|
حرامي -البدون-
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 8284 - 2025 / 3 / 17 - 08:16
المحور:
الادب والفن
جلس فائق – رئيس الهيئة التفتيشية المصرفية الداخلية – على الكرسي الكائن إلى جانب مقعد "منى"، مُحاسِبة الفرع، وبدأ بتدقيق أرقام حسابات ميزان المراجعة المالي اليومي لفرع المصرف الذي يفتشه فريقه. كانت طريقته المعتادة في التدقيق تتمثل بالتركيز على أرصدة القيود المتأخرة التسديد الموقوفة على جانبي "الأصول" و"الخصوم" في الميزان بغية توجيه بقية مفتشي فريقه لتدقيق تفاصيل نفذات قيودها نفذة نفذة، ومن ثم تصفية أكبر عدد منها على نحو مباشر عبر الاتصال الهاتفي مع فروع المصارف المقابِلة الموقوفة نلك القيود معها على نحو آني - بدلاً من ادراجها كـ "ملاحظة" صمّاء في تقرير الزيارة التفتيشية السنوية الشاملة للفرع، ومن ثم متابعة تصفية تلك القيود الموقوفة تحريرياً بعدئذ. كما كان يحرص بشكل خاص على تسديد الأرصدة الموقوفة التي تمثل حقوقاً لفرع المصرف بذمة الغير، أكثر من تلك التي تمثل حقوقاً للدائنين بذمة الفرع، إلّا فيما ندر. رفع رأسه لحظة بعيداً عن الأرقام الناعمة لإستمارة الوضع المالي التي زغللت عينيه الدامعتين جرّاء الاجهاد المستديم في التدقيق سنين طوال. مسح دموع عينيه بمنديله، وتوجه بنظره إلى أمام، فشاهد على كاونتر الحساب الجاري للفرع مجموعة كبيرة من الرجال "المُعَقَّلين" ممن يتجمهرون على نحو غير معهود حول موظف الكاونتر "حسين". سأل المحاسبة: - ست منى، لماذا يتجمهر أهل العُقُل هؤلاء حول موظف الكاونتر؟ - أنهم رعاة "البدون" الذين نزحوا مؤخراً من الكويت إلينا بعد احتلال صدام لها ! - شنو قصّتهم؟ - هؤلاء الرعاة حرمهم أمير الكويت الشارد - هم وأولادهم وأحفادهم - من حقّهم الشرعي في الجنسية الكويتية منذ نصف قرن، وكذلك من حقهم الطبيعي في التعليم والرعاية الصحية. وهم تجّار مواشي، وكلهم من الأمّيين البسطاء والطيبين ممن بدأو مؤخراً برعي مواشيهم في منطقة "الحفّار" بعد احتلالنا للكويت. وقد استحصلوا موافقة وزارة المالية على فتح حسابات جارية خاصة بهم في فرعنا. وبسبب أمّيتهم، فلا يتم تزويدهم بدفاتر الصكوك للسحب من أرصدة حساباتهم الجارية، بل يتولى موظف الكاونتر "حسين" - حسب التعليمات - تنظيم الصكوك لهم حسب طلبهم. ولقد عَزَلْنا بطاقات حساباتهم جانباً لدى موظفة ماكنة الترحيل كي يتسنى لموظف الكاونتر تدقيق أرصدة حساباتهم عند المراجعة لسحب حاجتهم منها. كما زوّدنا كل زبون منهم بكارت خاص باسمه ورقم حسابه الجاري. - عظيم! وكيف تتم عملية السحب؟ - يراجع البدون الموطف حسين، ويبرز له الكارت الخاص به، فيستخرج حسين بطاقة حسابه الجاري ويبلغه رصيدها. ثم، ينظم له صكاً خاصاً بالمصرف للسحب من حسابه حسب طلبه؛ ويحصل نفس الشيء عند تنظيم استمارة الإيداع لهم. - وهل أرصدة حساباتهم الجارية ضخمة؟ - ضخمة جداً. كل واحد منهم لديه عشرات قطعان الماشية من الأغنام والماعز والبعران، مع الرعاة العاملين لحسابه، وقد باتوا يسيطرون على أسواق الماشية في البصرة والعمارة والكوت! أنظر إليهم: كلهم أناس طيبون وبمنتهى "الفطارية"، لذا تجد أن الله قد رزقهم على نيّاتهم! قام "فائق" من مكانه بدافع الفضول، وتوجّه نحو مكتب موظفة الماكنة التي تتولى الترحيل لبطاقات الحسابات الجارية للبدون. وقف إزاءها، ونظر مبتسماً لجمهرة زبائن الفرع الجدد هؤلاء، فأعجب بهندامهم المرتب: الصاية والزبون والعقال وعباءة الصوف الناعم الصفراء؛ وأناقة تقليم شواربهم ولحاهم المتراقصة كالمسبحة المنظومة على حافات بشرتهم السمراء الذهبية. إستل رزمة من البطاقات، وراح يبحّر بأرصدتها وحركاتها. - عيني، حسين - نادت موظفة الماكنة! - نعم، ست خلود. - هذا الصك أبو نص مليون، ما به رصيد كاف. لديه عشرة دنانير فقط ! - العفو، لازم أكو خطأ في تثبيت رقم الحساب – ردَّ حسين - سأصححه لك حالاً! وتحرَّك نحو رزمة بطاقات الحسابات الجارية للبدون. - شنو الموصوع؟ سيد حسين – سأله رئيس المفتشين فائق. - أستاذ، ذولا كلهم أولاد عم وخال، وأسماؤهم متشابهة، فيحصل الاشتباه في بطاقات حسابهم! - أعطني الصك، وبطاقة الحساب، لطفاً، ست خلود – أمر المفتش. سلمت خلود الصك وبطاقة الحساب للمفتش. تناول المفتش الصك وبطاقة الحساب، وسأل جمهرة البدون: - من هو السيد وليد مساعد التميمي؟ - أنا، أستاذ! - اين كارت المصرف الخاص بك؟ - هذا هو. تناول فائق الكارت، وقارن بين الاسم ورقم الحساب المدرجان فيه وبين الاسم ورقم الحساب المدرج في بطاقة الحساب الجاري، فوجدهما متتطابقين. - كم هو رصيد حسابك الجاري، سيد وليد المحترم؟ - أظن ، همم ، أظن.. لو مليونين .. لو مليونين ونص.. لا، شويّا أقل.. ها: أظن مليونين وأقل من النص! خاطب وليد جمهور البدون بالقول: - اخواني الأعزاء، أكو لجنة تدقيق سنوي روتيني بهذا الفرع، وفلوسكم محفوظة حتى آخر فلس! يومين وراجعونا لسحب كل ما تريدون بعد اتمامنا للتدقيق السنوي وتطبيق الحسابات المصرفية! تبقى الإيداعات في حساباتكم مفتوحة! عيني سيد حسين المحترم، اسبقني لغرفة الإدارة، لطفاً، ودِز لي على مديرة الفرع. أعاد فائق الكارت لصاحبه، وهو يقول "شرفتمونا، سادتنا الأعزاء". ثم تابع مبتسماً بنظراته رجال البدون الطيبين وهم يديرون برؤوسهم، وفكوكهم السفلى متهدلة؛ ثم حزموا أمرهم فجأة، وخرجوا زرافة واحدة من بناية الفرع. - نعم، أستاذ؟ - خاطبت المديرة فائقاً. - عيني ست، بلّغي امناء الصندوق بوقف سحب الصكوك الجديدة للبدون فوراً وحتى اشعار منّي آخر. الصكوك المرحّلة تمشي، والايداعات تستمر بدون توقف، لطفاً. - صار، أستاذ. خو ما كو شي، لا سمح الله، أستاذ؟ - لا، كلشي ماكو؛ مجرد تدقيق روتيني لمطابقة الحسابات الجارية! أرجو السماح لي بالانفراد مع سيد حسين في غرفتك، لطفاً. - صار، أستاذ! في غرفة الإدارة، وجد فائق السيد حسين واقفاً، فقال له: - تفضل استريح، سيد حسين. - شكراً، أستاذ. جلب فائق ورقة وقلماً، ووضعها على الطاولة أمام السيد حسين، وهو يقول له: - عيني سيد حسين الورد، أنت شاب متزوج ومن عائلة مستورة والمستقبل أمامك، ساعدني كي أساعدك؛ وثق أنك معي لن تندم أبداً ! - أنا حاضر للمساعدة، أستاذ! - جميل! أرى أنك ذكيّ! أدرج على هذا الورقة تفاصيل كل المبالغ التي أخذتها لنفسك من حسابات البدون بدون أي حذف. الموضوع واضح وضوح الشمس! - ولكنني لا أعرف كل التفاصيل على نحو دقيق! - كم هو مجموع ما أخذته من حساباتهم؟ - حوالي.. حوالي .. أممم .. بين الواحد والعشرين مليوناً والاثنين والعشرين مليوناً؛ بس! - عظيم! منذ متى بدأت بالسحب من حساباتهم؟ - منذ .. منذ زواجي قبل حوالي ستة شهور! - وعندما يراجعك صاحب الحساب الذي سحبت رصيده لصرف صك لأمره، من أين تسحب له؟ - إما من حسابات بقية البدون الذين لديهم رصيد كافٍ، أو من حسابات التوفير الخاملة ذات الارصدة العالية! - دوّن لي، لطفاً، أرقام ومبالغ من تتذكر من هذه الحسابات! - تؤمر، أستاذ! - كيف كنت تسحب من الحسابات؟ - بصك عادي يُصرف لي من أمانة الصندوق! - هل كانت تلك المبالغ المسحوبة كلها لك، أم شاركك فيها أحد من موظفي الفرع؟ - أقسم بالله العظيم ان كلها كانت لي، ولم يشاركني بها أياً من موظفي الفرع. - ماذا عن مديرة الفرع؟ كم أعطيتها؟ - استغفر الله، استاذ! قلت لك أن أي موظف من الفرع لم يشاركني في هذا الموضوع، ولا حتى بفلس واحد! إثر فراغ حسين من تدوين تفاصيل اختلاساته، أخذ فائق الورقة التي دوّنها حسين وسلمها لبقية الأعضاء الأربعة للهيئة التفتيشية، بعد أن أوجوزهم بتفاصيل الموضوع - الذي طلب منهم التكتم التام بصدده - والتفرغ تماماً لهذه القضية. ثم أبلغ مديره العام بها هاتفياً فوراً، طالباً منه اصدار الأمر الاداري بالتحقيق، كما أبلغ مديرة الفرع بتخصيص كرسي منعزل للموظف حسين يوضع إلى جانب قسم الذاتية في الفرع للجلوس عليه طيلة ساعات الدوام للاستفسار منه عن تفاصيل ما سيستجد.
بعد مضي ثلاثة أيام، أسفر التدقيق الشامل عن حصر المبلغ الكلي للإختلاس من الحسابات الجارية للبدون في الفرع بـ 21.978.000 دينار!
