أكد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 8285 - 2025 / 3 / 18 - 00:35
المحور:
الادب والفن
هناك أوقات تتغير فيها ظروف العقلانية الراسخة فجأة. ودون مقدمات، مما يؤدي إلى تقويض نظام قناعاتنا. إن ما كان يبدو في يوم من الأيام ثابتًا لا يقبل الشك ينتقل إلى عالم عدم اليقين، فيفرض علينا إدراكًا مريرًا بأن الحقائق التي اعتمدنا عليها كانت في الواقع مجرد بناءات هشة من الصدفة. إن اليقين يتحول، ويتخذ منحنيات غير مرغوب فيها، ويكشف عن نفسه في النهاية كاليقين الذي لا نرغب أبدًا في امتلاكه.
إن الخطط التي وضعت بعناية تحت شعار العقلانية، تتلاشى في آثار السذاجة، وبقايا التفاؤل الذي يثبت عدم اتساقه في مواجهة سيولة الوجود. وهكذا، مرة أخرى، فإن الشكوك التي كانت تطارد الحالة الإنسانية على الدوام تدعي سيطرتها وتقودنا إلى قبولها كرفاق لا مفر منهم لتجربة الحياة.
ولعل الدرس النهائي المستفاد من هذه اللعبة المتناقضة هو الأكثر بساطة على الإطلاق: إن اليقين الوحيد الذي يمكننا أن ننميه هو على وجه التحديد يقين عدم اليقين. لا يمكن لأي قناعة أن تقاوم تدفق الزمن الذي لا يرحم، ولا يمكن لأي حكم أن يصمد أمام تآكل الواقع. إذا كان هناك شيء يجب أن يكون دائمًا موضع تساؤل، فهو الصدق المفترض للآخرين، لأن الثقة العمياء في نزاهة الآخرين يمكن أن تكون من أكثر العقائد هشاشة.
وأخيرًا، بهذا المعنى، يمكن أن يكون اليقين وهمًا ميتافيزيقيًا، ومحاولة لإصلاح ما هو قابل للتغيير بطبيعته. وربما كان الأمر مجرد نزوة من نزوات الغباء البشري، وخطأ ضروري حتى نتمكن من المضي قدمًا دون الغرق في هاوية ما لا يمكن التنبؤ به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيو ـ 03/17/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).
#أكد_الجبوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