ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 8283 - 2025 / 3 / 16 - 16:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ظلّ ظروفٍ استثنائية، حيث يختلط الخوف باليأس، أقدم وفد من الطائفة الدرزية على زيارة إسرائيل، متوجّهاً إلى ضريح النبي شعيب، ما أثار عاصفة من الجدل والانقسام. بين من عدّها خيانة وطنية لا تُغتفر، ومن رأى فيها صرخة يأس من واقعٍ مرير فرضته الأحداث الأخيرة.
جاءت الزيارة في أعقاب مجزرة الساحل الدامية، التي أزهقت أرواح الآلاف ودفعت بالعديدين إلى النزوح، وسط تحذيرات إسرائيلية لدمشق بعدم المساس بالدروز، سواء في جنوب سوريا أو في جرمانا القريبة من العاصمة.
لا شك أن مثل هذه الخطوة مرفوضة وطنياً وأخلاقياً، فتوقيت زيارة الوفد جاء على خلفية حالة من الهلع عاشها العلويون، إثر المجازر الوحشية التي تعرضوا لها، ومن أن الدور قادم لا محالة ليطال الدروز.
ومعروف أن غريزة البقاء تُعدّ واحدة من أقوى الدوافع عند الإنسان، وقد تدفعه إلى اتخاذ قرارات يائسة حتى لو كانت تعني اللجوء إلى أعدائه، من أجل الحفاظ على حياته، لكن مسؤولية النظام في دمشق لا يمكن تجاهلها، فهو من أوصل البلاد إلى حالٍ صار فيها الخوف سيد الموقف.
وحين يشعر الإنسان أن الخطر يحيط به من كل جانب، وأن حياته ذاتها مهددة، فقد يجد نفسه مضطراً للاستنجاد حتى بالشيطان.
ولتفادي تكرار مثل هذه المواقف، سواء من الدروز أو من أي طائفة أخرى، يجب على السلطة في دمشق، إعادة تقييم سياساتها وضمان الحد الأدنى من حقوق الإنسان. يجب احترام معتقدات المواطنين وعدم تحويلهم إلى رهائن لانتماءاتهم الطائفية أو السياسية التي لا ذنب لهم فيها، بل إن الأمر يتطلب عقد مؤتمر وطني حقيقي، بعيداً عن المسرحيات الهزلية التي شهدناها سابقاً، يكون نقطة انطلاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل جميع مكونات المجتمع دون إقصاء أو تهميش.
في الوقت نفسه، لا بد من معالجة آثار مجزرة الساحل، عبر محاسبة الجناة وتعويض الضحايا عن الخسائر التي لحقت بهم، سواء كانت أرواحاً أو ممتلكات، لاستعادة الثقة في العدالة التي تبدو مدفونة تحت ركام الفوضى.
بين القهر والخذلان، يسعى البعض إلى طوق نجاة في المكان الخطأ. الوطن الحقيقي هو الذي لا يجبر أبناءه على الاختيار بين كرامتهم وحياتهم، وطنٌ يوفر الأمان ويعزز أواصر الولاء والإنسانية. وطن يشعرهم بأنهم جزء من نسيجه، لا غرباء في أرضهم.
فهل نحن أمام لحظة تاريخية لاستعادة هذا الوطن، أم سنبقى عالقين بأسلاكٍ شائكة من الخوف واليأس؟
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