كانت محاسبة الفرع هي ابنة عم للموظف المختلس حسين. جلس فائق إزاءها وسألها: - ست منى الوردة: عرفت أن سيد حسين هو أبن عمّك، أليس كذلك؟ - نعم، هو ابن عمّي اللِّحْ! - أراكِ جميلة جداً، وفاضلة الأخلاق، فلماذا لم يتزوجك وهو ابن عمّك اللح؟ - قسمة ونصيب، أستاذ! عيون بعض الرجال لا ترى قيمة القريبين منهم، فتشمر للبعيدين! ولقد دمَرته تلك البغدادية التي اختارها زوجة له! - كيف؟ - كلها أنَفة وتعجرف وشمخرة؛ وهي لا تطبخ في بيتها كما لو كانت ليست ربة بيت غيورة ومسؤولة، وأكلهم كله دلفري من أفخر المطاعم! - هل يمتلك بيتاً خاصاً به؟ - بيته إيجار، وهو يمضَي مع زوجته يومي العطلة في الأسبوع عند أهلها ببغداد! - وما ذا يفعل هناك؟ - في النهار يتسوقون من أرقى محلات الأزياء والمجوهرات في المنصور، وفي الليل يعزم أهلها للعشاء في أفخر المطاعم هناك! المثل يقول: الجايف حظه نايف! - من هو شيخ عشيرتكم؟ - إنه شقيقي: الشيخ حمود! - أريد مقابلته فوراً. اتصلي به لتشريفنا هنا حالاً! - صار، أستاذّ. عندما وصل الشيخ حمود بناية فرع المصرف، استقبله فائق بالترحاب أولاً، ثم طلب منه الخروج معاً للتحاور. - شيخنا العزيز، يؤسفني ابلاغك بأن ابن عمّك قد اختلس من الحسابات الجارية للبدون بحدود 22 مليون دينار! - أدري، لقد ابلغتني شقيقتي "منى" بهذا الأمر المؤسف والمثير للخجل والحرج. - وهل تدري ما هو حكم القانون على من يسرق أموال الدولة اليوم ونحن في حالة حرب؟ - الاعدام، طبعاً! أمسك فائق بياخة قميص الشيخ حمود وقال له: - أخوي، أخوي: بع حتى قميصك هذا، ولا تسلم رأس ابن عمّك المسكين هذا لحبل المشنقة! - أنا حاضر! قل لي ما ذا أفعل وستجدني عند يمينك! - اسمع. أنا أبقيت خبر هذا الموضوع سراً كي لا يسمع به رجال الأمن الاقتصادي، فلا يلقون القبض على حسين، الذي - لو فعلوا - فلن يعود اليكم بعدها إلا جثة هامدة! وقد قيل: إذا بليتم فأستتروا! - بارك الله بك أستاذ، ورايتك بيضاء! - ولكن عيون امن صدام حاضرة في كل مكان، مثلما تعلم، ويجب حسم الموضوع في بحر يومين أوثلاثة بحيث يستطيع هؤلاء البدون سحب أرصدتهم بسلاسة وبدون أدنى ضغبرة وقيل وقال! - أؤمرني، فأطيع! - يجب تسديد المبلغ المختلس بالتمام والكمال في بحر يوم او يومين كي نعتبره منتهياً. - صار، أستاذ! - بارك الله بك! بعد اتمام التسديد النقدي في المصرف بمعرفتي ـ يجب أن تسمع مني كلاماً مهماً جداً يتوقف عليه مصير ابن أخيك! - صار، أستاذ. - بعد اتمام التسديد، اختلى فائق بالشيخ حمود، وقال له: - يجب عليَّ أن أشكرك أولا على تجاوبك معي بالتسديد لكامل المبلغ في بحر يومين! - أنا الذي يجب علي أن أشكرك! هذه أموال الغير من الأبرياء وهي واجبة التسديد! - الآن اسمع كل كلمة اقولها ونفّذها حرفياً بكل دقة وكتمان: انا سأكتب محضر التحقيق في هذه القضية في بحر أسبوع، واثبِّت فيه واقعة تسديد كامل المبلغ المختلس، وانتفاء الضرر المادي على المصرف، وأرسله لمديريتنا العامة، مع التوصية برفع الدعوى المدنية بحق المختلس. لا يوجد حل آخر: يجب عليَّ التوصية برفع الدعوى الجنائية ضد حسين؛ وتسديده للمبلغ إنما يُثْبِت عليه تهمة اختلاسه له على نحو بات والذي اعترف بكل تفاصيله في إفادته التحريرية، ولا يوجد حكم على هذا الفعل غير الاعدام! - والحل، أستاذّ ؟ - كل الحل بيدك أنت وحدك، شيخنا الجليل! يجب أن يترك حسين الدوام في المصرف نهائياً وفوراً، وأن تتولى أنت تهريبه بمعرفتك اليوم اليوم وليس غداً إلى محافظة بعيدة أخرى بحيث يتوارى عن العيون فلا تستطيع شرطة هذه المحافظة العثور عليه عند صدور أمر القاضي – لنقل بعد مضي على الأقل شهرين من اليوم - بالقاء القبض بحقه، واضح؟ - واضح جداً، أستاذ. - خذه معك الآن! وعندما ترتِّب أنت اليوم وبكل سرية موضوع إخفاء حسين في محافظة أخرى بعيدة، وتفشل الشرطة بالقاء القبض عليه بعدئذٍ، فستُسجَّل القضية ضد متّهم مجهول محل الإقامة، وسيصار إلى حفظها وتناسيها بعد مدة مضي فترة سنة أو سنتين عليها! هل هذا الأمر المصيري الخطير واضح تماما عندك؟ - واضح وضوح الشمس! - أقسم لي انه لن يأتي فيه يوم تقول أنت فيه أنني أنا كنت السبب بإعدام حسين! - مو يازوغ، أيها الشريف! لقد أديت الواجب وزيادة، ولا تزر وازرة وزرة أخرى، وكل لشّة تتعلق من كراعها! - عليك نور، شيخنا الجليل! إياك إياك وأن تسمح لأحد أن يعرف مكان اختفاءه الجديد! - معلوم! معلوم، أستاذ! اطمئن تماما من هذه الناحية، فعربنا منتشرون على أرض الله والواسعة هذه في كل مكان: من العراق إلى المغرب، وكلمتنا نافذة فيهم والحمد لله! - الستار الله. وداعا شيخنا الجليل. - بارك الله بك، أستاذ. في أمان الله!
بعد مضي 12 سنة على الوقائع أعلاه، زار فائق وزوجته سوق الشورجة ببغداد لتبضّع البهارات التي كانت زوجته تتفنن بتتبيل أطباق الطعام اللذيذ بها. بعد شرائهم لحاجتهم منها، فجأة، أحسَّ فائق بذراع تعانقه من الخلف، وتنهال بالقُبَل على أم رأسه. استدار فائق، فشاهد الشاب الوسيم الكث الشعر الطويل واللحية الذي كان قد عانقة وقبّله، فعانقة وقبَّله من جديد، وهو يقول: - أستاذ فائق: أنت أشرف إنسان في العالم! هل عرفتني؟ - كلا، بلا مؤاخذة! العتب على نظري التالف! - أنا موظف الكاونتر حسين، هل تذكرتني؟! عانقه فائق من جديد وهو يقول: الحمد لله على سلامتك، إبني العزيز! - ما هي خططك لليوم؟ - جئنا - زوجتي وأنا - للتبضّع من الشورجة. - شرفتِنا، سيدتي الفاضلة. هل تعلمين أن زوجك هذا هو أحد أولياء الله المبروكين؟! - ولي الشرف بمعرفتكم، العفو، ابني! - هل فرغتما من التسوق؟ - نعم! - وما هي خططكما لبقية هذا اليوم! - نأخذ سيارة التكسي لكراج العلاوي كي نعود لدارنا في الحلة! - ممنوع عليكما ركوب سيارة أجرة من هنا إلى بيتكما في الحلة. أنا وسيارتي البي أم دبليو بخدمتكماَ! تعالا أولاً معي لتناول طعام الغداء في المنصور! أعرف أحسن مطعم في بغداد هناك! - اعذرنا، سيد حسين، زوجتي وأنا غير متعودين على الأكل في المطاعم! - اعتذارك يا أستاذ مرفوض رفضاً باتاً ! لقد كنت أبحث عنك في السماء، فعثرت عليك وأنت على الأرض. هشام! - نعم، استادي. - لدى ضيوف مثلما ترى، وسأوصلهم بسيارتي للحلة ثم أرجع مساءً. خُذْ بالك على المحلات، واجلب لي دخل كل واحد منهما لداري ليلاً. - صار، استادي.
