافة أهل تبوك في ا ...
- هل يمكن أن تغرق مدينة الإسكندرية المصرية بسبب التغير المناخي ...
- أعمل حسابك تذاكر من دلوقتي “مواعيد امتحانات الدبلومات الفنية ...
- فلسطين تطالب بترجمة المواقف الدولية لخطوات رادعة تجبر الاحتل ...
- الموسيقى الكلاسيكية: قناة DW تبث حفل معهد الموسيقى الكلاسيكي ...
- الفنان اسماعيل الدباغ.. حالة فنية لها خصوصيتها وفرادتها في ...
- زينة وأمسيات ثقافية وفنية.. محاولات لإعادة الحياة لسوق النبط ...
- جرير وفراغ الفرزدق
- منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر بأمر من نقابة الموسيقيين


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - قراءات