في المطعم، حكى حسين لفائق وزوجته ما حصل له بعد الحادثة إياها. - في مساء نفس اليوم الذي وجّهت فيه ابن عمي بإخفائي، جاء بي ابن عمي لخالي الذي يمتلك عمارة في الشورجة، فشغرت أنا وزوجتي شقة فارغة فيها، واشتغلت أولاً صانعاً في محل جملة لبيع مواد الآيس كريم في الشورجة. وقد فتح الله أبواب الرزق أمامي شيئاً فشيئاُ بعدئذ، فأصبحت أمتلك اليوم ثلاثة محلات في الشورجة، ومعملاً للآيس كريم في الكمالية ، واشتريت داراً فخماً بالوزيرية. وعندي ثلاثة سيارات: بي أم دبليو وميرسيدس ومنشأة، من غير سيارت توزيع الآيس كريم! - ما شاء الله! اللهم زد وبارك! - لقد فتحتْ لي زيارتك التفتيشية تلك للمصرف أبواب السماء! أنت طائر سعدي الميمون! - الحمد لله أنني خرجت معك بوجه أبيض يومذاك! - ما رأيك أن أهديك سيارتي المرسيدس؟ آخر موديل، وأخت الزيرو، وفول اوبشنز! - سيد حسين: زوجي فائق لا يسوق، وهو يكره السيارات! ولقد أتلف التدقيق المصرفي طوال ثلاثين سنة نظره، فأحال نفسه على التقاعد لأسباب صحية! قالت زوجة فائق. - طيب! اسمع أستاذ. لقد أصبحتُ مليونيراً بفضلك، ما رأيك أن تنتقل لبغداد، فأشتري لك أحسن قصر حسب اختيارك أنت وزوجتك المصون، وتشتغل معي براتب مفتوح، مديراً على حسابات محلاتي ومعملي؟ - هاهاها! تعذرني سيد حسين الورد! أولاً: إن كل ما حققته أنت من نجاح تجاري إنما هو من ثمار كدك وتعبك أنت بالذات، وليس أحداً غيرك؛ وثانياً: أنا ما عدت أقوى على العمل ولو لربع ساعة متواصلة في اليوم! - صحيح! لقد طلبوا منه عدة مرات أن يتشغل مديراً تنفيذياً لمصرف تجاري أهلي فرفض! - أرجوك، أستاذ فائق الورد، يجب أن تقبل قيامي بتسديد ولو جزء صغير من دَينك برقبتي! - لا دَين ولا من يَحزنون، لا سمح الله! لقد سددتَ واستوفيتَ ووصلتْ هديتك الغالية! - أي هدية؟ - غداء الكمأة اللذيذة التي تناولنا. إنه لا يقدر بثمن! والآن، أطلب لنا الشاي، زيادة في الخير خيرين! - كلا! الشاي على حسابي أنا – قالت الزوجة! - هاهاها!
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا متأكسدة
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 18-19-20/20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 17-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 16-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 15-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 14-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 13-20
-
مأساة أوجلان: مأساة شعب مظلوم
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 12-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 11-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 10-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 9-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 8-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 7-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 6-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 5-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 4-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 3-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 2-20
-
الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 1-20
المزيد.....
-
بسبب اتهامات أخلاقية.. شركات تنهي عقودها وبرامج تحذف مشاهد ل
...
-
هل ضيّعت الدولة اللبنانية فرصة طرابلس عاصمة للثقافة العربية؟
...
-
رحيل الممثل المصري إحسان الترك بعد معاناة مادية وصحية
-
-ملحمة جلجامش- في بطرسبورغ بإخراج تركي (فيديو)
-
السبع.. -روبن هود- سوري بنكهة غجرية وأسلوب درامي غير مسبوق
-
آبل تغيّر تجربة الاستماع إلى الموسيقى بميزة جديدة في -آيفون-
...
-
رحيل أنطوان كرباج.. -أيقونة المسرح اللبناني-
-
لبنان يودّع أنطوان كرباج بعد مسيرة حافلة في المسرح والدراما
...
-
تحويل النفايات إلى لوحات فنية
-
المسرح اللبناني يفقد أسطورته أنطوان كرباج
المزيد.....
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
المزيد.....
|